فيصل الصـوفي -
< وضع استاذنا نصر طه مصطفى حديث »جيش عدن أبين« بين يدي لجنة المرجعية، وسأل: »هل لعلمائنا الأفاضل« أن يبينوا للناس الرأي الشرعي في كيفية التعامل مع الحديث..«؟ والحديث المنسوب للرسول صلى الله عليه وسلم هو »تخرج من عدن أبين أثنا عشر ألفاً ينصرون الله ورسوله هم خير من بيني وبينهم«.
وقد ادعت من قبل عصابات أنها هي المقصودة في هذا الحديث، وأخيراً ادعى تنظيم القاعدة الإرهابي أنه هو المقصود، لذلك أعلن قاسم الريمي عن انشاء هذا الجيش.. وأجزم أن لجنة المرجعية التي شكلها رئىس الجمهورية لن تجيب على سؤال الأستاذ نصر، ولو اجابت فلن تذهب إلى أبعد من القول: إن الحديث رواه فلان عن فلان وورد في مسند فلان وسنده كذا.. أما المتن نفسه أي نص الحديث فلن يتعرضوا له.. و»العلماء« غير اليمنيين الذين تعرضوا له تناولوه بطريقة تعزز مواقف العصابات وتدعم منهج »الفتن«، ولذلك من الخير أحياناً ألا يتكلم »العلماء«!
ما أعرفه أن الحديث لم يرد في البخاري ولا مسلم، وحتى لو ورد فيهما أو أحدهما فماذا في ذلك، ففيهما أحاديث تشير إلى خيرية مدن ومناطق معينة وذم أخرى، والمهم ليس عدن أبين أو عدن لاعة أو عدن يافع أو عدن الصغرى أو زنجبار أو صعدة أو غيرها، فكثير من الجماعات المسلحة تخرج وتدخل دون حاجة إلى »حديث« يبشر بها، المهم هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصف القوم في الحديث: إن صح- أنهم ينصرون الله ورسوله.. و»هم خير من بيني وبينهم«.. فهل هؤلاء ينصرون الله ورسوله وأين ذلك؟
وقال: »هم خير« فأين الخير في هؤلاء الإرهابيين؟ وهل »الخير« في قتل الجنود والضباط وتخريب البنيان؟ هل يعقل أن يكون هؤلاء محل تبشير الرسول صلى الله عليه وسلم؟ فهو بشر- إن صح الحديث- بقوم خيرين وينصرون الله ورسوله، ولم يحدد وقت خروجهم ولم يقل إنهم »جيش« ولم يقل إن الانتصار لله ورسوله يتم بالبنادق والأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة ودفع الشباب للانتحار.. وعندما يدعي الإرهابيون- وهذه هي أفعالهم- أنهم المقصودون بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم يكونون قد ارتكبوا في حقه كبيرة من كبائر الإثم.
وبعد هذا يا أستاذ مصطفى.. ليس هذا الحديث هو »العقدة« التي يتعين على »علمائنا الأفاضل أن يبينوا للناس الرأي الشرعي في كيفية التعامل« معها ، فالإرهابيون وكل الجماعات الدينية التي اختارت أساليب العنف، لديها مخزون كبير من التراث تستخدمه لتبرير العنف والقتل وكل أنواع السلوك الإجرامي الذي تطلق عليه جهاداً.. و»علماؤنا الأفاضل« لم تصدر منهم عبارة ناقدة أو »رأي شرعي« بل إن بعضهم يدين الدولة ويحرض ضدها في كل مرة تقوم فيها بقمع الإرهاب ومساءلة الخارجين على القانون.. إن تطوع »علماؤنا الأفاضل« برأي »شرعي« حول ما يقوم به الإرهابيون سيكون مفيداً، لكنهم لم يفعلوا ولم تصدر عن »المرجعية« حتى الآن كلمة في الحوادث الإرهابية وما أكثرها.. وأزعم أن غياب دور »علماؤنا الأفاضل« في توعية الجمهور حول خطورة الإرهاب يوجب مضاعفة قدرات الأجهزة الأمنية كما يوجب على المثقفين أن يعوضوا عن غياب »علماؤنا الأفاضل«! {