يحيى نوري -
المواقف التي مازالت أحزاب التحالف تتشبث بها والرافضة مطلقاً لكل توجهات المؤتمر الشعبي العام ستكون بكل تأكيد الحكم الأخير الذي بمقتضاه تخرج هذه الاحزاب عن روح وحيوية المشهد السياسي اليمني.. ذلك ان هذه الاحزاب تصورت بأنها بمواقفها هذه تستطيع ايقاف مسيرة الديمقراطية والاصلاحات الهادفة الى بناء الدولة اليمنية الحديثة والتي مازال المؤتمر الشعبي العام يناضل من أجل الانتصار لها.
واذا كانت هذه المعارضة تقول إن المؤتمر يحاول- عبثاً حسب وصفها- استنساخ الانتخابات المصرية فهي برأيها هذا تؤكد غباءها السياسي وعدم قدرتها على فهم المعطيات السياسية في بلادها اليمن، فما بالها هنا تحاول أن تقحم نفسها في فهم معطيات المشاركة السياسية في العديد من البلدان العربية، واذا كانت هذه الرؤية العاجلة لها في وصف وتشخيص الحالة اليمنية تمثل اعلى درجات الاخفاق في قراءة المشهد السياسي فانها بذلك تقدم الدليل الناصع بانها تعيش خارج السرب ليس يمنياً وانما على مستوى الحياة العربية عموماً.
ويدلل على ذلك تناسيها ان المعطيات السياسية اليمنية والارادة السياسية للقائد التاريخي علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وما يحمله من حرص كبير على أهمية مشاركتها كأحزاب في الحياة اليمنية بانها قد ضربت بكل ذلك عرض الحائط وراحت تقارن معطيات المشهد اليمني بمشاهد أخرى اقل ما نقوله عنها بانها ترفض التعدد بل وتتفنن في وضع الخطط والبرامج القادرة على اقصاء الآخر واستبعاده من الحياة السياسية، وهناك مشاهد عدة تؤكد ذلك في الانتخابات العربية التي اصبحت- للاسف الشديد- احزاب المشترك تقحم نفسها في تناولها كأدلة دامغة على ما تدعيه زوراً وبهتاناً من هشاشة للحياة السياسية اليمنية.
واذا كان الاسلاميون قد استبعدوا في العديد من الانتخابات العربية وقوبل استبعادهم هذا بترحيب دولي تحت مسميات مختلفة منها الارادة الشعبية في الانتخابات فإن اسلاميي اليمن ومعهم القيادات القومية وغيرها مطالبون اليوم وقبل ان يفهموا معطيات المشهد السياسي اليمني بقراءة المشهد السياسي العربي خاصة في وجهه الانتخابي.. ونعتقد هنا انهم اذا ما قرروا اجراء قراءة متأنية متفحصة تقوم على أسس علمية ومهنية متجردة تماماً من كافة المعالم الآنية والحزبية والاهواء والمزايدة والمناكفة السياسية فانهم سيخلصون في قراءتهم هذه الى انهم بحس ملهم الاسراع في تقديم آيات الشكر والتقدير للاهداف العظيمة والنبيلة لقيادة اليمن وحرصها على اشراكهم في الحياة السياسية بل وسعيها الدؤوب من أجل جعل مشاركتهم عملية تجسد عظمة الارادة السياسية اليمنية المؤمنة بلا حدود بالآخر وبأهمية مشاركته في الحياة السياسية.
قراءة لو تمت وتم فهمها واستيعابها بصورة عاجلة من قبل قيادات احزابنا ستعود حتماً الى تحولات مهمة لعل من أبرزها ان الحاكم والمحكوم في اليمن يقدمان سوياً أعظم تجربة ديمقراطية حقيقية تعبر عن الانسجام الكامل بينهما بالرغم من اختلافهما في الوسائل والطرق.
وتقدم الأنموذج الحقيقي الذي ينبغي من المعارضة العربية ان تسير عليه وتدرك تماماً ان قوى المعارضة في العديد من أقطار العالم العربي تحلم بها بل وتتمنى أن تصل الى الاجواء والمناخات الديمقراطية الصحية التي يتمتع بها اليمن على صعيد مشهدها السياسي وعلى صعيد ما تتمتع به اليمن من ارادة سياسية بأهمية اشراك الآخر.
وخلاصة: ان ما ذهب اليه القيادي في الحزب الاشتراكي اليمني أنيس حسن يحيى وما عبر عنه من رؤية صائبة ازاء الاستحقاق الانتخابي القادم واهمية المشاركة الانتخابية من قبل جميع الاحزاب ستمثل الخلاصة الوحيدة التي ستندم المعارضة على ما اقترفته من قرار مجحف مثّل اعتداءً على وطنها وتجربته الديمقراطية بل واعتداء على الارادة الديمقراطية وان غداً سيفضح أبعاد هذه المواقف ولن يرحم أصحابها مهما كانت مبرراتهم التي مازالوا يسوقون لها للاسف الشديد.