السبت, 26-فبراير-2011
الميثاق نت -    ابراهيم العمودي -
صعتر.. واعظ سياسي بمسوح دينية.. أو قل هو رجل دين متطرف بطموحات سياسية وعقلية انتهازية تعرف متى تقتنص الفرص لتنقض على الخصوم في اللحظة المناسبة، حتى وإن كان ذلك الانقضاض على حساب الأخلاقيات الوعظية والثوابت الإيمانية.. سيان عنده ان تعتلي منابر دينية، أو منصات سياسية.. ولا فرق
لديه أن تكون خطيب جمعة يلتزم بأصول الخطبة ورسالة الخطباء.. وبين أن تكون خطيباً سياسيا متأسلماً يتقن توظيف ثقافته الدينية لخداع البسطاء واللعب على العقول وانتهاج أسوأ مافي الحرب النفسية والدعاية المضادة لضرب الخصوم.

شيخٌ خرف.. أو ربما أصابه الخرف مبكرا.. حاول بخطبة الجمعة الماضية ركوب موجة الشباب واللحاق بمظاهرات الجامعة، يشعر بأن الشباب قوة آخذة في التشكل على الساحة بسبب المتغيرات الإقليمية.. وبمنطق الغريق المتعلق بقشة يحاول ان يتشبث بهم.. يتمسك بخيط أمل رفيع.. عبثاً يهرول باتجاههم، لا مرشداً
ولا واعظاً ولا داعية لوجه الله.. بل ليتسلق على ظهور الشباب.. عله يقتطف ثمارهم مبكرا ويحجز موطئ قدم في التشكيلة القادمة.. لينتزع لنفسه ما عجزت معارضة المشترك عن انتزاعه حتى اليوم.. هو محسوب على المشترك ويعرف أن المظاهرات الشبابية لا تمثل الأحزاب.. لكنه يحاول الحفاظ على خط رجعة مع الشباب الهائج.. يخشى أن يكونوا أسرع من المعارضة في الوصول إلى رفع سقف المطالب!

لا غرابة في اندفاعه الشبابي هذا.. فرغم صمته وغيابه الطويل عن الساحة، ظهر اسمه مؤخرا "كوزير أشغال" في تسريبات المواقع الالكترونية.. ربما جن جنون المهندس "المقاول".. لم يصدق نفسه..
سرعان ما سال لعابه واستيقظت أحلام الشباب المتأخرة لديه.. مذ ذاك وهو يبحث عن أسهل الطرق لإثبات حضوره والوصول إلى حقيبة مغرية ظل محروما منها حتى في ائتلاف 93-1996..

ربما أغاضه رؤية شباب"الإصلاح"وهم يحملون "شاباً منهم" على الرؤوس في ساحة التظاهر.. لا يدري هل
يحتفون بزميلهم لأنه قدم استقالته من البرلمان فعلا، أم ليصنعوا زعامة شبابية تتجاوز الحرس القديم؟.. يعرف صعتر أن استقالة دحابة المحمول على الأعناق مجرد استقالة متأخرة من مجلس كسيح انتهى من زمان، ولولا مزاياه "المادية المغرية"لاستقال الشرفاء مبكرا، ثم لو كانت استقالة "حزبية" لاستحق الخطيب الصغير حمله على الأعناق، على الأقل لإزالة شبهة "الحزبية" عن مُظاهرة شبابيةكهذه قيل إنها "مستقلة"!

مؤكد أن صعتر يغيضه رؤية الشباب يلمّعون شاباً مثلهم وينسون شيوخهم.. لذا لم يجد بداً من الخروج عن صمته و"تشبيب" نفسه والقفز إلى ساحة التظاهر- ولو على ظهر "خطبة".. المهم أن يسجل حضوراً
بعد غياب طويل عن الواجهة!
لهذا بدت الفرصة سانحة عندما اكتظت ساحة الجامعة على غير عادتها ظهر الجمعة الماضي بجموع المصلين وشباب المظاهرة.. انتهزها المهندس ا لمعروف بتطرفه ليعتلي المنبر خطيباً سياسياً لا خطيب جمعة، ملقياً بيانا
تحريضيا انبعثت منه روائح مناطقية وطائفية عفنة..

كعادته في التطرف المذهبي والمغالاة الفكرية والتعصب السياسي الأهوج، عاد صعتر للواجهة بعد غياب طويل.. وبنفس عقليته الإيديولوجية المعقدة ونبرته المتشنجة غلبه التطرف حتى في حربه النفسية
على الخصوم.. فقد لجأ إلى بث النعرات والأحقاد والكراهية الاجتماعية لتهييج الشارع وتحريض
المواطنين على بعضهم.. ليس في فعالية سياسية.. بل في خطبة جمعة!

معروف أن ورقة العنصرية المناطقية والتنابز بالألقاب خط أحمر، وفي اليمن بالذات عندما
تلجأ لاستغلال وتناقل مصطلحات "الدحبشة والبرغلة"، سواء قالها شخص أو لم يقلها، فتلك خطيئة سياسية واجتماعية لا تغتفر.. هي في القانون جريمة يعاقب عليها مروجها لأنها تعرض السلم الاجتماعي لخطر ماحق..أما في الشرع فهي إثم كبير، ونقلها واستغلالها نميمة.. والنميمة فتنة لعن الله من أيقظها، وناقل النميمة والوقيعة أشد إثماً من قائلها.. وعندما تصدر من خطيب جمعة في تجمع كبير وفي أزمة عاصفة كهذه
فذاك أشبه بإعلان حرب يطلق فيه العنان لفتنة مناطقية تكرس الانقسام الميداني وتحرض شبابنا الهائج للانقضاض على بعضهم دون أدنى مسئولية أو تقدير للعواقب الكارثية.. فهل تناسى أننا سندفع خسائرها الفادحة من أمننا واستقرارنا ومستقبل أبنائنا ونسيجنا الاجتماعي الواحد، سيما وأن الجميع اليوم في ذروة التوتر، وهل هذه وظيفة الدعاة والوعاظ؟؟ وهل مهمة المصلح الديني أن يهدم البناء الاجتماعي؟

يعرف صعتر أن ما يجري اليوم من ثورات شبابية إقليمية استثنائية هي نتاج وفاق مجتمعي لا يصنعه إلا توحد الشارع كاملاً في مواجهة الظلم والاستبداد والرقابة اللصيقة وحالات الطوارئ المزمنة، بجانب الفساد والفقر!!.. والشارع إذا توحد قضيَ الأمر.. أما عندما ينقسم الشارع انقساماً كبيراً بين مظاهرتين كهاتين- يتخندق فيهما أبناء بيت واحد- يصبح عبثك بالورقة المناطقية والطائفية بين الطرفين ضربا من الجنون يصب زيت الوقيعة في نار الصراع المحتدم، ليقود مجتمعاً برمته إلى صدام كارثي.

نسي صعتر أنه يخطب في جمعة جامعة ويؤم الناس ويتأهب للصلاة ، وأن الكذب والإشاعات والمكايدات منقضة للوضوء والصلاة ومفسدة للواعظ!! نسي أن خطيب الجمعة في تلك الساعة الروحانية يفترض ان يكون في ذروةالخشوع والرهبانية وتقوى الله، وهل الدسائس وبث النعرات من تقوى الله؟

نسي أن أول واجبات الواعظ في مجتمعه المسلح-هو الدعوة للتغيير بالحكمة والموعظة الحسنة والحرص على التماسك والاعتصام بحبل الله.. بينما إثارة النعرات الطائفية والمناطقية مجلبة للفرقة والشقاق والتنازع.

نسي أن من يخطب في منابر سياسية لا يصلح أن يكون خطيب جمعة، وكذلك الواعظ الديني تجده خطيبا سياسيا فاشلا.. الأول داعية يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، والآخر محرض يلعب بكل الأوراق!.. ذاك ينفذ أوامر ربانية ويلتزم بأخلاقيات الدعاة ومثاليتهم.. والآخر ينفذ أجندة سياسية ومصالح ضيقة.. وشتان
بين الداعية والمحرض... فمنذ متى كان التحريض على الكراهية وتهييج الشارع المتهيج- أمراً بالمعروف إلا في مدرسة صعتر؟؟ منذ متى كانت النعرات الطائفية وإثارة النزعات المناطقية بين أبناء المجتمع الواحد مظهراً مشروعاً من مظاهر الديمقراطية وحرية التعبير؟؟ وهل يليق بخطيب جمعة أن يخرج عن آداب الواعظ؟؟


تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:01 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-19960.htm