مرسي عطا الله - من بين أسوأ التداعيات التي أعقبت روايات الطرود المفخخة التي قيل أنها خرجت من أرض اليمن صوب الولايات المتحدة الأمريكية ولكن تم ضبطها في مطارين بدبي وانجلترا هو تلك العودة المتسرعة لترديد المزاعم التي جري الترويج لها بشدة عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام2001
والادعاء بأن العرب والمسلمين يهيئون في بلادهم التربة اللازمة لنمو الإرهاب والتطرف من خلال الاستمساك بثقافة العنف والتحريض التي تنتشر في سطور الكتب المدرسية ويجري الترويج لها علي منابر المساجد ضمن أبجديات الخطاب الديني.
والذين يقولون بذلك يدركون- في قرارة أنفسهم- أنهم لا يظلمون العرب والمسلمين فقط وإنما يظلمون الحقيقة ويتجنون علي تاريخ طويل يشهد للعرب والمسلمين بأنهم هم الذين صاغوا ثقافة السلام والتعايش وطبقوها علي أرض الواقع قرونا طويلة إلي الحد الذي كادت فيه الثقافة تصبح عنوانا للخضوع والاستسلام في مواجهة مظالم بشعة واعتداءات وحشية تتعرض لها بلاد المسلمين!
إن هؤلاء الذين يلقون علي أمتنا بتهمة ابتداع ثقافة العنف هم الذين أتوا بالعنف والظلم والغبن إلي بلادنا كغزاة ومحتلين يريدون نهب ثرواتنا والسيطرة علي مقدراتنا ومسخ الهوية الذاتية لأوطاننا.!
هؤلاء الذين يتحدثون عن الديمقراطية وحقوق الإنسان كركائز لثقافة السلام والتعايش لم يجربوا مرة واحدة أن يتعاملوا مع أمتنا سوي بلغة القوة ومنهج الفرض والإذعان وسياسة لي الذراع بممارسة كل أشكال الضغوط السياسية والاقتصادية وعدم إنكار الرغبة الدفينة في انتهاك السيادة وتفريغ الاستقلال من مضمونه الحقيقي.
ومن العجيب أنهم يتهموننا بأننا ننهل من تراث التلقين الذي يفرز ثقافة العنف بينما سجلهم في التعامل مع أمتنا هو الذي يشهد عليهم بأنهم الذين يريدون التدخل في شئوننا بمنهج التلقين والإملاء لفرض نماذج بعينها ودون أدني مراعاة للخصوصية الثقافية والاجتماعية والدينية لشعوبنا!.
إن ثقافة العنف والتحريض التي يريدون إلصاقها بنا نبتت في الأساس من سياساتهم عندما باركوا سياسة إسرائيل في اغتيال الكوادر الفلسطينية وتدمير المدن ونسف المنازل وتجريف المزارع وبناء الجدار العنصري الفاصل.. بل إنهم ـ الأمريكيون ـ مارسوا الشئ نفسه في العراق عقب احتلاله العراق عام2003 وهم يحملون لافتات مزيفة تتحدث عن تحرير الشعب العراقي بينما كانت دباباتهم وطائراتهم تمارس القتل العشوائي وقراراتهم وإجراءاتهم السياسية تمزق أمن ووحدة العراق الذي عرف التعايش الاجتماعي السلمي علي طول تاريخه.
وما لم يمتلك الغرب شجاعة الاعتذار والاعتراف بمسئوليته عن سجل طويل من المظالم ضد الشعوب العربية والإسلامية فإن مشاعر الغضب والرفض التي يسمونها ثقافة العنف والتحريض ستظل بمثابة جدار نفسي يعمق من حدة الشكوك والهواجس بين الجانبين.
وغدا نواصل الحديث
خير الكلام:
** إذا كان من الصعب أن يقاوم الرجل إغراء المرأة... فإن من المستحيل أن تقاوم المرأة إغراء المال!
عن الاهرام |