الثلاثاء, 21-سبتمبر-2010
الميثاق نت -    افتتاحية صحيفة الثورة -
سيبقى الإرهاب مهما تنوعت صوره أو تعددت أشكاله أو اختلفت وجوهه، آفة خبيثة ومنبوذة ومجرَّمة من كل ذي عقل سوي، لكونها تتصادم مع كل القيم الأخلاقية والإنسانية والشرائع السماوية، التي تحرم قتل النفس البريئة وسفك الدماء المعصومة والإفساد في الأرض .

ولذلك فإن معركتنا مع الإرهاب وعناصره المتطرفة هي معركة تستمد مشروعيتها من أبعاد دينية ووطنية تتصل بحماية الوطن وأمنه واستقراره وسكينته العامة، من شرور تلك العناصر الموبوءة، التي امتهنت الإجرام بأبشع صوره وحملت معاول الهدم ضد أوطانها ومجتمعاتها، وانساقت في طريق الضلال والانحراف دون أن يردعها أو يزجرها دين أو خُلق أو وازع من ضمير أو قيم .

ويشهد الجميع أن الأجهزة الأمنية ورجالها الأفذاذ والأبطال كانوا بحق العيون الساهرة على أمن هذا الوطن وسلامة أبنائه، حيث استطاع هؤلاء الحراس الأمناء إحباط كل مخططات عناصر الإرهاب ودك أوكارها بضربات استباقية جعلت أولئك المجرمين يتهاوون ويتساقطون أفراداً ومجموعات، فمنهم من لقي حتفه ومصيره المحتوم ليخسر الدنيا والآخرة، ومنهم من تم القبض عليه وينتظر محاكمته أمام القضاء، لينال جزاءه العادل على ما جنته يداه من الفظائع والجرائم والبشاعات، ومنهم من استسلم مُرغماً بعد أن وجد نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الانتحار أو الاستسلام والإذعان لسلطة القانون .

وبكل تأكيد فإن مآل البقية الباقية من عناصر الإرهاب والتطرف هو نفس المصير، إن لم يكن أشد وأنكى من مصير من سبقوها، وما هي إلا أيام حتى تنتهي الأجهزة الأمنية من تطهير بلادنا الطهور من رجس الإرهاب وشرور عناصره الضالة، التي تتم ملاحقتها ومطاردتها على مدار ساعات الليل والنهار، دون هوادة أو كلل أو ملل. ولن تستطيع هذه العناصر الطريدة الإفلات من يد العدالة حتى وإن اختبأت في جحور الفئران، ولا أمل لها في النجاة من تلك النهاية والخاتمة المزرية التي باتت قاب قوسين أو أدنى، فكل المؤشرات تدل على أن الجزاء سيكون من جنس العمل .

وعليه، فإذا كانت أجهزتنا الأمنية ورجالها الأفذاذ قد أثبتوا جدارتهم وهم يدكون أوكار الإرهاب بكفاءة عالية وشجاعة نادرة، فإن هؤلاء الأبطال قد أظهروا أيضاً أنهم على درجة عالية من التأهيل والقدرة على مواجهة مخططات تلك الجماعات السرية وإحباط عملياتها، سواء تلك التي تستهدف اليمن أو غيره من الدول المجاورة أو أي مكان في العالم .

الأمر الذي يتأكد معه أن هذه المعركة التي تخوضها الأجهزة الأمنية وإن كان الهدف الأساسي منها هو حماية أمن واستقرار اليمن ومصالحه العليا وسيادته، فإن هذه المعركة تجسد عملياً أن اليمن لن يسمح على الإطلاق بأن تكون أرضه الحديقة الخلفية للإرهاب الذي لاشك أنه يتربص بأمن جيرانه والأمن الإقليمي والسلم الدولي .

ومثل هذه الحقيقة لاتحتاج منا إلى إثبات لإيماننا في اليمن بأن أمن دول منطقة الجزيرة والخليج منظومة واحدة، كما أن أمن المنطقة هو جزء لا يتجزأ من الأمن والسلم العالمي، واليمن بمثل هذا التعامل الواعي والمسؤول استحق تقدير جميع أشقائه وأصدقائه .

وآخر الشواهد على ذلك ما جاء في رسالة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الموجهة لفخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية، والتي تسلمها يوم أمس أثناء استقباله للسيد جون بيرينان، مساعد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وتضمنت تأكيد الرئيس أوباما على التزام الولايات المتحدة الأمريكية بدعم اليمن الموحد والمستقر والديمقراطي والمزدهر في مختلف المجالات، وبما يسهم في تحقيق مستقبل مشرق يليق بشعبه المضياف وثراء تاريخه وثقافته ذات الجذور العميقة وتقاليده المتميزة وحضارته العريقة التي يُنظر إليها بإعجاب في كل العالم .

وبالقدر الذي عكست فيه رسالة الرئيس الأمريكي المكانة الرفيعة التي يرتادها اليمن على المستوى الدولي، فإنها قد جسدت أيضاً الأهمية البالغة التي توليها الولايات المتحدة الأمريكية كدولة ترعى النظام الدولي الجديد، للشراكة مع اليمن في مختلف المجالات وليس فقط في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب، وهو ما أشارت إليه رسالة الرئيس أوباماوالتي نوهت إلى حرص الولايات المتحدة الأمريكية على دعم ما يحقق الاستقرار الاقتصادي في اليمن وتحسين الأوضاع المعيشية لأبناء شعبه، وذلك عن طريق تبني الولايات المتحدة في اجتماع أصدقاء اليمن بنيويورك، لتأسيس صندوق متعدد الأطراف لدعم اليمن وأولوياته .

على أن هذا التقدير الدولي لليمن لم يأت من فراغ ولكنه استحقاق لهذا البلد الذي صار يتعامل مع كل القضايا كجزء عضوي في الصيرورة العربية ولاعب محوري في المنظومة الدولية وركن أصيل من أركان الحضارة الإنسانية ومسيرتها المعاصرة التي تجابه اليوم العديد من التحديات والأخطار وفي الصدارة منها خطر آفة الإرهاب التي لا دين لها ولا جنسية ولا وطن، وهو ما يستدعي تضافر كل الجهود الإقليمية والدولية في التصدي لهذه الآفة والقضاء على مسبباتها وتجفيف منابعها أينما وجدت وصولاً إلى اجتثاث الإرهاب من جذوره وتخليص العالم من شروره وأفعاله المنكرة لينعم المجتمع الإنساني بالأمن والأمان والرخاء والاستقرار .

سيبقى الإرهاب مهما تنوعت صوره أو تعددت أشكاله أو اختلفت وجوهه، آفة خبيثة ومنبوذة ومجرَّمة من كل ذي عقل سوي، لكونها تتصادم مع كل القيم الأخلاقية والإنسانية والشرائع السماوية، التي تحرم قتل النفس البريئة وسفك الدماء المعصومة والإفساد في الأرض .
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:22 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-17527.htm