الميثاق نت -

السبت, 17-يوليو-2010
علوي عبدالله طاهر -
.
إن المعنى الدقيق لمفهوم القيادة هي القدرة على التأثير في سلوك الآخرين لحملهم على القيام بأعمال معينة بغية تحقيق الأهداف المتفق عليها أو هي القدرة على معاملة الطبيعة البشرية أو على التأثير في السلوك البشري لتوجيه جماعة ما نحو هدف مشترك بطريقة تضمن بها طاعتهم وثقتهم واحترامهم وتعاونهم ، إذ بدون القيادة لا تستطيع أية جماعة تعيين أو تحديد اتجاهات سلوكها وجهودها.
وتعتمد عملية القيادة على ثلاثة أركان رئيسية هي :
-القائد .
-الأتباع .
-الموقف الاجتماعي الذي يتفاعلون فيه .
ولابد لنجاح عملية القيادة أن يحدث توافق بين هذه الأركان الثلاثة. أي لابد أن يتوافق القائد مع الأتباع ومع الموقف الاجتماعي الذي يتفاعلون فيه ، ويقوم هذا التوافق على مبدأ جماعية القيادة أي مشاركة الجماعة في اتخاذ القرارات مما يحول دون انفراد القائد بالقرارات المهمة.
ومن المتعسر على الفرد أن ينجح في القيام بعمل شيء ما ، إذا لم يتمكن من إدراك ماهية ذلك الشيء الذي يتوجب القيام به ، بالإضافة إلى إدراكه الكيفية التي سيعمل بها.
وتقوم القيادة احياناً على الخصائص البطولية أو المقدسة بشخصية القائد أكثر مما تعتمد على المكانة الرسمية للقائد ، سواء كانت تلك الخصائص مكتسبة أو موروثة كما هو الحال في القيادة الكارزمية التي عادة ما تحظى بإجلال كبير غامر لدى الجماهير باعتبارها قيادة ملهمة وهو ما يتميز به القائد الملهم علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الذي اثبت خلال الفترة التي تولى فيها قيادة البلاد انه نجح في أن يكون سباقاً ويهتدي بسرعة إلى إيجاد الحلول المناسبة لكثير من المشكلات التي جابهها ، مما أهله ليكون دليلاً ومرجعاً لمرؤوسيه عندما تشتد الأزمات ، فيكون لآرائه وقع كبير في الوصول إلى الحلول المناسبة ، بل تكون سبباً في التقدم نحو الحل للمشكلات المعقدة فقد اثبت خلال المراحل السابقة انه كان قادراً بحكمته ورؤيته الثاقبة أن يوجد منفذاً أو منافذ للخروج من الأزمات التي واجهها ، فقد كان ممسكاً بزمام قيادة الأحداث في احلك الظروف وأصعبها ولم يفقد السيطرة على المواقف مهما اشتدت الأزمات ، بل كان حاضراً دوماً يقوم بالتوجيه والتأثير في مسار الأحداث ، يعطي الأوامر ، باعتباره الرجل الأول ، ويتلقى التقارير باعتباره قائداً والتي على أساسها كان يتخذ القرارات الصائبة ، فهو لذلك كان مبادراً دوماً.
ومعروف أن هوية القيادة تتحدد بالمهام الواجب انجازها بل تتحدد بالكيفية التي يتم التعامل بها مع هذه المهام فبعض القادة العظام قد قضوا معظم وقتهم يتعاملون مع تفاصيل عادية ، إلا أن ما جعلهم متميزين هو إتباعهم لطرق غير عادية في التعامل مع هذه المهام ومع كل أمر في حياتهم.
ومن تتبع مسيرة حياة علي عبدالله صالح منذ توليه مهام قيادة البلاد عام 1978م يمكنه أن يقرر دون مبالغة أن قيادته تتميز بجملة من الخصائص التي يمكن إيجازها في الآتي:
الخاصية الأولى:
امتلاكه منظومة أخلاقية تجسدت في شخصه مكنته من اكتساب ثقة مرؤوسيه ، وقد عرف عنه الوفاء مع أعوانه ، ورد الجميل لمن وقفوا إلى جانبه في الظروف الصعبة والتسامح مع خصومه والعفو عمن اساؤوا إليه وهي من الأخلاقيات السامية التي تسمو بأصحابها إلى درجات العلا والمجد الرفيع.
الخاصية الثانية :
ما تميز به من نشاط عالٍ وترفعه عن توافه الأمور وانغماسه في القضايا الجليلة وقدرته على التميز بين المهم والمثير من القضايا وما ليس مهماً ولا مثيراً ذلك انه امتلك قدراً من الحس العام الذي به استطاع أن ينظر إلى الأمور برؤية ثاقبة وحس مرهف فكان قادراً على التزام الهدوء في الأوقات المتأزمة التي يتعالى فيها الضغط العام ولا يتخبط يمنة ويسرة كما يفعل بعض القادة عند مواجهة الأزمات.

الخاصية الثالثة:
قدرته على إنجاز الأولويات ، فانجاز الأولويات كان دوماً موضع اهتمامه وعندما يكون إنجاز الأولويات موضع اهتمام القائد فان ذلك من شأنه أن يحقق الاستقرار ، فما كان يخلص من معضلة كبيرة تحتل أولويات اهتمامه فإذا به يتجه نحو معضلة أخرى لتكون في صدارة اهتماماته ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر:
- بعد اغتيال الرئيس الغشمي في يونيو 1978م كان الفراغ السياسي والدستوري الناجم عن عملية الاغتيال يحتل المرتبة الأولى ضمن اهتماماته.
بعد توليه رئاسة الدولة في يوليو 1978م أخذت الأزمة الاقتصادية في البلاد مركز الصدارة في أولوياته .
- بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي جرت في أكتوبر 1978م أخذت مسألة معالجة القضايا الأمنية والعسكرية المرتبة الأولى في صدارة اهتماماته فأعطى أهمية خاصة لإعادة بناء القوات المسلحة والأمنية خلال هذه الفترة خاصة عندما بدأ يشعر بخطورة اضطراب الساحة السياسية وحصول بعض الانشقاقات في الساحة الوطنية.
- بعد تثبيت الأمن وضمان الاستقرار أخذت قضية إعادة الوحدة اليمنية المرتبة الأولى في قائمة أولوياته ولم يهدأ له بال حتى تم انجازها في مايو 1990م.
بعد تحقيق الوحدة أخذت مسألة تثبيت الوحدة أولى اهتماماته وصارت مسألة إفشال محاولة الانفصال في الصدارة ولها الأولوية في المعالجة والاهتمام.
- بعد إفشال محاولة الانفصال برزت قضية احتلال جزيرة حنيش لتحتل المرتبة الأولى في قائمة اهتماماته.
- بعد معالجة قضية جزيرة حنيش عن طريق التحكيم برزت قضية المدمرة كول ، التي أخذت مركز الصدارة في قائمة الأولويات وهكذا تعامل مع القضايا المختلفة وقام بمعالجة كل منها بحسب أولوياتها.
الخاصية الرابعة:
امتلاكه الشجاعة في التعاطي مع المسائل المصيرية فقد عرف بقوة المواجهة وعدم التهاون مع كل من يريد المساس بأمن الوطن أو الإضرار بوحدته أو تخريب اقتصاده وله في ذلك مواقف معروفة ولعل ابرز المواقف التي اظهر فيها قدراً من الشجاعة وعدم التخاذل موقفه من الأزمات المتراكمة التي واجهها عقب توليه السلطة وموقفه من الصراع بين الشطرين قبل الوحدة والاضطراب الأمني في المناطق الوسطى ، وموقفه من أزمة الانفصال وموقفه من أزمات الحدود وغيرها.
الخاصية الخامسة :
عمله بجد وتفان وإخلاص في أداء الواجب فعلى الرغم من كثرة انشغالاته وتعدد مهامه وزيادة ارتباطه إلا انه كان حاضراً دوماً في أوساط الجماهير و موجوداً بشخصه مع الناس لتلمس مشكلاتهم ويذهب بنفسه إلى الأماكن البعيدة ليلتقي الجماهير في الجبال والسهول والصحاري بغير كلل أو تعب.
الخاصية السادسة :
قدرته في تحديد الأهداف التي على أساسها يتم اتخاذ القرارات الصعبة والقيام بالتحركات السريعة لمعالجة الأزمات الداخلية والخارجية وتقديم المبادرات لحل المشكلات.
الخاصية السابعة:
إقدامه على العمل بدافع الإبداع فهو بعد ما يقرب من ثلاثين عاماً قضاها في الحكم والتي حقق خلالها جملة من الانجازات العظيمة التي يكفي واحدة منها لتخليده ضمن قائمة العظماء يأتي على رأسها منجز تحقيق وحدة الوطن وإخراج النفط وبناء سد مأرب والديمقراطية والانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية وبناء الاقتصاد الوطني وغيرها وها هو اليوم يعمل ما في وسعه للقضاء على الفساد وإرساء دعائم قوية وثابتة للتنمية المستدامة.
الخاصية الثامنة:
امتلاكه حماساً ملهماً فهو دوماً كالشعلة المتقدة والتي لا تنطفئ ابداً فتراه متقداً على الدوام يشع حماساً ويضيء بحماسه المتقد الأمكنة التي يوجد فيها فتنتقل عدوى حماسه إلى الآخرين نرى ذلك بوضوح عند زيارته لأي مدينة أو منطقة إذ سرعان ما يتحول هدوء المدينة إلى خلية نحل دائبة فتتحرك عجلة العمل في كل الأمكنة وفي المجالات المختلفة.
الخاصية التاسعة:
امتلاكه مستوى رفيعاً من الحنكة بحيث يستطيع ببراعته المعهودة تنظيم المواقف الفوضوية بلحظات فهو قادر على التأثير في مرؤوسيه على نحو يجعلهم جميعاً يتسابقون في الإنجاز لإرضائه ، فهو كقائد فاعل لا يتجاوب عادة مع المشكلات بل يستجيب لها فالتجاوب مع المشكلة اقرب ما يكون إلى انتفاضة الركبة كرد فعل على نقرها نقراً خفيفاً الأمر الذي يقود في النهاية إلى تكرار السلوك بينما تعني الاستجابة إحكام الحس العام لدئ القائد ليسير بالمشكلة في طريق جديد وسليم وحلول مبتكرة دون الاضطرار لتكرار حلول سابقة غير مجدية فهو عندما تلتقي الضغوطات الداخلية بالضغوطات الخارجية لديه ينتابه نوع من القلق فيدفع للقيام ببعض الإجراءات التصحيحية لفرض النظام وحماية الوطن والدفاع عن سيادته ووحدته وخير مثال على ذلك ما قام به في أثناء الانتصار على مدبري مؤامرة الردة والانفصال حين اصدر قراراً جريئاً وشجاعاً بالعفو العام مما كان لذلك القرار عظيم الأثر في إيقاف نزيف الدم وانتهاء الأزمة وإيقاف الحرب ، وهذا دليل على حنكته .
الخاصية العاشرة:
رغبته في مساعدة الآخرين على النمو والنجاح وهي رغبة متأصلة في شخصه وميزة تميز بها ، فهو لم يسع لتطوير ذاته فحسب بل عمل على خلق قيادات جديدة في القوات المسلحة والأمن وفي الحكومة وعمل على تشجيع كثيرين من القيادات الدنيا والوسطية حتى وصلت إلى مواقع قيادته رفيعه وما كان لها أن تصل لولا وقوفه معها والعمل على دعمها وإتاحة الفرص أمامها .
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:05 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-16628.htm