الإثنين, 08-يناير-2007
‮‬عدن‮- ‬أحمد‮ ‬حسن‮ ‬عقربي -
الشباب هو العنصر المتنامي الحي الذي يمتلك قدرات الخلق والابتكار وهو الحركة الدؤوبة التي تميز الكيانات الاجتماعية المتقدمة عن الكيانات المتخلفة.. وحتى تكون الرعاية حقة ومتميزة يجب أن تتسم بالشمول وبعد الهدف، وعمق التغيير بحيث يضمن للشباب في بلادنا كل أسباب‮ ‬المنعة‮ ‬والقوة‮ ‬المادية‮ ‬والمعنوية،‮ ‬القوة‮ ‬في‮ ‬التصميم‮ ‬والقوة‮ ‬في‮ ‬التنفيذ‮ ‬والإبداع‮ ‬والقوة‮ ‬في‮ ‬التقويم‮ ‬والإصلاح‮.‬
ولكي يجب أن تكون الرعاية للشباب في بلادنا مثمرة وضامنة للارتفاع بمستوى الوطن وازدهاره يجب أن تكون مقوماتها واضحة ومفهومة لكي يقوم العمل على أسس علمية تضمن النتائج في كافة الحقول في حين ان المتتبع لمسار رعاية الشباب والأطر الشبابية في والمؤسسات الشبابية التي تعنى برعاية الشباب في بلادنا نجدها تقوم في رعايتها للشباب على أسس معالجة مشكلات آنية طرحتها تعقيدات البناء الاجتماعي والتنموي، والمفروض ان تتخذ مساراً أكثر جدية تمارس من خلاله وظائف إنتاجية وتعمل لتهيئة كل مستلزمات تطوير حياة الشباب في الاتجاه السليم حتي لانقع في الاشكال القائمة لرعاية الشباب في بعض الأقطار العربية التي رمت إلى امتصاص إمكانات الشباب وطاقاتهم الإنسانية المبدعة، وتخلت عن طابع المنهجية والعمل الشعبي والتعاون والتكاتف الإنساني والروحي في طبيعة الاتجاهات الأساسية في التنمية الثقافية لشبابنا كأداة‮ ‬بناء‮ ‬شاملة‮ ‬في‮ ‬عملية‮ ‬النهوض‮ ‬الاجتماعي‮ ‬والثقافي‮ ‬والاخلاقي‮ ‬والرياضي‮ ‬والفني‮.‬
تساؤلات‮ ‬مشروعة
> قد يتساءل البعض عن الهدف الحقيقي لرعاية الشباب؟ والإجابة على هذا التساؤل المشروع تكمن في تنمية القوة البشرية القادرة على العمل وعلى العطاء مع العلم ان الشباب أرض خصبة يتقبل بسهولة كل الأفكار والأيديولوجيات بقضها وقضيضها.
أي ماذا نستطيع أن نعمل في أقل وقت ممكن وهذا يرتبط بماذا ينبغي أن تتناوله الرعاية الثقافية للشباب لتشمل الجسم وكيفية المحافظة عليه في أوج لياقته.. والعقل وكيف يتكون ويمتلئ؟ والخلق وكيف نزرع فيه القيم الدينية والخلقية الرفيعة والحس الجمالي وكيف نبلوره وننميه؟ وهكذا يتحتم على القائمين على رعاية الشباب سواءً الجانب الرسمي أو النقابي الشبابي أو المؤسسات الشبابية ان تعمل معاً من أجل إعداد دراسات علمية ميدانية لواقع الشباب اليمني بمختلف قطاعاته وشرائحه الاجتماعية، حيث لاتتوافر الدراسات في هذا المجال وإن وجد بعضها فإنها‮ ‬غير‮ ‬متوافرة‮ ‬تحت‮ ‬الأيدي‮ ‬وغير‮ ‬شاملة،‮ ‬وغير‮ ‬متكاملة‮ ‬ولم‮ ‬تطبق‮.‬
إعداد‮ ‬دراسات‮ ‬شبابية
> ولذلك ينبغي عند تنفيذ استراتيجية الشباب وإعداد الدراسات ان تعود إلى منابع مصادر ثقافة الشباب والتي تبدأ أولاً من التربية الأسرية بما فيها من قيم وعادات واختلاف بين الفئات الاجتماعية ونظرة كل فريق إلى الجنسين حيث ان الفتاة تتعرض لأساليب عدة من القهر في حين التربية الأسرية عاجزة عن تقديم ثقافة مفيدة للشباب تجمع بين التراث والدين وبين القيم العصرية وهذا ما يوقع الشباب في الحيرة والضياع، أما المنبع الثاني فهو المجتمع المليئ بالعادات القبلية والعشائرية وهي أمراض تشكل خطراً على الشباب، أما ثالثاً فهو التعليم في المدارس والجامعات، حيث ان التعليم في بلادنا مع الأسف يقوم غالباً على التلقين، أي على تقوية الذاكرة لا على التحليل والمبادرة، وتكوين الفكر المستقل ولا يعامل الشباب كذلك.. فهو تطويع وقسر وإجبار على القيم في المدارس والمناهج والكبت والإدارة التعليمية ثم يأتي منبع رابع وهو وسائل الإعلام الرسمية والأهلية والحزبية التي تعتمد على أساس الثقافة الوافدة أو الثقافة المحلية الضحلة، وهناك البعض من المؤسسات الشبابية الرسمية أو الأهلية أو الخاصة (نوادي ومراكز ثقافية واجتماعية)..
مشكلات‮ ‬شبابية‮ ‬حقيقية‮!!‬
> ان المشكلات التي يعاني منها الشباب نتيجة تلك المنابع السلبية لثقافة الشباب منها المشكلات النفسية ومنها الشعور بالضياع والخذلان والاحباط فيلجأون إلى المخدرات والسلوك الشاذ والمشكلات الأخلاقية والاجتماعية ومشكلات التطرف الديني والاجتماعي إلى جانب غياب التوجيه المهني الذي يحدد للشباب مساره المستقبلي وغياب التعهد للمواهب والكفاءات الشابه تنميةً ودعماً وتوجيهاً ومردوداً إلى جانب المشكلات الاقتصادية الجدية كالبطالة بين صنوف الشباب وثمة مشكلات التعليم والأمية والتسرب من المدارس والارتداد إلى الأمية وأمية الإناث وهي طاغية واضحة وتصل ما بين 40 من الذكور و60٪ من الإناث بالإضافة إلى الأمية الحضارية وهي الأخطر وهناك مشكلات الفراغ والترويح إذ ان جزءاً كبيراً من وقت الشباب ضائع والهدر كبير جداً واشكال الترويح قليلة جداً ناهيك عن مشكلات اللياقة البدنية وتكاد تكون منخفضة جداً ثم العناية الظاهرة بالرياضة والمنافسات الإقليمية تكشف بوضوح عدم اقتراب ابطالنا الشباب من الأرقام القياسية والأولمبية، وثمة مشكلات الزواج وتكوين العائلة بما لها من جوانب اقتصادية واجتماعية وما يتبع ذلك من مشاكل غلاء المهور ومشاكل السكن وارتفاع الإيجار وهناك مشاكل الانحراف مثل التدخين والكحول والمخدرات وانحرافات الأحداث في تزايد مستمر وهي مخيفة، فضلاً عن مشاكل رعاية الشباب التي تتركز في المدن الحضرية وتترك الريف والبادية وثمة مشاكل العمل الطلابي والتأثير الحزبي من قبل الأحزاب على الحركة الطلابية وهناك الحرمان الثقافي التي تعاني منه الغالبية العظمى للشباب لقلة المراكز الثقافية وشحتها والحرمان من مشاهدة المسرح وممارسة التصوير وعدم وجود مجالات أوسع للمارسة الثقافية منها عدم توافر إمكانات مطالعة في مختلف الكتب الثقافية الأدبية والرياضية والفكرية والسياسية والعلمية نتيجة شحة المكتبات العامة لهذه المطالعة وخصوصاً في المناطق الريفية والنائية، وثمة مشاكل المعوقين من الشباب عقلياً أو جسمياً وهم يمثلون من 3 إلى 5٪ من مجموع سكان البلاد وثمة صعوبات شتى في تأهيلهم.. وخلاصة القول ان ثقافة الشباب تكاد تكون فقدت حيوتها ومقدرتها على الخلق والإبداع وتتسم بالقهر في نظام الأسرة والمدرسة، لا على الحوار وتبادل الرأي وهي بكل المقاييس ثقافة تلقين، وتمتص القيم السلبية عن الاعلام الفضائى كما أنها ثقافة استهلاكية سيئة الصلة بالعصر وأصبح الشباب مستقيلين أكثر مماهم منتجون.
كيف‮ ‬ننقذ‮ ‬شبابنا‮ ‬من‮ ‬الهاوية؟
> وتأسيساً على تحليلنا لمشكلات الشباب نرى بالضرورة ان تشترك جميع الأطراف المعنية برعاية الشباب بدءاً من وزارة الشباب واتحاد شباب اليمن والمؤسسات الشبابية كالنوادي والجمعيات الشبابية والمراكز الثقافية والاجتماعية وجمعيات الفنون والمسرح والموسيقى ومؤسسات التراث والفلكلور الشعبي ومؤسسات المجتمع المدني والجامعات وعلماء الاجتماع وعلم النفس والتربية والسلطة المحلية.. أن تبادر بوضع استراتيجية لرعاية الشباب تضع في عين الاعتبار وبحسب اعتقادنا عدداً من المقترحات والمعالجات تشمل التأكيد على تعزيز ثقافة الشباب ورعايتهم الأولوية في جميع الميادين والمجالات التي يوجدون فيها شريطة ان يخطط لها تخطيطاً علمياً كاملاً ومدروساً والعمل على إعانة المدرسة في إعداد الشباب الاعداد الفكري من خلال الاستيعاب والتمكن التقني وممارسة الحياة التعاونية وروح الفريق الواحد وتعزيز المهارات الأساسية للشباب للمحافظة على البقاء من خلال الرياضة ومبادئ الصحة والقراءة والاطلاع إلى جانب تطوير مهارة الاختيار المهني والتعليم المستمر ومهارات التفكير والابتكار وقدرة التواصل أي مهارات القدرة على الأخذ والعطاء مع الآخرين والتربية الأخلاقية على أساس التوازن بين‮ ‬مصالح‮ ‬الفرد‮ ‬والمجتمع‮ ‬والاهتمام‮ ‬بالإنسان‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬توجهه‮..‬
أما في المجال الروحي فينبغي على المدرسة غرس العقيدة الإسلامية وتأصيلها في نفوس الشباب والربط بين العقيدة وواقع الحياة وإعداد مناهج التطوير الروحي والخلقي والعلمي بالتعاون بين وزارة التربية والشباب واتحاد شباب اليمن والجامعة والمؤسسات الثقافية الأهلية وإعداد مكتبة متكاملة للشباب تعالج قضايا وتكوين منبر للحوار الخصب وتنسيق التوجيه والبحوث والأعمال حسب حاجات الوطن وإشراك الشباب في تحديد ثقافتهم مضموناً وطرائق وإعادة النظر بالتشريعات القائمة المتعلقة برعاية الشباب، وكذلك الهياكل التنظيمية والإدارية والمناهج ذات العلاقة بالشباب والعمل على تقوية الروابط بين الحركة الشبابية في بلادنا فيما بينها والحركات الشبابية العربية والعالمية وتقوية ودعم إمكانات البحوث ذات العلاقة بالشباب والتعاون الوثيق فيما بين المعاهد اليمنية ذات الاهتمام بالشباب إلى جانب وضع أسس متينة لمشاركة الشباب بفعاليات التنمية الوطنية والاجتماعية والثقافية ونشاطاتها ضمن الحلول للمشكلات المجتمعية والمحلية كمعسكرات الشباب الصيفية وعقد الحلقات الدراسية والكشفية والفتوة والاشتراك التطوعي بالمشاريع العامة والاكثار من تأسيس مراكز الشباب وبخاصة في المناطق الريفية المتخلفة والإكثار كذلك من تأسيس المكتبات والأندية ومراكز الترويح الحديثة والمشوقة، وحث وسائل الإعلام المختلفة لنشر احتياجات الشباب والتعريف بها وتبيان سبل معالجتها، وكذا التأكيد والتشديد بأوسع نطاق على تربية البيئة اليمنية ونظرتها إلى الجنس والمخدرات ووضع البرامج الخاصة لخلق ثقافة وقائية متناسبة مع المناطق المختلفة من الوطن والعمل على تشجيع وتكوين المنتديات الفكرية الشبابية لإعداد القادة وتكوينهم وإشراكهم في عمليات التنمية، والسعي حثيثاً لإنشاء مكتبات الشباب على أوسع نطاق واستغلال رغبتهم في المعرفة لتنمية معارفهم الدينية والعلمية والأدبية وذوقهم الجمالي والعناية بمختلف الفنون والمعارف ليتجذب كل الاتجاهات المعنية بتنمية المجتمع والعمل على محو الأمية الحضارية والأمية التعليمية في قطاع الشباب ثم التركيز على قضايا الهجرة والتوظيف والعلاقات الشبابية والعائلية والترشيد المهني ومشكلات الطلاب، فضلاً عن اشراك الشباب اليمني في الندوات الفكرية التي تنظمها المحافل العربية والعالمية للشباب وخاصة المؤتمرات والندوات التي تتدارس شؤون السلم والأمن وحقوق الإنسان ومحاربة العنف ضد المرأة وحرية الرأي ومناصرة الشعوب المناضلة من أجل الاستقلال كالشعب الفلسطيني والعراقي، إلى جانب العمل على إنشاء مراكز بحوث ومعلومات وتوثيق على مستوى الوطن ووضع برامج البحث ذات الصلة بالشباب والاهتمام بمجال الطب النفسي عند التخطيط للشباب وفي المشاريع التنفيذية والعناية بالشباب في سن مبكرة خصوصاً وان جذور الأمراض الشبابية تتكون في هذه المرحلة ثم زيادة الاهتمام بإنشاء معاهد متخصصة لرعاية المعاقين من الشباب دراسياً أو عقلياً أو جسمياً، لا من أجل تأهيلهم فقط ولكن لإيجاد العمل الكريم لهم.. ولا يسعني في الختام إلاَّ أن أؤكد ان العمل المنظم القائم على أسس علمية ثقافية وعملية ستغرس في الشباب روح الشعور بالمسئولية وهو وحده الكفيل بإرساء دعائم إنجاح مشـروعات الرعــاية الشبابية المتكاملة للشباب وتأهيله من أجل الزمن والاستقرار والاستمرار، لذا فإن البناء والإنشاء والتأهيل وسائل مباشرة ومثمرة في ضمان أفضل أساليب التقدم‮ ‬والارتقاء‮ ‬بالشباب‮ ‬في‮ ‬بلادنا‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 27-سبتمبر-2024 الساعة: 11:18 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-1891.htm