كتب: جمال مجاهد - أصبحت قضية تهيئة الظروف والشروط المطلوبة لاستيعاب العمالة اليمنية في أسواق العمل الخليجية من أولويات الحكومة التي تبذل جهوداً كبيرة لتحقيق الهدف المنشود. ويتزايد حجم العرض من القوى العاملة اليمنية بمعدّلات تفوق القدرات التشغيلية للاقتصاد الوطني، وذلك يستدعي ضرورة التفكير الجاد في البحث عن فرص عمل لاستيعاب العمالة اليمنية سواءً في السوق المحلية أو في السوق الإقليمية "دول مجلس التعاون". وتواجه اليمن مشكلة النمو السكاني المرتفع والذي يبلغ حوالي 3٪، بحسب نتائج التعداد السكاني لعام 2004. ويعدّ هذا المعدّل من أكبر معدّلات النمو في العالم مما أدّى إلى ارتفاع حجم السكان من حوالي 19.7 مليون نسمة عام 2004 إلى 22.5 مليون نسمة عام 2009، أي بزيادة في عدد السكان بـ 2.8 مليون نسمة خلال الفترة 2004- 2009.م.وتمثّل نسبة الفئة العمرية دون الخامسة عشرة ما يقارب نصف السكان كمحصّلة للمستوى المرتفع للخصوبة، أي 45٪ لمتوسّط الفترة 2004- 2009، وهذا يعني أن اليمن يواجه تحديات سكانية واقتصادية كبيرة في الحاضر والمستقبل على اعتبار أن معظم السكان في هذه الفئة العمرية سوف ينضمّون إلى الفئات العمرية "15- 64" القادرة على العمل والقادرة بيولوجياً على الإخصاب، فتكون المحصّلة بالنهاية هي معدّلات مرتفعة للنمو السكاني ومعدّلات أكثر ارتفاعاً في عرض قوى العمل.
استراتيجية للتشغيل
ويرى وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لقطاع القوى العاملة شايف عزّي صغير في دراسة أعدّها بعنوان "استراتيجية انتقال العمالة اليمنية إلى دول مجلس التعاون الخليجي" أن إتاحة الفرصة لأكبر عدد من الكوادر اليمنية للعمل خارج اليمن بالذات في دول مجلس التعاون الخليجي والدول الآسيوية واي منطقة من مناطق العالم ذات جدوى اقتصادية مهمّة للاقتصاد الوطني خاصةً مع عدم قدرة البلاد على تشغيل الأعداد الكبيرة المنتظرة والوافدين الجدد الذين يزيد عددهم سنوياً على 207 آلاف شخص إلى سوق العمل.
ويطالب صغير التركيز على عدّة إجراءات تتمثّل في اعتبار التشغيل الخارجي واحداً من أهم مفردات الاستراتيجية الوطنية والعمل على إصدار قرار بإنشاء الهيئة الوطنية للتشغيل أو اللجنة الوطنية لتنظيم القوى العاملة والتشغيل ومكافحة البطالة لتكون الجهة المختصّة المقابلة لمثيلاتها في الدول الخليجية مثل "اللجنة الوطنية السعودية لتنظيم القوى العاملة" وكذا تفعيل مفردات المؤتمرات العربية والخليجية الخاصة بالقوى العاملة وعلى أن تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية بالاشراف على مكاتب التشغيل العامة والخاصة باعتبارها الجهة التي تمنح التصاريح لهذه المكاتب وفقاً للائحة تنظيمية واعتماد عقد العمل المسبق "الموحّد" ليسري على جميع اليمنيين الراغبين في العمل في دول مجلس التعاون شريطة التصديق عليها من قبل الوزارة أو اللجنة الوطنية للتشغيل أسوة بالدول التي وقّعت مذكّرات تفاهم مع بعض هذه الدول حول تشغيل مواطنيها، مثل تركيا والفيليبين وتايلاند وأثيوبيا.
ويشدد صغيري على العمل مع مكاتب التشغيل لوضع لوائح وضوابط تنظّم عمل المكاتب وإصدار كتيّبات إرشادية تتضمّن تعريف الراغبين في الالتحاق بسوق العمل الخليجي بحقوقهم وواجباتهم ومسؤولياتهم، والتنسيق مع مكاتب التشغيل الخاصة بعدم منح التأشيرات لأي شخص إلا بعد التأكّد مسبقاً من أن طالب التأشيرة سيتسنّى له العمل دون مشاكل تتعلّق بالترحيل في ظل نظام البصمة لمن سبق لهم الدخول بطريقة غير شرعية.
ويؤكد على ضرورة "التنسيق مع وزارة التعليم الفني والتدريب المهني بشأن تدريب وتأهيل وإعداد مجموعة من العمّال المهرة في مختلف التخصّصات وفقاً لاحتياجات سوق العمل الخليجي استناداً الى ما تصلنا من السفارات والجاليات وما تجمعه وحدة معلومات سوق العمل وما توفّرها تلك الدول لنا لتصبح في متناول اللجنة الوطنية اليمنية لتشغيل القوى العاملة مع تزويدها بمخرجات التعليم من المؤهّلين والفنيّين والعمّال المهرة في مختلف التخصّصات لكي يتسنّى للجنة إرسال قوائم بأسمائهم وتخصّصاتهم إلى نظيرتها من اللجان الخليجية لتشغيل القوى العاملة حتى يتم استقدامهم وطلبهم وفقاً لمتطلّبات واحتياجات سوق العمل الخليجي".
ويخلص وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى أنه "من أجل إنجاح هذه التوجهات هناك قضايا مهمّة تحتاج إلى تدخّل القيادة السياسية اليمنية، تعقد لقاء مع قيادات دول الخليج العربي تبحث فيه ضرورة فتح المجال للعمالة اليمنية ولو بنسبة محدّدة من القوى العاملة الماهرة، وإلغاء الكفالة للعمالة اليمنية بصفة استثنائية التي أثّرت تأثيراً سيئاً على نفسيات المغتربين ومدّخراتهم بل وأثّرت على حقوقهم وبالمقابل من حق هذه الدول تطبيق القوانين على اليمنيين مثل أي مواطن آخر". ويعبّر صغير عن تقدير مبادرة مملكة البحرين ودولة الكويت في إلغاء هذا النظام وقرار المملكة العربية السعودية بالسماح بانتقال العامل وتغيير الكفيل دون الحاجة إلى الخروج من الأراضي السعودية.
التعليم الفني
ويرى خبراء في وزارة التعليم الفني والتدريب المهني ضرورة وضع رؤية مستقبلية تمثّل إستراتيجية تشترك فيها كافة الجهات ذات العلاقة بعملية التأهيل والتدريب تتولّى الوزارة التركيز على وضع تفاصيل لعناصر الرؤية المستقبلية.. بحيث تتضمّن الاستفادة من مخرجات التعليم الفني للسنوات الأخيرة لإيفادهم لسوق العمل الخليجي، وتطوير منظومة التعليم الفني والمهني خصوصاً من ناحية الإمكانات المادية والبشرية والمناهج التعليمية ورفع الطاقة الاستيعابية على أساس استغلال المعاهد الحالية في رفع الطاقة الاستيعابية باعتماد نظام الدراسة فترتين والتوسّع في المعاهد والتخصّصات بما يلائم احتياجات سوق العمل.
بالإضافة إلى تعلّم اللغة الإنجليزية وتشغيل الحاسوب والإنترنت كمتطلّبات ضرورية لإتمام وإنجاز التعليم والتدريب في أي تخصّص من التخصّصات المهنية والتقنية، وتنظيم العمالة اليمنية التي لديها مهن وحرف مكتسبة من الخبرة والممارسة العملية واعتمادها بشهادة تحقيق المهنة المعتمدة في دول الخليج وتشجيع الشباب من أصحاب المهن للاستفادة من هذا النظام، والتخطيط للتعليم والتدريب المهني والتقني على أساس المعلومات المسبقة عن سوق العمل من خلال إنشاء مرصد وطني للمعلومات، والاستفادة من التجربة السعودية في مجال التدريب المنتهي بالتوظيف والتشغيل الذي يمثّل آلية مرنة تعتمد على أساس التدريب والتأهيل المسبوق بالتعاقدات حول المهن والوظائف التي سيتم التدريب والتأهيل لشغلها، وتفعيل وتطوير دور صندوق تنمية المهارات اليمني بتوفير التمويلات المتعلّقة بالتدريب وتنمية المهارات اليمنية الملبّية لاحتياجات سوق العمل الخليجي.
ويرى خبراء اقتصاديون أنه ينبغي البحث مع دول الخليج إمكانية إيجاد بديل عن نظام "أرباب العمل" الكفيل وكذلك بحث تخفيض الرسوم على العمالة اليمنية، وأن تزوّد مكاتب التشغيل بالتجهيزات الحديثة والكادر المتخصّص وقاعدة البيانات الخاصة بسوق العمل المحلي والخليجي، وإنشاء مكاتب تشغيل خاصة متخصّصة في عملية التشغيل فقط.
وطالبوا بضرورة وجود ملحقين عمّاليين في سفارات اليمن في دول الخليج، والبحث عن آلية تمكّن دخول العمالة اليمنية إلى دول مجلس التعاون للبحث عن عمل، والتنسيق حول إمكانية تشغيل يمنيين في القطاع الحكومي لدول مجلس التعاون والأعمال الموسمية، وتسجيل العمالة المهاجرة في شركات تأمين متخصّصة. {
|