عبده محمد الجندي -
من المؤكد ان للشباب همومهم ومعاناتهم ومطالبهم القانونية المشروعة المعقولة والمقبولة من قبل القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ رئيس الجمهورية صاحب العقل الكبير والقلب العامر بحب الجميع من ابناء الشعب اليمني الصابر والصامد بوجه التحديات... لأن الشباب واخص بالذكر منهم أولئك العاطلين عن العمل الذين تسحقهم البطالة ويمزقهم الفقر هم جزء هام من الشريحة الاجتماعية التي تمثل فلذات اكبادنا ناهيك عن دورهم في الحاضر والمستقبل لابد من اتفاق كافة القوى السياسية والجماهيرية على ان تكون الاولوية لمطالبهم المشروعة والملحة في كافة الخطط والبرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بعيداً عن المزايدات والمكايدات السياسية الهادفة الى الاصطياد في المياه العكرة..
اما ان تحاول احزاب اللقاء المشترك التي نكن لها الاحترام رغم اختلافنا معهم حول عدم جواز الاستفادة من تضحياتهم ومعاناتهم لتحقيق اهداف سياسية كما هو الحال لتعاملهم مع فعاليات وتضحيات الحوثيين والانفصاليين والقاعدين الارهابيين لاضعاف الدولة من خلال تحالفات تكتيكية خاضعة لما لديهم من الحسابات للاستفادة منها للتعجيل بالاستيلاء على السلطة بحركة انقلابية فوضوية وعنيفة اقرب الى الشرعية الثورية منها الى الشرعية الدستورية تحت شعار الاتفاق العاجل على رحيل الرئيس رغم ما ينطوي عليه من الخلافات الآجلة من خلال الاستفادة من حماس الشباب المتأثرين بقدسية الدين وقناة الجزيرة المفتوحة على حركة الاخوان المسلمين وقياداتهم واعتصاماتهم ومسيراتهم ومظاهراتهم على نحو يدركه المشاهدون العاديون الذين لا علاقة لهم بالسياسة والصحافة ناهيك عن المشاهدين الذين يعملون بالسياسة والصحافة حيث كشفت هذه القناة التي أبهرت الشعوب فيما كانت تنتجه من المهنية المغلفة بالحرص الظاهر على مصالح الامة العربية وحقها في الحياة والحرية والديمقراطية التي ازعجت الادارة الامريكية البريطانية في حربها العدوانية على العراق الشقيق ولكن الى حين من الاستحواذ على ثقة الاغلبية من ابناء الأمة لتكشف انها لم تكن سوى قناة من القنوات التبشيرية الامبريالية المروجة للايديولوجية الليبرالية الرأسمالية التي لعبت دوراً لا يستهان به في تذليل العقبات والصعوبات والموروثات التي باعدت بين الايديولوجية الرأسمالية وغيرها من الايديولوجيات الثورية العربية ذات البعد القومي والاشتراكي والاسلامي المعادي للامبريالية والصهوينية، ولم تقف عند الحدود الدنيا للتقريب بين هذه القوى الثورية الشمولية وبين القوى الرأسمالية.. بقدر ما تجاوزت ذلك الى الى اقناع هذه القوى باستبدال ما لديها من ايديولوجيات ثورية شمولية بالايديولوجية الليبرالية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة وحرية الصحافة وحرية العقيدة والعبادة وحقوق الانسان وحرية التجارة وآلية السوق..
اعود فأقول ان سعي المشترك الى الاستفادة من تضحيات الشباب المستقلين المرابطين في ميادين الاعتصامات والمسيرات والمظاهرات الذين تم تعبئتهم على رحيل رئيس الجمهورية وتخويفهم من ان التراجع في منتصف الطريق يعني نهايتهم من الحياة بذات الأسلوب الانتهازي الذي اتبعته مع غيرهم من الحركات الحوثية والانفصالية والارهابية المحصنة لتحقيق ما تبحث عنه من النجاح السهل الذي لا و لم يكن بمقدورها تحقيقه مع غيرهم من الحركات المعادية للثوابت الوطنية والمتآمرة على ما نحن بحاجة اليه من الامن والاستقرار في موكب التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الدائمة والمستمرة.. لأن هؤلاء الشباب دخلوا الى العمل الثوري الديمقراطي بدون حسابات كما هو الحال بالنسبة لغيرهم من الحركات الانفصالية والحوثية لأن هؤلاء الشباب يفتقدون الى ماهم بحاجة إليه من التجربة والخبرة السياسية التي تمكنهم من اتقان لعبة التكتيك والمناورة السياسية التي تمتلكها الحركتان الانفصالية والحوثية ذات الاجندات والارتباطات الخارجية التي تعرف من اين تبدأ وتعرف الى اين تنتهي سلفاً.. لذلك اجد نفسي مضطراً الى تحذير الشباب من مغبة المبالغة في مطالبهم السياسية المستحيلة اذا لم اقل الصدحيه التي يجد فيها البعض فرصة لتحقيق ما لديه من الاهداف السلطوية ولا يجد فيها البعض الآخر ما يمكن التقاطه والتعاطي الحواري الموضوعي معه..
ومن المؤكد ان احزاب المشترك قد اتقنت لعبة الاعتصامات والمسيرات والمظاهرات واكدت انها الاقدر على الاستخدام العاطفي للشباب والدفع بهم في مظاهرات واعتصامات ومسيرات بدأت تتحول الى احداث شغب وسلب ونهب وقتل لا ناقة للشباب فيها ولا جمل سوى إشباع الاطماع الجنونية للسياسيين القياديين في المشترك في الاستيلاء على السلطة بشرعية ثورية انقلابية فوضوية عنيفة لا علاقة لها بالشرعية الدستورية الانتخابية.. ولكن تحت يافطة احزاب اللقاء المشترك التي بدأت تتراجع امام بريق يافطة الشباب التي تطالب بإسقاط النظام ورحيل رئيس الجمهورية بقوة انقلابية وغير ديمقراطية تتمترس خلف التظاهرات والمسيرات والاعتصامات كبديل لكل انواع الحوارات والاصلاحات الدستورية والانتخابية معتقدة ان هذه المظاهرات والمسيرات والاعتصامات الفوضوية الصاخبة والغاضبة سوف تحقق لاحزاب المشترك بشكل عام والاخوان المسلمين بشكل خاص ما تتطلع اليه من الانتقال السلمي السلس للسلطة بسرعة اكبر وبطريقة افضل من السرعة والطريقة التي نصت عليها المبادرات السابقة واللاحقة لرئيس الجمهورية التي اقرها وحدد آلياتها المؤتمر الوطني العام الذي شاركت فيه اكثر من اربعين الف شخصية سياسية وحزبية ومستقلة اجتماعية وثقافية ودينية من جميع محافظات الجمهورية ومن كافة المؤسسات الدستورية والنقابات والمنظمات الجماهيرية الفاعلة والمؤثرة والتي رفضت قبل ان يتم اعلانها بوصفها جاءت متأخرة على ما يعتمل في الشارع من حالة ثورية.. كيف لا.. ونحن نلاحظ ما وصلت اليه مواقفهم السياسية من تبدلات رافضة لكل الحوارات؟
ألم تكن هذه المبادرة قد نصت في موضوعاتها ونقاطها المتعددة على اكثر مما طالبت به احزاب المشترك ولجنتها التحضيرية من وثيقة زعمت انها قد استوعبت كافة المشاكل وجاءت بكل الحلول التي تحتاجها الجمهورية اليمينة؟
ولماذا تهرب احزاب اللقاء المشترك من اي حوار سياسي ينتهي الى الاحتكام للعملية الانتخابية وتحاول توظيف كل المعاناة والاستفادة من كل الحركات الارهابية والانفصالية ومن كل الازمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يتضرر منها الجميع ..؟
وقبل ذلك وبعد ذلك لماذا تتعمد هذه الاحزاب التي تبالغ بحجم اعتمادها على الشارع وتضخم عبر ما لديها من الصحف والمواقع والقنوات الفضائية الواسعة الانتشار والتأثير وتتجاهل الملايين الذين يخرجون كل يوم في مسيرات ومظاهرات واعتصامات مؤيدة للمبادرات العديدة التي دعا اليها صادقاً وحريصاً فخامة الاخ رئيس الجمهورية ؟ في تحالف التم فيه الشامي على المغربي واليمين على اليسار والجمهورية على الملكية والشيعي على السني .. الخ
نعم لقد اكدت التجربة والممارسة الحوارية الطويلة ان احزاب اللقاء المشترك لم تكن جادة في مجمل حواراتها السياسية مع حزب الاغلبية الحاكمة اقول ذلك واقصد به من منطلق الحرص على الانصاف وصدق وموضوعية التقييم ان الحديث عن احزاب اللقاء المشترك هو في ابعاده حديث عن حركة الاخوان المسلمين في اليمن التي تدير قواعد اللعبة وتتحكم منفردة فيما سوف ينتج عنها من الانتصارات وتنظر لبقية احزاب المشترك انهم شركاء في الخسارة ومستبعدين من الربح تماماً كما نظرت لرئيس الجمهورية وحزبه الذي استخدمته في وقت الضعف ورمت به وقت القوة كما هي عادتهم يكذبون على الجميع ولا يصدقون إلا مع انفسهم بما فيهم مشايخهم الذين يتقنون فنون الفتاوى السياسية المتموضعة خلف الدين الاسلامي الحنيف والمشايخ القبلية الذين يستظلون بمظلتهم القبلية ويدفعون بهم الى مواقع الصدامات والمجابهات وسوف يتخلون عنهم في اول عملية انتصار يحرزونه على رئيس الجمهورية لأنهم سيكونون قد نخروا قبيلتهم من الداخل وبددوا ما جمعوه في عهد رئيس الجمهورية من الثروات الضخمة. ان الاخوان المسلمين الذين يعتقدون انهم قد تجاوزوا كل المراحل التنظيمية ولم يعد ينقصهم سوى الاستيلاء على السلطة بأية وسيلة من الوسائل الانتهازية بما في ذلك استخدام وجودهم في وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم الفني ووزارة التعليم العالي وما يتبعها من المدارس والمعاهد والجامعات والنقابات للزج بأبنائنا الطلاب في صراعات ومواجهات وحروب طاحنة وتقديمهم حطباً للاستيلاء على السلطة ووضع حد للديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة وحرية الصحافة وحقوق الانسان .
اقول ذلك واقصد به ان الاخوان المسلمين الذين يمسكون ويتحكمون بمفاصل المعارضة يمارسون الانتقائية في التعامل مع الديمقراطية لم يعودوا يؤمنون بالعملية الانتخابية التي جربوها خلال الثلاث المحطات الانتخابية البرلمانية والانتخابات الرئاسية ولم يحققوا منها مالديهم من الاهداف المتمثلة في الاستيلاء على السلطة لما يعتقدون انه عقبة فخامة الاخ رئيس الجمهورية فراحوا يركزون حملتهم وحركتهم على الخلاص من هذه العقبة من خلال التحالف مع جميع خصومه ودفعهم الى مواقع المواجهة وتحويلهم من حلفاء واتباع وانصار الى اعداء ولم يجدوا سوى الاعلام واعطاء الاولوية للمظاهرات والاعتصامات والمسيرات التي تبدأ سلمية وتنتهي حتماً الى عنيفة لذلك لا غرابة في ان يلجؤوا في نهاية الصراع الى استخدام الاطفال والزج بهم حطباً لما يشعلون من الصراعات والحروب والهادفة الى اسقاط النظام واجبار رئيس الجمهورية على الرحيل الفوري من موقعه وتسليمهم السلطة بطريقة غير ديمقراطية ليتمكنوا من اقامة دولتهم الاسلامية التي تحدث عنها الشيخ عبدالمجيد الزنداني بالتزامن مع ما يحدث من تبدلات واعدة من الوطن العربي الكبير والتي ستكون الضربة الاخيرة للديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة وحرية الصحافة والعقيدة والعبادة وحقوق الانسان وحرية التجارة وآلية السوق .
انهم يجيدون لعبة الاستخدام السياسي للاسلام واستخدامه لخدمة مالديهم من الاهداف السياسية ولعل المواقف الاخيرة لعلمائهم الذين استخدموا الرئيس وقت ازماتهم وتنكروا له في اول لحظة وجدوا انهم قاب قوسي او ادنى من الاستيلاء على السلطة وفق مالديهم من الحسابات والاجندات الخفية؟
قد يقول البعض ان هناك الورقة الاهم التي لازالت غير معروفة ولم تكشف عنها احزاب المشترك نظراً لما تنطوي عليه من الخطورة وهي الورقة العسكرية والامنية الحاسمة والاخيرة اقول ذلك بنوع من الايجاز والعمومية لمجرد الاشارة الهادفة الى التذكير ليس إلا .. وحتى ذلك الحين لكل مقام مقاله ولكل حادث حديث.
ولما كان الشباب هم الهم الاول الذي يجب ان نعمل معاً للحفاظ عليه والاقتراب منه من انحياز هذا الشباب لطرف احزاب المشترك المعتصمين في ساحة التغيير على حساب أبعاده او ابتعاده عن احزاب التحالف الوطني المعتصمين في ساحة التحرير على ما بين التحرير والتغيير من علاقة ثورية جدلية وقد قلت بالامس صراحة لشباب عبر متحاورين احدهما مستقل والآخر حزبي انني انصحهم وفي الوقت نفسه اخاف عليهم انصحهم لانهم ينحازون لطرف على حساب طرف واطلب منهم ان يضعوا انفسهم في منطقة وسط تستوعب كافة منهم في الحكم ومنهم في المعارضة لأن النظام الذي يطالبون بإسقاطه ليس الرئيس علي عبدالله صالح الشخص بقدر ما يتسع ليشمل من هم في الحكم ومن هم في المعارضة لأن السلطة المطالبين بتغييرها سلطات لا سلطة واحدة هي على التوالي:
1- سلطة الحكم المكونة من كافة القيادات السياسية والبرلمانية المدنية والعسكرية والحزبية .
2- سلطة المعارضة المكونة من كافة القيادات السياسية والبرلمانية العسكرية والمدنية والحزبية .
3- بالاضافة الى ما هو قائم من المرجعيات الدستورية والمنظومات القانونية النافذة..
انهم أي الشباب سيجدون انفسهم في ظل هذا النوع من الانقسام الحاد بوعي او بدون وعي وبقصد او بدون قصد فريسة للطرف الذي سلموا له اعناقهم ليطوي حولها مالديه من الحبال وبدلاً من ان يظلوا وقوداً محركاً للثورة سيجدون انفسهم فجأة ومع بوادر أي انتصار يحققونه على الطرف الذي يمسك بيده زمام الشرعية وخيوطها ضحايا لعدم خبرتهم السياسية وعدم قدرتهم على امتلاك فن التكتيك والمناورة السياسية، حطباً للثورة تأكله نار القيادات السياسية والحزبية بإعتبارهم اساتذة في القدرة على ادارة اللعبة الانتهازية بحكم ما تراكم لديهم من قدرات وخبرات علمية مكتسبة عبر اعوام طويلة من منهج «التجربة والخطأ» هذا النهج الذي اوصلهم الى الحكم وقذف بهم من الحكم الى المعارضة ولا غنى للشباب عن الاقتراب من فخامة الرئيس ومطالبته بتطوير مبادراته واعطاء الاولوية للشباب بدلاً من تكرار اعطاء الاولوية للمشترك بإعتبارهم القوة الفاعلة في الميدان. |