الإثنين, 02-أغسطس-2010
الميثاق نت -  حوار: محمد الجرادي -
تختلف أو تتفق مع الكاتب والناقد الدكتور عادل الشجاع، إلا أنه يأخذك الى متعة التنقل معه من فكرة الى أخرى، يقرأ السياسة برؤية الناقد المثقف، مع حقيقة كونه ناقداً أدبياً في الأساس. حديثنا معه تم في جزئية الحوار بين الأطراف والقوى السياسية وهي جزئية طالما شارك في مناقشتها في كثير من كتاباته.. إلى التفاصيل:
] بدايةً .. ليكن حديثنا حول خطوة الاتفاق بين الاحزاب السياسية المؤتمر الشعبي العام وأحزاب المشترك على الحوار.. هل أنت متفائل بهذه الخطوة؟ - لعلك تابعت حديثي الى التلفزيون في اليوم نفسه الذي تم فيه التوقيع على محضر الاتفاق بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك. لقد قلت إنني لست متفائلاً بهذا التوقيع، لا لأنني لا أؤمن بالتفاؤل ولا أؤمن بالأمل، بل لأنني أعلم أن الأطراف السياسية لم تدرك بعد ماهية الحوار. ] أنْ تلتقي هذه الأطراف وتتفق على خطوة ما هذا بحد ذاته مدعاة للتفاؤل.. ما تعليقك؟ - إذا كنا قد أمضينا أكثر من سنة، ونحن مختلفون حول آلية الحوار، ثم نأتي بعد هذه الفترة الطويلة لنوقع اتفاقية لإكمال ما تم التوقيع عليه في 23 فبراير 2009م ثم فجأة بعد التوقيع ينفجر الوضع في صعدة، ويزداد التصعيد في الضالع ولحج وبعض المناطق الجنوبية، فكيف يمكن التفاؤل بنجاح الاطراف السياسية في عملية الحوار. ] لكنك رغم هذا التشاؤم طرحت استثناءات أو اشتراطات لنجاح الحوار في مقدمتها طالبت بتدخل مباشر من رئيس الجمهورية في إدارة العملية؟ - صحيح لأنني أعلم علم اليقين أن هناك أطرافاً داخل المؤتمر ليس من مصلحتها إتمام الحوار، وكذلك الحال بالنسبة لأحزاب المشترك، وبالتالي فتدخُّل الرئيس سيضغط على كل الاطراف في اتجاه نجاح العملية .. أقول سيضغط ليس بعامل القوة ولكن بعامل أن الرجل مؤمن بالحوار، وستكون قراراته ملزمة.
شريك حقيقي
]هناك طرف ثالث ألا يمكن أن يعوّل عليه كضاغط في الحوار «منظمات ومؤسسات وهيئات.. الخ»؟ - بالتأكيد ولكن ليس كل منظمات المجتمع المدني وإنما هناك بعض المنظمات الفاعلة، إذا ما أعطيت الفرصة لكي تكون شريكاً حقيقياً في عملية الحوار. ] الفرصة في دعوة الرئيس الى حوار مفتوح أمام جميع الاطراف والقوى في الساحة؟ - اتفق معك .. الرئيس فتح الحوار لكل الاطراف، فليس لديه حساسية مثلاً من قبل الحوثيين، ولا من قبل الحراك في بعض المناطق الجنوبية.. وأنا أرى أن هذين الطرفين هما المعنيان بالحوار، وعلينا أن نتحاور معهما، والحوار الحقيقي هو مع هذه الاطراف. ] بماذا تعلل هذا الرأي؟ - أعتقد أنه بدون الحوار مع هذين الطرفين لن يكون هناك حوار لأننا لا نتحاور على المستوى السياسي، وإذا كان الأمر كذلك فلدينا دستور، وعلينا العودة اليه ونتحاور في إطاره. لكن الحوار مع هذه القوى يعني الحصول على إجابة عن أسئلة كثيرة في مقدمتها لماذا مواجهة الدولة بالسلاح، ولماذا محاولات حرمان الدولة أو السلطة من بسط نفوذها على الأرض. ] لكن هذه القوى لا تريد حواراً كما يبدو؟ - لا ينبغي اعتماد إجابة مسبقة، علينا محاولة الحوار معها، ونسمع منها، ومتى أعلنت للشعب أنها لا تريد حواراً يقوم على أساس أن هناك سلطة وهناك مواطنة ونظام وقانون عندها سيكون للشعب كلمته وموقفه، ويستطيع الشعب تضييق الخناق عليها.
شروط مسبقة
]كيف تنظر الى إمكانية الأحزاب في تلقُّف وترجمة هذه الدعوة الى حوار مفتوح ومسؤول مع كل الأطراف بمن في ذلك الحوثيون وما يسمى بالحراك؟ - الأحزاب السياسية هي جزء من كل، لكنها للأسف فيما الرئيس يؤمن بالحوار مع كل الاطراف والقوى في الساحة، تظل هذه الاحزاب لديها شروط مسبقة بمن يحق له دخول الحوار، وبالتالي فإن الرهان على عامل ضغط الرئيس وتدخله.. وعلى الرئيس ايضاً ألا يترك مسألة الحوار في يد أطراف أخرى. ]لماذا؟ - لأن تلك الاطراف لن تخرج البلاد الى شاطئ الأمان، بعكس الرئيس الذي لانشك في أن طرحه وقراراته سوف يسندها جهد شعبي وحماية جماهيرية. ]تعني ليس في مقدور الأحزاب إدارة حوار طالما اتفقت بشأنه ودعت إليه؟ - هذه الأحزاب لا تستطيع أن تدير حواراً في مستواها الداخلي، فما بالك بحوار على مستوى الوطن، والشاهد الحي أنها عندما وقَّعت على تأجيل الانتخابات لم ترجع الى قواعدها لأنها لو فعلت، كانت ستواجه رفضاً لحوارها الذي يجري خارج نطاق الدستور وخارج النظام والقانون. ] أشرت سابقاً الى شروط الاحزاب بمن يحق له دخول الحوار من القوى والاطراف في المشهد الوطني.. هل شروطها تلك تنسحب على منظمات المجتمع المدني ايضاً؟ - بلاشك ولذلك أتمنى مشاركة المجتمع المدني بعيداً عن الإملاءات الحزبية والسياسية.. مشاركة لا أرى بالضرورة أن تدخل فيها كل منظمات المجتمع المدني، ولكن هناك منظمات فاعلة هي التي يجب أن تشارك وأنا على ثقة أن لدى هذه المنظمات عقولا، ولديها رؤية لمخرج من هذا المأزق الذي يعيشه الوطن. ] هل ترى أن من السهولة اعتماد تصنيف المنظمات الفاعلة عن غير الفاعلة، لمشاركتها في الحوار؟ - هذا ممكن لو أن هناك مصداقية من كل الاطراف السياسية.
شوكة الميزان
]أود افتراضك لهذه المصداقية عملياً؟ - ينبغي على المؤتمر الشعبي العام ألاّ يأتي وقد فتحت ثغرة في هذا الجانب ألاّ يأتي بمنظمات قريبة أو متحالفة معه وهي غير فاعلة، وينبغي على أحزاب المشترك ألا تأتي بمنظمات تنتمي اليها أو متحالفة معها وهي غير فاعلة. وبالتالي أقول: على الطرفين أن يبحثا عن المجتمع المدني الذي لديه مشروع، وإذا ما تم ذلك فإن بإمكان المجتمع المدني أن يقدم رؤية تكون هي شوكة الميزان بين الطرفين المؤتمر وأحزاب المشترك. ] لدينا (6000) منظمة وجمعية كلها تقول ان لديها مشروعاً؟ - أنا أتحدث عن المجتمع المدني وليس العمل المدني وللأسف لم نفرق بعد بين هذين المفهومين. العمل المدني هو كل الجمعيات والمنظمات الخيرية المنضوية في إطار العمل المدني، فيما المجتمع المدني هو المؤمن بالديمقراطية والتعددية والليبرالية، والحريات، والعدالة.. أما بالنسبة للجمعيات الخيرية فليس لديها هذه الثقافة: ثقافة العدالة، والحرية أو الثقافة الحقوقية.. إنها تقوم بالأعمال الخيرية، ولذلك ليست معنية بالقضايا التي ينبغي الحوار بشأنها. ] كم نسبة المنظمات الفاعلة في الساحة.. في نظرك؟ - استطيع أن أقول 10%.
جوهر الحوار
] كتبت كثيراً عن الحوار بين الأحزاب السياسية لفتني في إحداها مطالبتك إياها بالحوار في اتجاه المستقبل وفي صلب «التنمية».. هل ما زلت عند هذا الرأي؟ - نعم.. وأرى أن هذا هو جوهر الحوار، أي الحوار من أجل التنمية وليس من أجل تقاسم المصالح الخاصة. ] هل نتوقع حضور هذه الجوهرية في أذهان الاطراف (الاحزاب) المتحاورة الآن؟ - الاطراف السياسية لا تملك ثقافة ديمقراطية ولا تدرك بعد الفرق بين الديمقراطية والتحولات الديمقراطية، نحن بلد لم نصل بعد الى الديمقراطية ومازلنا في تحولاتها التي أصابت العالم منذ التسعينيات. هذه التحولات تحتاج الى انضاج حتى نصل الى مشروع الديمقراطية. ]مقاطعاً ، لكن نقاشاً يبرز حول هذه التحولات وعلى صعيد الحكم المحلي مثلاً؟ - هي تحاول مناقشة ذلك، لكنها لا تمتلك رؤية للحكم المحلي، وللأسف تعتقد هذه الاحزاب ان الحكم المحلي مثله مثل الديمقراطية لأنها تستطيع بجرة قلم أن تقول حكماً محلياً، ويأتي الناس الى هذا الحكم. وفي الواقع نستطيع أن نقيم تجربة حكم محلي في صنعاء وفي تعز، وفي إب والحديدة، وفي العواصم الحضرية وأؤجل بقية المناطق التي مازالت غير قابلة لتطبيق هذا النوع من الحكم، بما أنها تعاني من تخلف اجتماعي وتنموي وبالتالي ستقدم هذه التجربة في تلك الحواضر رسالة، إذا ما نجحت فإنها ستحرض على نجاحها في مناطق أخرى. ] هذا النوع من الطرح يمكن ملاحظته في أجندة بعض تلك الاحزاب.. أليس كذلك؟ - بلى.. لديها أطروحات وآليات، لكنها لا تقود الى نجاح الحوار وستساهم في عرقلته..دعنا من مسألة الحكم المحلي، لنأخذ مثلاً موضوع القائمة النسبية في عملية الانتخابات أو الاقتراع، بعض تلك الاحزاب تطرح إمكانية تطبيق هذه الآلية وكأننا في مجتمع متقدم تعليمياً وتنموياً، هذا يستحيل بالنظر فقط الى مستوى الأمية المتفشية في المجتمع ونسبتها التي تصل الى 75%.
فهم قاصر
] أحزاب المعارضة «المشترك» هي من تضغط في هذا الاتجاه، فيما موقف المؤتمر كان واضحاً وينطلق من كل هذه المبررات التي طرحتها؟ - ذلك نتيجة لفهم قاصر للديمقراطية، أحزاب اليسار «الاشتراكي، القومي..» مازالوا يعتقدون أن الزعيم المخلص في رحم الغيب وأن عليهم انتظاره، لم يؤمنوا بالديمقراطية وبأنها تعطي مساحة واسعة للشعوب وأن هذه الشعوب هي التي تحدد النمط الذي تريده. ] يطرح البعض أنك متحامل على الأحزاب في مجمل كتابتك وآرائك؟ - في حقيقة الأمر، عندما تكون مستقلاً ولست مع طرف يحتار كل طرف، مرة يجد أنك تكتب بالإيجاب مع السلطة، فيقول عنك سلطة.. ومرة يجد أنك تكتب معارضة فيقول انك تخليت عن السلطة. ] إذاً.. أين ترى نفسك؟ - لست مع السلطة ولا مع المعارضة، أنا مع المفهوم الكلي للوطن، اتفق مع كل الايجابيات الموجودة في المعارضة، ومع كل الايجابيات الموجودة في السلطة، وايضاًَ أنتقد السلبيات الموجودة في السلطة، ولكن ليس انتقاداً عدوانياً بقدر ما هو محاولة نقل صورة لتصحيح الأخطاء، وكذلك الأمر بالنسبة للمعارضة.. أنتقدها ليس كراهة لها، ولكن لتصحيح سلبياتها، وأنا أؤمن بأنه لا يمكن أن تكون هناك سلطة قوية ما لم تكن هناك معارضة قوية.
قوى تقليدية!!
] وهل المعارضة- تحديداً- تدرك ذلك في رأيك؟ - أزعم أنها لا تدرك.. المعارضة تبحث في الوقت الراهن عن المحاصصة لأنها لا تملك قواعد شعبية وجماهيرية وهناك حزب واحد «الاصلاح» هو من يملك قواعد ليس لأنه حزب ديمقراطي ويؤمن بالديمقراطية، لكنه يجمع أعضاءه تحت مظلة الأيديولوجيا ويستغل الأمية داخل البلد. ] وماذا عن المؤتمر؟ - المؤتمر في الثمانينيات أفضل بكثير من مؤتمر اليوم، حيث كانت القوى الليبرالية تشكل 75% من مكوناته، بينما الآن القوى التقليدية هي التي تسيطر عليه. ] كلمة أخيرة؟ - على المؤتمر أن يقدم تنازلاً من أجل المعارضة، وعلى المعارضة أن تقدم تنازلاً من أجل الوطن، وبالتالي نصل الى عمل مشترك للسير بالعملية الديمقراطية الى الإنضاج.]
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:11 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-16864.htm