تحقيق نجيب علي - ] في الوقت الذي نجحت فيه ضربات الحكومة الاستباقية ضد عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي من إحباط تنفيذ أكثر النوايا سوءاً باليمن.. فإن الأعمال الإرهابية الأخيرة للقاعدة تكشف عن وصول المواجهة الى مرحلة متطورة. بالتأكيد ان استهداف تنظيم القاعدة لرجال الأمن والمنشآت الأمنية ليس بالأمر الجديد، كونه يعتبر كل أفراد القوات المسلحة والأمن خصماً قوياً.. ولكن السؤال المهم هنا.. لماذا تفعل القاعدة ذلك الآن؟
] يشير الدكتور سعيد الجمحي- الباحث في شؤون القاعدة- الى أن عناصر التنظيم كانوا قد وجهوا من قبل نصائح مفادها أن على رجال الأمن ألا يشاركوا في حماية الوطن وألا يكونوا من النظام، وطلبوا من الأهالي أن من كان لديه أخ أو ابن ينصحه ألا يكون جزءاً من النظام أو القوات المسلحة. وقال: ان التفسير الذي أجده أنسب لقيام عناصر تنظيم القاعدة باستهداف رجال الأمن انها تريد الانتقام لما وُجّه لها من ضربات موجعة خلال الفترة الماضية استهدفت مناطق تواجدها، حيث حققت قوات الجيش اليمني نتائج جيدة كما أن الدولة عازمة على اجتثاث القاعدة. واعتبر الجمحي أن هذا التفسير جزء من الحقيقة، فيما يتضمن الجزء الآخر منها أن تنظيم القاعدة في بلادنا فشل في تحقيق هدفه الرئيسي المتمثل في استهداف المصالح الأجنبية الذي يسميه الهدف أو العدو البعيد.. بينما كل مايتبع النظام داخلياً تسميه الهدف أو العدو القريب. وأضاف: إن القاعدة في الفترة الاخيرة غيرت تكتيكها من استهداف العدو البعيد الى العدو القريب، وذلك ليس لأن الدولة استطاعت أن توجه ضربات قاسية ضد عناصرها فحسب وإنما ايضاً لفشل تنظيم القاعدة في تحقيق أهداف ما يسمى العدو البعيد، بمعنى أنها لم تنجح مطلقاً في استهداف الأجانب داخل اليمن وقد كان آخرها المحاولة الفاشلة لاغتيال السفير البريطاني. مؤكداً أن عناصر تنظيم القاعدة الارهابي تسعى لتحقيق أهداف مدنية وأهداف سهلة وبالتالي لا تقوم بمواجهات مباشرة ولا تستطيع القيام بمواجهة عسكرية مباشرة وإنما قد تنجح أحياناً باستخدام طرق مخادعة تستهدف رجال الأمن على حين غرَّة. ] كما أشار الدكتور سعيد الى أن البيانات والرسائل التي يوجهها عناصر تنظيم القاعدة تكشف عن النفسية الوحشية لهؤلاء الارهابيين التي تتوعد وتهدد ضباط وجنود الأمن، رغم أن هؤلاء مسلمون ويقولون لا إله إلا الله، إلا أن القاعدة تتلاعب بالألفاظ وتقول:إن هؤلاء يوالون السلطة وبالتالي يوالون الكفار وبالتالي يجب استهدافهم لأنهم يقفون حجر عثرة أمام قيام الدولة الإسلامية. وشدد على ضرورة أن يقول العلماء كلمتهم إزاء أفعال القاعدة الارهابية في هذا الوقت بالذات وأن عليهم الرد على خطاباتهم الساخرة منهم والمنتقدة تخاذلهم في نصرة قضايا المسلمين. ] من جانبه أوضح مسؤول الدراسات الأمنية والاستراتيجية بمركز سبأ عايش عواس، أن هجمات تنظيم القاعدة على رجال الأمن تعود الى ما قبل سنتين وتحديداً في العام 2007م عندما قامت باغتيال نائب مدير البحث الجنائي بمحافظة مارب علي قصيلة، ثم تلتها استهداف مدير أمن مديرية مدغل بمارب محمد ربيش بن كعلان الذي اغتيل بواسطة رسالة مفخخة، ثم عملية التفجير الانتحاري التي استهدفت معسكر الأمن المركزي بسيئون- محافظة حضرموت- في العام 2008م، وكذا اختطاف واغتيال نائب مدير البحث الجنائي في مارب بسام طربوش. وقال: إن عناصر تنظيم القاعدة الارهابي جددت هجماتها خلال العام الجاري على رجال الأمن، حيث استهدفت مقري الأمن السياسي بمحافظتي عدن وأبين ومقر الأمن العام، كما قامت في شبوة بنَصْب كمائن لأطقم عسكرية راح ضحيتها 12 جندياً. وأضاف: إن الفارق بين القديم والجديد يمكن ملاحظته عن طريق ان كل العمليات السابقة لعناصر القاعدة كانت تتم في معظمها بشكل فردي، لكن الجديد في عمليات عدن وأبين وشبوة أن القاعدة بدأت تغيّر الأساليب والتكتيكات، فبدلاً من الاعمال الانتحارية والرسائل والسيارات المفخخة أصبحت تستهدف رجال الأمن عن طريق مجموعات إرهابية راجلة يتراوح عددها بين 5 - 20 فرداً يقومون بمهاجمة المقرات الأمنية. وبالنسبة لتأثير النطاق الجغرافي أشار عواس الى أن أسلوب هجمات عناصر القاعدة تغيُّر مع تغيُّر النطاق الجغرافي، ففي المناطق الجنوبية استخدمت الجماعات وذلك لمحاولة استغلالها الوضع وحدوث بعض التوترات الأمنية في تلك المناطق، كي تنشط فيها. وأكد مسؤول الدراسات الأمنية أن الأعمال الارهابية الأخيرة لتنظيم القاعدة باستهدافها رجال الأمن تدل على أن المواجهة ما بين الحكومة وعناصر التنظيم الإرهابي وصلت الى مرحلة حرجة وستكون أكثر حدةً وشراسةً بحكم أن الحكومة ماضية في إطار استئصالها للقاعدة والانتقال في هذه المرحلة الى طور الضربات الاستباقية، الأمر الذي يعكس النجاح المؤكد الذي حققته الحكومة، كما يعكس أن عناصر تنظيم القاعدة كان لديها من النوايا السيئة الكثير، وبالتالي قامت بمهاجمة أهم الأجهزة الأمنية. ويرى أنها باستهدافها هذه المقرات الأمنية تريد توجيه رسالتين، الأولى لأعضاء التنظيم الإرهابي لإيهامهم بأنها مازالت موجودة بقوة وان لديها القدرة على الفاعلية والحركة وألا يتسرب الشك في نفوسهم بأنها وهنت أو تراجعت جراء الضربات الناجحة للحكومة، أما الرسالة الأخرى فهي موجهة لخصومها حيث تريد القول بأنها مازالت موجودة في اليمن وأنها قادرة على توسيع نشاطها ليشمل أكبر قدر من المناطق والمحافظات.]
|