إفتتاحية الثورة -
من المؤسف أن نجد البعض يسقط من حساباته بقصد أو بدون قصد بعلم أو بدون علم كل الخطوط الحمراء ليتجه إلى التنظير وإطلاق المصطلحات الفجة التي تنم عن فكر ارتدادي ورؤية عليلة تجاه ثابت الوحدة الذي يقترن بثابت الثورة وثابت النظام الجمهوري وثابت النهج الديمقراطي والتي تشكل في مجملها الثوابت الوطنية التي صاغها الشعب اليمني خلال مسيرته النضالية وعمدها بتضحياته السخية وقوافل الشهداء التي قدمها قرباناً من أجل ترسيخ هذه الثوابت لتصبح العقد الاجتماعي المقدس الذي يحتكم إليه هذا الشعب في علاقاته وتعاملاته ومجريات حياته.
وما يجب أن يكون واضحاً ومفهوماً ومعروفاً لدى الجميع أن هذا الشعب الذي قدم كل تلك التضحيات في سبيل الانتصار لإرادته في الحرية والوحدة والديمقراطية لن يسمح لأي كان بالتطاول على ثوابته الوطنية وفي مقدمتها وحدته العظيمة، ولن يتهاون أبداً أمام أية أطروحات تنال من هذه الثوابت أو تنتقص من مضمونها الجوهري الأصيل حيث وهذه الثوابت لا تقبل المساومة أو المتاجرة كما أنها ليست باباً مخلوعاً يعبر منه كل مهووس أو طالب للشهرة أو باحث عن مصلحة أو مكسب، كما أنها ليست مطية يتسلقها كل من يلهث وراء الظهور عبر الوسائل الإعلامية والقنوات الفضائية.
وما من شك أن من صاروا يرددون عبارة "الفيدرالية" ويروجون لهذا المصطلح الذي لا يعني بأى حال سوى الانفصال الناعم أو المتدرج بحسب ما يخططون له.. وبئس ما يخططون ويفكرون فهم بذلك يضعون أنفسهم مهما كانوا أفراداً أم أحزاباً في المواجهة مع أبناء الشعب الذين سوف يحاسبونهم على هذه المواقف الارتدادية والمتربصة بوحدتهم ولمخالفتهم للدستور قبل أن يخضعوا للمساءلة القانونية على خروجهم على الدستور الذي استفتى عليه الشعب وقال فيه نعم لوحدته، وسيعلم هؤلاء علم اليقين أن هذا الشعب لا يمكن أن يهادن على ثوابته باعتبار أن مسألة كهذه تمس عقداً مقدساً غير قابل للخرق أو الاختراق أو القفز فوق الحبال.
ومن الواضح جداً أن من يطرحون مصطلح الفيدرالية لا يفقهون أبسط قواعد العمل السياسي ولا يفهمون الحد الأدنى من أبجديات العمل الحزبي ولو كانوا يفهمون من ذلك شيئاً لما سقطوا أو أُسْقِطُوا إلى ذلك الفخاخ الذي أظهرهم على درجة من الفجاجة والحماقة والغباء المركب، وهل هناك أكثر من هذا الغباء والحمق السياسي الذي يتدثر به من يتحدث عن الفيدرالية رغم علمه أن هذا المصطلح هو من الصيغ التي لا تنطبق بأي حال من الأحوال على مجتمع يتشكل من نسيج اجتماعي واحد موحد البنيان منذ آلاف السنين، ويعلم أيضاً أن الفيدرالية مصطلح مغلف بنوايا الانفصال والارتداد على الوحدة ولا يتماشى مع ما يعرف بالدولة البسيطة كاليمن مما يعكس تماماً أن مثل هؤلاء يهرفون بهرطقات لمجرد إدعاء البطولة ظناً منهم أن ذلك سيكسبهم مكانة اجتماعية أو حزبية، فيما الحقيقة أنهم يزدادون سقوطاً في نظر هذا الشعب الذي يسخر منهم ومما تلوكه ألسنتهم من غثاء بل أنه الذي لن يتركهم يستمرون في تطاولهم على ثوابته فللصبر حدود وإذا كان هذا الشعب قد تعامل معهم في فترات سابقة بروح التسامح لعلهم يصلحون من أنفسهم ويبتعدون عن أساليب المغامرة والمقامرة فلا يعني ذلك أنه الذي سيترك لهم الحبل على الغارب يعبثون كما يشاءون بثوابته الوطنية من خلال الترويج لبعض المصطلحات المفخخة التي تصب الزيت على النار وتمس بقدسية تلك الثوابت، وسيتأكد لهؤلاء عاجلاً أو آجلاً أن هذا الشعب يمتلك الصفة الدستورية والقانونية لمحاسبتهم على أدوارهم المشبوهة وأفعالهم المتصادمة مع إرادته الوطنية ونصوص الدستور والقانون.. والحليم تكفيه الإشارة.