نصر طه مصطفى -
يبدأ الرئيس اليمني علي عبدالله صالح زيارة رسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة يوم الثلاثاء القادم.
وينظر اليمنيون بكثير من التفاؤل لزيارة رئيسهم المرتقبة للإمارات لعدة أسباب، أولها طبيعة العلاقات التاريخية العميقة التي تربط البلدين ببعضهما والتي ازدادت رسوخا بالكثير من الزيارات التي قام بها القادة اليمنيون منذ سبعينات القرن الماضي للإمارات وما يقرب من ست زيارات قام بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لليمن بشطريه خلال السبعينات والثمانينات وهو كان أكثر القادة الخليجيين زيارة لليمن، وثانيها طبيعة العلاقة الشخصية والحميمة التي تربط الرئيس صالح بصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة من قبل توليه الحكم والانعكاسات الإيجابية لهذه العلاقة على مستقبل علاقات البلدين، ولاشك أن الدعم السخي الذي قدمته دولة الإمارات لليمن وبلغ نصف مليار دولار في مؤتمر المانحين الذي انعقد خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي في لندن دليل على أن علاقات البلدين دخلت مرحلة أفضل ستتعزز بزيارة الرئيس اليمني المرتقبة للإمارات، وثالثها أن هناك نقلة حقيقية في علاقات اليمن مع دول مجلس التعاون الخليجي وأن ما يجري الآن من عملية تأهيل لاقتصاد اليمن بشراكة خليجية غير مسبوقة سيعني باختصار نجاح زيارة الرئيس صالح للإمارات وتحقيقها لكل النتائج المرجوة منها.
هذا الحديث عن علاقات اليمن الممتازة مع الإمارات والتي غدت ممتازة كذلك مع بقية دول الخليج يقودنا للحديث الأهم حول دوافع البعض للإساءة إلى العلاقات اليمنية الخليجية والتشويش عليها بل وإعادتها لما كانت عليه من توتر خلال تسعينات القرن الماضي، وعادة ما يكون المدخل لذلك إثارة الحديث عن علاقات اليمن مع العراق خلال عهد الرئيس السابق صدام حسين، ثم الحديث عن موقف اليمن أثناء أزمة احتلال الكويت رغم أن كل ذلك أصبح جزءا من التاريخ وقد تجاوزه الجميع بما في ذلك دولة الكويت التي أعادت مع اليمن علاقاتهما الحميمة إلى سابق عهدها منذ عام 1999م وحتى الآن وأسهمت بفعالية في مؤتمر المانحين بلندن، وقدمت ما تعتقد أنه الدعم الذي لن يخلق حالة من الصراع والخلاف بين الحكومة والبرلمان لديها، إذ من الواضح أن القيادة والحكومة الكويتية قد اتخذتا قرارا لا رجعة فيه بعدم السماح لأي كان بإعادة التوتر لعلاقات الكويت ليس فقط مع اليمن بل مع بقية الدول التي كان لها موقف سلبي من التدخل الأجنبي لتحرير الكويت.
فالظروف السياسية اليوم في المنطقة اختلفت تماما عن ظروف التسعينات، ولاشك أن الجميع يتذكرون أن جميع دول الخليج عدا الكويت كانت قد استعادت علاقاتها السياسية بشكل أو بآخر مع العراق في السنوات التي سبقت الغزو الأخير وإسقاط نظام صدام حسين، أما بعد سقوطه فقد وجدت جميع دول المنطقة أنها معنية بالتقارب مع بعضها البعض أكثر فأكثر، ولاشك أن ذلك كان من الأسباب المباشرة لمزيد من التقارب اليمني الخليجي.
لقد تطورت العلاقات اليمنية الخليجية خلال السنوات الأخيرة ووصلت ذروتها في تبني مجلس التعاون الخليجي لمشروع تأهيل الاقتصاد اليمني ليواكب اقتصاديات الخليج ويصبح هذا البلد الذي يشكل العمق الاستراتيجي لجيرانه الخليجيين مؤهلا للانضمام للمجلس في يوم ما. فكل ما يجري اليوم من إثارة طائفية ومذهبية غير مسبوقة في المنطقة، ناهيك عن فشل كل الاستراتيجيات العسكرية والأمنية الدولية والمحلية في إعادة الأمن والاستقرار للعراق واحتمالات انتشار هذا السرطان المخيف في بقية دول المنطقة هو الذي يحتم التقارب اليمني الخليجي وفي نفس الوقت يحفز المتضررين منه في كل المنطقة لوقفه عند حده بل وتدميره، وندرك في الوقت ذاته أن قادة اليمن والخليج قادرون على امتصاص كل الأزمات وتجاوزها. الخليج
عن " الخليج"