الإثنين, 08-نوفمبر-2010
علي‮ ‬الشعباني‮ ‬ -
< لطالما أكدت اليمن رفضها للإرهاب بكل أشكاله ومكوناته وعملت جاهدة دون تهاون وبكل مصداقية على محاربته واجتثاث جذوره ومنابعه وحققت في ذلك نتائج مبهرة، في حين عجزت بعض الدول عن تحقيق ربع ما حققته اليمن، ولكن رغم تلك الجهود الجبارة مازالت هناك محاولات غربية فاشلة لوضع بلادنا وسط سيناريو الارهاب بطرق مباشرة وغير مباشرة.. ولعل حادثة الطرود المشبوهة تثبت أنهم مخطئون تماماً في كل تقديراتهم خاصة تلك التي بنوا عليها مواقفهم الاخيرة المتعلقة بمسرحية الطرود التي أثبتت حيثيات الوقائع أنها ليست سوى مشهد دراماتيكي مفضوح، فالضجة‮ ‬الإعلامية‮ ‬التي‮ ‬شهدتها‮ ‬معظم‮ ‬وسائل‮ ‬الاعلام‮ ‬وعلى‮ ‬مدى‮ ‬أيام‮ ‬وكانت‮ ‬تصور‮ ‬اليمن‮ ‬على‮ ‬أنه‮ ‬مصدر‮ ‬للإرهاب‮ ‬يهدد‮ ‬أمن‮ ‬العالم‮ ‬واستقراره،

قد انعكست على مفتعلها وانقلب السحر على الساحر، فبمجرد معرفة المتطرفين والإرهابيين الحقيقيين وعصابات المافيا بحادثة الطرود فتحت شهيتهم لتنفيذ أعمال إرهابية، ولكن ليس على طائرات أو محطات قطارات بل على المكاتب السياسية والسفارات الدبلوماسية الأكثر تحصيناً وأمناً فهرعوا الى إرسال عشرات إذا لم نقل مئات الطرود المفخخة الى كل مكان، ففرنسا وألمانيا وهولندا وبريطانيا واليونان وغيرها شهدت هلعاً لم تعرف له مثيلاً على الاطلاق نظراً لوصول طرود مفخخة الى السلطات الرسمية لديها البعض منها انفجر والبعض تم إبطاله.
ولكن‮ ‬كل‮ ‬تلك‮ ‬الأعمال‮ ‬وعلى‮ ‬الرغم‮ ‬من‮ ‬خطورتها‮ ‬إلاّ‮ ‬أنها‮ ‬لم‮ ‬تحظََ‮ ‬بالتهويل‮ ‬والضجة‮ ‬الإعلامية‮ ‬التي‮ ‬حظي‮ ‬بها‮ ‬طردا‮ ‬لندن‮ ‬ودبي‮ ‬لأنها‮ ‬طبعاً‮ ‬ليست‮ ‬قادمة‮ ‬من‮ ‬اليمن‮!!‬
وهنا‮ ‬يفرض‮ ‬السؤال‮ ‬التالي‮ ‬نفسه‮: ‬ماذا‮ ‬يريد‮ ‬الغرب‮ ‬من‮ ‬اليمن؟‮ ‬وهل‮ ‬هو‮ ‬شريك‮ ‬ومساند‮ ‬لليمن‮ ‬في‮ ‬حربه‮ ‬ضد‮ ‬الإرهاب‮ ‬أم‮ ‬أنه‮ ‬مصدر‮ ‬الإرهاب‮ ‬وسببه‮ ‬كما‮ ‬يزعمون؟
إن قراءة متعمقة ومستفيضة لحادثة الطرود وما أعقبها من مواقف غربية غريبة تضعنا أمام محورين رئيسيين الأول: ان بعض الدول الأوروبية التي هرعت الى معاقبة اليمن بشكل جماعي لم تدرك حجم الخطر الذي يمثله الإرهاب عليها أولاً ولأنها أغبى وأضعف من قدرتها على مواجهة الإرهاب،‮ ‬فهي‮ ‬لا‮ ‬تحكم‮ ‬الا‮ ‬على‮ ‬ما‮ ‬قالته‮ ‬وسائل‮ ‬الإعلام،‮ ‬لذلك‮ ‬تشجع‮ ‬القاعدة‮ ‬والعصابات‮ ‬الارهابية‮ ‬الدولية‮ ‬على‮ ‬تنفيذ‮ ‬المزيد‮ ‬من‮ ‬الجرائم‮.‬
أما المحور الثاني فهو أصعب من السابق لأنه يضع تلك الدول في قفص الاتهام بدعم الإرهاب وتشجيعه بطريقة غير مباشرة بدلاً من محاربته والقضاء عليه.. وإلا لماذا تطالب بعض الدول اليمن بمحاربة الإرهاب وهي أول من يتخلى عنه.. فكيف يمكن تفسير مواقفها الاخيرة المتعلقة بإيقاف الشحن والرحلات الجوية المباشرة من اليمن وتحذير رعاياها والتلكؤ المتواصل بعدم تسليم تعهداتها المالية التي التزمت بها في مؤتمر لندن للمانحين والتي مازالت حبراً على ورق، وهنا تحديداً يجدر الاشارة الى أن القيادة السياسية لبلادنا ترفض رفضاً قاطعاً أي املاءات‮ ‬أو‮ ‬تدخلات‮ ‬خارجية‮ ‬على‮ ‬اليمن‮ ‬وتواصل‮ ‬الحرب‮ ‬دون‮ ‬هوادة‮ ‬ضد‮ ‬الإرهاب‮ ‬باعتباره‮ ‬قضية‮ ‬تهم‮ ‬اليمن‮ ‬أولاً‮ ‬وصون‮ ‬السمعة‮ ‬وآلاف‮ ‬الدوليين‮.‬
إن التمعن في أيديولوجية الإرهاب والتطرف وأسباب تناميه وتزايد عناصره يوماً بعد يوم في العالم، يكشف لنا عن أحد أهم الدوافع التي تزيد من حدة الاعمال الارهابية، ألا وهو الفقر اضافة الى أعمال بعض الدول الغربية ومواقفها السياسية تجاه البلدان وقضايا شعوب المنطقة.
ولهذا‮ ‬فإن‮ ‬الغرب‮ ‬أمام‮ ‬خيارين‮ ‬لا‮ ‬ثالث‮ ‬لهما‮ ‬الاول‮ ‬إما‮ ‬أن‮ ‬يضعوا‮ ‬أيديهم‮ ‬بيد‮ ‬النظام‮ ‬والقانون‮ ‬

والشرعية في بلادنا لمحاربة الإرهاب واجتثاث جذوره ومنابعه عن طريق استراتيجية متكاملة تبدأ أولاً بالاقتصاد، فالعالم بأسره يعي أن معضلة الارهاب في اليمن تنطلق من منطلقات اقتصادية وتنموية وفكرية، وعليه بهذا الخيار ان يكون صادقاً مع بلادنا وينسى أية فكرة أو مشاريع سياسية في المنطقة، والمساهمة بإيجابية في تدوير عجلة التنمية والاقتصاد دون خوف أو قلق، فبدلاً من تحذير رعاياهم وسفاراتهم وحظر السفر الى اليمن، وكذا وقف الرحلات الجوية يجب أن يشجعوا رؤوس الأموال في بلدانهم وشركاتهم السياحية للقدوم إلى اليمن وأن يفوا بالتزاماتهم‮ ‬وتعهداتهم‮ ‬التي‮ ‬أعلنوها‮ ‬في‮ ‬مؤتمر‮ ‬المانحين‮.. ‬وهو‮ ‬الخيار‮ ‬الأفضل‮ ‬والأمثل‮.‬
أما الخيار الثاني فهو الاستمرار في ذات السياسة الرعناء التي تستهدف من ورائها تحقيق مكاسب سياسية واستعمارية في المنطقة، فالتصعيد لا ينتج عنه الا العنف والتأزيم، والاستعلاء هو داء الشعوب ومرضها العضال الذي بسببه ستتحول بلادنا الى كرة نارية تتدحرج وتزداد حجماً‮ ‬حتى‮ ‬تطال‮ ‬عواصم‮ ‬الدول‮ ‬الكبرى،‮ ‬وعندها‮ ‬لن‮ ‬تجني‮ ‬تلك‮ ‬الدول‮ ‬لا‮ ‬عنب‮ ‬اليمن‮ ‬ولا‮ ‬نفط‮ ‬الخليج‮.‬
فاليمن هو صمام أمان المنطقة ودرعها الحصين الذي يدرأ عنها الانهيار والوقوع في فخ التطرف، فهو البلد الديمقراطي المنفتح مع كل التحولات العالمية المتعلقة بتعزيز قيم حقوق الانسان وحرية التعبير والانتماء السياسي والأكثر قابلية عن غيره لتطورات العولمة والثقافات الانسانية،‮ ‬لكنه‮ ‬ايضاً‮ ‬البلد‮ ‬الأكثر‮ ‬تعقيداً‮ ‬ورفضاً‮ ‬للثقافة‮ ‬الفاشية‮ ‬والاستعمارية‮ ‬الجديدة‮ ‬التي‮ ‬تحاول‮ ‬بعض‮ ‬البلدان‮ ‬تصديرها‮ ‬الى‮ ‬بلادنا‮ ‬بمعية‮ ‬أوراق‮ ‬وشيكات‮ ‬المنح‮ ‬والمساعدات‮ ‬الضئيلة‮.{‬


تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:43 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-18282.htm