الإثنين, 18-ديسمبر-2006
الجانب الآخر في حياة فقيد الوطن أحمد يحيى العماد وكيف كانت طبيعة علاقاته بأبنائه وما تركه من مآثر ومناقب على صعيد علاقاته الأسرية وكيف استطاع بجدارة ان يكون أباً مثالياً كما كان مثالاً يُضرب به في تعامله مع الشأن العام.. وماذا يقول أبناؤه عنه وبماذا سيفتخرون‮ ‬به‮ ‬من‮ ‬ذكرى‮ ‬ومسيرة‮ ‬ابيهم‮ ‬النضالية‮..‬
تساؤلات‮ ‬كان‮ ‬لـ‮»‬الميثاق‮« ‬ان‮ ‬وجهتها‮ ‬للنجل‮ ‬الأكبر‮ ‬للفقيد‮ ‬الراحل‮ ‬الأخ‮ ‬الدكتور‮ ‬عادل‮ ‬أحمد‮ ‬يحيى‮ ‬العماد‮ ‬الذي‮ ‬تحدث‮ ‬بكل‮ ‬شجون‮ ‬عن‮ ‬مسيرة‮ ‬والده‮.. ‬وكانت‮ ‬لنا‮ ‬معه‮ ‬الحصيلة‮ ‬التالية‮:‬
التقاه‮/ ‬يحيى‮ ‬نوري
> في البدء اعرب الدكتور عادل العماد عن امتنانه وتقديره وشكره العميقين لفخامة الأخ علي عبدالله صالح رئىس الجمهورية رئىس المؤتمر الشعبي العام الذي كان له ان أولى فقيد الوطن رعاية واهتماماً كاملين خلال فترة مرضه وهو الأمر الذي تجلى بوضوح عند الزيارة الكريمة الإنسانية‮ ‬التي‮ ‬قام‮ ‬بها‮ ‬للفقيد‮ ‬عندما‮ ‬كان‮ ‬على‮ ‬سرير‮ ‬المرض‮ ‬في‮ ‬المستشفى‮..‬
واستطرد قائلاً: إن هذه الرعاية الكريمة للأخ الرئىس يعجز اللسان أن يتفوه بكلمة لهول ما فجعنا به، ولكن لايسعنا إلاَّ أن نحمد الله تعالى على قضائه وقدره فهو سبحانه الذي لايحمد على مكروه سواه و»إنا لله وإنا إليه راجعون«.
أبٌ‮ ‬مثالي
‮> ‬حياة‮ ‬المناضل‮ ‬أحمد‮ ‬العماد‮ ‬على‮ ‬صعيد‮ ‬أسرته‮ ‬علاقاته‮ ‬بأبنائه‮ ‬وأحفاده‮- ‬ماذا‮ ‬تقولون‮ ‬عن‮ ‬ذلك؟
- لقد كان والدي- رحمه الله- أباً مثالياً وجداً حنوناً فقد حرص في تربيته لنا على ترسيخ المبادئ والمثل ابتداءً من النشأة الصالحة والوسطية والبعد عن أية مغالاة والتحلي بمكارم الأخلاق وانتهاءً بالتحفيز على نهل المعرفة والتميز في العلوم التجريبية ولذلك تجد أن أولاده الأربعة (9 أبناء وابنة واحدة) جميعهم من حملة الشهادات العليا بل أن اثنين منهم من حملة شهادة الدكتوراه وفي اختصاصات نادرة، فأنا أحمل دكتوراه في الإدارة الصحية واقتصاديات الصحة وأخي (د. شفيق) يحمل دكتوراه في الطب الباطني، وما كان لنا أن نصل إلى بعض ما وصلنا‮ ‬إليه‮ ‬لولا‮ ‬مشيئة‮ ‬الله‮ ‬بأن‮ ‬سخر‮ ‬لنا‮ ‬أباً‮ ‬أفنى‮ ‬حياته‮ ‬ليحيا‮ ‬الآخرون‮.‬
تحفيز‮ ‬بلا‮ ‬حدود
‮> ‬ما‮ ‬الذي‮ ‬استفدتم‮ ‬من‮ ‬الفقيد‮ ‬واسهاماته‮ ‬في‮ ‬العمل‮ ‬الوطني‮..‬،‮ ‬وبماذا‮ ‬تفخرون‮ ‬من‮ ‬اشراقات‮ ‬الفقيد‮ ‬على‮ ‬صعيد‮ ‬العمل‮ ‬الوطني؟
- ربما يصبح سؤالك أسهل لو سألت ما الذي لم تستفيدوه منه لأن كل جزئية في حياتي وحياة إخواني هي نتاج جهد والدنا الغالي فهو سبب لوجودها (سواءً بأسلوب مباشر أو غير مباشر) ولكي أوضح لك الصورة فيكفي أن تعلم أن أخي الذي بقي له شهور للحصول على شهادة دكتوراه أخرى في الكلى (بعد حصوله على شهادة الدكتوراه في الباطنية) لم يمنع نفسه من التساؤل بعد مرض والدي رحمه الله- مرض الموت- لم يعد هناك مبرر لإنهاء الشهادة الأخرى طالما أن والدي لن يعرف ويسعد بذلك وبالتالي فإن لك أن تتخيل مدى التحفيز الذي كان يمثله والدنا رحمه لله لنا.
أما عن الاسهامات الوطنية للوالد رحمه الله فإنكم ستجدون مختصين يدونون ذلك للتاريخ سواءً في دوره العسكري من خلال المناصب القيادية التي تقلدها، أو في دوره السياسي والفكري والحزبي وهنا أردد لك عبارة سمعتها من كثيرين وهم يعزون بوفاة والدي رحمه الله حيث يهمسون في إذني »يكفيكم يا أبناء أحمد العماد فخراً أن والدكم هو أحمد العماد«، وما أصدقها من عبارة فنحن نفخر بدوره رحمه الله في كل موقع تقلده بل لقد أتعب من بعده في كل موقع لجده وتفانيه ومثابرته حيث عجز كل أحد أن يملأ موقعه فقد كان في مواقع مسؤولياته العديدة أباً لكل‮ ‬من‮ ‬عمل‮ ‬تحت‮ ‬إدارته‮ ‬ومما‮ ‬يؤكد‮ ‬ذلك‮ ‬أن‮ ‬من‮ ‬عملوا‮ ‬معه‮ ‬لم‮ ‬يتخلفوا‮ ‬يوماً‮ ‬واحداً‮ ‬عن‮ ‬زيارته‮ ‬أيام‮ ‬مرضه‮ ‬وفاءً‮ ‬منهم‮ ‬لرجل‮ ‬كان‮ ‬نعم‮ ‬الأب‮ ‬لهم‮ ‬جميعاً‮.‬
محبة‮ ‬وإيثار
‮> ‬ما‮ ‬النصائح‮ ‬التي‮ ‬قدمها‮ ‬الفقيد‮ ‬لكم‮ ‬في‮ ‬الأسرة‮..‬؟‮ ‬وماذا‮ ‬استفدتم‮ ‬من‮ ‬ذلك؟
- كثيرة تلك النصائح التي اكتسبتها من الفقيد العظيم وليس بالضرورة أن تكون جميعها نصائح يقولها بل لقد كانت كثير من نصائحه لنا من خلال الممارسات العملية التي كان يقوم بها فكانت دروساً أبلغ- واسمح لي هنا أن أسوق لك مثالاً- فقد كان براً بإخوته وأرحامه أمراً يثير الدهشة فهو يعنى بأمورهم أكثر من عنايته بأمور نفسه، فرسخ هذا الأمر في أبنائه ولذلك وجدتني أضرب لك مثلاً عن أخي في السؤال السابق مع أني مررت بحالة مشابهة لكنه رسخ بين أبنائه المحبة والإيثار حتى جعلني أتحدث عن أخي بمتعة تفوق الحديث عن نفسي، وهذا مثل بسيط ولكن إذا طلبت مني أن أسرد لك النصائح التي أصداها لنا- رحمه الله- فإن صفحات هذه الجريدة لن تكفي، ولكن جوابي على ذلك سيكون عملياً كما كانت معظم نصائح والدنا- رحمه الله- عملية، فالأيام القادمة ستجعل منها- بإذن الله تعالى- برهاناً أننا أهل أن نكون أبناء ذلك العملاق‮ ‬وذلك‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬التميز‮ ‬والإبداع‮ ‬لأبنائه‮ ‬كل‮ ‬في‮ ‬مجاله‮- ‬إذا‮ ‬مد‮ ‬الله‮ ‬في‮ ‬أعمارنا‮- ‬وعندها‮ ‬تصبح‮ ‬الأعمال‮ ‬أبلغ‮ ‬من‮ ‬كل‮ ‬مقال‮.‬
مكتبة‮ ‬زاخرة
‮> ‬ماذا‮ ‬عن‮ ‬علاقة‮ ‬الفقيد‮ ‬بالمكتبة‮ ‬الوطنية‮ ‬وما‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يشده‮ ‬للمطالعة‮ ‬والمتابعة‮ ‬في‮ ‬أضابير‮ ‬الكتب؟
- لا أذكر طوال حياتي أني رأيت والدي- رحمه الله- وليس بيده أو على الأقل بجواره كتاب يقرأه أو مقاله يتفحصها أو ملاحظات يكتبها، وإذا كان الكثيرون لديهم مكتبات ضخمة في بيوتهم فإن والدي- رحمه الله- وكما يعلم الكثيرون من محبيه لديه مكتبات في كل زاوية في بيتنا وأكبر هذه المكتبات والتي تضم عشرات الآلاف من العناوين في غرفة نومه الخاصة وفي ذلك دلالة على مدى التصاقه بالكتاب، وقد كان يحب قراءة كتب الشعر والأدب والسياسة والفكر والتاريخ والسير، ومن النادر أن تجد كتاباً قرأه وليس له ملاحظات عليه في الحاشية يناقش تارة وينتقد تارة ويؤكد تارة أخرى، وقد أمكننا أن نكتسب منه عادة الولع بالكتب ومع اختلاف الاهتمامات ولكنه- رحمه الله- عزز فينا حب القراءة والاطلاع بل لقد كان يكافئ كل من يقرأ بمبالغ نقدية تتناسب وحجم ما قرأه كنوع من التحفيز حتى أصبحت القراءة أحد مكونات اليوم والليلة لدينا‮ ‬ولايمكن‮ ‬ليوم‮ ‬أحد‮ ‬منا‮ ‬أن‮ ‬ينقضي‮ ‬دون‮ ‬زاد‮ ‬معرفي،‮ ‬ولعل‮ ‬هذا‮ ‬من‮ ‬المسوغات‮ ‬المنطقية‮ ‬التي‮ ‬دفعتنا‮ ‬وتدفعنا‮ ‬نحو‮ ‬التميز‮ ‬على‮ ‬أقراننا‮.‬
تدوين‮ ‬مسيرة‮ ‬الفقيد
‮> ‬ما‮ ‬الذي‮ ‬ستقومون‮ ‬به‮ ‬كأسرة‮ ‬لمواطن‮ ‬يمني‮ ‬غيور‮ ‬كإعداد‮ ‬كتاب‮ ‬يؤرخ‮ ‬مسيرة‮ ‬المواطن‮ ‬اليمني‮ ‬الفقيد‮ ‬الكبير؟
- من الصعب أن يدون تاريخ والدنا- رحمه الله- بين دفتي كتاب، فدوره في تأسيس وترسيخ وتنظيم المؤتمر الشعبي العام بحاجة لكتاب على الأقل، ولدوره في المراحل التي سبقت ذلك بحاجة هي الأخرى لكتاب على الأقل، أما سلسلة الكتب فسنحتاجها لتدوين نتاجه الأدبي والفكري فالمراثي وحدها التي كتبها بحاجة لديوان كامل، وحوارته الأدبية الشعرية مع زملائه الأدباء بحاجة لكتب أخرى، ولكن هذا لايمنع أننا يجب أن نبدأ ولو بكتاب واحد وقد بدأنا فعلاً بجمع مادة هذا الكتاب وأتمنى أن يخرج للقراء خلال فترة وجيزة.
لا‮ ‬تعصب‮ ‬حزبي
‮> ‬باعتباركم‮ ‬د‮. ‬عادل‮ ‬عميد‮ ‬لأسرة‮ ‬الفقيد‮.. ‬نرجو‮ ‬أن‮ ‬تتحدثوا‮ ‬عن‮ ‬ديمقراطية‮ ‬الفقيد‮ ‬في‮ ‬المعاملة‮ ‬مع‮ ‬أفراد‮ ‬الأسرة؟
- لقد كان والدنا- رحمه الله- مثالاً حياً للديمقراطية، ولذلك تجد أن اخوانه وأولاده لديهم توجهاتهم المختلفة حيال الحزبية- على سبيل المثال- فمع أنه كان من أبرز القيادات الحزبية للمؤتمر فإنه له أخوة من القيادات في أحزاب أخرى وكذلك أبناؤه ففي الوقت الذي نجد أصغر اخواني المحامي نزيه من أكثر عناصر المؤتمر حماساً تجد في المقابل أنني وأخي الأوسط د. شفيق ليس لدينا أية اهتمامات حزبية على الاطلاق ولم يسبق لأي منا أن كان له بطاقة حزبية في أي حزب مع أن علاقاتنا جيدة ومتينة مع كافة الأحزاب وهذا كان بعلم الوالد- رحمه الله- ومعرفته ومباركته فهل أدل من ذلك على مدى ديمقراطيته ومع أنه كان دائب الحركة دعماً لحزبه وللفكره التي يحملها فلم يدفعه ذلك على دفعنا- دونما قناعة شخصية راسخة إلى الحزب الذي يتبناه، وهنا لا بد لي أن أنوه إلى أن والدي والذي كان مؤتمرياً خالصاً كانت أخلاقه وسجاياه وأدبه وتواضعه الجم يجبر كافة الاتجاهات والأحزاب الأخرى أن تحترمه أشد الاحترام ولذلك لاحظنا كما لاحظ الجميع أن جنازته ومواساتنا فيه لم يتخلف عنها أي حزب من الأحزاب سواءً قياداتهم أو قواعدهم، ولذلك فأنا أدعو الكوادر الحزبية من مؤتمر وغيرهم أن يحذو حذو فقيدنا‮ ‬في‮ ‬وسطيته‮ ‬واعتداله‮ ‬وعدم‮ ‬الحدية‮ ‬واستيعاب‮ ‬الآخر‮ ‬حتى‮ ‬تكون‮ ‬الأحزاب‮ ‬مكملة‮ ‬لبعضها‮ ‬وليست‮ ‬محاربة‮ ‬لبعضها‮.‬


تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 13-نوفمبر-2024 الساعة: 10:33 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-1782.htm