فيصل الصوفي -
رجال الشرطة الذين تعرفوا على الإرهابي خالد عمر سعيد باطرفي واعتقلوه مع صاحبه في تعز يوم الخميس الماضي، اصطادوا صيداً ثميناً، فهو رجل مهم في تنظيم القاعدة، فضلاً عن أنه ملاحق منذ مدة لمسؤوليته عن عمليات اغتيال وقعت في العام الماضي في حضرموت وأبين.. وزارة الداخلية كانت قد نشرت صورته مع ارهابيين آخرين في لائحة عممت على المواقع الامنية في المحافظات، والسلطة المحلية في حضرموت رصدت العام الماضي مكافأة قدرها عشرون مليون ريال لمن يدلي بمعلومات تقود الى اعتقالهم واعتقد أن الذين امسكوا بهذا الارهابي يستحقون جزءاً من تلك المكافأة.. فقد اصطادوه قبل أن يقدم لهم أحد أي معلومات عن عنوانه.. وهو بدون عنوان محدد كما هو معروف، يتنقل بسرعة بين المديريات والمحافظات.
باطرفي الذي ذهب الى افغانستان من قبل خلعوا عليه هناك لقب «أبو المقداد الكندي» .. وأبو المقداد الكندي هو - بالمناسبة - أحد صحابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم - لكن انزلوا مقامه الى درجة أن باطرفي صار بمثابة والده!
< بعد هزيمة تنظيم القاعدة في افغانستان هرب باطرفي وعشرات الإرهابيين العرب الى ايران، والتي تخلصت من العدد الاكبر منهم عن طريق تسليمهم الى بلدانهم، وكان باطرفي ضمن سبعة يمنيين سلمتهم ايران لليمن عام 2003م، ويبدو أن السلطات المعنية اطلقت سراحه لكونه غير متهم أو مدان حينها بجرائم ارتكبها على الارض اليمنية.. لكنه بعد أقل من اربع سنوات من ذلك صار من الرجال المهمين في تنظيم القاعدة بعد ترتيب أوضاع التنظيم من جديد.. ولما قلت أول هذا العمود انه صيد ثمين بالنسبة للمعنيين بمكافحة الارهاب، كنت أشير الى هذه التجربة أو التجارب التي كان باطرفي جزءاً منها ولاعباً أساسياً فيها، ولديه كنز من الاسرار عنها..
بعد القبض على باطرفي في مدينة تعز بعدة ساعات قامت مجموعة من عناصر تنظيم القاعدة بمهاجمة جنود في مأرب كانوا يتناولون طعام الغداء، وقتلوا وجرحوا ستة من أولئك الجنود، لكنهم ايضاً فقدوا ثلاثة من عناصرهم، وقد لا أكون خاطئاً إذا قلت إن ذلك الهجوم في مأرب هو رد فعل فوري على اصطياد باطرفي في تعز وإنه بالنسبة لتنظيم القاعدة شخص ذو أهمية.
< عندما تحل الاضطرابات السياسية والاجتماعية في أي مكان يحل تنظيم القاعدة، وهذه قاعدة عامة بالنسبة له، والحالات الاخرى هي استثناء من هذه القاعدة.. وما يحدث في اليمن اليوم يجعل تنظيم القاعدة يعيش فترة ذهبية.. فخلال الشهرين الماضيين والى الخميس الماضي تمكن من سفك دماء أكثر من تلك التي ارتوى بها في عام سابق.. والى جانب ذلك تتيح له الاعتصامات الموجودة في الساحة اليوم الانخراط فيها للترويج الاعلامي والثقافي للمشروع الذي يتبناه والانتفاع من الدعوة لاطلاق سراح المعتقلين والمدانين بجرائم جنائية لكي يطالب باطلاق الارهابيين.. الزنداني وعرابو القاعدة يخطبون مبشرين بالخلافة الاسلامية، ويطالبون باطلاق سراح معتقلين مدانين بجرائم ارهابية في هذا الوقت.. ماذا يعني ذلك؟ لكن بالمقابل ايضاً يبدو أن هذه الظروف نفسها تعتبر فرصة لأجهزة مكافحة الارهاب لاصطياد من يسهل اصطيادهم من الارهابيين المنخرطين في هذه الاضطرابات.