أحمد الجبلي - علق أبناء شعبنا آمالاً كبيرة على علمائهم الأجلاء للخروج من الازمة القائمة باعتبارهم المرجعية التي يلجأ اليها الاطراف المتخاصمة أو المختلفة ليكون كتاب الله وشرعه هما الفيصل في إصلاح الحال ومهما كانت الاحكام. غير أن ما حدث من إنشقاق في صفوفهم فتح شرخاً جديداً في جدار الأزمة وجعل آمال الشعب تتبخر للأسف الشديد، فقد غلب السياسي على الديني وتفرقت أيدي العلماء، لكن ذلك في تقديري ليس نهاية المطاف، فما يزال في اليمن الكثير من العقلاء والحكماء والحريصين عليه وعلى منجزاته وأمنه واستقراره ووحدته، ليس في السلطة أو في الحزب الحاكم فقط وإنما أيضاً في المعارضة وفي اللقاء المشترك أمثال الشيخ الجليل حمود الذارحي الذي لم يأبه بتصريحات بعض زملائه وقال رأيه بصراحة في المبادرة الأخيرة التي أعلنها الرئيس أمام المؤتمر الوطني يوم الخميس الماضي.
ما يبدو الآن على الساحة وبعد انقضاء أكثر من شهر على الإعتصامات والمسيرات التي شهدتها وما تزال صنعاء والعديد من المدن اليمنية أن هذه المسيرات والاعتصامات -وأقصد بها المعارضة- لم تعد تعبر عن مطالب شبابية بعد أن خطفت احزاب اللقاء المشترك من الشباب ثورتهم، كما أشار إلى ذلك العديد من الشباب الذين ليست لديهم أية انتماءات سياسية أو حزبية وهو ماجعلهم يغادرون ساحات الاعتصامات احتجاجاً على هذا الاختطاف.
لقد تحولت مطالب الشباب السلمية إلى مكايدات ومهاترات حزبية بين طرفي المعادلة السياسية في الوطن المتمثلة في الحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك التي استغلت تباطؤ السلطة في إتخاذ إجراءات سريعة وعاجلة تلبي مطالب الشباب، فالتفت على ثورتهم واحتلت مساحة واسعة من ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء.
قد يكون لأحزاب المشترك رؤيتها ومطالبها المشروعة، لكنها لا ينبغي بأي حال من الاحوال أن تتخطى الثوابت الوطنية أو القفز على الدستور والقانون، ولا أظن أن أحداً يمكن أن يوافقها في ذلك وحتى الشباب أنفسهم غير أن ما يدعو الى التساؤل حقيقة: لماذا رفضت هذه الأحزاب مبادرة الرئيس الأخيرة بهذه السرعة، ولم تعط نفسها بعض الوقت لتدارسها ومناقشتها في المجلس الأعلى خاصة وأن المبادرة تضمنت نقاطاً لتطوير النظام السياسي في اليمن لم يكن يحلم بها الشعب اليمني بكل فئاته والوان طيفه السياسي بما في ذلك أحزاب اللقاء المشترك، ولا أعتقد مثل هذه النقاط يمكن أن تتحقق لو رحل علي عبدالله صالح عن السلطة؟؟.
إذاً، فالمسألة من الواضح تندرج في إطار العناد والمكايدات السياسية ليس إلاً، أو أنها تأتي في إطار أجندة خاصة تهدف الى الانقلاب على الشرعية الدستورية كما يذهب البعض بالرغم من أنني لا أتفق معهم في ذلك، ،لكنني صراحة لا أجد وغيري كثيرون مبرراً لرفض المبادرة، خاصة وأنني أرى في أحزاب اللقاء المشترك المعارضة الوجه الآخر للسلطة وليست عدوتها بمعنى أنها مسؤولة أيضاً عن أمن الوطن واستقراره ومكاسب ثورته ووحدته.. الخ.
لا أعنى بذلك تحميل المشترك كل المسؤولية وتبرئة الحزب الحاكم منها، فالطرفان مسؤولان عما يحدث من توتر للأوضاع التي تتأزم أكثر واكثر كلما مر عليها يوم من خلال ما يتبادلانه من إتهامات وإستفزازات، ما يعني أنهما ليسا من الحكمة في شيء، غير مدركين أن الوطن ليس الحزب الحاكم ولا هو أحزاب المشترك، فلماذا يحملانه أكثر مما يحتمل؟! وماذنب الملايين في ذلك؟
فلينظر الطرفان اليوم الى ما وصلت اليه الاوضاع الاقتصادية في البلد، حيث أدى تخوف الناس وهلعهم الى شح العملات الصعبة بعد أن اقدم الكثيرون على سحب أموالهم أو جزء منها من البنوك، وهو ما أدى بالتالي الى إنخفاض سعر الريال، الأمر الذي سينسحب عليه إرتفاع في أسعار السلع والمواد اذا استمرت الاوضاع على هذا الحال.
ومن هنا، فإنني اناشد العقلاء والحكماء في هذا البلد ومن كل الأطراف السياسية أن يهبوا لانقاذه من أزمته الراهنة وتفويت الفرصة على أعدائه المتربصين به، فما يواجهه وطننا اليوم لايحتمل أن نجلس متفرجين لنصفق في النهاية لمن ينتصر.وفي الأخير ما أزال أدعوا فخامة الرئيس للبدء في التغيير واتخاذ اجراءات عملية وسريعة تترجم ما أعلنه من مبادرات إلى واقع حقيقي، وحينها فلن يطالب أحد بضمانات!
للتأمل :
لا وقت للكلام
لا وقت لإسترجاع ما جرى
في سالف الأيام
وعزة الله الجليل والصمد
أن البلاد في كبد
والناس في كمد
وليس من حل سوى
الحوار والوفاق
أو يكون..
الانفجار والبدد
«عبدالعزيز المقالح» |