الإثنين, 11-أكتوبر-2010
الميثاق نت -  أحمد‮ ‬مهدي‮ ‬سالم -
فطرتْ طبائع الناس على الطيبة وجبلُوا على حُسن الظن والتفاؤل بالخير القادم من أي حوارات أو وعود أو مؤتمرات أوحزمة مشاريع وغيرها، ويكون الواقع هو الاختبار الحقيقي لتنفيذ الوعود، وتعزيز المصداقية وتأكيد ربط الافعال بالأقوال.
والمواطن‮ ‬اليمني‮.. ‬كُبرَ‮ ‬على‮ ‬التغرير‮ ‬به،‮ ‬والضحك‮ ‬عليه،‮ ‬والعزف‮ ‬النشاز‮ ‬على‮ ‬وتر‮ ‬مشاعره‮ ‬المرهف‮ ‬لتحقيق‮ ‬غايات‮ ‬شيطانية‮ ‬عبر‮ ‬بوابة‮ ‬معاناته‮ ‬الاليمة‮.‬
المؤتمر الشعبي العام..ما حققه كحزب حاكم.. معروف لكل الناس في الداخل والخارج ، وما أخفق فيه.. كذلك ملموس ولا أزكيه.. تزكيه أعماله ومنجزاته الشاهدة على تحول حضاري وسياسي في تاريخ اليمن المعاصر، أما المشترك فحالته غريبة هو يضم توليفة عجيبة من أحزاب وتنظيمات تخبئ تحت الطاولة وفي الملابس الداخلية الحراب المسمومة للفتك ليس بالمؤتمر بل برفقائهم من الأحزاب داخل صندوق المشترك إذا حانت الفرصة فتظهر المخالب الباطشة والأنياب الحادة بدلاً من ضحك السنون الذي يخفي نفوساً معبأة بالأحقاد الدفينة، لاحظ مرجعياتهم مختلفة وخليفاتهم‮ ‬الايديولوجية‮ ‬متناقضة‮ ‬ومتضادة‮ ‬وكثيرة‮ ‬هي‮ ‬المرات‮ ‬التي‮ ‬يصرّح‮ ‬فيها‮ ‬مثلاً‮ ‬قائد‮ ‬أو‮ ‬ممثل‮ ‬حزب‮ ‬منهم‮ ‬فيعارضه‮ ‬آخرون‮ ‬من‮ ‬داخل‮ ‬الفصيل‮ ‬نفسه،‮ ‬واتهامه‮ ‬بأنه‮ ‬يعبر‮ ‬عن‮ ‬وجهة‮ ‬نظر‮ ‬حزبه‮ ‬فقط‮.‬
ويرى مراقبون أن قيادات في المشترك بلا رصيد وبدون وحدات وبطارياتهم تكمل بسرعة، وتتطلب إعادة شحن.. رؤوسهم خاوية الا من بهارات التعبئة الخاطئة القادمة من وراء الحدود أو من خلف جدران الغرف المغلقة التي يطبخون في ظلامها الدامس المؤامرات والدعايات والتحريضات.. ثم‮ ‬يجري‮ ‬تعميمها،‮ ‬وللأمانة‮ ‬تنتشر‮ ‬وتلقى‮ ‬من‮ ‬يستقبلها‮ ‬ويذيعها‮ ‬بين‮ ‬أوساط‮ ‬الناس‮ ‬في‮ ‬ظل‮ ‬الضائقة‮ ‬المعيشية‮ ‬التي‮ ‬تمر‮ ‬بها‮ ‬البلاد‮ ‬مثل‮ ‬معظم‮ ‬البلدان‮ ‬المماثلة‮.‬
ومن كثر جولات الجدل والمناظرة وصنع الأزمات أصبحت انفاسهم قصيرة يتعبون بسرعة ولا يتمكنون من إكمال الماراثون وعندما تسأل متعجباً تأتيك تبريرات كثيرة، وإجابات عديدة بالمناسبة هم فرسان التبريرات الواهية وجهابذة التنظيرات الخاوية وأساتذة الأكاذيب العارية، فكانت‮ ‬هذه‮ ‬النتيجة‮ ‬المزعجة‮ ‬الأراجيف‮.‬
وحتى لا نكون متشائمين من إصلاح احوالهم وتصويب مساراتهم ندرك من البداية أن المشترك سيمارس التسويف والمماطلة، وسيهدر أوقاتاً كثيرة - وقد أضاعها- في سفطات كلامية ومزايدات حزبية، ومهاترات شخصية، ومطالبات تعجيزية لأنه يعاني من تناقض داخلي وتململ مناطقي، وتحسس مذهبي‮.. ‬فلا‮ ‬يدري‮ ‬ماذا‮ ‬يريد؟‮ ‬وعلى‮ ‬أي‮ ‬أساس‮ ‬يحاور؟‮!‬
مع الاعتراف أنّ الجامع المشترك الوحيد لتكتل المشترك.. هو العداء للوطن، للوحدة، للنظام القائم، وهناك فرق بين أن تعارض وتهاجم النظام والحكومة، وبين أن تمس مقدسات الوحدة والوطن والحكومة تتغير، النظام السياسي يتبدل لكن الوحدة تبقى شامخة والوطن لا يتغير.
الوطن‮ ‬قيمة‮ ‬انسانية‮ ‬عظيمة،‮ ‬وانتماء‮ ‬عميق‮ ‬وراسخ‮.. ‬رسوخ‮ ‬الجبال‮ ‬الشوامخ‮.‬
‮ ‬ألم‮ ‬يقرأ‮ ‬هذا‮ ‬التكتل‮ ‬سيرة‮ ‬المناضل‮ ‬الكبير‮ ‬والشاعر‮ ‬الرائع‮ ‬محمد‮ ‬محمود‮ ‬الزبيري‮ ‬الذي‮ ‬قضى‮ ‬أزهى‮ ‬سني‮ ‬شبابه‮ ‬في‮ ‬المنافي؟‮ ‬ألم‮ ‬يسمعوه‮ ‬وهو‮ ‬يقول‮ ‬في‮ ‬صوت‮ ‬مدوٍ‮ ‬مجلجل‮ ‬يهز‮ ‬النفوس‮ ‬هزاً‮.‬
‮ ‬بحثت‮ ‬عن‮ ‬هبةٍ‮ ‬أحبوك‮ ‬يا‮ ‬وطني
فلم‮ ‬أجدْ‮ ‬لك‮ ‬إلا‮ ‬قلبي‮ ‬الدامي
إذاً. لماذا يتمادى المشترك في العبث بالوطن، وتعميق جراحه وإغلاق الأبواب أمام بوادر الانفراج؟! وكلمة الى المتساهلين: لماذا السكوت على هذا التردي المخيف للأوضاع وغض النظر عن تجاوزات المشترك بل تركه يسرح ويمرح ويلعب ويحرّض ويكتّل دون وجود خطاب يردعه ومساءلة تؤنبه‮ ‬وعقول‮ ‬تحاججهُ‮ ‬وتعيده‮ ‬الى‮ ‬جادة‮ ‬الصواب‮ ‬وسواء‮ ‬السبيل؟
وكذا‮ ‬تنظر‮ ‬في‮ ‬المطالب‮ ‬المعقولة‮ ‬وتنفذها‮ ‬بدون‮ ‬تباطؤ،‮ ‬أما‮ ‬مطالب‮ ‬الابتزاز‮.. ‬ترميها‮ ‬في‮ ‬سلة‮ ‬المهملات‮.‬
كثيرون شعروا وهم يشاهدون المشترك يتصرف وكأنه الحزب الحاكم للبلد والفائز بالانتخابات.. يأمر وينهي، ويقبل ويرفض ويوقف أو يهدد بالايقاف لأي شيء لم يعجبه وكأنه لم تكن هناك ديمقراطية وانتخابات ..منح فيها الشعب صوته للمؤتمر.
‮ ‬تكفينا‮ ‬المعاناة،‮ ‬وبشاعة‮ ‬الاسعار،‮ ‬وقتامة‮ ‬المستقبل،‮ ‬ونريد‮ ‬من‮ ‬المشترك‮ ‬ألاّ‮ ‬يضاعف‮ ‬جراحاتنا،‮ ‬وأن‮ ‬ينتصرللوطن‮ ‬ومصالحه‮ ‬ويحافظ‮ ‬على‮ ‬مقدسات‮ ‬الوحدة‮ ‬ويدعنا‮ ‬نعيش‮ ‬في‮ ‬أمان‮ ‬وهدوء،‮ ‬فتكفي‮ ‬المصائب‮ ‬الاخرى‮.‬
ما‮ ‬أروع‮ ‬الأمان‮ ‬والسلام‮ ‬الداخلي‮ ‬والرضى‮ ‬النفسي،‮ ‬والوئام‮ ‬المجتمعي‮!‬
وما‮ ‬أبشع‮ ‬سريان‮ ‬الحقد‮ ‬والبغضاء‮ ‬وسموم‮ ‬الكراهية‮ ‬بين‮ ‬الأخوة‮.. ‬بين‮ ‬الناس‮ ‬الطيبين‮ ‬الذين‮ ‬يربطهم‮ ‬نسيج‮ ‬مجتمعي‮ ‬متماسك‮ ‬وعقد‮ ‬اجتماعي‮ ‬متين‮ ‬وإرث‮ ‬حضاري‮ ‬عظيم‮!‬
قبل‮ ‬الختام
إذا كانت الحوارات المكثفة التي سبقت قد قادت الى إنتاج وثيقة الكذب والنفاق، وثيقة الحرب والانفصال التي أشعلت حرباً خطيرة ، وأخمدها الشعب في ملحمة 7 يوليو 1994م بعد مآثر بطولية، فإن الخوف ان تؤدي هذه اللقاءات والحوارات المتعددة الى حرب أخرى، أشد ضراوة، ولهذا‮ ‬العقلاء‮ ‬مطلوب‮ ‬حضورهم‮ ‬في‮ ‬الحال‮.‬،
آخر‮ ‬الكلام
قومٌ‮ ‬إذا‮ ‬الشرُّ‮ ‬أبدى‮ ‬ناجذيه‮ ‬لهمْ
طاروا‮ ‬إليه‮ ‬زرافاتٍ‮ ‬ووحدانا
‮- ‬قريظ‮ ‬بن‮ ‬أُنيف‮
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:12 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-17798.htm