امين الوائلي -
اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام أطلقت مبادرة جديدة للانفتاح على الشركاء في الحياة السياسية والحزبية.. وكلفت الأمين العام للمؤتمر اجراء حوارات مع الأحزاب والتنظيمات السياسية »لإيجاد برنامج للتوافق الوطني المستقبلي«. > دعونا نُذكّر بحقيقة مهمة، حتى لا يسترسل الخطاب الاعلامي والسياسي في تشريح المبادرة والذهاب بعيداً عن مضمونها الفعلي.. لأن البعض، هنا وهناك، اندفع في تلوين ومكيجة الدعوة والمبادرة لتأخذ صفة الفرادة والندرة.. وكأنها بنت وقتها لا غير.. فيما آخرون كلفوا انفسهم قراءة الهامش لا المتن، أي تصنّع الدهاء في قراءة ما وراء المبادرة وتخمين ان ثمة اهداف وغايات غير معلنة.. ليتوسعوا لاحقاً في ضرب الودع وتشريح الخطة الظرفية الراهنة وتوقيتها. > من المهم التذكير بأن المبادرة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.. وهي ليست بنت وقتها، وانما هي بنت المنهج السياسي للمؤتمر الشعبي العام الذي يتقوم بالأساس على الايمان العميق بالمشاركة والتوافق والحوار.. ولا ينبغي ان ننسى او نتناسى حقيقة أن المؤتمر جاء منذ يومه الأول ليمثل خلاصة حالة حوارية في مجتمعه وبيئته الوطنية فهو بذلك يتواصل مع ذاته وهويته وتاريخه. > علينا أن نقرأ المبادرة الجديدة في سياق الحالة الحوارية التي يمثلها ويجسد أنموذجها الواقعي هذا التنظيم الوطني.. لأن اجتزاء الفقرة الأخيرة والترويج لها -إن مدحاً او عكس ذلك- عمل يفتقر الى الموضوعية، وهو يغمط المبادر وصاحب الدعوة حقه في التقدير اللازم من قبلنا والجميع لالتزامه خط الحوار والتوافق لقرابة ثلاثة عقود خلت في العمل والممارسة والخبرة المتراكمة. > الدعوة الأخيرة تجيئ منسجمة مع هذا التاريخ ومتناغمة مع الخط السياسي والوطني الذي يمثله المؤتمر، وليس صحيحاً اعتبارها حالة فريدة ونادرة.. لأن ذلك يستتبعها بالكثير من الاجتهادات والتخمينات الموغلة في التنجيم السياسي والاعلامي. > أما ما قوبلت به المبادرة والدعوة من ردود فعل متفاوتة لدى قيادات تمثل احزابها في المشترك،، فلا يخرج عن كونه تكراراً مملاً لذات النص المحفوظ سلفاً، والذي قيل وسمعناه دائماً.. هناك ما يشبه الاصرار والتعنت في استدعاء اللغة الخشبية ذاتها.. أمنيات بأن تكون »الدعوة جادة« أو »ليست كسابقاتها« أو »نرحب ونتحفظ« و»لن نرضى تكرار تجارب الحوارات الماضية«.. وكلام كثير غارق في التوجس وعديم الحيلة أمام المرونة والانفتاح. > وربما كان أثقل التعليقات -وأخفها ايضاً- هو ما قاله غير واحد كشرط لقيام حوار مستقبلي مع المؤتمر.. وهو: ان يتم الحوار على قاعدة »برنامج الاصلاح السياسي«. > أي حوار هذا يفضي الى »توافق وطني مستقبلي« اذا كان الفرقاء سيفرضون شروطهم منذ ما قبل البداية.. ويجددون مواضيع وقواعد الحوار سلفاً.. لم تعد ثمة حاجة الى جلسات حوار من أصله.. إن كان مشروعه ونتائجه تقر سلفاً! > إذا أفلح الفرقاء وأحزابهم في تجاوز أخطاء وعثرات الأمس.. عليهم أن يتخلوا عن الفروض والشروط المسبقة والالزامية وعن الهواجس الميتة المميتة.. وأخيراً عن اللغة الخشبية التي لم تعد مغرية أو مربحة بتاتاً.. شكراً لأنكم تبتسمون