الإثنين, 30-أغسطس-2010
متابعة / يحيى نوري- عبدالكريم المدي -
احتفاءً بالذكرى الثامنة والعشرين لتأسيس المؤتمر الشعبي العام نظم القطاع التنظيمي بالمؤتمر دائرة المنظمات الجماهيرية الأربعاء الماضي ندوة علمية بعنوان «دور المؤتمر الشعبي العام في تنمية المجتمع المدني»، حضرها الأمناء العامون المساعدون الأخوة : صادق أمين ابوراس، والدكتور احمد عبيد بن دغر، والدكتورة أمة الرزاق حُمد، وعدد من أعضاء اللجنتين العامة والدائمة ورؤساء الدوائر، والدكتور قاسم سلام-أمين عام حزب البعث، وعدد من قيادات أحزاب التحالف الوطني للمعارضة، والوزراء والقيادات التنظيمية وكوادر وأنصار المؤتمر.
وفي الحفل الذي أقيم بالمركز الثقافي بصنعاء وحضره جمع غفير من المواطنين والسياسيين تم عرض فيلم وثائقي وتبادل التهاني بين الحضور.
هذا وبعد حفل الافتتاح بُدئت الندوة المكرسة للمناسبة أعمالها، وقد مثلت أوراق العمل والتي أعدها نخبة من الباحثين والمتخصصين إطلالة مهمة لرؤية المؤتمر المستقبلية للمجتمع المدني الذي يتطلب منه القيام بدور أكثر فاعلية لتحقيق المزيد من التحولات المهمة لهذا القطاع وهي تحولات تستند الى رصيد ضخم للمؤتمر في هذا المجال منذ العام 1982م، عام انطلاقته كتنظيم رائد يرعى المجتمع بمختلف فعالياته، وأولى خلالها المجتمع المدني جل اهتمامه وبالصورة التي جعلت من المشاركة الشعبية الواسعة على طريق الديمقراطية والتنمية وترسيخ عرى الوحدة الوطنية نحو بناء اليمن الجديد.
وبالنظر الى طبيعة الأوراق العلمية التي قُدّمت الى أعمال الندوة يتضح بجلاء عظمة المشهد القادم الذي يتطلع المؤتمر الشعبي العام الى تحقيقه، فالأوراق قد لامست وبموضوعية وشفافية وعلمية كافة المشكلات التي تعتور المجتمع وبالتالي حاولت بمنهجيتها إيجاد المعالجات الناجعة له، ناهيك عن أن الأوراق قد قامت باطلالة مهمة لتجربة البدايات ما مثلته من محطات مهمة على طريق مسيرته الوطنية الطويلة.
قدمت في الندوة (4) أوراق سنحاول إبراز المضامين التي شملتها والتي مثلت في مجملها مجهوداً علمياً جديراً بالاهتمام والوقوف أمامه وهي تحديات دفعت بدائرة المنظمات الجماهيرية في المؤتمر الشعبي العام الى إعداد وإقامة الندوة بهدف تشكيل الصورة الكاملة للمشهد الراهن وما يشوبه من مشكلات وعوائق وما يحتاج له من معالجات ناجعة في إطار تشخيص دقيق وعلمي للمشكلات، ولعل النتائج التي خلصت اليها الندوة والمتمثلة في البيان الختامي قد حددت الاولويات العاجلة.. الأمر الذي يدفعنا هنا إلى أن نقدم للقارئ عرضاً مبسطاً لأبرز تلك المضامين على النحو التالي:
بداية تحدث الدكتور أحمد الأصبحي- عضو مجلس الشورى- عضو اللجنة الدائمة في ورقته عن البداية الأولى للعمل النقابي وتعدد مفاهيمه ليعطي له بعد ذلك تعريفاً جامعاً في إطاره العام على أنه: مجموع المؤسسات والمنظمات والروابط السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من أحزاب وتنظيمات .. الخ.
ثم استعرض بعد ذلك واقع المجتمع المدني في بلادنا قبل قيام الثورة المباركة مقسماً تلك الفترة الى مراحل كان أولها بداية تسلم الإمام يحيى السلطة التي استأثر بها ولم يحدث أي تطور ملموس في نظام حكمه.. ويتضح ذلك من خلال:
- خلو البلاد تماماً من أية مؤسسة دستورية ديمقراطية أو كيان سياسي رسمي.
- تركيز السلطات العامة الثلاث بيد الإمام وأولاده، فكان هو الذي يشرع ويقضي ويأمر بالتنفيذ.
- احتكار السلطة في أدنى مستوياتها من قبل الإمام وأولاده.
وأوضح الدكتور الأصبحي أن إرادة المجتمع لم تستسلم كلياً لسلطة الإمام فظلت تقارع الاستبداد وتواجهه بمختلف الوسائل والأساليب النضالية لتنمو بعد ذلك الحركة الوطنية وتقضي على الإمام يحيى في ثورة 1948م، وتستمر الثورات في التفجير وصولاً الى ثورة 26سبتمبر 1962م خاتمة ذلك النضال وفاتحة عهد جديد للوطن ولكافة شرائحه ومنظماته المدنية.
في ظل الثورة
وتحدث الدكتور الاصبحي أيضاً عن واقع المجتمع المدني في ظل الثورة وقيام النظامين الوطنيين.. لافتاً الى أن ثورتي 48 و 1955م قد شكلت ارهاصات للثورة اليمنية زادت الحركة الوطنية قوة وتنظيماً، ليصبح تشكيل تنظيم الضباط الأحرار من أهم التطورات في تلك الحركة وعاملاً من العوامل الحاسمة في تفجير ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م لتوفر بعد ذلك السند لقيام الكفاح المسلح والذي انطلق بقيام ثورة الرابع عشر من اكتوبر عام 1963م، من قمم جبال ردفان الشما ضد الاستعمار البريطاني واعوانه وعَّدد بعد ذلك جملة من العوامل والمستجدات التي عاشها المجتمع المدني وتكوُّن الاحزاب السرية والصراعات في كثير من المناطق وتأثيرها على المجتمع المدني ومنظماته.
وقال: في ظل ذلك الواقع السياسي المأزوم غُمط حق منظمات المجتمع المدني ولم تتمكن من لعب دورها في السلم الاجتماعي، وظلت محدودة العدد وشكلية الوجود وموجهة وبأداء ضعيف، وبلغت الأزمة اليمنية ذروتها باغتيال ثلاثة زعماء في شمال الوطن وجنوبه في مدى زمني قصير لم يتجاوز عشرة أشهر، واستبد الخوف بالجميع من قادم مجهول ومستقبل قاتم.
مشيراً الى أن وطن الحكمة وعلى الرغم من كل تلك المتاعب والأزمات لا يعدم الرجال ساعة العسرة، فقد اختار القدر للوطن من يعيد له أمنه واستقراره، وتمثل ذلك بقدوم قائد لواء تعز علي عبدالله صالح الى صنعاء الذي هب بشجاعة المخاطر بنفسه حاملاً روحه على راحته، عاقد العزم على إنقاذ الوضع المتردي، لينتقل الوطن الى مرحلة التحول نحو الديمقراطية التي أعلن عنها الهدف الرابع من أهداف الثورة اليمنية، «إنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل مستمد أنظمته من روح الاسلام الحنيف».
المجتمع وفكر المؤتمر
ثم انتقل بعد ذلك الدكتور أحمد الاصبحي في ورقته الى الحديث عن المجتمع المدني في فكر وأدبيات المؤتمر وفخامة الاخ الرئيس علي عبدالله صالح شخصياً الذي كان في طليعة همومه إيجاد صيغة عمل وطني لاتصدر عن فئة أو جماعة ولا تكون إملاءً من فرد أو سلطة بل تكون فكر كل المواطنين وطموحات الشعب بما يعزز استقراره ويكون سبيلاً إلى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية وكذا انتهاج الديمقراطية أسلوباً أمثل للمجتمع في بناء الوطن وتقدمه ..مؤكداً أن هذا التوجه الحكيم لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح قد مثل بداية لانتصار المجتمع المدني وإعادة بنائه وتمكينه من المشاركة في صنع القرار.
الميثاق الوطني
أما عن أهم الإنجازات التي تحققت لشعبنا من خلال اتباع تلك السياسة الحكيمة لرئيس الجمهورية فهي إعداد الميثاق الوطني وذلك بعد عودة الرئيس الى الشعب عبر مراحل، ملتقياً بكل مكونات المجتمع المدني من علماء ومفكرين ومشائخ وعسكريين ومثقفين الذين اتفقت جميع آرائهم بضرورة وأهمية وجود ميثاق وطني يمثل نواة الوحدة الفكرية للمجتمع.
وفي حديثه عن المنهجية الحوارية التي اتخذها الاخ الرئيس لترسيخ الممارسات الديمقراطية، أشار الى أن تلك المنهجية قد عملت على تمكين الناس من المشاركة في صنع القرار بما يمكّن من انطلاق الجميع لبناء الوطن بدلاً من التمترس والتخندق والدخول في صراعات تعطّل مسيرة التطور، فكان صدور قرار رئيس الجمهورية رقم (5) لسنة 1980م القاضي بتشكيل لجنة الحوار الوطني والتي ضمت في عضويتها خمسين مشاركاً على اختلاف اتجاهاتهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية للبحث عن أنسب صيغة لملء الفراغ السياسي والتنظيمي.
منوهاً الى أن هذه اللجنة لم تسلم من المشاكل والتوترات والانفعالات، إلا أنها مضت لتنجز مهمة صياغة مشروع الميثاق الوطني.
مشاركة الجماهير
وفيما يخص مشاركة المجتمع المدني، بعد مهمة إعداد الميثاق الوطني وتشكيل لجنة الحوار الوطني وما صاحبها قال الدكتور أحمد الاصبحي: لم يكتفِ الأخ الرئيس عند هذا المستوى من صياغة المشروع، فقد رأى أن تمتد المشاركة إلى جماهير الشعب، فأحال الفكرة الى لجنة الحوار الوطني للبحث في الآليات المناسبة لمشاركة جماهير الشعب بآرائها حول مشروع الميثاق، مستعرضاً في حديثه حول هذه النقطة المهمة المراحل التي مر بها الميثاق الوطني والتقسيمات والمؤتمرات الشعبية التي أقرت الميثاق الوطني بصيغته النهائية، وإقرار المؤتمرين في الوقت نفسه استمرار المؤتمر الشعبي العام أداة للعمل السياسي وانتخب الرئيس أميناً عاماً للمؤتمر في 30 اغسطس 1982م وكذا تم اقرار النظام الداخلي للمؤتمر وبرنامج العمل السياسي وتشكلت اللجنة الدائمة للمؤتمر وأمانة سرها واللجان المتخصصة واللجنة العامة.
وأكد الأصبحي أن قيام المؤتمر قد أحدث نقلة نوعية وحد من الصراعات السياسية والعمل الحزبي في الخفاء وكذا الدفع بعمل لجان الوحدة وتشكيل لجنة التنظيم السياسي الموحدة مع نظيره الحزب الاشتراكي اليمني.
الحقائق الخمس
وحول مكانة المجتمع المدني في مضامين الميثاق الوطني، أوضح الدكتور أحمد الاصبحي بأن الميثاق استوعب المجتمع المدني بمفاهيمه الصحيحة.
وقال: ثبتت المقدمة في الحقائق الخمس مبادئ وقيم وأسس بناء المجتمع المدني التي بتوافرها تستقيم نظرة شعبنا الى المستقبل، لافتاً إلى أن تلك الحقائق قد اشتملت على الشورى والديمقراطية والمشاركة الشعبية في صنع القرار وتطبيق العدالة الاجتماعية وترسيخ الوحدة الوطنية ورفض أشكال الاستغلال والظلم.
ثم ذكر بعد ذلك جملة من المعايير التي نص عليها الميثاق الوطني في بابه الأول ومنها: أن مصلحة المجتمع فوق مصلحة الفرد وأن تكون حياة الفرد وكرامته وحريته وأمنه وحقوقه تساوي في أهميتها حياة وكرامة وأمن حقوق المجتمع كله.
- المساواة
- التعاون
- عدم الإضرار بالغير
منظمات المجتمع المدني
وتحدث عن المكانة التي يحتلها المجتمع المدني في برنامج العمل السياسي وأدبياته في المؤتمر.
حيث قال: تطرقت برامج العمل السياسي الى الجوانب التنفيذية والتي تتولى حكومات المؤتمر بأجهزتها التنفيذية تحويلها الى برامج تفصيلية بهدف تنفيذها، والى الجوانب النظرية والتنظيرية والتي تتولى تكوينات المؤتمر الاضطلاع بالتوعية السياسية وتكريسها في السلوك التنظيمي وفي رعايتها في المجتمع بما يعزز مسيرة بناء المجتمع المدني.
مشيراً الى أن هذه المبادئ الميثاقية عملت على إحداث التغيير وتحقيق التقدم المنشود الذي لا يتم الا ببناء المجتمع المدني على أسس سليمة وذلك من خلال تعزيز أوجه الشراكة مع منظمات المجتمع المدني والعمل على تحديد احتياجات التنمية وذلك من خلال تشجيع مشاركة منظمات المجتمع المدني في رسم السياسات ومتابعة تنفيذ الخطط والبرامج التنموية جنباً الى جنب مع الجهات الحكومية المعنية وكذا تعزيز دور هذه المنظمات في نشر الوعي حول القضايا السكانية والحقوقية وقضايا التنمية المختلفة.
الإطار الفكري
أما الورقة الثالثة فقد قدمها الأستاذ طه الهمداني- رئيس دائرة المنظمات الجماهيرية بالمؤتمر الشعبي عضو الأمانة العامة- حيث أكد فيها أن علاقة المؤتمر بمنظمات المجتمع المدني في اليمن لا تنطلق من منظور حزبي،وإنما من رؤيته لحاجة الوطن لبناء المجتمع المدني.
وقال: إن أوجه الدعم الذي قدمه ولا يزال المؤتمر الشعبي العام ورعايته وتنميته للمجتمع المدني لا ينطلق من منظور حزبي أو سياسي وإنما يستند إلى مبادئ المؤتمر وتوجهاته ورؤيته لضرورة وحاجة بناء المجتمع المدني للوطن في ظل النظام الديمقراطي.
موضحاً أن علاقة المؤتمر بالمنظمات الجماهيرية تطورت باستمرار فهو يتعاطى ويتعامل معها من محددات متعددة ترتبط بعلاقة تأثيرية متبادلة وعلاقة تكاملية في إطار دور ووظيفة الحزب السياسي ودور ووظائف الدولة في المجتمع.
وتعود البدايات الأولى للنشاط النقابي في اليمن-كما قال الأستاذ طه الهمداني- إلى منتصف الثلاثينيات، وفي عام 1956م شهدت الحركة النقابية قيام المؤتمر العمالي في عدن الذي شُكّل من مجموعة من التكوينات النقابية بلغ عددها حوالي خمساً وعشرين نقابة، كما شهدت عدن نشاطاًَ بارزاً في تكوين الجمعيات والأندية الاجتماعية ذات الأهداف التعاونية، التي ساهمت مساهمة كبيرة في تجميع أبناء المنطقة الواحدة وإيجاد علاقة تعاون معهم وتمويل إرسال أبنائهم للدراسة في الخارج، وفي خارج اليمن تشكلت منظمات طلابية حيثما وُجدت أعداد كافية من الطلاب اليمنيين مثل اتحاد الطلاب اليمنيين في القاهرة عام 1965م،وبعد قيام الثورة في 26 سبتمبر 1962م بدأ التوجه نحو تشكيل بعض النقابات وغيرها من أشكال العمل الجماهيري في صنعاء وغيرها.
وقسَّم الأستاذ طه الهمداني في ورقته علاقة المؤتمر بالمنظمات الجماهيرية الى ثلاث مراحل تبدأ بعلاقة المؤتمر بالمنظمات عند تأسيسه في العام 1982م ،حيث تشير الورقة إلى أن تأسيس المؤتمر الشعبي العام جاء كصيغة متطورة للعمل السياسي في شمال اليمن -سابقاً- وكإطار أريد له أن يضم مختلف التيارات السياسية وذلك على أثر إقرار» الميثاق الوطني» الذي مثل الإطار الفكري والنظري للمؤتمر، والذي ساهمت في صياغته جميع التيارات السياسية المتواجدة على الساحة اليمنية في ذلك الوقت .
مشيراً إلى أن الميثاق الوطني قد أناط بالمنظمات الجماهيرية أدواراً مهمة وبارزة في بناء الإنسان، وفي مجال التربية والثقافة وحماية واحترام الحريات العامة والإسهام البنَّاء في عملية التنمية وفي جميع المجالات .
ويقول :بعد قيام المؤتمر الشعبي العام ازداد عدد النقابات والاتحادات والجمعيات واتسع نطاقها وتجاوز المدن الرئيسية إلى الأرياف، وضاعفت الدولة من دعمها لها وقدمت لها كافة التسهيلات اللازمة لإبراز نشاطها والتعريف بها وبأنشطتها في مختلف المجالات .
مؤكداً أن المؤتمر نظر إلى المنظمات الجماهيرية، في أدبياته كروافد له، وهذا- كما قال الأستاذ الهمداني- لا يعني المساس باستقلالية أدائها المهني والنقابي، أو التدخل في شئونها بأي شكل من الأشكال، وأضاف: كما تم استحداث دائرة في المؤتمر مهمتها الإشراف على المنظمات وتنشيطها وتوجيهها، وتنقسم هذه الدائرة إلى أقسام متخصصة منها قسم المنظمات الداخلية، وقسم المنظمات الخارجية، وضم قسم المنظمات الداخلية على سبيل المثال عدداً من القطاعات منها القطاع الطلابي والشبابي وقطاع المرأة، ومن خلال هذه الدائرة تم التواصل بين المؤتمر وبين المنظمات الجماهيرية، ومدت المنظمات بأدبيات ووثائق المؤتمر ونظمت لقاءات مشتركة مع قيادات المنظمة وقدم لها الدعم اللازم، ونظمت معها الفعاليات والنشاطات العامة وخاصة في المناسبات الوطنية، كما نظمت معها دورات تأهيلية لإعداد الكوادر القيادية لهذه المنظمات وتم استيعاب عدد كبير من قياداتها ضمن تكوينات المؤتمر التنظيمية، حيث اكتسبت القيادة صفة العضوية في المؤتمر بقرارات صادرة عن قيادته، وفي بعض المنظمات مثل المجالس المحلية للتطوير التعاوني اعتبر العضو القيادي المنتخب فيها عضواً في المؤتمر الشعبي العام بصورة تلقائية .
انجاز الوحدة
أما المرحلة الثانية لعلاقة المؤتمر بالمنظمات فيلخصها الهمداني في دور المنظمات الجماهيرية في جهود إعادة تحقيق الوحدة حيث يؤكد الدور المتميز للمنظمات الجماهيرية في تعزيز مسيرة الوحدة اليمنية فقد شكلت عامل ضغط جماهيري للدفع بالخطوات الوحدوية قدماً والتسريع بإنجاز الوحدة، ولقد برز ذلك جلياً من خلال ما شهدته العديد من المنظمات الجماهيرية والإبداعية من خطوات التوحيد.. بل إن بعض المنظمات كانت قد وحدت نفسها أو نشأت موحدة قبل المباحثات بين النظامين في الشطرين لإعادة تحقيق الوحدة مثل : اتحاد الأدباء والكُتَّاب اليمنيين، والجمعية اليمنية للتاريخ والآثار، والاتحادات الطلابية في الخارج .. وتابع قائلاً:وقد تشكلت قبل قيام الوحدة المباركة لجنة تنسيق عليا للمنظمات الجماهيرية كانت مهمتها توحيد جهود ورؤى تلك المنظمات والدفع بها نحو مزيد من التفاعل مع الخطوات الوحدوية، مما ساهم في انتصار إرادة الجماهير اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م .. ثم حدد الأستاذ طه الهمداني المرحلة الثالثة للعلاقة بين المؤتمر والمنظمات الجماهيرية في مرحلة ما بعد الوحدة التي شهدت فيها مؤسسات المجتمع المدني بعداً جديداً في تطورها وتنامي أعدادها وفاعليتها مع إعادة تحقيق وحدة الوطن وقيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م.
وقال: وترجمة لاهتمام قيادة المؤتمر الشعبي العام بمؤسسات المجتمع المدني وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في عملية التنمية وتكامل أدوراها في الجهود الرسمية فقد تضمن برنامج العمل السياسي للمؤتمر الشعبي العام تأكيد الدور المهم الذي تضطلع به مؤسسات المجتمع المدني، حيث ركز البرنامج على تعزيز أوجه الشراكة معها وإزالة العقبات التي تعترض سير نشاطها والارتقاء بدورها لتتمكن من ممارسة مهامها بوصفها شريكاً رئيسياً في تحديد احتياجات التنمية وتشجيع مشاركتها في رسم السياسات العامة ومتابعة تنفيذ الخطط والبرامج.
وأضاف :واكتسبت العلاقة بين المؤتمر الشعبي والمنظمات الجماهيرية في مرحلة ما بعد الوحدة وفي ظل التعددية السياسية والحزبية طابعاًَ جديداً انسجم مع واقع الحياة السياسية الجديدة في البلاد، فقد كان الاتجاه الذي اتسمت به الحركة الجماهيرية بعد الوحدة يسير نحو وحدة المنظمات الجماهيرية التي كانت قائمة في الشطرين، وتشكيل منظمات موحدة كجزء من العملية التوحيدية للوطن .
ويؤكد رئيس دائرة المنظمات بالمؤتمر أن حزبه واصل جهوده في تعزيز دور المنظمات فقام بدعم الفعاليات الثقافية والنشاطات العامة والندوات والمؤتمرات التي تقيمها المنظمات الجماهيرية بصورة عامة، كما ساهم المؤتمر في تعزيز دور أعضائه في قيادات الاتحادات والنقابات والجمعيات وسهل لهم الاشتراك والإسهام في المؤتمرات والفعاليات التي تقيمها المنظمات المماثلة على المستويين القومي والدولي، وقد ظلت علاقة المؤتمر بالمنظمات الجماهيرية تتخذ طابعاً من التعاون والرعاية والتوجيه والدعم بكل أشكاله وأنواعه لها حتى تتمكن من النهوض بواجباتها بصورة عملية، وقد كان من شأن ذلك تحفيز هذه المنظمات على التفاعل والنشاط الملحوظ، من خلال المشاركة في إحياء الفعاليات والأنشطة النقابية المتصلة بالنشاط العام، وعقد المؤتمرات مما دفع بنشاطاتها وتطور العلاقة فيما بينها من جهة، وفيما بينها وبين المؤتمر الشعبي من جهة أخرى .
ويوضح الاستاذ الهمداني اهتمام المؤتمر بدعم المنظمات من خلال تطوير آليات ذلك الدعم وفقاً لرؤية تعزز من استقلاليتها، قائلاً: لقد ظل المؤتمر الشعبي العام يطور آليات دعمه بمختلف الأوجه لمنظمات المجتمع المدني في سياق المواءمة الدقيقة بين تعزيز استقلاليتها وطغيان الطابع المهني التنموي على دورها وبين تحصين هذه المنظمات من أي انحرافات في أنشطتها أو تحول بعضها إلى منابر حزبية وممارسة العمل الحزبي الضيق على حساب الأهداف التي أنشئت من أجل تحقيقها هذه المنظمات التي غدا لها دور كبير ومهم في الحياة العامة وعلاقة مباشرة في كل قضايا الوطن .
وأضاف رئيس دائرة المنظمات بالمؤتمر في ورقته : وترجمةً للنهج والنظام الديمقراطي والتعددية السياسية والحزبية العلنية فإن المؤتمر الشعبي العام لا يتعامل بانتقائية مع هذه المنظمات فرغم علاقته التعاونية والتنسيقية مع عدد كبير منها وتقديم الدعم والمساعدة لها ضمن حدود وظيفته كتنظيم سياسي، فإنه يتعاطى مع كافة مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني وفقاً للقوانين المنظمة لعملها وأنشطتها والتي توالي تطوير بعض القوانين التي كان معمولاً بها قبل إعادة تحقيق الوحدة وصدور قوانين جديدة فرضتها التطورات والمعطيات في واقع المجتمع المدني ،حيث كان للمؤتمر الشعبي العام دور بارز في إصدار كل هذه القوانين وبمشاركة كل الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني المعنية.
معايير وطنية
وخلص الأستاذ الهمداني في ورقته إلى أن حكومات المؤتمر المتعاقبة لم تنفذ رؤية سياسية للمؤتمر تجاه المنظمات وإنما تمنحها الدعم والرعاية وتذليل الصعوبات والمعوقات التي تقف أمام أنشطتها وتتعامل معها وفقاً للقوانين النافذة ذات الصلة بهذه الأنشطة، وهي قوانين حددت معايير وطنية لتقديم الدعم لأية منظمة بما يضمن استمرار نجاح منظمات ومؤسسات المجتمع المدني في أداء دورها التكاملي مع الحكومة في التنمية الشاملة، وطبقاً لالتزام الحكومة بتنفيذ تلك القوانين والأخذ بتلك المعايير فإنها تدعم منظمات عدة ليس للمؤتمر الشعبي العام علاقة تعاون وتنسيق معها وإنما تخضع هذه المنظمات لتأثير أحزاب وتنظيمات سياسية أخرى .
مؤكداً ان واقع الحياة السياسية الجديدة، والأخذ بالنهج الديمقراطي وخيار التعددية السياسية قد طرح مشكلات جديدة تتعلق باستكمال البناء المؤسسي لمنظمات المجتمع المدني وتطوير التشريعات وتمكينها من أداء نشاطها التخصصي بكفاءة واقتدار وتعزيز البيئة الملائمة لنموها وازدهارها وتعزيز التنافس وحمايتها من الانحراف بها عن أداء الأدوار الأساسية التي أنشئت من أجلها وأن يتم التأكيد قولاً وعملاً على استقلاليتها وأن تبتعد الأحزاب عن محاولة احتوائها.
واختتم ورقته بالقول: وإذا ما تحقق هذا فإن علاقة الأحزاب بها بما في ذلك علاقة المؤتمر ستحدد بصورة أكثر وضوحاً وستتمكن المنظمات من أن تلعب دوراً ريادياً في العمل الجماهيري وبالتالي في العمل الوطني بشكل عام.
أما الورقة التي قدمها استاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء الدكتور عبدالحكيم الشرجبي الذي تحدث فيها عن جهود الحكومة ودعمها لمنظمات المجتمع المدني من خلال البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية وكذا برامج حكومات المؤتمر الشعبي العام، حيث أكد أن البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ علي عبدالله صالح- رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الشعبي العام- يعكس تطلعات المجتمع اليمني للفترة الرئاسية القادمة وتحديداً لمسار النمو الاقتصادي والاجتماعي واتجاهاته.
وقال: يركز البرنامج على عدد من الأولويات أهمها تحقيق تحسن مضطرد في معدلات النمو الاقتصادي ورفع مستوى المعيشة وتحسين نوعية الحياة مع تفعيل منظومة الحكم الجيد وتوسيع دائرة المشاركة في التنمية ويشمل هذا التركيز ايضاً تحقيق التعبئة للموارد واستنهاض الطاقات المادية والبشرية المتاحة.
موضحاً أن البرنامج في الوقت ذاته منبثق من الثوابت الوطنية ومبادئ الدستور، مستوحٍ توجهاته ايضاً من التجديد والتطوير والتحديث حيث يتوخى الانتقال بالوطن الى مرحلة جديدة من البناء والتنمية والتميز والتغيير نحو الأفضل.
وفيما يخص توسيع مظلة الحماية الاجتماعية للمواطنين ومكافحة الفقر في البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية قال استاذ علم الاجتماع: يركز البرنامج على زيادة عدد الأسر المستفيدة من الضمان الاجتماعي ومن كافة المحافظات، زيادة الإعانات النقدية المقدمة للمستفيدين، تأهيل وتدريب الاسر المشمولة بالضمان الاجتماعي على حرف ومهن جديدة، توفير قروض بيضاء للفقراء والمستفيدين، إيجاد برامج موجهة لذوي الاحتياجات الخاصة.
وذلك من خلال افتتاح وتشغيل حدائق للأطفال وإنشاء مراكز التدخل المبكر للإعاقة واستحداث تخصصات مدرة للدخل، وكذا انشاء مراكز ومعارض متنقلة لعرض منتجات الجمعيات وزيادة فعالية المشاركة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني.
تحفيز الجمعيات
بعد ذلك تم استعراض ما ركز عليه البرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس في عدد من الجوانب والمجالات ومنها مجال محاربة البطالة والفقر وتوفير فرص العمل للشباب واليافعين الى جانب استكمال إنشاء بنك الامل للفقراء للإقراض الأصغر، وذلك من خلال تحفيز الجمعيات الأهلية وتشجيعها للعمل في مجال الايتام وإنشاء مكاتب للحماية الاجتماعية أو الرعاية اللاحقة للأحداث في المدن الرئيسية.
كما أعطى البرنامج مسألة إدراج المهمشين اهتماماً كبيراً، وفي هذا السياق يقول الدكتور الشرجبي: تحسين أحوال المهمشين المعيشية من خلال تأهيل وإعادة تأهيل الاطفال المهمشين والاهتمام بحقوق الطفل وتوفير الرعاية لهم واستكمال إنشاء دور رعاية الأحداث في المحافظات وتشغيل مراكز مكافحة التسوّل والتوسع في مشروعات دمج المرأة في التنمية وغيرها.
دعم الجمعيات
وفيما يخص القوانين المتعلقة بالعمل الأهلي، فقد أولاها البرنامج الانتخابي الرئاسي اهتماماً- ووفق ما جاء في ورقة الدكتور الشرجبي- اشتمل على عدد من الاجراءات أهمها تعديل القوانين المتعلقة بالعمل الأهلي والتعاوني وبما يتلاءم وروح العصر، بالاضافة الى دعم الدولة للجمعيات والمؤسسات الأهلية في مجالات أخرى، والمتمثل بالدعم المالي السنوي الذي تقدمه عبر وزارة الشؤون الاجتماعية وكذا تطبيق مبدأ اللامركزية في الاشراف والتشجيع والمتابعة لقضايا العمل الاهلي وتعزيز التعاون مع الصندوق الاجتماعي للتنمية لتوسيع قاعدة البيانات وإنشاء الصناديق والمؤسسات الاجتماعية وتوجيه المؤسسات الاكاديمية للاستجابة للأنشطة الاهلية وتقديم الدعم الفني، الى جانب إقامة البرامج والدورات التدريبية والتأهيلية والتوعوية لكادر العمل الأهلي.
الحريات وحقوق الإنسان
وحول موضوع حقوق الانسان وصيانة الحريات وما تضمنه برنامج الحكومة حيال ذلك أكدت ورقة الدكتور الشرجبي على أهمية هذا الجانب، حيث جاء فيها: لعل ما تضمنه برنامج الحكومة حيال ذلك يؤكد أن هناك تغيراً وتطوراً مستمراً في رؤية الحكومة للمفاهيم والمبادئ المرتبطة بحقوق الإنسان بغض النظر عن العوامل العارضة التي قد تشكل عوائق أمام قيام الحكومة بتنفيذ ما ورد في برنامجها بشكل حرفي وكامل كونها عوامل تشترك في خلقها جهات عدة.
مشيراً الى أنه يمكن التأكيد في هذا السياق على حصول تطور نوعي في رؤية الحكومة لمفاهيم حقوق الانسان.
وقد اختتم استاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء ورقته بالحديث عن جهود الحكومة في دعم منظمات المجتمع المدني في عدة مجالات ومنها مجالا المرأة والطفل، مشيراً الى أن عدد المنظمات المدنية العاملة في مجال المرأة والطفل قد وصلت في عام 2009م الى أكثر من (554) منظمة نسوية وأكثر من (150) منظمة معنية برعاية الطفولة.. الى جانب عمل الحكومة على تغيير وتعديل بعض القوانين التمييزية ضد المرأة وصلت الى (57) قانوناً تحتوى على مواد تمييزية، أهمها حق المرأة المتزوجة بأجنبي في حصول أبنائها على الجنسية وغيرها من التعديلات.




تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 01:21 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-17302.htm