الميثاق نت - مثلما هو متوقع وطبيعي قبيل أي استحقاق انتخابي في البلدان ذات النهج الديمقراطي، اشتعلت الساحة السياسية في اليمن جدالاً بين شركاء الملعب السياسي بعد فترة هدوء نسبي منذرة بموسم انتخابي ساخن، وسجال ديمقراطي حامي الوطيس، وتسخين مبكر لحُمَّى انتخابية تلوح في الأفق على بُعد نحو (130) يوماً من الـ(27) من إبريل 2011م الموعد القانوني والدستوري لاختيار الناخبين ممثليهم في رابع انتخابات برلمانية تشهدها البلاد منذ قيام الجمهورية اليمنية ونشوء التعددية السياسية والديمقراطية في العام 1990م.
ومنذ إقرار البرلمان للتعديلات المتوافق عليها بين المؤتمر وأحزاب المشترك في القانون رقم (26) لسنة 2010م، بتعديل القانون رقم (13) لسنة 2010م والصادر في الـ(12) من ديسمبر الماضي، وصدور قرار رئيس الجمهورية في الـ(16) من ديسمبر بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء، ومن ثم شروع هذه اللجنة -المشكَّلة من قضاة بموجب اتفاق المبادئ الموقع بين المؤتمر والمشترك عام 2006م- في أداء مهامها المتعلقة بالتحضير للانتخابات البرلمانية المقرة في إبريل 2011م، وخطاب ومواقف المعارضة في تحالف أحزاب المشترك يتجه نحو التصعيد احتجاجاً على ما يعتبرها المشترك إجراءات انفرادية للمؤتمر، متهماً الأخير بالانقلاب على اتفاق فبراير 2009م والذي يقول المشترك إنه أصبح مصدر الشرعية، فيما يصر المؤتمر على أن الدستور والبرلمان لا يزالان هما مصدر الشرعية لجميع الأطراف، متهماً المشترك بالسعي بالبلاد نحو فراغ دستوري والهروب من الانتخابات.
دهاء مشترك
وبدهاء سياسي محكم وضمن استراتيجية طويلة المدى، عمل المشترك منذ مطلع العام 2007م على نسقين اثنين، تعطيل المؤسسات الدستورية وتحديداً لجنة الانتخابات، وجرجرة المؤتمر وحكومته إلى فخ الفراغ الدستوري وذلك من خلال تشجيع المؤتمر على تجاوز المواعيد الزمنية القانونية وإهدار أطول وقت ممكن من الوقت في تشكيل اللجان الحوارية واللجان المنبثقة ولجان التنسيق والتواصل ومنظومة (التواصل - التشاور - الحوار)، والتي نجح المشترك من خلالها في استهلاك قرابة (18) شهراً من أصل (24) شهراً- عمر التمديد البرلماني بموجب اتفاق فبراير 2009م ، وحشر المؤتمر في زاوية (التهيئة) للحوار وليس البدء فيه، هذا غير مهادنته وتشكيله غطاء سياسي حقوقي لأعمال العنف والتخريب في صعدة وبعض مناطق بعض المحافظات الجنوبية وصولاً إلى إعلانه توقيع الاتفاقات والمعاهدات معهم.
إغراء المؤتمر بشوطين إضافيين
وبانقضاء العام 2008م كان المشترك نجح في إعاقة إقرار التعديلات على قانون الانتخابات وعرقلة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات بتخلفه عن تقديم أسماء ممثليه في عضوية اللجنة في جلسة البرلمان ليوم 18 أغسطس 2008م الشهيرة بيمين الدكتور /عبدالرحمن بافضل- رئيس كتلة الإصلاح.. كما نجح في إغراء المؤتمر مطلع العام 2009م بتمديد برلماني قضى بإضافة ما يمكن تسميتها شوطين إضافيين (عامين) لحكومة المؤتمر، واتفق على تسميتها حينها تمديداً للبرلمان وليس تأجيلاً للانتخابات بموجب «اتفاق فبراير» الذي حرص المشترك خلاله على تأمين مكاسبه المحققة بوضع بند «تشكيل اللجنة العليا للانتخابات» ثالثاً في الاتفاق المكون من (3) بنود فقط تضمن البند الأول والثاني منها جملاً وعبارات مطاطية وتفسيرات ذات أوجه متعددة غير ملزمة بجدول زمني محدد، ولا تبارح معضلة « تهيئة المناخات « كاشتراطات تعجيزية تنبَّه لها الدكتور عبدالكريم الإرياني مبكراً بقوله (لو كانت المناخات مهيأة فما الحاجة للحوار.!)، واضعاً فكرة مساري الحوار (انتخابات واصلاحات).
الاتفاق الأبيض في اليوم الأسود
وفيما كان المشترك يعتقد أنه بات قاب قوسين أو أدنى من الإيقاع بالمؤتمر وحكومته في فخ الفراغ الدستوري، تفاجأ بما يشبه الضربة الخاطفة بإقرار البرلمان التعديلات المتوافق عليها على قانون الانتخابات، وهذه الخطوة جاءت بعدما أفصح المشترك عن نيته استبدال مجلس النواب بلجنة الـ(200) المشكَّلة بالتساوي من المؤتمر وحلفائه والمشترك وشركائه مضافاً اليها قائمة مماثلة من الطرفين،واستبدال الحكومة بلجنة الـ(30) التي انبثقت عن لجنة الـ(200) في اول اجتماع لها في الـ(7) من أغسطس العام الماضي ،في حين أسندت مهام الرئاسة لما عُرف بلجنة الـ(4).
وإذا كان المؤتمر استعان هنا بأغلبيته لتخطّي جدار الإعاقة الأول للمشترك، فإن ما لم يكن بحسبان المشترك أن يعود المؤتمر لتخطّي جدار الإعاقة الثاني «لجنة الانتخابات» للعام 2006م، حيث «اتفاق المبادئ» الموقع بين المؤتمر والمشترك والذي ينص في بنده الثاني على تشكيل اللجنة العليا للانتخابات من قضاة وتضمن بنده الأول إضافة عضوين من المشترك للجنة الانتخابات العليا كاشتراطات وضعها المشترك آنذاك للمشاركة في الانتخابات المحلية والرئاسية في سبتمبر 2006م.. والمفارقة هنا أن المشترك حينما اشترط تشكيل لجنة الانتخابات من قضاة كان على يقين برفض المؤتمر، وحينما وافق الأخير سرعان ما تنصل المشترك عن الاتفاق وأعلن رفضه تشكيل لجنة الانتخابات من قضاة مطلع العام 2007م.
المؤتمر يسقي المشترك من كأس اشتراطاته
وبهذه الضربة الخاطفة المزدوجة يكون المؤتمر الشعبي العام ربط حزام الأمان لضمان الاستقرار السياسي للبلد ، وأسقى المشترك لأول مرة من كأس اشتراطاته التعجيزية بتشكيل لجنة انتخابات من قضاة بينهم امرأة، وهو ما يفسر انفعال وتشنج قيادات أحزاب المشترك حيال تلك الإجراءات وخروج خطابهم عن المألوف، حيث دعا المشترك إلى «هبة غضب شعبية» وتضمنت بعض تصريحاته تهديدات مبطنة بأعمال عنف في إشارة واضحة إلى نفاد أوراق المشترك باعتبار الخروج إلى الشارع هو آخر الأوراق في العمل السياسي.
|