محمد علي سعد -
وجود فخامة الاخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية بعدن طوال الفترة الماضية حرك المياه الآسنة في المدينة وبدأ المسؤولون فيها يداومون في مقار عملهم من الثامنة صباحاً ولا يبرحون أعمالهم إلا قرابة الثانية ظهراً وهو أمر لا يلمسه المواطن إلا نادراً وكأن الكثير من المسؤولين في السلطتين التنفيذية والمحلية لا يعملون بأمانة إلا بحضور الرئيس وتحسباً له ولمتابعته لهم وللمسؤوليات التي تقع على عاتقهم لذا فإن القول الشائع «العصا خرجت من الجنة» ّهو قول صحيح مئة بالمائة.
وفي هذا الصدد كم أشعر بالخجل نيابةً عن كثير من الوزراء والمسؤولين وأنا أسمع نفاقهم السمج.. لولا الرئيس لما قام خليجي عشرين ولولا المتابعة الشخصية من فخامته لما أنجزت المشاريع المرتبطة بالبطولة ولولا حضوره الفاعل ما شاركت الجماهير في إنجاحها بتلك الصورة الرائعة.. والآن يكررون عبارات وشعارات بنفس الصورة البليدة.. تصريحات يطلقونها نهاراً جهاراً بأن وجود الرئيس بعدن سرع من وتيرة العمل في سلسلة طويلة من المشاريع ليس في عدن وحسب ولكن في أبين ولحج وحضرموت.. الخ.
والسؤال لمَ يتفرغ الرئيس لإنجاح خليجي عشرين ولقضايا تحريك المشاريع المتعطلة ويوجه بإقامة مشاريع جديدة ويقوم بشخصه الكريم بالزيارات الميدانية لكل مرافق الحياة ويتابع سير العمل فيها.. لمَ يتفرغ فخامته لمتابعة أعمال المحافظين والسلطتين التنفيذية والمحلية.. ماذا يعمل أولئك المسؤولون؟ ولو لم يقم الرئيس بكل تلك الجهود فما فائدة هذا الطابور الطويل من المسؤولين «من وزراء وغيرهم» وما الفائدة المرجوة من الوزارات التي يستوزرونها؟كارثة حقيقية حين تتحول الحكومة بكل طاقتها الى دائرة يتابعها الرئيس كي يقوم بواجباتها والتي من المفترض القيام بها دون ملاحقة من الرئيس، كارثة ان تتحول الحكومة وبعض المحافظين والمسؤولين في السلطتين التنفيذية والمحلية إلى عبء جديد على أكتاف الرئيس، في حين المفروض أن يكونوا هم حجر الزاوية والأساس الفاعل لكل عمل أو إنجاز بحكم مسؤولياتهم في الحكومة والمحافظات.. الخ.
المواطن اكتشف للمرة الألف أن هناك بطالة مقنعة يتمتع بها وزراء ومحافظون ومسؤولون تنفيذيون وأعضاء مجالس محلية.. بطالة مقنعة لأنهم ينهكون الدولة بمرتباتهم الكبيرة وامتيازاتهم المادية والأدبية، فيما أداؤهم أقل من أداء أبسط جندي يقوم بحراسة نقطة في أي طريق فرعي في الشارع.
جريمة عندما لا يعمل الوزراء إلا بحضور الرئيس وتوجيهاته ومتابعته لهم، وأمر مؤسف عندما لا يداوم المحافظون والمسؤولون التنفيذيون في أوقات الدوام الرسمي ولا يعالجون أوضاع محافظاتهم ومواطنيهم إلا في حضرة الرئيس.
يشعر المواطن بالكثير من الحزن والأسى على طابور المسؤولين الذين يأخذون كل شيء من الدولة على أساس مناصبهم واشتراطها بخدمة الصالح العام ليتحولوا الى عبء على الخزينة العامة وعلى المواطن وعلى الرئيس نفسه.
المواطن يتعاطف مع الرئيس وهو يراه يعمل كل شيء بيديه بديلاً عن الحكومة وعن المحافظين وعن .. وعن.. وكأن الرئيس هو المعني والمهموم بقضايا الوطن والمصالح العليا للشعب، وكأنه رئيس بلا رجال حقيقيين يقومون بواجباتهم وينفذون مسؤولياتهم على الأقل مقابل ما تمنحهم الدولة من امتيازات بحكم مناصبهم.
مؤلم أن يتابع الرئيس الطريق والجامعة والحالة الأمنية ونشاطات الشباب والسياسة الخارجية والتنمية.. الخ.
إذاً هذا الجيش الجرار من المسؤولين ماذا يعملون؟ ولِمَ هم في الأصل باقون في مناصبهم إذا كان كل شيء على الرئيس وهم مجرد صور تتحرك أمام كاميرات المصورين، وألسنة تقر بأن كل شيء عُمل ويُعمل هو بتوجيه مباشر من الرئيس!! طيب أيش فائدة وجودهم ولِمَ يستمر بقاؤهم مسؤولين على شعب، المفروض عليهم ان يخدموه ويقدموا له كل شيء وفق برنامج الحكومة والبرنامج الانتخابي لفخامته والبرنامج الانتخابي للمؤتمر الشعبي العام، لنجد واقع الحال يقول إن هناك عدداً غير قليل من المسؤولين قد حولوا الشعب لخدمتهم وخدمة مشاريعهم الشخصية، وأولها الإثراء على حساب كل شيء وأي شيء ومنها المضاربة في سعر رغيف الخبز الخاص بالمواطن المتعب..
والخلاصة فليسمح لنا فخامة الرئيس أن نسدي إليه برأينا المتواضع والذي نقول فيه: إنه وفي هذه المرحلة الدقيقة التي تعيشها بلادنا سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً وديمقراطياً.. الخ والمتطلبات الضرورية المهمة لمعالجتها، نقترح لفخامته تشكيل حكومة ظل من تسعة وزراء رجال بمعنى الكلمة، ومسؤولين شرفاء تساعده لإدارة شئون البلاد والعباد، ويكون بمعيتهم مجموعة فرق عمل تنفيذية على قدرٍ كبير من الكفاءة والمهنية يواجه بها فخامته التحديات القائمة تاركاً بقية أعضاء الحكومة من المتبطلين، وكذا جماعة الماراثون التي تتسابق على الاثراء الشخصي من وزراء ومحافظين ومديرين تنفيذيين ومجالس محلية وقيادات مؤتمرية يتركهم كديكور أمام الرأي العام حتى تحين الفرصة لإقامة حفل توديع جماعي لهم بعد الانتخابات البرلمانية في ابريل القادم 2011م أو يجعل المولى عز وجل لنا كشعب وللرئيس الانسان مخرجاً جميلاً بإذن الله.
للتأمل
نقول للذين يقرون أن كل شيء يعتمل في البلاد هو بتوجيه من الرئيس وبمتابعته الشخصية نقول لهم وباللهجة المصرية «قاعدين ليه ما تقوموا تروحوا».