الميثاق نت -

الإثنين, 21-فبراير-2011
لقاء/ عارف الشرجبي -
أكد الدكتور طه الفسيل -مستشار وزارة الصناعة- أن الاصلاحات الاقتصادية في بلادنا مرت بالعديد من المراحل وحالات الانتعاش والركود.. موضحاً أن الاستقرار لن يتحقق الا بتفعيل دور القطاعات الواعدة كالزراعة والأسماك والسياحة وإيجاد موارد مستديمة مثل الضرائب والجمارك، وقال في حوار مع «الميثاق»: إن المشاكل التي حدثت في صعدة وبعض مديريات بعض المحافظات الجنوبية وأعمال الإرهاب أثرت سلباً على الاقتصاد والتنمية وخسرت الدولة المليارات، وانتقد الفسيل أداء الاحزاب والتنظيمات السياسية التي قال إنها لم تقدم شيئاً للوطن والمواطن، بالقدر الذي كانت أحد عوامل الركود الاقتصادي بما تمارسه من أساليب أثرت على سمعة البلد واقتصاده.
< اتخذت الحكومة جملة من الخطوات في إطار عملية الاصلاحات، فما أثرها على حياة المواطن؟
- الاصلاحات الاقتصادية مرت بالعديد من المراحل والظروف ابتداءً من عام 1995 حتى اليوم وهي اصلاحات مستمرة تتأثر بشكل مباشر بالظروف المحلية والدولية، وقد بدأت بحزمة من القرارات الإدارية وهي إصلاحات سهلة لا تحتاج الى جهد، أسهمت في تحسن الوضع الاقتصادي حتى عام 1999م، وعندما حدثت الأزمة الآسيوية في 1999م تأثرت الاصلاحات وعانينا مشكلة من عام 2000 - 2002م.
وقد تضمنت الخطة الخمسية الثانية برنامج إصلاح أخذ زخمه بين عامي 2006 ، 2008، فحدثت الازمة الاقتصادية التي عصفت بالاقتصاد العالمي ومنها بلادنا التي كنا نظن أنها لن تتأثر بها، فاكتشفنا مدى الضعف الذي يعاني منه اقتصادنا، وأن الاصلاحات التي بدأت عام 1995م لم تعالج الاختلالات الاساسية للاقتصاد وان الاستقرار لم يكن حقيقياً، ولم تعالج جذور المشكلة بل مظاهرها لذا لم تحقق استدامة الاستقرار الاقتصادي، وكان لابد من إعادة التفكير بالإصلاحات مرة أخرى.
الغاز لم ينفع
< أشرت الى أن الاصلاحات لم تتح للاقتصاد الانتقال الى الاستدامة.. لماذا وكيف يمكن تحقيق ذلك؟
- الاعتماد على الاقتصاد الريعي لا يخلق استقراراً ولا استدامة، فعلى الرغم من التحسن الذي حدث في 2010م إلا أن الاصلاحات لم تتمكن من تلافي العجز رغم تصدير الغاز ولم تتمكن من تعويض الانخفاض في الصادرات النفطية، ولذا لابد من البحث والاعتماد على إيرادات مستديمة مثل الضرائب والجمارك وغيرها من الإيرادات سواء في مجال التعدين أو الزراعة والاسماك والسياحة، ولابد من إعادة النظر في السياسة النقدية للبنك المركزي الى جانب ترشيد الانفاق وتقليص المدفوعات من العملة الصعبة، ولابد من الإشارة الى أن المشاكل في صعدة وبعض مديريات بعض المحافظات الجنوبية ومحاربة الإرهاب قد كلف الميزانية العامة للدولة مبالغ كبيرة كان يمكن أن تُستغل في التنمية والاستقرار الاقتصادي، ولا ننسى أن ننبه الى خطورة رفع الدولة يدها عن صنع القرار الاقتصادي.
أمريكا لا تدعم
< ماذا عن العوامل الخارجية التي ذكرتها وأثرت على اقتصادنا؟
- بلادنا ليست بمعزل عن دول العالم، بدليل أن الأزمة المالية قد أثرت عليها بشكل مباشر وغير مباشر، كما أن الإرهاب الذي تم تصديره من دول المنطقة وافغانستان وأمريكا وغيرها الى بلادنا قد تحملنا وحدنا نفقات مواجهته، في الوقت الذي ظلت الدول الأخرى ومنها أمريكا تدعي أنها تساعدنا كشركاء في هذه المعركة، الا أنها لم تقدم سوى دعم فني لوجستي فقط، وظلت الدولة تتحمل دفع قيمة هذه الفاتورة الباهظة، كما أن أعمال التخريب في محافظة صعدة وبعض مديريات بعض المحافظات الجنوبية كلفت الدولة المليارات سواء في المواجهة أو بتجميد الاستثمار والنشاط الاقتصادي في تلك المناطق، ولذا على الدول الصديقة والشقيقة أن لا تغفل هذه الأمور وتعمل على زيادة الدعم سواءً من خلال مؤتمر الرياض المقبل أو ما بعده.
< أشرت الى خطورة رفع يد الدولة عن صنع القرار الاقتصادي .. لماذا؟
- التحول الاقتصادي في بلادنا لم يكن تحولاً طبيعياً وإنما كمن يخلع الباب، فعلى سبيل المثال لقد قمنا بتحرير رأس المال في المعاملات الرأسمالية دون أن يكون لدينا القدرة المالية الكافية، فمثلاً الصين التي تمتلك أكثر من 3 ترليونات دولار احتياطي لا تسمح بإخراج أكثر من عشرة آلاف دولار وعبر البنك وبمبررات كافية لذلك، ونحن فتحنا باب الاستيراد على مصراعيه وبالعملة الصعبة لأشياء لا داعي لها سواء الكماليات أو حتى لعب الاطفال والخردة وغيرها من الصناعات الحرفية والعسوب وأحزمة الجنابي وغيرها، والتي أحدثت أضراراً كبيرة في المجال الاقتصادي والاجتماعي وزادت البطالة الى جانب ما تهدره من عملات صعبة للاستيراد، ولو لاحظنا الدول التي لم ترفع يدها عن التخطيط الاقتصادي أو اتباع سياسة الاقتصاد الموجه ولو بحدوده الدنيا مثل: استراليا وكندا، لأدركنا أنها أقل الدول التي تضررت من الأزمة العالمية الأخيرة.. ولذا لابد أن تتدخل الدولة في توجيه القطاع الاقتصادي والاستثماري، فهذا الأمر موجود في كثير من الدول المتقدمة مثل ألمانيا التي تتبع أنموذج السوق الاجتماعي الذي لا يفرط بالأبعاد الاجتماعية والسياسية، بمعنى أن لا يكون لتحرير السوق كلفة اقتصادية اجتماعية .. أمريكا اتبعت أنموذج الحمائية بدليل أنهم لم يسمحوا للشركة الإماراتية بإدارة موانئ في أمريكا، فقد قامت الدنيا ولم تقعد، فالغرب يطالبون باقتصاد السوق الحر عندما يكون لصالحهم فقط.. ولذلك علينا إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والسياسية والتعليمية والديمقراطية ليكون للأحزاب دور اقتصادي تنموي واجتماعي حتى لا نقفز على الواقع اكثر مما نحن عليه.

فساد الموازي
< تراهن الحكومة على العمالة اليمنية في أسواق الخليج لرفد الخزينة العامة بالعملات الصعبة .. كيف يمكن تحقيق ذلك؟
- قبل الحديث عن ضرورة استيعاب العمالة اليمنية في دول الخليج علينا أن نعمل على يمننة الوظيفة العامة والخاصة.. أليس من العيب أن نطلب من الآخرين استيعاب العمالة اليمنية وفي بلادنا كثير من عمّال النظافة في مطار صنعاء، وداخل مدارج الطيران ووسط الفنادق والمستشفيات والوزارات والشركات إما هنود أو صومال وغيرهم، ناهيك عن الوظائف الأخرى التي يشغلها الآلاف من الأجانب، ومع ذلك نظل نشكو قلة الوظائف ، ونطالب الآخرين استيعاب العمالة اليمنية، وفيما يتعلق باستيعاب العمالة في الخليج فقد وعد الأشقاء بتحقيق ذلك شريطة أن يتم تأهيلهم، فتخيل أن سائق التاكسي في الخليج يجيد عدة لغات وأبسط عامل يجيد استخدام الحاسوب بشكل ممتاز، فيما كثير من خريجي الجامعات لدينا شبه أميين نتيجة رداءة التعليم وعدم اهتمام الجامعات بالتحصيل العلمي بقدر اهتمامها بإيرادات التعليم الموازي، وهنا لابد أن نقف احتراماً لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح الذي وجه بإعادة النظر في هذا الجانب تقديراً لظروف الطلاب من ذوي الدخل المحدود، وإعادة النظر في من يدير الجامعات.
أمام مؤتمر الرياض
< في مارس المقبل سيعقد بالرياض مؤتمر أصدقاء اليمن.. ماذا تتوقع أن يخرج به الاجتماع؟
- على الرغم من أهمية هذا المؤتمر وما نعول عليه في رفد التنمية بمخصصات نحن بحاجة اليها، الا أني أتمنى أن لا يكون المؤتمر نسخة مكررة من مؤتمر لندن الذي عقد في 2006م والذي تجاوزت فيه المبالغ المخصصة لبلادنا خمسة مليارات دولار، غير أن الجزء الأكبر منها لم يستغل أو لم يتم الوفاء بتعهدات المانحين.. في المؤتمر القادم الذي سيعقد بالرياض يبدو أن الأمر سيختلف كثيراً، فقد أعدت بلادنا ملفاً جيداً يشتمل على خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للتخفيف من الفقر للفترة من 2011 - 2015م الى جانب قائمة بالمشاريع ذات الأولوية التي تحتاج الى تمويلات خلال الفترة المقبلة، ونتطلع ان يتفهم الاشقاء والاصدقاء الاحتياج الفعلي لأهمية تمويل مثل هذه المشاريع.

الوظيفة العامة

< لماذا لم يفِ المانحون بتعهداتهم ولم تستغل مخصصات المؤتمر؟
- هناك جملة من الأسباب بعضها تعود للمانحين أنفسهم وأخرى تعود لنا نحن، ويجب أن نعترف بها، فالمانحون ألقوا بالعبء كامل علينا وحملونا مسؤولية التخطيط والتنفيذ وإعداد الدراسات والوثائق رغم إمكاناتنا المتواضعة لتنفيذ مثل هذه المشاريع سواء في القطاع العام أوالخاص، وكان يفترض على المجتمع الدولي أن يتبنى مثل هذه المشاريع الضخمة حتى لا تفشل كما حدث في مطار صنعاء الدولي الذي تعثر منذ الوهلة الأولى وكبَّد البلد مليارات الريالات، وكان بالإمكان الاستعانة بشركات عربية أو خليجية لديها كفاءات وإمكانات فنية ومالية تنفذ وتخطط مثل هذه المشاريع بدلاً من احتكار تنفيذ المشاريع لشركات محلية لا تمتلك أية خبرات أو كفاءات ظهرت فجأة باسم شخصيات قبلية أو وجاهات استغلت مكانتها الوظيفية، أو القبلية، لذلك إذا كنا حريصين على مقدرات الوطن وسمعته، فلابد أن نفصل بين الوظيفة العامة والتجارة لأن ذلك يشكل أهم التحديات على الاقتصاد والأمن الوطني لما يسببه من احتقان وشرخ في المجتمع.

الرجل المناسب
< ما حجم المبالغ التي تم استيعابها من مخصصات مؤتمر لندن؟
- المخصصات المستوعبة ضئيلة جداً لا تتجاوز 30% في أفضل الأحوال وبعضها سبق الوعد بها قبل مؤتمر لندن، وفي تصوري فإن استيعاب هذه النسبة خلال خمس سنوات يعد إهداراً كبيراً للوقت والمال، ففي الوقت الذي يشير البرنامج الذي تم إعداده لاحتياجات بلادنا التنموية خلال الفترة المقبلة إلى أنها تتراوح بين 40 - 60 مليار دولار، نجد المعنيين لم يستوعبوا أكثر من مليار ونصف من مؤتمر لندن خلال خمس سنوات، وبالتالي فإن خمسة مليارات تحتاج الى 50 عاماً من الآن والـ60 ملياراً تحتاج الى 200 عام لاستيعابها، ولذا لابد من إعادة النظر فيمن يعد الخطط وينفذها من خلال وضع الرجل المناسب في المكان المناسب إذا كنا صادقين مع الله ومع الوطن والشعب.
< وماذا عن الصندوق الذي قيل إنه سيخصص لدعم بلادنا؟
- هذا الصندوق تم الإعداد له قبل 2006م وأُعدت له الدراسات من قبل خبراء اقتصاد وتم طرح كافة البدائل لإنشائه، لكن لم يتم العمل بهذا الصندوق رغم أن لديه موقعاً على الانترنت، ثم بعد ذلك تقدمت دولة قطر الشقيقة العام الماضي لإنشاء الصندوق في بلادنا، وهذا يحسب لها، ولذا علينا أن نتساءل: ماذا بعد إنشاء الصندوق وبعد المؤتمرات، فالمواطن يريد أن يرى شيئاً على أرض الواقع خاصة وأن هناك من يحاول إفشال هذا الأمر أو يشكك بنزاهة بلادنا أو يدعي أننا نذهب لنتسول وغيرها من التصرفات التي تسيئ الى سمعة بلادنا، ولذلك نقول لهم اتقوا الله في الوطن.
منذ عام 2003م ونحن في حالة شد وجذب وصراع سياسي داخل وخارج البرلمان في الوقت الذي لم تقدم هذه الأحزاب شيئاً لبناء الاقتصاد، بدليل أن الذي حدث الخميس الماضي من مظاهرات أصاب الناس بالخوف والهلع فسحبت مدخراتها من البنوك لشراء كميات كبيرة من السلع تحسباً للمجهول، ولو نظرت الى القنوات الفضائية المحلية للمعارضة وصحفهم سينتابك شعور ان البلاد ستنهار اليوم، وهذا يعمل على تطفيش المستثمر ويستهلك وقت الحكومة لمواجهة ما يحدث، ويُهدر الوقت والجهد ويكون المواطن والوطن هما الضحية.
بعض أحزاب المشترك تتسم بالهيمنة وتبحث عما يثير الشارع، ولذا ما نشاهده من مظاهرات وشعارات إسقاط النظام الذي انتخبه الشعب يجعلنا نقول إن ما نشاهده ديماغوجية وليس ديمقراطية، وهنا أتساءل عن الدور الاقتصادي للأحزاب وقياداتها التي تظهر على شاشات التلفزيون والصحف تنادي بالعدالة ومصلحة الشعب وهل قامت ببناء مدرسة أو معهد أو حديقة عامة، بينما تشاهد بعض البيوت التجارية مثل بيت هائل سعيد قدمت للوطن ما لم تقدمه الاحزاب مجتمعة في عشرات السنين.
بل ان شركات اتصالات تتبع بعض هذه الأحزاب تمتص دمنا ولم تقدم للوطن شيئاً.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 01:09 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-19891.htm