فيصل الصوفي -
يوم الجمعة الماضية أعلنت وزارة الداخلية السعودية أنها اعتقلت (149) إرهابياً بينهم (124) سعودياً والآخرون ينتمون إلى (24) جنسية أخرى.. وأن هؤلاء انتظموا في (19) خلية وكان هدفهم اغتيال مسئولين ورجال أمن وإعلاميين وضرب منشآت نفطية وقتل رعايا أجانب، والقيام بأعمال مثيرة للاضطراب أثناء موسم الحج.
واعتقال أولئك وإحباط مخططاتهم في دولة قوية مثل المملكة العربية السعودية يعد نجاحاً كبيراً، وهو يتحقق دائماً.. ومثل هذا يحدث هنا في اليمن أيضاً ولو بقدر أقل.. لكن في كلتا التجربتين نلاحظ أن مهمة مكافحة الإرهاب تعتمد على الجانب الأمني اعتماداً أساسياً.. إلقاء القبض على أفراد خلية إرهابية.. إفشال مخطط للاغتيالات.. القبض على متهم بتنفيذ هجوم إرهابي.. وهذا كله جيد.. لكن يتعين النظر إلى العمليات الإرهابية بوصفها آخر الحلقات في مسلسل طويل.. فالمنفذون للهجمات الإرهابية هم آخر الحلقات.. إذ يسبقها التمويل والتدريب والتوجيه الفكري والتخطيط والدعم الذي يقوم به المؤيدون، والاستقطاب.
حالياً يتم التركيز على المنفذين.. ويتم إغفال أن هؤلاء الذين ينفذون العمليات الإرهابية أو يسقطون قبل تنفيذها هم نتاج لتلك الحلقات السابقة.. وإذا لم تحطم تلك الحلقات فسوف تظل تنتج مزيداً من المنفذين..
لماذا يقول تنظيم القاعدة بعد كل عملية يخسر فيها منفذين- إنه لايهتم بمن اعتقلوا أو قُتلوا لأنه سيعوض ذلك بأكثر منهم؟ لأنه يدرك أن هناك مراكز سلفية تنتج افراداً متعصبين دينياً يصبحون لاحقاً جاهزين للاستقطاب، وهناك فوضى في مجال تحصيل الأموال باسم أعمال الخير، ويدرك أن رجال دين يضخون افكاراً أو آراءً تحرض على العنف، ويدرك أن لديه ملاذات آمنة خاصة في الصحارى وبين القبائل، وفي هذه الملاذات الآمنة يستقبل ويدرب ويخطط.. ويدرك أيضاً أن هناك فئة من المتذمرين الذين هم في الحقيقة ضد الإرهاب لكنهم لا يتعاونون ضده، وشعار هذه الفئة »وأنا مالي.. خلي عباس يركب دباس«!
وإذا لم تشمل عملية مكافحة الإرهاب كل تلك الحلقات، ابتداءً بالمنبع الفكري وانتهاءً بالمنفذين، فلن تحقق أهدافها، فما تقوم به السعودية واليمن حالياً هو قص ذنب الأفعى وترك الرأس وما دونه من الجسم القادر على التعاضد من أجل تعويض الجزء المفقود بما هو أقوى منه وأطول.
وبالمناسبة.. هناك حلقة واحدة من حلقات المسلسل الإرهابي في السعودية ساهم رجال دين سلفيون في إضعافها.. أعني ح لقة التوجيه الديني المثير للنزعات الإرهابية، فقد أصدروا فتاوى سموا فيها الإرهابيين باسم »الفئة الضالة« ودانوا أفعالها داخل السعودية، وبذلك حفزوا المجتمع السعودي على المشاركة في كشف ظهور الإرهابيين، بينما رجال الدين عندنا وهم تلاميذ لأولئك »الشيوخ« يدعمون الإرهاب، والمعتدل فيهم ساكت، وشعاره »وأنا مالي«.