الميثاق نت - باجمال- الميثاق نت

الجمعة, 24-سبتمبر-2010
علي عمر الصيعري -
"حقا لقد كانت ثورة سبتمبر، فاتحة تحول تقدمي حضاري عظيم، غيرت مسار الحياة في هذا البلد، ونقلته من عالم التحجر والانغلاق إلى عالم التحول والانطلاق."
بهذه الكلمات عميقة الدلالة، مستنيرة الفكر، لخص الأستاذ عبد القادر باجمال مستشار رئيس الجمهورية، نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام، في كتابه القيم" نحو ثقافة الحوار"، لخص نظرته لمفهوم فلسفية الثورة السبتمبرية الأم، داعيا إلى تقييم هذه التجربة الوطنية اليمنية، وابعادها القومية والاجتماعية والإنسانية والشعبية، وبالدرجة الأساسية كل عناصر البناء الموضوعي للثورة.

ويرى الأستاذ باجمال إن أهم مقومات وعناصر ثورة 26 سبتمبر 1962م، هي أنها انطلقت من الإرادة الشعبية الأوسع نطاقا، والتي أدت إلى تغيير كامل في " المضمون والشكل"، هذا الاعتماد على الإرادة الشعبية عرفه باجمال ب" التمهيد الفكري" و " الخلفيات المساندة" بقوله: "فالتمهيد الفكري ضروري لأي ثورة من الثورات، لكي تبرر هذه الثورة تبريرا شعبيا حضاريا ثقافيا عند جميع الناس،وبالتالي لا تكون الثورة ناجحة إلا إذا استندت إلى هذا الزخم الفكري والثقافي والتعبير الحر عن المواطن"، رابطا بين هذا التمهيد أو الزخم الفكري المسنود بالإرادة الشعبية،وبين كونها انقلابا فكريا لبناء مجتمعي ودولة حديثة مغايرة للدولة السابقة التي قامت على أساس فكري متخلف..

ومن هذه المنظور لثورة 26 سبتمبر على قاعدة قيامها من أجل التغيير الكامل في " المضمون و الشكل"يخلص الأستاذ باجمال إلى أسباب فشل ثورة 1948م لمخالفتها مقومات وعناصر الثورات الناجحة. حيث اقتصرت على طابع فكري بحت بعيدا عن آلية التغيير الكامل في نظام الحكم الأمامي، إذ يقول :" فالتدرج الذي حصل في فكر ثورة 48م أخذ طابعا موسوما بفكر مرتكز على رؤية أملتها الظروف حينها.. حيث رأوا للضرورة أن تكون الإنطلاقة الثورية مرحلة انتقالية تبدأ بما يسمى بالملكية الدستورية. ولأن هذا الإطار منحصر في آلية الدولة القادمة، بعد نجاح الانقلاب الثوري، فقد هز هذا الإطار نفسه بنفسه، ولم تحظ ثورة 48 بزخم شعبي، لأن التغيير كان سيقود إلى نفس النظام"

ويدحض الأستاذ باجمال نظرة الاعتقاد عند البعض بعبثية إبقاء الإعلام الرسمي على " أهداف الثورة " بارزة في وسائله مرجعين ذلك إلى أنها – أي الأهداف- لم تتحقق في ارض الواقع مادام الإعلام يواصل ابقائها في وسائله، فيقول: " هناك تعسف كبير في إطلاق بعض الاحكام، وأنا اعتقد إن فترة الجمود الطويلة التي عاشتها اليمن تجعلنا بحاجة لان نتذكر هذه الأهداف إلى مائة عام قادمة لتؤكد العلاقة الأساسية بين الفكر والثورة". ويفسر ما ذهب إليه بكونه لا يوجد هدف من الأهداف مقيدا بشروط حتى يقال إن هذا الهدف قد تحقق عندما نصل إلى تطبيق شروطه فننقصه من جملة الأهداف.

وقد بنى استنتاجه هذا على :" أن هناك أهدافا مجردة ومتجددة بتعاقب الأجيال والأزمان، فهي غايات كبيرة ينبغي أن نسعى جميعا إلى تحقيقها، وإلا في هذه الحالة إذا قيل أن أهداف الثورة قد تحققت، فلا يوجد مبرر للاحتفال بالثورة سنويا" ثم يضرب لهم مثلا باحتفال الفرنسيين بثورتهم إلى يومنا هذا متسائلا: هل نقول لهم لقد أنجزتم ثورتكم ولا داعي للاحتفال بها؟!!

ويرى الأستاذ باجمال، في مفهومه الفلسفي لثورة 26 سبتمبر أنها نضال متواصل من كل النواحي الفكرية والثقافية والتعليمية والبناء الاقتصادي والاجتماعي وجانب العلاقات الحياتية للناس،تغذيه المعاني الراسخة والثابتة يوما عن يوم نحو الأفضل والأحسن في أوساط الشرائح الاجتماعية ككل، فيضرب لنا مثلا عظيما على تواصل واستمرارية عطاءات الثورة وتحقيق أهدافها بمنجز الوحدة اليمنية، التي تحققت بعد 28 عاما من قيام ثورة 26 سبتمبر، فيقول:

" واليوم عندما نقول أن الثورة أنجزت ما أنجزته فلا يعني أن ذلك تم بمجرد إعلانها، فقد ظلت قبل 22 مايو 1990 تفتقد معانيها الحقيقة، لأن الفكرة الوطنية في الوحدة ظلت دون تحقيق، حالت دون إنجازها مجموعة من العوامل المحلية والخارجية حتى اكتملت صورة الفكر الوطني أكثر فأكثر في هذا المنجز العظيم الذي هو الوحدة، وما من شك أن هذا منجز سياسي كبير جدا وفكري جدا" ( الكتاب – ص54)

• قال الشاعر:
يوم من الدهر لم تصنع أشعته
شمس الضحى، بل صنعناه بأيدينا

[email protected]
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:29 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-17559.htm