الميثاق نت -
أكد وزير المالية الدكتور سيف مهيوب العسلي أن تشجيع القطاع الخاص من أولويات عمل الحكومة باعتباره المولد الرئيسي للثروة , ويعد تطور وازدهار نشاطه من أهم المؤشرات على نجاح الحكومة.
وقال وزير المالية في ورقة عمل قدمها لاجتماع مشترك ضم ممثلي الحكومة والقطاع الخاص لمناقشة الضريبة العامة للمبيعات وعقد بصنعاء أمس الأول " إن نجاح القطاع الخاص يتطلب ضرورة التعامل معه بنفس المعاملة وبمعيار واحد دون محاباة او تفرقة" , موضحا أن القطاع الخاص يشمل كل من يمارس نشاطاً إنتاجياً اوتجاريا.
ولفت الوزير العسلي الى أن هناك لبس لدى البعض بين ضريبة المبيعات وضريبة المبيعات العامة المزمع تطبيقها.. مؤكدا بان ضريبة المبيعات هي مقدار أو نسبة تفرض على السلع المباعة للمستهلك النهائي وتحصل عند البيع ، وهي لذلك لا تختلف عن الرسوم الجمركية, فيما ضريبة القيمة المضافة هي ضريبة تفرض على القيمة المضافة في كل مرحلة من مراحل الإنتاج أو مراحل التوزيع, ومعمول بها في معظم دول العالم وخصوصاً الدول النامية.
وفيما يلي نص الورقة :ـ
مقدمــــة :
في البداية اسمحوا لي ان اشكر الأخوة في الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية اليمنية على رغبتهم في النقاش مع الحكومة بشكل عام ومع وزارة المالية بشكل خاص . و كذلك اسمحوا لي باسم وزارة المالية أن انقل لهم رغبتنا القوية في مواصلة الحوار حول كل القضايا التي يرغبون في مناقشتها بدون شروط مسبقة أو أي تحفظ .
ومع ذلك وحتى يكون للحوار معنى وحتى يتم الخروج بنتائج عملية مفيدة للجانبين فإنني انتهز هذه الفرصة لتوضيح بعض الجوانب التي نراها مهمة ومفيدة في عملية الحوار هذه .
وفي هذا الإطار فإننا نتمنى أن يتمحور الحوار حول الموضوعات الداخلة ضمن اختصاص الحكومة بشكل عام , ووزارة المالية بشكل خاص . وبالتالي فإنه من غير المفيد مناقشة قضايا لا نستطيع اتخاذ أي قرارات بشأنها .
وكذلك فإنه يجب فصل القضايا المختلفة عن بعضها البعض حتى لا نضع أنفسنا في وضع لا نستطيع معه أن نميز بين مختلف العناصر المؤثرة على جميع القضايا .
وعلى هذا الأساس فإنه يجب أن نفرق بين القضايا المتعلقة بتطبيق القوانين , وتلك المتعلقة بالقوانين ذاتها . فمن الواضح أن وزارة المالية تملك صلاحيات واسعة فيما يخص القضايا المتعلقة بتطبيق القوانين , لكن عملية تغيير القوانين تتطلب إجراءات مختلفة .
وانطلاقاً من ذلك فإننا نوضح الأسس التي نراها مناسبة للحوار حول قضايا تطبيق قانون ضريبة المبيعات العامة وذلك على النحو التالي :-
الخطوط العريضة للشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص :
أولاً : الحفاظ على المصلحة العامة :
فكما هو معروف فإن المبرر الأساسي لأي حكومة هو سعيها وسهرها على تحقيق المصلحة العامة والحفاظ عليها وحمايتها . وفي الدول الحرة ومن ضمنها اليمن فإن المصلحة العامة تفهم بشكل موجز على أنها :
1- ضمان تساوي جميع المواطنين في الفرص لاستغلال جهودهم ومواهبهم .
2- تمكين الجادين من جني ثمار جهدهم ومواهبهم وحمايتهم .
3- مساعدة من يرغب في استغلال جهده وموهبته لكنه غير قادر على ذلك.
4- حماية حياة وكرامة العاجز عن توفير متطلبات الحياة الكريمة لنفسه (العجزة).
أن القيام بهذه المهام يحتم على الحكومة اتخاذ الإجراءات المناسبة والتي من أهمها فرض الضرائب والرسوم تحت مراقبة الشعب من خلال ممثليهم في مجلس النواب .
أن أي تقيد للحكومة في هذا الأمر بدون مبرر يعني تعريض المصلحة العامة للخطر, ولذلك فإن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة, فالوطنيون يضحون بأنفسهم لحماية أنفس الآخرين من أبناء الشعب .
ثانياً : تشجيع القطاع الخاص :
في المجتمعات الحرة ومن ضمنها اليمن فإن النشاط الإنتاجي يقوم به الإفراد أي القطاع الخاص , ولذلك فإن من مصلحة الحكومة تشجيع القطاع الخاص فهو المولد الرئيسي للثروة , ومن ثم فإن تطور وازدهار نشاط القطاع الخاص يعد من أهم المؤشرات على نجاحها .
أن نجاح القطاع الخاص يتطلب ضرورة التعامل معهم جميعاً بنفس المعاملة وأن لا يتم محاباة البعض على حساب البعض الآخر, فلا يتم التفرقة بين من يمارس نشاطاً تجارياً على حساب من يمارس نشاطا إنتاجياً . وفي نفس الوقت ينبغي أن يكون واضحاً بأن القطاع الخاص هنا يتضمن كل من يمارس نشاطاً إنتاجياً وتجاريا من المواطنين .
ومن المهم التأكيد على أن المصلحة العامة تنسجم مع مصلحة القطاع الخاص ومصالح القطاع الخاص مع بعضه البعض في حال تحقق المنافسة النزيهة بين مكونات القطاع الخاص .
ففي حال وجود احتكار من أي نوع فإن المحتكر سيكون قادراً على استغلال قوته الاحتكارية هذه لصالحه وعلى حساب المصلحة العامة وعلى حساب مصالح نظرائه من القطاع الخاص .
ولذلك فإن أي إجراءات أو ممارسات تعمل على خلق أو تكريس أوضاع احتكارية فهي ضد المصلحة العامة ويجب على المحتكر التخلي عنها أو إجباره على التخلي عن ذلك .
ثالثاً : دعم سيادة القانون :
سيادة القانون لا تعني مطلقاً وجود حكومة أو قانون أو نظام وإنما يعني أن القانون السائد عادل ومطبق, ومن ثم فإن هذا القانون يحمي الضعيف قبل القوي بقوة القانون وليس بقوة العلاقات الاجتماعية أوالاقتصادية أوالسياسية القائمة.
في ظل تحقيق سيادة القانون فإن حياة المواطن وماله وعرضه وبقية حقوقه الإنسانية محمية بقوة القانون . في ظل سيادة القانون يمكن إثبات الملكية بطرق أخرى غير الحيازة . في ظل سيادة القانون يمكن أن تنشأ العلاقات التعاقدية المختلفة.
أن سيادة القانون وأن كان مهماً لكل المواطنين فإن أهميته أكبر للقطاع الخاص. فالسوق لا يمكن ان تنشاء وتوسع إلا في ظل سيادة القانون . فالشركات المساهمة لا يمكن أن توجد إلا في ظل سيادة القانون . والاستثمار لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل سيادة القانون .
رابعاً : محاربة الفساد وتجفيف منابعه :
أن محاربة الفساد يتطلب الشفافية والمساءلة . وعلى هذا الأساس فإن على الجميع دعم كل إجراء أو تصرف يؤدي إلى زيادة مقدار الشفافية والمساءلة .
فعند المناقشة ينبغي أن نقارن بين وجهات النظر المختلفة وفقاً لمدى تحقيقها للمصلحة العامة ولمدى تشجيعها لنمو وتطور القطاع الخاص ولمدى توافق ذلك مع دعم سيادة القانون وعلى مدى تأثير ذلك على الفساد ومنابعه .
توضيحات هامه :
اولاً : الفرق بين ضريبة المبيعات وضريبة المبيعات العامة (ضريبة القيمة المضافة)
الضريبة التي تحدثت عنها ورقة الغرفة التجارية هي ضريبة المبيعات والمطبقة في عدد قليل من البلدان وأهمها أمريكا في حين أن الضريبة التي نظمها قانون الضريبة العامة على المبيعات هي ضريبة القيمة المضافة . والضريبتان مختلفتان من حيث الشكل والمضمون والإجراءات والقواعد والنتائج .
ضريبة المبيعات هي مقدار أو نسبة تفرض على السلع المباعة للمستهلك النهائي وتحصل عند البيع . وهي لذلك لا تختلف عن الرسوم الجمركية . أما ضريبة المبيعات العامة ( ضريبة القيمة المضافة ) فهي ضريبة تفرض على القيمة المضافة في كل مرحلة من مراحل الإنتاج أو مراحل التوزيع . ومعظم دول العالم وخصوصاً الدول النامية تطبق هذا النوع من الضرائب .
فعلى سبيل المثال أذا اشترى شخص ما طاولة من متجر أثاث بحوالي (3000) ثلاثة الاف ريال وكانت نسبة ضريبة القيمة المضافة 15بالمائة فإن المشترى سيدفع (3450) ريال, منها قيمة الطاولة 3000 ريال و450 ريال ضريبة القيمة المضافة. فإذا كان صاحب المتجر قد اشترى خشب بما قيمته ألف ريال ودفع ضريبة على ذلك بمقدار (150) ريال فإنة سيخصم من الضريبة المستحقة هذا المبلغ وسيدفع للحكومة فقط (300) ثلاثمائة ريال أو أن الحكومة سترد له هذا المبلغ أذا كان قد دفع الضريبة الجديدة كاملة .
تتميز ضريبة القيمة المضافة على ضريبة المبيعات بالمميزات التالية :
1_ أنها لا تعتمد على ملكية عناصر الإنتاج الداخلة في إنتاج أي سلعة أو خدمة . ففي كل عملية تبادل سيتم دفع نسبة الضريبة . ولذلك فهي تتمتع بقدر كبير من الشفافية .
2- أنها تشجع علي زيادة التبادل بين القطاع الخاص . ففي هذه الحالة فإنه ليس من الضروري لتاجر الأثاث أن ينتج الطاولة لتقليل تكلفة الضرائب فإنه يمكنه شراء الطاولة من صاحب الورشة وفي كلا الحالتين ستكون الضريبة المدفوعه واحده .
3- تتضمن آلية ضريبة القيمة المضافة حافز للمكلف لدفع الضريبة الحقيقية من خلال اضطراره إلى إصدار الفواتير والحفاظ عليها وتقديمها للسلطات المختصة.
وبذلك فإن ضريبة القيمة المضافة صممت لتمنع التهرب وبالتالي تعمل على تحقيق المصلحة العامة . أنها مقارنة بضريبة المبيعات أكثر شفافية ومساءلة وإيراداً.
4- سهولة التحصيل حيث أن تحصيلها بطبيعته يتم على مراحل . وفي هذه الحالة فإن جزءا كبيراً يتحصل من عدد قليل من المكلفين مما يقلل من تكاليف التحصيل. وذلك بخلاف ضريبة المبيعات العادية التي يتم تحصيل جزء قليل من الضريبة من عدد كبير من المكلفين .
5- تشجع على تسجيل الأنشطة والحقوق مما يسهل تطبيق مبدأ سيادة القانون . فحتى يعطى للمكلف حق استرداد الضريبة المدفوعة الزائدة فإنه لابد أن يقدم الفواتير الدالة على استحقاقه ذلك . وحتى يكون قادراً على ذلك فإنه مضطر لإصدار فواتير البيع وحفظ فواتير الشراء . وهو بهذه العملية من حيث يدري أو لا يدري يعمل على المحافظة على حقوقه وحقوق شركائه أن كان له شركاء .
6- ضريبة القيمة المضافة ضرورية لقيام شركات مساهمة ولإنشاء السوق المالية لأنها ستشجع الشركات التجارية على تطبيق العديد من قواعد حوكمة الشركات.
تعليقنا على البدائل المقدمة:
من الواضح أن البدائل التي تقدم بها الأخوة في الغرفة التجارية والصناعية قد بنيت على افتراض أن الضريبة المزمع تطبيقها هي ضريبة المبيعات العادية وليس ضريبة المبيعات العامة ( ضريبة القيمة المضافة ) وإذا ما عادوا ونظروا لهذه البدائل وفقاً لمفهوم ضريبة المبيعات العامة (ضريبة القيمة المضافة) فسيجدون أن هذه البدائل لا تتفق مع فلسفة ضريبة
القيمة المضافة ولامع نصوص قانون ضريبة المبيعات العامة الصادر عام 2001م .
اولاً : أن هذه البدائل كلها تتناقض مع مواد القانون التالية :-
مادة (3) فرض الضريبة :
أ-تفرض الضريبة على :-
1- قيمة مبيعات السلع والخدمات الخاضعة للضريبة في الجمهورية اليمنية التي يقوم بها المكلف من خلال مزاولته نشاطاً تجارياً وذلك في الوقت الذي تتم فيه عملية البيع .
مادة (4) :
أ-... تحتسب الضريبة نسبة عامة بواقع 5 بالمائة من قيمة مبيعات السلع والخدمات ( المحلية والمستوردة ) .
مادة (5) :
استحقاق الضريبة:
ب- تستحق الضريبة على بيع السلع والخدمات الخاضعة للضريبة بتحقق واقعه بيع السلعة أو أداء الخدمة في أي شكل من أشكاله وفقاً لأحكام هذا القانون .
وعلى هذا الأساس فإن القبول بأي من هذه البدائل سيعمل على إضعاف مبدأ سيادة القانون .
ثانياً : أن هذه البدائل لا تحقق المصلحة العامة :
من المعروف في الأدبيات الاقتصادية أن الضريبة لا تستهدف فقط الجباية بل أن لها جوانب أخرى تتعلق بإدارة السياسة الاقتصادية بشكل عام والسياسة المالية بشكل خاص .
هذه البدائل لا تميز بين معظم السلع والخدمات المحلية الخاضعة للضريبة وتلك المعفية إما لأسباب اقتصادية أو لأسباب اجتماعية .
هذه البدائل ستحرم الخزينة العامة من الموارد العامة الضرورية للبنية التحتية والخدمات العامة . فقد أجمعت الدراسات التي تناولت تجارب العديد من الدول التي تطبق هذا النوع من الضرائب وخصوصاُ في الدول النامية أنها تؤدي إلى تحصيل إيرادات عامة تفوق بكثير تلك التي يتم تحصيلها من جراء تطبيق أنواع أخرى من الضرائب غير المباشرة .
وعلى هذا الأساس فإن القبول بأي من هذه البدائل سيكون متعارضا مع المصلحة العامة .
ثالثاً : هذه البدائل مضرة بالقطاع الخاص نفسه :
- أن القبول بهذه البدائل سوف لن يساعد القطاع الخاص على تنظيم نفسه ويضطره إلى أن يحتفظ بوثائق حقيقية ناقصة بهدف مواجهة المطالبة بالضرائب .
- أن القبول بهذه البدائل سيؤدي إلى استمرار التمييز بين مكلفين الضرائب بحيث أن من هم في نفس المستويات الضريبية سيدفعون ضرائب مختلفة .
- أن القبول بهذه البدائل سيؤدي إلى استمرار الازدواج الضريبي .
- أن القبول بهذه البدائل سيؤدي إلى استمرار التهريب . فالتهريب سيكون سبباً للتهرب من الرسوم الجمركية ومن ضريبة المبيعات .
رابعاً : القبول بهذه البدائل سيعرقل محاربة الفساد وتجفيف منابعه :
- أن القبول بهذه البدائل سيعرقل جهود الإصلاح في مصلحة الضرائب لأنها تستطيع أن تدعي أن حصيلتها قد تحسنت وربما يكون التحسن نتيجة لتحسن أداء مصلحة الجمارك .
- أن القبول بهذه البدائل يعني الوقوف ضد الشفافية . وفي هذه الحالة لاداعي لتطوير وسائل مصلحة الضرائب في مراجعة قوائم نشاط المكلفين ولا داعي لتدريب موظفي الضرائب لأنهم سوف لن يحتاجوا إلى خبرات خاصة ومتقدمة .
- أن القبول بهذه البدائل سيعرقل عملية المحاسبة . ففي ظل عدم وجود وثائق حقيقية يمكن الاحتكام إليها في حال الاختلاف أو التظلم فإنه يصبح من المستحيل مراقبة أداء موظفي الضرائب أو محاسبتهم أو تقديمهم للمحاكمة .
مقتــرحاتنــا :
وبما أن البدائل التي تم تقديمها من الأخوة في الغرف التجارية لا يمكن قبولها للنقاش لأنها لا تتفق مع القانون ولا مع المعايير سالفة الذكر فإننا ندعو إلى مناقشة القضايا التالية :
1- حصر مخاوف القطاع التجاري من جراء تطبيق هذه القانون . وفي هذه الحالة فإن أي معالجات يتم طرحها أو الموافقة عليها يجب أن لا تتعارض مع القانون النافذ ولا تلغي أي من الفوائد المتوخاة من جراء تطبيق هذا القانون .
2- إيجاد آلية مشتركة لحل أي إشكاليات قد تنشا من جراء تطبيق القانون لمنع حدوث أي استغلال له يؤدي إلى حدوث أي ابتزاز للمكلفين .
3- مراجعة عملية تطبيق القانون خلال هذا العام وتقييم الآثار المترتبة عليه وإذا ثبت أنه قد تسبب في ضرر فادح على المكلفين أو على الحكومة فيتم العمل على أعداد التعديلات المناسبة والسعي لإقرارها من خلال القنوات الدستورية والقانونية .
المصدر: سبأنت