الإثنين, 04-أبريل-2011
متابعة: أحمد عبدالعزيز -
تسببت الفوضى الجارية في العاصمة صنعاء وعدد من عواصم المحافظات في خسائر فادحة للاقتصاد الوطني وفي الممتلكات العامة والخاصة، شملت قطاعات الدولة ومرافقها مثل النفط والسياحة وقطاع البناء وأثرت على العملة الوطنية وسعر الصرف، والاستثمار الوطني والاجنبي، وطالت تداعياتها المنشآت والمحال التجارية التي أغلقت وسرح عمالها واغلق في وجه اصحابها مصادر رزقهم بفعل اتساع ميادين المخيمات والمعتصمين في العاصمة صنعاء وأكثر من مدينة في عدد من محافظات الجمهورية :
۹ وفي الوقت الذي يدرك فيه المواطن العادي والبسيط ان تنمية الاقتصاد الوطني هي مسئولية يشارك فيها الجميع افراداً وجماعات لتنمية القدرات الاقتصادية ودعمها، يجد نفسه اليوم وبسبب تلك ما تسمى بالاعتصامات أمام مشهد تدمر فيه قدرات بلاده ومصادر مواردها عبر افعال تحريضية تدفع باتجاه استمرار هذه الاعتصامات بغرض السير في الاتجاه المتعارض مع الوطن والشعب والذي يعيق خطوات التنمية والبناء والاعمار ويوقف عجلة الاصلاحات الادارية والاقتصادية التي تمضي فيها البلاد.
عشرات المليارات من الريالات فقدها الاقتصاد الوطني منذ بدء ما تسمى بالفوضى الخلاقة، وهي مستمرة يوماً بعد يوم مع استمرار تلك الاعتصامات تتمثل في الفاقد الداخلي من ضعف العملة الوطنية وتجميد المدخرات وتعطيل الاستثمار وايقاف عجلة التجارة والصناعة وحركة السياحة وسد الطريق أمام أموال الخارج الواردة الى داخل البلاد.
ويمثل سعر صرف العملة الوطنية مؤشراً حقيقياً لاقتصاد البلاد ومدى قوتها وقدرتها في مختلف الظروف والأوضاع من الداخل والخارج.. وهنا تسببت تلك الاعتصامات بشكل مباشر أو غير مباشر في احداث تراجع كبير لسعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الاخرى خاصة الدولار إذ بلغ اكثر من 15 ريالاً خلال الفترة منذ بدء الاعتصامات مع توقعات بارتفاعها اكثر مع حالة استمرار الأوضاع الحالية على ماهي عليه الآن، الأمر الذي يعتبره المراقبون الاقتصاديون مؤشراً لتهاوي الريال اليمني مما سيزيد من الاعباء الاقتصادية للبلاد، خاصة اذا لم تتخذ الحكومة والبنك المركزي الاجراءات العاجلة لمواجهة هذا الموقف ومعالجة تداعياته.
قلق وهلع
وكان من الطبيعي ان تقود هذه الاعتصامات الى تشكيل حالة من القلق عند المواطن وتدفع به بالضرورة الى التعامل بهلع مع السلع والاحتياجات الاساسية والضرورية بالتهافت على شرائها وتخزينها مثل مادة القمح والسكر والغاز المنزلي وغيرها، مما يؤدي الى ارتفاع أسعارها بشكل طبيعي.
ويوضح ذلك هشام شرف وزير التجارة والصناعة بأن اسعار التجزئة للقمح- مثلاً- ارتفعت بأكثر من 20% خلال هذه الفترة، بينما ارتفعت اسعار سلع غذائية رئيسية اخرى بنسب تتراوح بين 15% و 25% .
مشيراً في تصريحات لرويترز الى أن المواطنين في مثل هذه الظروف والأوضاع والمناخ السياسي السائد يشترون اي شيء بأي سعر اذا عرفوا انه سيختفي ومن ثم يحتفظون به في بيوتهم.
تضرر النفط
وبدوره تأثر القطاع النفطي الحيوي والمهم الذي يمثل نسبة 80% من الناتج المحلي كمكون للميزانية الوطنية، وذلك بتأثره سلباً في أكثر من جانب سواء أكان انتاجاً او تصديراً او استهلاكاً محلياً، او تنقيباً واستكشافاً بسبب توقف العديد من الشركات الدولية العاملة في هذه القطاعات ومغادرة كوادرها البلاد نتيجةً للأوضاع السائدة التي احدثتها الاعتصامات في عدد من المدن.
وشهد هذا القطاع الحيوي بسبب هذه الاضطرابات اضراراً انعكست مباشرة على الاقتصاد الوطني، منها على سبيل المثال توقف مجمع شركات النفط العاملة في حقل العقلة بمحافظة شبوة لتوقف ضخ النفط عبر الانابيب وبواسطة الناقلات الى محافظة مأرب..
ويشار الى انه يتواجد في هذه المنطقة عدد من الشركات الاوروبية التي تعمل على انتاج النفط وتصدر يومياً مائة الف برميل الى الخارج عبر محطة صافر، وتنقل منها بالناقلات الى الاسواق المحلية، كما تعمل في العقلة عدد من الشركات منها شركة دوم الاماراتية والتي تقوم حالياً بإنشاء انبوب للغاز من العقلة الى مأرب حيث ان توقف عمل هذه الشركات سوف يكلف اليمن خسائر بمليارات الريالات.
شلل سياحي
أما القطاع السياحي الذي يمثل بدوره أحد أهم روافد خزينة الدولة العامة فقد شهد نتيجة هذه الاعتصامات بالدرجة الأولى وعوامل اخرى تراجعاً في استقطاب الافواج السياحية كما تراجعت نتيجة ذلك الاستثمارات السياحية واليمنية والعالمية منذ مطلع هذا العام وتعمقت اكثر مع بدء ما يسمى بالفوضى الخلاقة التي يقف وراءها «المشترك»، حيث تراجعت الى 33 مشروعاً العام الحالي مقارنة بــ36 مشروعاً العام الماضي، وفي الكلفة من 39 مليار ريال الى 14 مليار ريال فقط خلال هذه المدة.
وفي الوقت الذي تشكو فيه الفنادق فئة الخمسة نجوم في صنعاء وعدن والمكلا وتعز من تراجع كبير في استقبال السياح سواء من خارج اليمن او داخلها فإن خبراء يمنيين في هذا المجال يؤكدون ان قطاع السياحة والفنادق تأثر بشكل كبير بسبب الاوضاع السياسية المتردية منذ مطلع العام 2010م وارتفعت أكثر مع عملية الاعتصامات والمظاهرات والحرب على القاعدة واضطرابات بعض مدن ومديريات الجنوب على وجه الخصوص.
ركود في البناء
قطاع البناء والانشاء والاعمار والذي لايقل بدوره أهمية عن القطاعات الاخرى نال حظه من التداعيات السلبية نتيجة الاحداث السياسية الاخيرة خاصة عملية الاعتصامات التي تشهدها بعض المدن الكبرى في البلاد، وندرك تماماً الخسائر الفادحة والكبيرة التي لحقت بقطاع البناء إذا ما أدركنا اولاً ان حجم العمالة في قطاع البناء والانشاءات في بلادنا يقدر بحسب احصاءات رسمية ومحايدة بأكثر من مليون عامل، فأصبح قطاعهم المهني هذا شبه متوقف ويعاني حالة ركود غير مسبوقة جراء تطورات الاحداث الجارية حالياً.
ويرى خبراء اقتصاديون أن استمرار الأزمة التي تعصف بالبلاد بسبب الاعتصامات خاصة في الوقت الحالي من شأنها إحداث تأثيرات سلبية كبيرة على حركة قطاع البناء والتشييد، الذي أدى حالياً الى فقدان مئات الآلاف لوظائفهم بعد تراجع الكثير من رجال الأعمال والمستثمرين من الداخل والخارج عن اقامة مشروعات سكنية وعقارية وباتوا في حالة توجس وخيفة وهم يترقبون ماستؤول اليه أوضاع البلاد نتيجة مايعتمل فيها من تداعيات سياسية أوجدت تلك الفوضى في أهم وأكبر المدن اليمنية.
مناخ طارد
تلك الاعتصامات التي تشكلت في عدد من مدن البلاد لم يتوقف تأثيراتها السلبية وتداعياتها على صعيد دون غيره بل شملت كل الجوانب كما أسلفنا، وامتدت بالضرورة سلباً على مناخ الاستثمار وتدوير الأموال الاجنبية في البلاد ولم توقف عجلة دورانها وحسب بل كانت سبباً ايضاً في طرد الأموال المحلية والمستثمر الوطني.
وفي خضم هذه الحالة أعلنت العشرات من الشركات والبيوتات التجارية ورجال الأعمال والمال العرب والاجانب مغادرتهم اليمن بدعوى ان المناخ لم يعد ملائماً لهم للعمل بسبب هذه الأوضاع.
وعلى سبيل المثال أعلنت دوائر اقتصادية وطنية وتصريحات صحافية لعديد من مسئولين عن تأجيل تشييد خمسة مشاريع لمستثمرين قطريين وسعوديين وعمانيين وصينيين واوروبيين في مجالات الحديد والصلب والاسمنت والسكر وبكلفة اجمالية أولية تفوق المليار دولار.
وكشفت مصادر اقتصادية ان اجمالي خسائر الاستثمار الخليجي في اليمن نتيجة الاعتصامات الاخيرة زادت عن المليار دولار.
وفي ذات الاتجاه وعلى سبيل المثال فقد أعلنت مصادر يمنية وقطرية متطابقة ان مشروعاً كبيراً قد توقف العمل فيه بسبب الفوضى التي تمارسها أحزاب المشترك.. وافادت تلك المصادر ان المشروع المتعطل تبلغ كلفته الاجمالية نحو 600 مليون دولار -(3.1) مليار ريال - وذلك بعد ان نجح في إتمام نصف الطريق نحو الانجاز.



تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:16 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-20583.htm