الأربعاء, 22-ديسمبر-2010
الميثاق نت -    حمود الصوفي -
هل وحده الزمن من يمتلك حرية كشف الحقائق وتحديد مواقيت الإفصاح عنها وكيفية إعلانها؟.. أليس من الغبن أن يدفع المرء ثمن فعل لم تصنعه يداه أو يسدد فاتورة جريرة لم يفكر حتى بتصور حدوثها.. كيف تتجمع المتناقضات أحياناً لترسم صورة توحي بنقيضها ثم تتحدد العلاقات وتبنى المواقف على مفاهيمها الخادعة؟

أليس صحيحاً أنك عندما تقدم للمرء معلومات مغلوطة تدمر تفكيره؟

أسئلة قديمة استعادت عنفوانها في ذهني وأنا استمع للكلمة التي ألقاها فخامة الأخ علي عبدالله صالح ـ رئيس الجمهورية ـ في افتتاح ندوة التوثيق بجامعة عدن.. أسئلة دفعت بمواقف وصور أولئك الذين تسببوا بتدمير علاقات اليمن مع جيرانه الخليجيين أثناء العدوان الغاشم على دولة الكويت إلى ناصية الذاكرة.. وجعلوا الارتياب يسطو على أماكن الثقة بين إخوة لم يخذل أحدهم الآخر عبر التاريخ.

فليس اليمن وليس قائده علي عبدالله صالح من يهتف للحماقات ويبارك العدوان على دولة الكويت الشقيقة التي لم تفتح اليمن عينها في صبيحة ميلاد مجدها الأول عام 1962م إلا على صورة الكويت المتوثبة للمساندة والدعم السخي وفي يدها وثيقة اعتراف بالجمهورية الوليدة.

ليس الشعب اليمني ولا رئيسه علي عبدالله صالح من يقف على النقيض من المملكة العربية السعودية التي تشاطرنا معها الهمَّ سوياً واقتسمنا كسرة الخبز ورشفة الماء معاً عبر مراحل التاريخ وفي مختلف الظروف.

فقط ثلة من أبناء هذه الأمة العصاة تسللوا على غفلة من نباهة التاريخ إلى مؤسسة صناعة القرار في لحظة الارتباك واستهانوا بحرمة الأخوة واختراعهم للمواقف المؤيدة للعدوان المنافي أصلاً لقيم هذا الشعب وضمير قائده الذي أشهر الرفض في وجه العدوان وأعلن إدانته له وطالب بسرعة انسحاب الجيش العراقي من الكويت في اللحظة الأولى للاجتياح.

حينها كانت الوحدة اليمنية في لحظات ميلادها الأولى تحاول أن تتخطى ما تبقى من العوائق التشطيرية، وكانت المخاوف من انتكاستها تؤرق عشاقها، وتجعلهم يغضون الأبصار عن كثير من حماقات المتربصين بها الذين وجدوا في ذلك فرصة للعبث بوعي الجماهير اليمنية الحائرة بين حبها للكويت ورفضها للتدخل الأمريكي ومخاوفها من تبعات ذلك التدخل على دول الخليج والمنطقة العربية.

فاعبتروها ورقة رابحة لإحراج رئيس الجمهورية ليس أمام الجماهير اليمنية فقط بل وأمام الدول الخليجية التي لم تكن بمنأى عن تأثير هول المفاجأة والحيرة في تفسير ما حدث من اجتياح، فكانت ردود الفعل اللحظية المتسارعة هي أبرز سمات تلك الفترة.

وماذا الآن بعد عشرين عاماً ؟ هانحن في اليمن والخليج نستهلك الوقت والجهد لنوصل شرايين الأخوة التي مزقتها خناجر أولئك الذين نشهد بأنهم يمتلكون طاقات جبارة لتبديل مواقفهم، وتغيير وجوههم بصفاقة مخزية، وبسرعة البرق.

عشرون عاماً ونحن نحاول أن نزيل عن كاهل العلاقة بيننا وأشقائنا آثار وتبعات ما اقترفوه من حماقات، أساءت لليمن قبل أشقائها في المقام الأول.

وها هم اليوم وبلا خجل يتسكعون في شطآن مدن الخليج وعواصم أوروبا بغية تقويض علاقات اليمن مع أشقائها وأصدقائها مرة أخرى، وتحت مسميات أخرى، وبصيغ مختلفة .. لكن لا أبناء الشعب اليمني ولا أبناء الخليج ولا قياداتهم سيلدغون من جحر مرتين، فأمن الخليج واستقراره وتقدمه وتطوره كان ولا يزال أولوية يمنية بامتياز، ووحدة اليمن وأمنه واستقراره وتقدمه وتطوره كانت وماتزال أولوية خليجية بامتياز .. هكذا تقول الشواهد وتفصح مفردات الحقائق البارزة في واقع الحياة صارخة بوجه أولئك الذين لا يجيدون إلا صناعة الأزمات ، والوقوع دائماً تحت سطوة الرغبة العارمة في البقاء بمواقف العداء للتآخي والألفة بين أبناء هذا الشعب، الذي كثيراً ما سامحهم عما ألحقوا به من أذى وكذلك تسامح القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ الرئيس، الذي كلما وضعوا أنفسهم في موقع الجاني أصدر قرارات العفو عنهم علهم يثوبون إلى رشدهم، فهل هم فاعلون ؟ وهل باستطاعتهم أن يحرروا أنفسهم من سلاسل استسهال الرزق بدوافع وتحت مبررات لم تعد قائمة بعد أن بادرت القيادة السياسية وأسقطت كل العقوبات القضائية بحقهم.. وغدت أبواب الوطن مفتوحة على مصاريعها أمام عودتهم.

كما أن العلاقات اليمنية - الخليجية تحررت تماماً من كل الشوائب والمنغصات التي عكرت صفوها حيناً من الدهر، واستعاد الدم اليمني- الخليجي جريانه الطبيعي في شرايين الأخوة والإيثار مما يجعل الأشقاء في بعض دول مجلس التعاون الخليجي في حل من أي التزام تجاه أولئك بعد أن سقطت كل المبررات والدوافع اللهم ..

أنا نسألك الهداية لهم.

*محافظ محافظة تعز.

تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 05:33 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-18959.htm