فيصل الصوفي -
شكا أحد المسؤولين من استمرار تهريب السلع ومختلف المواد الى البلاد.. وتهريبها لا يتم خفية ولا ليلاً ولا عبر أنفاق شبيهة بأنفاق غزة.. بل عبر منافذ ومعابر برية وبحرية وجوية بما في ذلك المنافذ الجمركية.. ورغم ذلك يظل المهربون هاربين ومتهربين ولا يساءلون بل يستحي المسؤولون المعنيون من ذكر أسمائهم صراحة..
التهريب عادةً يرتبط بتوفير سلع أو مواد يحرم القانون السماح بتداولها في السوق كالمخدرات والخمور والمواد النووية مثلاً.. لكن المهربين عندنا يهربون كل شيء.. المخدرات والخمور والملابس والتمور والأدوية والأسلحة و»الملاخيخ« والفوط الحريمي والعصائر والأحذية والفناجين والصابون والسجائر والعسل والجنابي الصينية.. يعني..يهربون ما هو مسموح باستيراده بطرق قانونية ويهربون ما يحظر القانون استيراده، وبذلك يتساوى في الميزان مهرب المخدرات ومهرب »الملاخيخ«، كلهم في الجرم سواء.. وإذا كان مهربو المخدرات يلاحقون وتصادر وتتلف مهرباتهم، فالواجب أن يعامل مهربو الاحذية نفس المعاملة لأن التهريب يلحق ضرراً بمصالح الدولة وبمصالح المستوردين استيراداً قانونياً وبمصالح المنتجين المحليين، وايضاً بمصالح المستهلكين لأن معظم المواد المهربة تصل الى هنا لأنها غير صالحة ومطرودة من الأماكن التي تهرب منها.
والتهريب لا يقتصر على التهريب من الخارج الى الداخل، بل ايضاً من الداخل الى الخارج.. وكم شكت الحكومة من تهريب الديزل والمواد المدعومة والاطفال غير المدعومين من الحكومة.. والتهريب في الحالتين جرم، والمهربون هنا كالمهربين الى هناك في الإجرام.
المهم.. بعد كل هذه الشكوى، وبعد أن يعرف الجميع في الحكومة ضرر التهريب على الاقتصاد الوطني والصحة العامة .. وبعد أن يقال إن التهريب يتم عبر منافذ معروفة.. وبعد.. وبعد.. ماذا بقي؟
لا يُعقل ولا هو مقبول أن تشكو الحكومة من التهريب تماماً كما يشكو المواطن الذي ليس له حرس حدود ولا سلطة جمارك ولا.. ولا .. ولا..!!
التهريب آفة بل هو جريمة بنص قانون الجمارك وقوانين أخرى.. فلماذا نشكو من الجريمة وبيدنا كل هذه الاسلحة من قوانين ووسائل وأدوات؟
هل المهربون غير مقدور عليهم؟ هذا لا يُعقل.. فأين المشكلة إذاً؟
الدولة عندما قررت كبح جماح تجار السلاح فعلت ذلك في طرفة عين.. ومن ذا أكبر وأقوى من تاجر سلاح..فكيف تعجز عن مهرب قلبه أضعف من قلب اللص أو تعجز عن تغيير ومساءلة المتواطئين مع المهربين..؟ بالطبع هي ليست عاجزة لو أرادت .. لكن لماذا لا تريد ذلك؟!
تهريب.. من المخدرات إلى "الملاخيخ"!