الإثنين, 11-أكتوبر-2010
‬عبدالله‮ ‬عمر‮ ‬باوزير -
يتجاهل البعض من قيادات الاحزاب والتنظيمات السياسية أن الديمقراطية نظام سياسي له مبادئ وآليات من الإجراءات والسياسات والمؤسسات التي تنظم عملها في حماية الحقوق العامة للمجتمع، وبالتالي حقوق أفراده في مناشطهم الفكرية والثقافية والاقتصادية والسياسية. الفردية‮ ‬والجماعية‮ .. ‬التنظيمية‮ ‬والسياسية‮ ‬الى‮ ‬آخر‮ ‬تلك‮ ‬الحقوق‮.. ‬التي‮ ‬يتمتع‮ ‬بها‮ ‬الفرد‮ ‬والجماعة‮ ‬في‮ ‬الدولة‮ ‬الديمقراطية‮. ‬وهي‮ ‬حقوق‮ ‬لكنها‮ ‬ليست‮ ‬مطلقة‮.‬
تلك الحقوق للأفراد والمجتمعات - السياسية والمدنية لها حدود كذلك قيود تحددها حقوق المجتمع وتقيدها القوانين - المستمدة من الدستور ومبادئه وأحكامه المنظمة للعلاقات بالسلطات الحاكمة ومؤسساتها - التنفيذية والتشريعية والقضائية وعلاقاتها في الدولة الديمقراطية التي ينظمها الدستور - الذي يعد قانون الدولة - الديمقراطية الأول.. أو العقد الاجتماعي المنظم لعلاقة الحاكم بالمحكوم وبالعكس هو الذي يميز »دولة القانون« ونظامها السياسي - الديمقراطي عن الدول ذات النظم - الشمولية - حزبية أو بوليسية، ملكية أوجمهورية بحسب تصنيف وفتاوى‮ ‬فقهاء‮ ‬الفقه‮ ‬الدستوري‮.‬
لأن الدولة ذات النظام الديمقراطي .. هي »دولة القانون« وهذا لا يعني أن الأنظمة الشمولية -في الدول ذات النظم الكليانية لا يوجد فيها القوانين بل ودساتير الفرق بين الأولى والأخيرة هو في قوانين التي تحكم المجتمع ويخضع لأحكامها الحاكم والمحكوم ، حيث يتساوى الجميع‮ ‬أمامها‮ ‬دون‮ ‬تمييز،‮ ‬ويلتزم‮ ‬بقواعدها‮ ‬وآليات‮ ‬تنفيذها‮ ‬الجميع‮ ‬ومنها‮ ‬يستمد‮ ‬الحاكم‮ ‬سلطته،‮ ‬وبموجبها‮ ‬يمارس‮ ‬الفرد‮ ‬والمجتمع‮ ‬حقوقه‮.. ‬وبموجبها‮ ‬يمارس‮ ‬الشعب‮ ‬سلطته‮.‬
- نحن في اليمن جربنا وعانينا الكثير من الأنظمة الكليانية - الإمامية والسلطانية، والشمولية - الوطنية والايديولوجية ومررنا بمراحل قاسية وصراعات دامية بل وتشرد مذل خارج وطننا !! قبلنا به ووجدنا فيه ما هو أهون من إذلال الوطن.. حيث الانتماء الى أسرة وعشيرة ومجتمع اصبح فقدان كرامة أي فرد من أفراده.. هدراً لكرامة كل الشرائح الاجتماعية في الوقت الذي كان مثل »يا غريب كن أديب«.. بمثابة الشماعة التي تحملت إذلال الغربة من وطن اغترب وفقد كل ملامحه وقيمه وتقاليده.. وجميعنا يذكر ولا أظن أحد قادر على نسيان تلك المراحل - حاكماً‮ ‬أومحكوماً‮ - ‬قبل‮ ‬أن‮ ‬تجب‮ ‬الوحدة‮ ‬ما‮ ‬قبلها‮ ‬في‮ ‬22‮ ‬مايو‮ ‬1990م‮.. ‬ولكن؟‮!‬
لكن لماذا كل هذا الزعيق وذلك النعيق الذي تمارسه قيادات وجماعات البعض منهم ما كان ليستطيع ممارسة حق الاعتراض بل مراجعة أي مؤسسة من المؤسسات الامنية او القضائية.. بل والتعليمات والتوجيهات الخارجة حتى على تلك القوانين لنظامه الشمولي من قيادات المجموعة الحاكمة آنذاك؟!.ومن هؤلاء معظم القيادات الحزبية المصرة على تذكيرنا بماضٍ غادرناه إلى راهن لم تعد فيه المواطنة والحقوق مرهونة برأي أو قرار يصدره الحاكم أو قانون يفصله المكتب السياسي لإخضاع الشعب - كل الشعب أفراداً وجماعات لرغباته أو لتوجهات نظامه؟ في هذه المرحلة وبعد عشرين سنة من الوحدة والحرية السياسية والفكرية وفي ظل دولة القانون ونظامها السياسي الديمقراطي التعددي الذي أعطى السلطة للشعب.. باعتباره مالكها، ومفوضها بموجب احكام ومبادئ الدستور والقوانين المنظمة لسلطة الدولة.
نعم لماذا هذا الإصرار على إعاقة بناء الدولة اليمنية الحديثة؟ وترسيخها على أسس وقواعد دولة القانون وهو أي القانون الحاكم للجميع سلطة ومعارضة وبهذا المعنى - علينا جميعاً تقع مسؤولية العمل على ترسيخ الأمن والاستقرار والعدالة وبالتالي توفير بيئة لاستثمار مواردنا الطبيعية، وتطوير مواردنا الاجتماعية وتنظيم مؤسسات الدولة وتحديثها على أسس خدمية.. لا سلطوية مع توفير التعليم والرعاية الصحية وإيجاد نظام للضمان الاجتماعي والرعاية الصحية - هذه مسؤولية سياسية لا تلغي مسؤوليات الحكومة عن توفير مناخات اقتصادية - مناسبة مع أداء‮ ‬إداري‮ ‬فاعل‮ ‬وقادر‮ ‬على‮ ‬جذب‮ ‬الاستثمارات‮ ‬المباشرة‮ ‬في‮ ‬الموارد‮ ‬الطبيعية‮ ‬والاجتماعية‮ - ‬لإحداث‮ ‬نمو‮ ‬اقتصادي‮ ‬مضطرد‮ ‬وهذه‮ ‬مسؤولية‮ ‬وطنية‮ - ‬سياسية‮ ‬ولا‮ ‬يعني‮ ‬ذلك‮ ‬عدم‮ ‬محاسبة‮ ‬الحكومة‮ ‬ومراقبة‮ ‬أدائها‮.‬
< أنا هنا لا أطالب.. بمثالية سياسية، وأدرك أن هناك الكثير من رواسب الماضي الشمولي وإنما أجد أنا قد حققنا الكثير منذ تحقيق الوحدة والديمقراطية ورغم الموروث السياسي والايديولوجي وقطعنا مسافة على طريق توسيع بل وترسيخ المشاركة الشعبية وتنظيمها في أحزاب وتنظيمات سياسية لإتاحة الفرص أمام الشعب للمشاركة في وضع وتنفيذ القوانين من خلال مؤسساته السيادية الدستورية وسلطاتها - التشريعية والتنفيذية والقضائية، مع دور سلطاتها الرقابية بما فيها المحلية من خلال العمل المستمر والمواكب لتطوير النظم والضوابط القانونية، ومنع تداخلها‮ ‬حتى‮ ‬لا‮ ‬تفقد‮ ‬هدفها‮ ‬الرئيسي‮ ‬تحقيق‮ »‬المصلحة‮ ‬العامة‮«.‬
كل ذلك لابد وأن يكون أمام الحوار الوطني وهو مسؤولية سياسية ووطنية بدون شك.. المسؤولية السياسية ليست مسؤولية حزب يحكم فقط بل مسؤولية كل تنظيم سياسي، وإن كان من مسؤوليات الحزب الحاكم إدارة سلطة الدولة في إطار سلطة القانون.
تلك مسؤولية - الحزب الحاكم مؤقتة لإدارة سلطة الدولة في النظام الديمقراطي - ولا تعفى احزاب المعارضة عن مسؤولياتها الوطنية السياسية، كما لا تعفى مؤسسات الدولةعن محاسبة الاحزاب وإيقاف اندفاعها خارج حدود القوانين وعدم التقيد به، الى حد ما وصلنا معه الى عدم التفريق‮ ‬بين‮ ‬السلطة‮ ‬والعمل‮ ‬السياسي‮..‬
فهل يتجاهل الحزب الحاكم ايضاً مسؤولياته في إدارة الدولة والمجتمع؟َ ومنها التزامه بتنفيذ القانون في إطار الضوابط والإجراءات والسياسات التي تتصل بالمؤسسات المختصة .. والعمل في إطارها لتجسيد سلطة الدولة.
لأجل ذلك.. يجب أن نتحاور، فمعارض اليوم هو حاكم الغد وإلا ما مبرر وجوده؟ ما مدى مسؤولياته تجاه تحديات هذه المرحلة بكل ما تتطلبه من جهود سياسية ومسؤوليات وطنية لبناء وترسيخ دولة القانون في مجتمع يتطلع الى مغادرة ماضٍ أعاق مسيرته بالأمس، ويعمل البعض على رفع تراكماته‮ ‬في‮ ‬طريقه‮ ‬أمام‮ ‬الجميع‮ ‬دون‮ ‬أن‮ ‬نتساءل‮ ‬أين‮ ‬هي‮ ‬سلطة‮ ‬الدولة؟
> بل هي ديمقراطية وحقوق تتراجع فيها المسؤوليات وتفقد المعارضة دورها البنّاء في تحديث الدولة وترسيخ بنيانها الوطني والقانوني في الوقت الذي تتراجع الحكومة والمؤسسات الدستورية عن محاسبة المؤسسات الموكل لها حماية حقوق المواطنين أمام رغبات السياسيين.{
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:17 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-17796.htm