الأربعاء, 13-أبريل-2011
الميثاق نت - د .علي عبد القوي الغفاري د .علي عبد القوي الغفاري -
الأوضاع الحالية في بلادنا لا تسر أحداً غير أعداء الحرية والديمقراطية والوحدة ، فقد أصبحت الحياة في العاصمة صنعاء وفي بقية المحافظات لا تطاق ، وكما لو أن البلاد فعلاً في حالة حرب وان استمر الحال هكذا فكل شيء محتمل ووارد ، ولا ندري إلى أين سيؤول مصير اليمن الذي توحد لتوه قبل عشرين عاماً ، ولا ندري من أجل من يبدأ تمزيق اليمن ؟ فها هي محافظة صعدة في الشمال قد اختارت لها يوم الخميس 23 مارس الماضي محافظاً جديداً من أحد أبنائها ، ومحافظات أخرى أوشكت على تسيير أمورها بعد حادث خنفر في جعار الذي أودى بحياة ( 150 ) من الأبرياء.
وبدون شك فإن اليمن الموحد على امتداد العقدين الماضيين عانى ومازال يعاني كل أنواع الحرمان جراء أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية ، ذلك ليس بسبب التخلف الناتج عن موروثات الماضي ولكن بسبب تفشي وتوسع الفساد المالي والإداري في بعض مؤسسات الدولة وأسباب أخرى الكل يعرفها على مستوى الداخل والخارج ، الأمر الذي أقلق بعضاً من أبناء اليمن الغيورين وأدى بهم إلى المطالبة بالإصلاحات.
ومنذ قيام الوحدة بفضل صانعيها والقوى الوطنية في الشطرين ودماء الشهداء التي سالت بهدف تحقيق الحلم الكبير الذي تحقق في 22 مايو 1990م ، إلا أن حفل الزفاف الوحدوي لم يستمر طويلاً ، فقد دخلت البلاد في حرب صيف 1994م ، والتي على إثرها دخلت البلاد في أزمات وتحديات سياسية واقتصادية متتالية، وتم إنشاء أحزاب اللقاء المشترك الذي ضم عدداً من الأحزاب السياسية، ودون شك فقد كان لحرب صيف 1994 م أثرها حيث إن قيادة الحزب الإشتراكي بعد الحرب غادرت المسرح مما جعلها تطالب بفك الإرتباط والإنفصال عن الوطن الأم ، لعب الحراك السلمي في جنوب الوطن دوره الفاعل في ذلك رغم أن الحزب الاشتراكي هو الذي وافق يوم 21 مايو 1990 م ، على الوحدة الاندماجية والفورية هروباً من الظروف التي كان يعيشها جنوب الوطن جراء انهيار الاتحاد السوفييتي ( السابق ) وتفكك المعسكر الإشتراكي كلياً ، فضلاً عن مخلفات حرب 13 يناير 1986م بين الرفاق في الحزب الإشتراكي اليمني.
وخلال الأعوام الماضية واجهت البلاد تداعيات شتى أهمها تنظيم القاعدة الذي واجهته الحكومة بكل قوة وكذا الحروب الستة التي خاضها الجيش المركزي للدولة مع جماعة الحوثي في شمال الوطن مما أنهك الدولة اقتصادياً وعسكرياً.
هذه الأحداث والتطورات شكلت أبعاداً حقيقية لمدى مكانة الدولة وماهيتها وقدرتها على الصمود والثبات إلى أن جاءت تسونامي ثورات التغيير التي اندلعت في المنطقة بداية في تونس الخضراء ومروراً بمصر الكنانة متدحرجة بنيرانها إلى اليمن السعيد ، وليبيا والبحرين والأردن وسوريا ، ونظراً للظروف الاقتصادية الخانقة في بلادنا وانتشار البطالة وعدم استيعاب الدولة لخريجي المعاهد والجامعات فقد خرج شباب التغيير إلى ساحة جامعة صنعاء وفي أنحاء اليمن يطالبون بإسقاط النظام ثم برحيل الرئيس علي عبد الله صالح الذي يكن له شعبنا التقدير والاحترام وأنه كان على امتداد السنوات الماضية صمام أمان الوحدة اليمنية ، غير أن الوضع اليوم أمام الحشود الغفيرة التي طالبت وطالبنا معها خلال السنوات الماضية بضرورة إدخال الإصلاحات الإقتصادية والسياسية والاجتماعية ولأن هذه المطالب التي أجمع عليها عامة أبناء الشعب لم تؤخذ في الإعتبار، أدى ذلك إلى تفاقم الأزمات بمختلف مسمياتها على نحو سريع ، فسارع شباب التغيير إلى الإعلان عن قيام ثورة التغيير السلمية التي تضم في صفوفها كل أطياف المجتمع اليمني من طلبة وعمال وأساتذة ومن الجيش وأصحاب مهن مختلفة بما في ذلك أحزاب التحالف المشترك ، ومما يندى له الجبين ارتكاب المجزرة الدموية على يد القناصة يوم الجمعة 18 مارس 2011م ، التي أضرت بسمعة اليمن محلياً وإقليمياً ودولياً ، بل كانت هي القشة التي قصمت ظهر البعير ، حيث أن تلك المجزرة ساهمت إلى حد كبير في تأجيج عواطف مشايخ اليمن الكبار وقادة الجيش وعدد من الوزراء في الحكومة وعدد من سفراء اليمن في الخارج ، كل هؤلاء قدموا احتجاجاتهم واستقالاتهم وتضامنوا مع شباب التغيير وانضموا إلى صفوفهم، وما حدث في صعدة من تسلم فارس مناع أمور المحافظة كما أن محافظات أخرى بدأت تتداعى وهي في طريقها للانفصال.. ما كان يمكن حدوث ذلك لولا غياب الدولة ، كل هذا ينذر بالشؤم والعواقب التي قد لا يحمد عقباها ، والجديد هو إصابة ما يزيد عن 1300 متظاهر في مدينة تعز يوم الأحد 3 أبريل الجاري ومقتل ما يزيد عن 17 شخصاً ومثله في الحديدة مساء اليوم نفسه وكذا يوم الإثنين 4 / 4 / 2011م .
وهكذا فإن الأوضاع في صنعاء بل في أنحاء اليمن لم تعد تبشر بالاطمئنان لعدم استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية ، والمؤسف أن الرئيس علي عبد الله صالح قدم كما الخيرون من أبناء الشعب مجموعة من المبادرات بهدف إخراج البلاد من أزماته ، جميعها لم يكتب لها النجاح ، وهكذا فإن البلاد لم تعد تمر بأزمة واحدة ولكن بمجموعة من الأزمات هي في غاية الخطورة وأصبحت اليمن كما سماها مسؤول بريطاني ومراكز البحوث « دولة فاشلة « ، مما يتطلب من الجميع حكاماً ومحكومين ، سلطة ومعارضة ، العمل على إنقاذ اليمن من أزماته ومما هو مرسوم ومخطط له ، وكما سبق أن قلنا أن الوقت مازال متسعاً وإن كانت الأمور لم تعد ترضي أحداً في الداخل والخارج بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت تطالب بنقل السلطة سلمياً ، وأعتقد جازماً أن الرئيس علي عبدالله صالح بإمكانه وبحكم مهارته ودهائه السياسي أن يرفق بشعبه وأن يخرجه إلى بر الأمان بحيث يجنب اليمن الفتنة والدمار ، وهذه الدعوة هي كذلك لمشايخ البلاد وعقالها وعلمائها وأساتذة الجامعات وأولاً وأخيراً الشباب أصحاب المصلحة الحقيقية في الثورة ، وعلى اليمن واليمنيين الاتعاظ بالسوابق والاستفادة من الدروس من تونس ومصر والحرب الأهلية الجارية الآن في ليبيا الشقيقة التي أكلت الأخضر واليابس !
أسأل الله سبحانه أن يحكم الأخ الرئيس وعقال اليمن أنفسهم وأن تسمو مصلحة اليمن على المصالح الذاتية..
حفظ الله اليمن وجنبها الفتنة التي إن حدثت -لا سمح الله- ستؤدي إلى تقسيم وتمزيق اليمن إلى مخاليف وليس إلى دويلات !.
والله من وراء القصد..
٭ المركز اليمني للدراسات الدبلوماسية والعلاقات الدولية
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 04:16 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-20727.htm