تحقيق/ أمين الوائلي - (مكافحة الفساد خيار ثابت ومسار لايتوقف: تفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة وحماية المال العام وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب)..
من البرنامج الانتخابي
لفخامة الرئبس علي عبدالله صالح.
< يمكنكم تصديق أو عدم تصديق ما سيأتي ولكنها الحقيقة، وأشهد أنها مُرَّة: أول قلعة اقتصادية في اليمن تحتضر إن لم تكن في النزع الأخير أو في الطريق إليه.. أنا لا أكتب الآن.. إنما أبكي، وأشعر أكثر من ذلك برغبة في العويل.. وأنا لا أكتب.. إنني أنتحب..
قبل البداية
> في 22 سبتمبر 2004م- أي قبل عامين تماماً من الآن، قام فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئىس الجمهورية بوضع حجر الأساس لمشروع تطوير وتأهيل مصنع الغزل والنسيج- المرحلة الأولى- خط إنتاج وحدة الغزول.
وتبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع حوالي مليار ومائتين وستة وخمسين مليون ريال والتمويل قرض من الحكومة الصينية، ومكونات المشروع هي معدات وآلات متطورة في مجال الغزل والنسيج.
وخلال الزيارة وجه رئىس الجمهورية القائمين على المصنع بضرورة الاهتمام المستمر بمواكبة الجديد في مجال الصناعات النسيجية والاهتمام بجودة المنتجات بحيث تكون قادرة على المنافسة.
وقبل ذلك وفي 14 يوليو 2004م وقع اليمن والصين على ترتيبات بتمويل مشروع تطوير مصنع الغزل والنسيج بصنعاء.. وقضت الاتفاقية التي وقعها نائب رئىس الوزراء وزير التخطيط والتعاون الدولي ووزير التجارة الصيني، بتمديد فترة استخدام قرض بقيمة (50) مليون يوان صيني لتطوير مصنع الغزل والنسيج بصنعاء وإنشاء خط إنتاجي جديد متكامل لقسم الغزول.
وفي 2005/12/25م كلف مجلس النواب لجنتي الصناعة والتجارة والقوى العاملة بدراسة وضع الصناعة النسيجية في اليمن وتقديم تقرير مفصل إلى المجلس إثر نقاش تقرير مقدم من اللجنتين المذكورتين بخصوص شكوى العاملين بالمؤسسة العامة لصناعة الغزل والنسيج.
وبحسب الوثائق الموقع عليها والتصريحات حينها فإنه كان مخططاً أن يتم الإنتهاء من المشروع التطويري أوائل العام الماضي 2005م بعد منح العاملين إجازة مفتوحة، ولكن الموعد أجل إلى شهر يونيو 2005م ومن يومها والتأجيل مستمر، وحتى اليوم لم تركب آلة واحدة من التي قدمها الصينيون مقابل قرض المشروع المذكور آنفاً.
وهاكم تفاصيل ما حدث ويحدث:
يحدث هناك
> مصنع غزل ونسيج صنعاء يستحق أكثر من بكاء وأكثر من رثاء.. وأمر من حرقة واحدة.. من منكم يتذكر المصنع الأول الذي أدار عجلة الحياة والتنمية؟
القلعة الصناعية الأولى باتت الآن جثة تتناهبها العلل والأدواء وتنهشها الأوبئة.. الحياة الأولى يعربد فيها الموت ويطمرها النسيان..
يحدث في مصنع غزل ونسيج صنعاء:
منذ أشهر لم نعد نحصي عددها والمصنع وآلاته في سبات عميق.. لا حركة ولاحياة ولاعمال..
فقط الصمت والسكون الموحش الرهيب وآلات لم تعد كما كانت.. كل قطعة منها سارت إلى طريق.. وهي كلها تسأل ولامجيب: متى نعود إلى العمل؟!
مئات العمال في بيوتهم منذ أشهر طويلة، أكثر من ألفي عامل.. بلا عمل يذكر.. والتحديثات التي قيل إنها »جارية على قدم وساق« لتطوير المصنع الأم.. لم تتمخض عن شيء بعد، ولا أظنها ستفعل.. المشروع التطويري- المفترض- بشراكة مع الأصدقاء الصينيين طال وقته وتطاول أمده.. ولانتيجة، ولا شيء ملموس بعد.. باستثناء القليل من الصبِّيَّات الاسمنتية لقواعد مفترضة!! هذا كل شيء تم حتى الآن.. منذ أكثر من عامين أو يزيد!
ويمكنكم تصديق- أو عدم تصديق- أن الآلات الجديدة التي وفرها الجانب الصيني منذ اليوم الأول لتوقيع عقد الشراكة التشغيلية لتطوير المصنع، هي تلك المرمية بلا حساب أو قيمة في ساحة المصنع.. تحت الشمس والمطر وفي مواجهة الرياح والغبار!! »عطبت أو كادت«.. يقول أحد العمال القدامى: آلات كهذه تحتاج إلى عناية وحرص في التخزين والحفظ.. لكنها في ساحات غزل ونسيج صنعاء بلا عناية لأشهر طويلة.. وحده المطر والغبار وعوامل الطقس والمناخ.. تحرص على إتلاف آلات حديثة، بطريقة لايصدقها عاقل.
وأخيراً- وليس آخر: تبلغ قيمة الآلات ملايين الدولارات! من هو المسؤول؟ وثانياً من يسأل أو يسائل المسئول؟!!
هل يعلم الوزير؟!
> وزير الصناعة صرح مؤخراً أن المصنع سوف يعاود عمله- الجديد- بداية العام 2007م، أي بعد أقل من شهر، وأشك في ذلك، كما أشك في معرفة السيد الوزير بحقيقة مايحدث في المصنع.. هل زار المشروع؟!!
وقيل إن الملايين أنفقت لشراء »طرابيل« زرقاء- أو بيضاء لتغطية الآلات الجديدة بطريقة بدائىة!! فيما الآلات القديمة دمِّرت تماماً وجرى تفكيكها والتصرف بجزء منها بطريقة »التدمير الشامل«! من يصدق أن غزل ونسيج صنعاء يبيع آلاته بالكيلو؟! حديد بالكيلو!!!
مكائن النسيج أو الغزل يتم الآن تحميل ما بقي منها إلى مصنع عدن.. ماذا يعني ذلك؟ العمال يقولون إن المصنع لم يعد يعمل في النسيج بل في الغزل- إن عاد ليعمل ما يعني أن ألفي عامل لن يجدوا عملاً.. بل مائتي عامل لا أكثر!!
سرقة.. تُقيَّد ضد مجهول!
> أكثر من ذلك بعد.. مؤخراً في الأسبوع الماضي ليس أبعد، تعرضت مخازن المصنع، أو بقية المخازن للسرقة.. نعم للسرقة.. وهذه ليست سوى المرة الأخيرة لحادثة من هذا النوع، وأشك أنها ستكون الأخيرة بالفعل.
بالطبع الحادثة لم تعلن ولن تعلن، وكما في كل مرة.. تحقيقات عادية تفضي إلى تقييد الحادثة ضد مجهول!! أي مجهول هذا.. يملك الجرأة والقدرة على اقتحام أسوار ومخازن المصنع الداخلية وسرقة مافيها؟!
المعلومات التي حصلنا عليها من مصادر قريبة ومطلعة تشير إلى أن الجناة قاموا بإحداث فتحة كبيرة في سقف المخزن وأخرجوا المئات من صفائح النحاس الثمينة وحملوها في شاحنة تركت عجلاتها أثراً واضحاً وذهبوا إلى حالهم آمنين مطمئنين!! المجهول هنا ساحر أو جني، أو ... !!
قبل ذلك- وبحسب المصادر العليمة ذاتها- حدث أن سُرقت العشرات من إطارات الشاحنات العملاقة بالطريقة ذاتها أو قريباً منها.. وضد مجهول- بالتأكيد- قيل إن الحادثة قُيدت.. وانتهى الأمر!!
بانتظار من يوضح أو يرد
> ليست هذه سوى إشارات عابرة وبسيطة- أقول بسيطة لأنني أعلم أنها كذلك بالفعل.. وأما الواقع فلا أحسب أنني قادر على كتابته..
لماذا يجري إزهاق المصنع الأم والقلعة الأولى بهذه الطريقة؟ ولماذا يجري تجاهل- قبل أن أسأل عن التجهيل والتعتيم على مايحدث بهذه الكيفية المحبطة؟!
هل يعقل- يسأل عامل- أن تباع الآلات بالكيلو الحديد؟! فيما أنها قادرة بعد على العمل والخدمة، والبعض منها يحتاج إلى قطع غيار بسيطة، بعضها ينتج أصلاً في الورشة الداخلية التابعة للمصنع!!
يقول عمال في الورشة إنهم قادرون على تشغيل وإعادة تشغيل الآلات بإمكانات بسيطة لو توافرت.. وأحدهم يؤكد بصدق ظاهر: »لو توافرت النيَّة..«!!
يتحدث مصدر مطلع وآخر وثالث عن عروض تلقاها المصنع- أو الإدارة بمعنى أدق- من شركات ومستثمرين لشراء الآلات التي تم الاستغناء عنها أو المعطلة أو التي لم يشأ أحد إصلاحها وتوفير قطع الغيار اللازمة لإعادتها إلى العمل.. وعرض المشترون أسعاراً زهيدة، ولكنها تفوق بعشرات الأضعاف تلك التي بيعت بها بسعر الكيلو الحديد.. ولم يجد هؤلاء قبولاً.. مع أن الآلات كانت ستذهب للعمل والخدمة في مشاغل عدة وتوفر فرص عمل للعشرات من الباحثين عنه.
وماتم فعلاً هو، إما البيع بسعر الكيلو، أو توزيع البعض من المكائن والآلات على جهات لا أحد يفيدك حولها يقيناً.. وكل الذي يقال هو أن آلات تم توزيعها على جمعيات ومشاغل خيرية.. وعندي من يجزم بخلاف ذلك وهو أن الآلات بيعت بطريقة أو بأخرى ولم توزَّع؟!
في رأيكم.. ماذا يعني ذلك؟ وإلى ماذا يحتاج الأمر والحال ماسبق؟!!
أنتظر- بل ننتظر من الوزارة المعنية توضيحاً أو رأياً، كما ننتظر من إدارة المصنع- مشكورة- رأياً أو موقفاً يجيب على الأسئلة الكثيرة السابقة ويوضح الحقيقة للناس ولنا ولمن يهمه الأمر.
بقية لابد منها
> ثمة بقية للقصة- أو للغصة: منذ أيام- ولعل الأمر هو ذاته حتى اليوم.. مصنع الغزل بلا كهرباء!!
قيل إن »المجهول« قاتله الله قطع كابل الكهرباء »الهوائي« الذي يزود المصنع ومرافقه والمشروع السكني للعمال ومقر النقابة بالكهرباء.. وقيل إن الكابل قطع من طرفيه و... اختفى! يهمس البعض من العمال أن المجهول ربما يكون باع الكابل كونه من النحاس.. والنحاس مطلوب!!
وهكذا سرقت صفائح النحاس من المخازن وسرق كابل الكهرباء النحاسي من الجو.. والنتيجة هي هي.. مصنع بلا كهرباء.. بلا حياة.. ويموت ببطء!!
قبل النهاية
> في 12 مارس 2005م، وفي حوار صحفي مع »26 سبتمبرنت« و»26 سبتمبر« قال وزير الصناعة والتجارة بخصوص جهود الوزارة »لتحسين وتطوير وتوسيع« صناعة الغزل والنسيج باليمن- إنه »قد تم في هذا الجانب تسليم 60٪ من المعدات الحديثة لمصنع الغزل والنسيج بصنعاء من قبل جمهورية الصين الشعبية..«..
وأضاف الوزير »فيما سيتم تسليم نسبة الـ40٪ المتبقية من هذه المعدات خلال الشهرين القادمين من جمهورية روسيا الاتحادية الصديقة وبتمويل ذاتي من المؤسسة العامة لصناعة الغزل والنسيج.. وقد بلغت التكلفة الإجمالية بالنسبة لهذه المعدات أكثر من 8 ملايين دولار«..
كان هذا في مارس 2005م، أي قبل 22 شهراً تقريباً، وبعدها بأيام أي في 22 مارس من نفس العام (2005م) قالت المؤسسة إنها تخطط إلى زيادة الطاقة الإنتاجية لمصنع الغزل والنسيج بصنعاء إلى 10 أطنان من الأقمشة يومياً بحلول أغسطس »القادم«- 2005م.
وقال جمال الحضرمي مدير عام المؤسسة في تصريح صحفي إن »المؤسسة بدأت بأعمال الصيانة للهناجر وإضافة هنجرين جديدين لاستيعاب الآلات الحديثة للمصنع والتي تقدر كلفتها بمبلغ 7.5 ملايين دولار«.
المدير قال: »انه سيبدأ تشغيل المعدات الحديثة للمصنع خلال شهر يونيو القادم« (2005م).
لاحظوا كم هو الفارق في المواعيد بين تصريحات الوزير وتصريحات المدير.. ومع ذلك لا هذه ولاتلك صدقت، وها نحن في الشهر الأخير من العام التالي (2006م) والمصنع مغلق، والهناجر لم تنجز، والآلات الحديثة بقيمتها المليونية تلك مُلقاة في ساحات وحوش المصنع »تحت المطر والريح«- مع الاعتذار للأغنية- وأغلب الظن أنها قد تعطلت أو كادت.. وبحسب المصادر القريبة من المصنع فإن الآلات باتت تحتاج إلى صيانة وقطع غيار.. وهي التي لم تبدأ العمل بعد!!!
أما بعد..
> أذكِّر فحسب أن فخامة رئيس الجمهورية كان قد وجه في العام الماضي وخلال شهر رمضان قبل الأخير، بسرعة إنجاز التحديثات المقرة والانتهاء من تنفيذات المشروع والبدء بالتشغيل.. كما وجه بضم المصنع إلى المؤسسة الاقتصادية للإشراف على المشروع وأشياء أخرى.
والسؤال الآن ودائماً هو: من المسئول عن إماتة المشروع وترحيله وإدخال المصنع في هذه الحالة المأساوية من الموت البطيئ؟
من المسئول؟
ومن يسائل المسئول؟
وأين هي لجنة البرلمان؟!
وثمة بقية نؤجلها الآن..
|