د. علي مطهر العثربي -
عدما يكون العقل المستنير حاضراً في ساحة الفعل الوطني تختفي عوامل الفتن ويتوارى أصحابها خوفاً من غضبة الشعب الذي يكتشف الحقيقة، ولكن عندما يغيب أوأي غُيابَّ العقل المستنير يظل الشعب تحت سيطرة أصحاب الزيف والفتن وصناع
الأزمات وتجار الحروب وأصحاب المصالح الضيقة والطموحات غير المشروعة، ولا يستطيع الشعب اكتشاف حقيقتهم الا بعد فوات الأوان حينما يلمس الضرر الحقيقي والجرم العملي الذي يخلفه دعاة الفتن وتجار الحروب، وقد أثبت التاريخ
السياسي المعاصر أن الانتهازيين يستغفلون الشعوب ويعملون على تغييب العقول المستنيرة أو منعها من الظهور، لأنهم يدركون تماماً أن العقل المستنير سيكشف حقيقة نواياهم وسوء أفعالهم وفظاعة جرمهم وسفه طيشهم.
إن دعاة الفتن وصناع الأزمات وتجار الحروب لا يقد رّون بأي حال من الأحوال عواقب أفعالهم على الصالح العام، وليس لديهم من هم غير تحقيق مصالحهم الأنانية
وتحقيق المكاسب السياسية الرخيصة، وهؤلاء لا يهمهم وطن ولا سيادة ولا أمن ولا استقرار ولا سلام اجتماعي، لأنهم لا ينظرون الا إلى مصالحهم الذاتية وقد هيأوا أنفسهم على ذلك الفعل الشيطاني وراهنوا على تحقيق مصالحهم من خلال
افتعال الأزمات وتثوير الشارع واستخدموا في سبيل ذلك كل الوسائل
غير المشروعة وأوهموا البسطاء من الناس ا لغا فلين أ نهم إ نما يعملون ذلك من أجلهم، وقد ركنوا الى عدم كشف الحقيقة لأنهم قد تحالفوا مع عناصرهم العدوانية
داخل أجهزة الدولة على محاربة العقول المستنيرة وعطلوا الفعل الوطني الواعي وجعلوا الساحة خالية من كل عقل مستنير وفعل وطني مسؤول.
إن هذه الحالة الشيطانية لمسناها حقيقةً في ساحتنا السياسية على مستوى الاحزاب والتنظيمات السياسية وأجهزة الدولة، حيث العمل العدواني على مقدرات الناس وأمنهم واستقرارهم عمل مدبر ومخطط له بإحكام فأوجدت عناصر الشر والفتنة عناصر لها تعمل في أجهزة الدولة وأوكلت إليهم عملية محاربة العقول المستنيرة
وإحباط الوطنيين الشرفاء وتسهيل مهمة العناصر الشيطا نية و منحها الحق والباطل ومنع العقو ل المستنير ة من الحصول على الحقوق المشروعة وزرعت في طريقهم
الإحباط ومارست ضد هم التهميش ظناً من العناصر الحاقدة على الوطن أن ذلك سيوصلهم الى السخط ويجعلهم يميلون الى ممارسة العنف أو مساندة دعاة الفتن أو
يقومون بأعمال يمكن أن تحقق أغراضهم العدوانية على الشعب،غير أن العقول المستنيرة لم تندفع الى ذلك الفعل المخطط له من قبل قوى الكيد والعدوان على الشعب ومقدراته، ولم تحاول الانزواء أو الاحتجاب عن الناس بسبب تلك الممارسات التي تمارس ضدهم، وتقف عقبة في طريق الحصول على حقوقهم المشروعة، وأدركوا تمام الإدراك أن الذين يمارسون ذلك الصلف ضد حقوقهم مأجورون لا يخدمون الوطن، وإنما يخدمون أعداء الوطن وهم أدوات بأيدي الحاقدين على الثورة والديمقراطية والوحدة، ولهم أجندة محددة من الخارج يعملون على تنفيذها بهدف الوصول الى تخريب البلاد والعباد وإفساد الوحدة الوطنية.
نعم هذه حقيقة التآمر على الوطن من أعداء الانسانية، وأنا على يقين أن العناصر الحاقدة على الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية المدسوسة لم تعد بعد هذه
المرحلة قادرة على إخفاء نفسها أو التستر خلف أحد على الاطلاق، لأن فعلهم في محاربة العقول الوطنية المستنيرة بات واضحاً للعيان مهما قالت من كلام معسول، ولذلك ينبغي محاسبة أمثال هؤلاء لأن خطرهم على الوحدة الوطنية والسالم الاجتماعي أعظم من أولئك الذين باتوا واضحين ويعلنون عداءهم للوطن ومقدراته، وقد كشفت الأزمة الأخيرة الكثير من الذين يعملون على مساندة الفتنة وتغذية أطرافها ومدهم بالعون والمساعدة، وبات على الدولة محاسبة الآثمين والمجرمين وإتاحة الفرصة لأصحاب العقول المستنيرة التي تعاني من التهميش والاعتداء
على حقها رغم صبرهم ووقوفهم بإخلاص لا نظير له في سبيل
حماية الوحدة الوطنية وصون السلم الاجتماعي.. فهل ستشهد المرحلة
المقبلة إنصافاً من هذا النوع؟ نأمل ذلك بإذن الله.