علي عمر الصيعري -
صباح يوم السبت الماضي، تفوق نواب »المشترك« على أنفسهم عندما صدقوا هذه المرة، واعترفوا بأنهم مواهب فذة في التمثيل المسرحي، بتقديمهم مسرحية فريدة من نوعها في العراء، عنونوها بـ»البرتقالة«، وهاكم عرضاً وجيزاً لفصلها الأول:
المشهد: الشارع الذي يقع عند ناصيته مجلس النواب بالعاصمة »صنعاء«.. الخلفية: بوابة المبنى المحاذية لذلك الشارع.. أمام البابة اصطف عدد من نواب »المشترك« ومن بينهم اثنان أو ثلاثة من المستقلين.. الجميع متشح بقطع قماش برتقالية اللون، كتبت عليها شعارات تحمل »لاءات« تعبر عن حالة من مرض »الوسواس القهري«.
في الجهة المقابلة من الشارع، تجمهر عدد من عمال شركة تصنيع وتسويق »الملح« بالحديدة في احتجاج على تداعيات خصخصة مصانع ومعامل »الملح« في العام 2004م والذي رمت بالعديد منهم إلى الشارع بعد مرور خمس سنوات ونيف على تلك الخصخصة..
من الجانبين ترتفع أصوات وتختلط ببعضها البعض.. »أشاوس« المشترك يهتفون ضد الديمقراطية، وينددون بإنحياز المؤتمر الشعبي العام إلى جانب الحق الدستوري للشعب في الانتخابات البرلمانية القادمة، ويهددون بالويل والثبور.. صوت لنائب ناصري يرتفع ليطغي على كل الأصوات هاتفاً: هذه الخطوة- يعني المسرحية- غيرنا فيها »المشدات« البيضاء إلى »البرتقالية«، والخطوة التالية .... تكون بالنزول إلى الشارع« يجره أحد زملائه هامساً في أذنه: »ما بلا قدو نحن في الشارع!!«.. بعدها يرتفع صوت من بين عمال الملح هاتفاً في الصف المقابل له: »انتم السبب في الخصخصة يا مشترك، وأنتم اللي دفعتم بإخوانكم للتصويت عليها.. يكفيكم بعسسة..« فيخيم الصمت على الجميع.
من داخل البرلمان، حيث جلسته المتواصلة، يرتفع صوت »البركاني« رئيس كتلة المؤتمر مخترقاً قبة البرلمان ليصل إلى آذان العمال المعتصمين عند البوابة وهو ينتقد وزير التجارة والصناعة ويحمِّل وزارته مسئولية ما آل إليه حال عمال الملح بعد تلك السنوات الخمس، ويطالب الوزير بإيجاد حلول سريعة وعادلة لهؤلاء، فتسري موجة من الارتياح إلى صدور العمال، ويسدل الستار على هذا الفصل من المسرحية، فيتنبه »البرتقاليون« من مهزلتهم التمثيلية ليهرعوا لعقد مؤتمر صحفي بعد ظهيرة ذلك اليوم المسرحي الذي لم تشهد له صنعاء مثيلاً، وهناك واصلوا ضجيجهم وحواراتهم، ولكن مع أنفسهم وحدهم.. وصدق »أبو علي« الراعي عندما وصف مهزلة »البرتقاليين« بـ»المسرحية«.
قال النابغة:
واليأسُ عما فات يُعقِبُ راحةً
ولرُبَّ مطعَمةٍ تعود ذُباحا