الميثاق نت -

الإثنين, 16-أغسطس-2010
عمران - محمد عثمان الشامي -
في الوقت الذي طفحت فيه الهواتف المحمولة برسائل قصيرة ودعوات إنسانية تحث على الصدقات والتبرعات والمساهمات الخيرية في دعم مشاريع الإفطار الرمضانية الى جانب الإعلانات التي أخذت أشكالاً مختلفة واحتلت واجهات الأماكن العامة ومداخل الشوارع في المدن ولذات الغرض.. نجد غياب الفعاليات الخيرية الرمضانية حتى الساعة إذا استثنينا خيمة نصبت هناك جوار مسجد وأخرى يجري نصبها عند مسجد آخر ضمن أنشطة مشاريع إفطار الصائم بتمويل من فاعل خير محلي أو من الدول المجاورة. الأمر يبدو أكثر هولاً ومأساة حينما يتعلق بالأسر النازحة جراء فتنة التمرد الحوثي.. مئات الأسر مازالت حبيسة الخيام والمخيمات في محافظة عمران .. وضعها الإنساني في أكثر من مأساوي تعيش حالة من البؤس والفقر والظلام والنسيان حتى في شهر الرحمة والغفران رمضان شهر الصدقات والإحسان.
صحيفة «الميثاق» وفي إطار اهتماماتها بالجانب الانساني في هذا الشهر الكريم وإيماناً منها بأهمية ودور الرسالة الاعلامية في كشف وإبراز أوضاع وحال شرائح مجتمعية فقيرة تستحق أن يلتفت اليها وتعطي نصيبها من الفعاليات والأنشطة الانسانية الخيرية الرمضانية.. زارت مخيمات النازحين في محافظة عمران لاستطلاع أوضاعهم وأحوالهم المعيشية داخل المخيمات ومستوى الخدمات المقدمة اليهم من الجهات المعنية..«سلطة محلية ومنظمات مدنية ومحلية ودولية ومشاريع رمضانية».. المفاجأة كانت كبيرة حينما اكتشفنا غياب الأنشطة الرمضانية الانسانية داخل مخيمات النازحين وزادنا الأمر حزناً وكمداً حينما وجدنا هذه المخيمات أيضاً محرومة من أبسط الخدمات كالإنارة مثلاً والصرف الصحي وتوافر المياه النقية لتنكشف بذلك عورات الجهات العاملة في الجانب الإنساني وعلى وجه الخصوص لجنة الإغاثة بالمحافظة والمنظمات المدنية والأجنبية التي لطالما ظهرت أنشطتها في وسائل الاعلام اكثر مما حققت وقدمت للنازحين من خدمات باستثناء اليونسيف والهلال الأحمر اليمني.

معاناة بلا حدود

- ماهر محمد اللموت شاب في الثلاثين من العمر بدا حزيناً ومستاءً من العيش في المخيم ووصفه بجهنم الحمراء عن وضع مأساوي تعرض له دونما التفاتة من أحد..أنا أعيش مع زوجتي منذ أن نزحنا من محافظة صعدة في هذا المخيم حياة مخاطرة وخوف وحرمان بسبب الحال الذي وصلنا اليه داخل المخيم وضع صحي متدهور وأمراض منتشرة وبيئة ملوثة.. لا حمامات موجودة ولا كهرباء، ولا خدمات صحية تصدق، والقول مازال - لماهر الشاب الثلاثيني- تصدق أن زوجتي كادت أن تموت لعسر الولادة داخل المخيم وحينما اسعفتها الى أحد المستشفيات قرروا إجراء عملية ولادة قيصرية لتبقى على قيد الحياة وبلغ إجمالي ما صرفته في العملية والعلاجات أكثر من 125 ألف ريال، مازلت مهدداً بسببها بالسجن لأنني اقترضت من الناس معظم هذا المبلغ وأنا عاجز حتى اليوم عن تسديدها ولا يوجد معي عمل.. أين لجنة الإغاثة وأين منظمة أطباء بلا حدود.. هل زرتم وأطلعتهم على ما حدث؟ سألناه ليرد بحرقة وألم نسمع بهم ولكننا لا نراهم والشكوى من فرط المعاناة التي يعيشها هو وغيره من النازحين.. صاح غاضباً: يا أخي أمانة قلي هذه المصيبة التي وقعت علينا وتشردنا بسببها هل صنعناها لأنفسنا حتى نعاقب بهذا الإهمال؟ ويجيب على نفسه: كلا والله وما حصل لنا يمكن يحصل لغيرنا في مناطق أخرى وعندها يتضح للناس حجم المعاناة التي نعيشها مشردين وفقراء لا نملك إلا أنفسنا حتى الملابس التي على أجسامنا انظر إليها ممزقة وغير نظيفة.. مهددين بالأمراض والأوبئة وكأننا لا نستحق الحياة.. ما فائدة هذه المنظمات التي تصرف على العاملين فيها آلاف الدولارات وتبخل علينا بأبسط الاحتياجات مثلاً بناء حمامات، توفير أدوات الطبخ والنظافة والفراش والملابس حتى الأغنياء والميسورين والجمعيات والتجار نسونا في هذا الشهر الكريم، ينصبون الخيام لإفطار الصائم جوار المساجد غافلين عن أطفال ونساء وكهول يتضورون جوعاً في المخيمات.. هذه مهمتكم يا صحفيين؟ مختتماً حديثه وعيناه تنهمر بالدموع.

خدمات صرف صحي مفقودة

الحاج محمد شريان ذو الـ7 عقود بملابسه الرثة وتجاعيده المتدلية أشار بعصاه الى جوانب مختلفة من مساحات مخيم النازحين بمدينة عمران قائلاً: - انظر أكثر من 41 خيمة تعج بالرجال والنساء والاطفال هل تجد حماماً واحداً؟ ويستطرد قائلاً: قبل أسابيع أغرقت الأمطار هذا المخيم وتوفي طفل وأصيب أطفال آخرون.. هل من أحد أسرع الينا ليخفف معاناتنا غير الهلال الأحمر ومراسل صحيفة «الميثاق» لا أحد!! هل تصدق - والقول مازال للحاج شريان- أننا نصوم بلا سحور.. ويقسم بالله باللهجة العامية « حرام عليّ ما أملك خمسة بجيبي» أنا وولدي نعيل أسرة مكونة من 25 نسمة ومحشورين في خيمتين ، وحينما سألناه عن معونات تقدمها لجنة الإغاثة بالمحافظة والمنظمات الإنسانية العاملة فيها أجاب متأوهاً: يا ولدي هؤلاء حق صور وأخبار فقط والنازحون لهم الله!! كنا نسمع عن قوافل الإغاثة جاءت من كل المحافظات للنازحين اسألهم أين ذهبت؟ أكلوها ووزعوها لغير المستحقين ونسونا وأطفالنا نعاني الجوع والبرد والأمراض داخل هذه الخيام!!

إبراهيم ونمرود حرمان النازحين

ويبدو المشهد أكثر مأساوية حينما تعلم أن امرأة وضعت حملها داخل المخيم ولا يجد زوجها ما ينفقه عليها حتى تتعافى وتدر حليباً لرضيعها.. حال ينطبق على محمد علي ربيع وزوجته ومولودها إبراهيم.. وحينما سألناه عن حاله وكيف يتدبر الأمر.. أجاب بصوت خافت ومنكسر وبتندر: الحمد لله أنا فرحان بإبراهيم إن شاء الله سنكون جميعاً ببركة هذا المولود قادرين على مواجهة نمرود الفقر والحرمان الذي يحتل هذا المخيم.. مابش أمامنا غير الصبر.. احنا في وضع لانحسد عليه وإذا طالبنا فلا نجد من يجيب.. نسأل الله في هذا الشهر العظيم أن يفرجها علينا هو وحده القادر على كل شيء. يا أخي مازلنا متفائلين في هذا الشهر الكريم شهر رمضان بتحسين أحوالنا وتخفيف معاناتنا، فأهل الخير كثير ونرجو أن ينظروا إلى النازحين بعين الرحمة والإنسانية .. أما الرئيس - حفظه الله - فنرجو منه أن يوجه المسؤولين بإعادة إعمار منازلنا حتى نعود اليها، كما نطالب بتعيين مسؤولين صالحين في لجنة الاغاثة يهتمون بنا مش بأنفسهم وبس!!

دعوة للجمعيات والتجار

ملاطف الصباري عاقل المخيم بمدينة عمران وخلال تجوالنا داخل المخيم أكد لنا دهشته الكبيرة من إغفال النازحين وحرمانهم من مشاريع المساعدات الرمضانية ومنها مشروع الإفطار الذي تقيمه عدد من الجهات الحكومية والمدنية ومنها المؤسسة الاقتصادية وجمعية الصالح وجمعية الاصلاح ورجال المال والاعمال.. ولفت الى أن 281 نسمة هم إجمالي نزلاء المخيم مستحقون أكثر من غيرهم خصوصاً مع تناقص حجم الدعم الغذائي التي كانت تقدمه المنظمات الإنسانية الاجنبية الدولية، الصباري الذي دعا كافة الجهات الخيرية والتجار الى الالتفات الى النازحين وتخفيف معاناتهم شكر مدير عام مصنع اسمنت عمران المهندس خالد المقدمي نظير دوره الكبير في تجهيز ساحة المخيم وردمها بالرمل لإنقاذ الخيام وسكانها من الغرق أثناء سقوط الأمطار، كما أثنى على دور الهلال الأحمر بالمحافظة لما يقدمه من دعم نفسي وصحي وتوعوي لنزلاء المخيم. كما طالب الصباري باسم النازحين في عمران وريدة وخيوان وغيرها من المناطق والجمعيات الخيرية والتجار والمسئولين جعل شهر رمضان على النازحين شهر كرم وفرح وإغناء من خلال توزيع مواد غذائية ووجبات جاهزة وتمور وملابس وبناء حمامات وتوفير الماء والكهرباء.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:39 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-17073.htm