الميثاق نت -

الإثنين, 29-نوفمبر-2010
فائز سالم بن عمرو -
تدور عجلة التحديث في اليمن بعد تأخر نحو إنجاح الاستحقاق الانتخابي للمجلس التشريعي والمضي في تطوير وتحديث التجربة الديمقراطية والانتخابية لبلادنا والتي تعد من أهم ركائز دولة الوحدة وأسسها القانونية والدستورية والطريق الشرعي الوحيد لاستلام السلطة ، ونسعى من خلال هذه المقالة إلى تشخيص الوضع والتحذير من الكارثة قبل وقوعها لعل كلماتنا تجد من يقرأها وينقذ حضرموت ويبقيها في نهجها الوسطي والوحدوي. لم تسارع حضرموت وأهلها في احتضان الوحدة وتقديسها من موقف عاطفي أو ثوري ، بل كان سلوكا عقليا نتج عن تراكم التجارب السلبية وانكماشها في المرحلة السابقة من تاريخها أيام الصراعات المناطقية والقبلية والسياسية من قبل الرفاق ، لقد انكمشت حضرموت وصغرت وضاع دورها ولم يعد يمثل أية قيمة سياسية أو اجتماعية في ذلك العصر المظلم من تاريخ شعبنا ، فأبناء حضرموت مجتمع حضاري مدني يرفض الاصطفافات الحزبية والمناطقية ويرفض الوصايات المركزية ويحتكم إلى القانون والعقل وليس السلاح والفتن ، وقد واجه أبناء حضرموت تلك الحقبة من تاريخهم بالهجرة والانزواء والانكفاء والانتظار إلى أن أتت دولة الوحدة والوفاق والحرية والتعددية ، فنهضت من سباتها واستعادت ماضيها وربطته بحاضرها وتجددت أواصر الحضارة والتقدم وصارت عاصمة المال والاستثمار كما سماها فخامة الرئيس. لقد أدركت القوى جميعها أهمية حضرموت ودورها وموقفها الوحدوي الراسخ ورسالتها الحضارية والمدنية وتيقنوا بأنه لن تنجح مساعيهم من الانفصال والتقسيم والمشاريع القديمة ما دامت حضرموت رافضة لتلك المشاريع المسمومة ، فجعلت هذه القوى تنشر الفوضى والتحريض بين أبنائها وتجعل حضرموت هدفا لمشاريعها التخريبية والعنفية والصراعية محاولة سلب حضرموت ريادتها الثقافية والفكرية والتجارية وينكمش دورها كما في الماضي، ليقبل أهلها عنوة بتلك المشاريع البغيضة مما جعل بعض القوى ترسل متظاهرين من محافظات أخرى لتنفيذ مظاهرات واعتصامات وليمارسوا العنف والتخريب في مدنها وشوارعها. ما يخشاه كل غيور ووطني في هذه الفترة الحرجة والمهمة من تاريخ وطننا ومحافظتنا ان يتراجع تأييد المشروع التنموي والسلمي والديمقراطي والحضاري ويتصدر المشهد السياسي والاجتماعي في حضرموت جماعات وأحزاباً لا تمثل حضرموت ولا تدرك دورها وأهميتها ليس لانتشارها السياسي والاجتماعي بين أبناء حضرموت ، فهذا مطلب مشروع وهو من أولويات العمل الحزبي والسياسي ، لكن المشهد المرسوم والمخطط ان يتم تأييد هذه الأحزاب والجماعات عقابا وكردة فعل من الإهمال وانقطاع التواصل وضعف العمل الإداري والتنموي والسياسي في المحافظة لتتسيد تلك الأحزاب والجماعات المشهد في المحافظة، ليس وفق برامجها الانتخابية والتنموية، بل لأنها عرفت كيف تصطاد الإخفاقات وتحرض الشارع لصالحها ضاربة بعرض الحائط بالمصلحة الوطنية والاجتماعية ، ويمكن الاستدلال على هذا الواقع بالنتائج الآتية: - شهدت محافظة حضرموت قفزة تنموية كبيرة جداً في فترة قصيرة وحرجة، لكن هذه العجلة توقفت أو فرملت وصارت حضرموت تدور في عجلة مفرغة من المشاكل المتراكمة والحلول الترقيعية، فمنذ كارثة السيول ما زال الناس يعانون ولم يتم إقفال هذا الملف وأظنه سيظل نافذة ابتزاز وترزُّق إلى ما شاء الله، وامتد هذا الترهل إلى الإدارات ومكاتب الوزارات والمرافق، وحرمت حضرموت من مشاريع حيوية مثل ميناء حضرموت وغيرها من المشاريع المتعثرة ، والكهرباء مشروع مهدد للانفجار في فترة الصيف التي تتم فيها الانتخابات والاقتراع. - على الرغم من ان فخامة الرئيس تدخل لتجاوز العراقيل التنموية في المحافظة ووجه بحل المشاكل وضخ المزيد من المشاريع التنموية والاستراتيجية ، إلا ان هذا الأمل وئد من قبل جهات مجهولة فما زالت مشكلة صندوق الاعمار قائمة ، وتم تجاهل توجيهات فخامته بإنشاء ميناء المكلا وإنشاء صحيفة يومية وكذلك محطة تلفزيونية، ما شهدناه حركة تعقب توجهات الرئيس ما تلبث ان تنطفئ وتزول. - يفاجأ المواطن بتصريحات كثيرة ومتكررة ومؤكدة لمشاريع وخطط ولجان لكنه لا يجد لتلك التصريحات صدى في واقعه اليومي والمعاشي مما جعله يفقد الثقة في تصريحات المسؤولين وفي وعود الدولة، ولن تجد هذه الوعود في فترة الانتخابات حتى آذانا لتسمعها فضلا عن تصديقها والوثوق فيها. - افتقد الحوار والتواصل بين مكونات وأبناء حضرموت في الفترة الأخيرة ، فقد كانت هذه اللقاءات والجلسات والتواصل من قبل السلطة مع كافة الأطراف والجهات سدا منيعا ضد الفتنة وشكلت طريقة حضارية ومدنية في مواجهة المشاكل والبحث عن حلول توافقية لها. - مضي فترة طويلة على مرشحي الأحزاب في الانتخابات النيابية والمحلية جعلتهم يشعرون كأنهم معينون، وانصرفوا عن مواطنيهم والناس، بل شهدت المحافظة كثيراً من الاحتفالات الوطنية والقومية والمحلية في غياب أعضاء من تلك المجالس المنتخبة ، وفشلت الأحزاب في اختيار آلية ملزمة لتواصل المرشحين بقيادتهم وناخبيهم ومواطنيهم. - ضعف العمل السياسي في المحافظة بين مكوناتها وتفككها، فكل مكون سياسي من قيادة محلية أو عضو نيابي أو محلي أو عضو مجلس شورى يعمل لنفسه ولا يوجد تنسيق دائم ومنتظم، وان وجد اجتماع فهو عشوائي ونظري تظل توصياته مسطرة على الورق لافتقاده الآليات العملية والمزمنة لتنفيذه وتجسيده في أرض الواقع. - وجود فجوات بين القيادات المحلية والمركزية ، فكثير ما شهدنا زيارات مركزية توصف أنها من باب إسقاط الواجب ولا يتم فيها الاجتماع بالقواعد ومناقشة القضايا والمشكلات بشفافية ، كما وجد ضعف تواصل من المركز فكثير من المناسبات الوطنية والسياسية لا يتم فيها إشعار القيادات المحلية. - وجود قصور وتخبط في العمل الحزبي والسياسي في المركز ، فكثير من قضايا الحوار وأسسه مجهولة عند القيادات فما بالك بالقواعد والفروع.
[email protected] * كاتب وباحث من حضرموت
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 05:52 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-18615.htm