الأربعاء, 13-أبريل-2011
الميثاق نت - أحمد مهدي سالم أحمد مهدي سالم -
مخاض عسير.. تمر به وتعانيه بلادنا كما وصفوها قديماً، وآلام الطلق بدأت.. فإما أن يولد جنيناً قوياً، صحيحاً، والبسمة تظلل وجهه البريئ، وإما يكون طفلاً مشوهاً قبيحاً بيد واحدة، وعدة أرجل، وهناك من يرى أن الوطن بعد المخاض، سيلد غولاً مخيفاً يرعب كل حيوانات الغابة بزئيره المهيب، وغيرهم يقول بولادة مخلوق فيه شيء من جرأة الأسد، وجبن الأرنب، وخبث الثعلب.. ولا نستطيع تحديد الإجابة الواضحة الدقيقة، وإن حاولنا.. ستكون تكهنات، لكن الإنسان السوي، في كل الحالات لا يعدم أن يكون التفاول رفيقه.
التكوينات المؤتمرية النائمة التي قهرتها ظروف الإقصاء والقيادات الانتهازية والمريضة.. أهاب بها الرئيس أن تصحو من النوم وتطرد من سمائها الغيوم الملبدة بالهموم، وتحافظ على الأمن والاستقرار، وأن تتصدى لكل المحاولات المسيئة للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للناس، وأن تقف في وجه أشكال التخريب والنهب والتكسير، ولا ندري هل ستحاول!! أم ستبقى على نومها وانزوائها عن تفاعلات المشهد السياسي؟!
وبلادنا فيها أشياء غريبة، ومن المفارقات أن الأقلية تفرض رأيها على الأغلبية، وتمرر شروطها، وتروج لخطابها كاسبةً أنصاراً في كل يوم، ومحدثةً تشويشاً على أفراد المعسكر الوحدوي.. مستندةً على الأذرع الإعلامية الضخمة التي تتعامل معها محلياً وخارجياً، فراجت أكاذيب واضحة وغلبت حقائق ناصعة، وسمعنا تبريرات «ناعمة» لجرائم خطيرة أو انتهاكات فظيعة.
مطبخ «المشترك» شغال، عمال على بطال- بتعبير اخوتنا المصريين.. ويفرز في كل دقيقة مقولات ساخنة.. وشعارات «لاهبة».. وعبارات لاذعة.. وتهكمات صارخة.. وبيانات مخيفة.
التراخي والتساهل وتمييع القضايا، وتقريب الشلة أو الشلل الفاسدة.. أثر سلباً على انخفاض أداء المؤتمر، وتراجع دوره القيادي، حتى صار البعض يخجل من انتمائه الى هذا الحزب الوحدوي الكبير، ولا يستطيع أن يشتري إحدى صحفه، ولا يملك الجرأة أن يتصفح العناوين فقط إن وجدت إحداها بالصدفة، ويسري التعامل نفسه مع الصحف الرسمية اليومية الثلاث، وإن تجرأ أحدهم.. تراه يقلب أوراقها، وهو مرعوب، منتقداً أبرز أفكارها لكي يرضي من حوله، وهو من أكبر المستفيدين وفي طليعة المقربين من المسئولين «النافذين».
نخشى أن تأتي فترة -ويبدو أنها قربت- يصبح فيها الانتماء الى المؤتمر الشعبي العام أو التعاطف مع طروحاته ورؤاه.. جريمة تستحق العقوبة، أو خطأً فادحاً يستوجب الاعتذار، وكله بسبب قيادات غير جديرة بالثقة ألحقت بحزبها وبالوطن أضراراً واضحة في المحافظات والمناطق، ونعرف أن المرحلة الحالية الدقيقة.. لا تتطلب العقاب والمساءلة لكن لابد من بعض التنبيهات والتوجيهات الشفوية لأصحاب الشرائح الثلاث.
المرحلة تتطلب استنفار أقصى الطاقات، والحرص على توحيد الرؤى، ولا ضير من الاستفادة من بعض تكتيكات المعارضة التي تتحرك في التصعيد وفق خطوات محسوبة بالدقيقة والثانية بينما أصحابنا يتخبطون.. كثَر المنظرون الفاشلون، وازداد المتلونون المزايدون على حساب الطاقات الوحدوية الشابة، وكما يقول المثل: «اذا كثر الدّيوك.. عَطَل الصبح»..الأغلبية الصامتة يجب تحريكها، وإعادتها الى التشغيل، وتسخير كل قدرات البذل والعطاء حتى نجنب البلد الوصول الى المنزلق الخطير، والهاوية السحيقة.
واذا وجدت النوايا الصادقة، والامكانات المسخرة، والاعتذارات المهذبة.. سيتحرك الكسول، وينشط الخامل، ويتجرأ الصامت، ويقول المحايد رأيه بكل صراحة وشجاعة، سيتلاشى الشعور بالظلم والضيم وإبعاد الكفاءات، ورعاية وإحلال الإمَّعات على حسابهم ممن لا يساوون شروي نقير، وستكون الهبة قوية، والردّ على الخطاب الآخر المغاير.. أكثر حدة وموضوعية.
والصحوة تنفع -وإن كانت متأخرة- في ترميم الفجوة، ورأب الصدع، وتضييق مساحات الاختلاف.. والاقتناع الراسخ أن الوطن اليمني الكبير يئن من جراح أزمة خطيرة مما يحفز على تضافر الجهود، واطلاق الطاقات، والمصداقية في الولاء، وطرح الآراء والمبادرات، وتفنيد المزاعم والتقولات المذكية للفتن والاضطرابات وتأجيج نيران الاحترابات، ومحاولة المخاطبة الحكيمة والناصحة للعقلاء والشرفاء في المعسكر الآخر على أمل الوصول الى القواسم المشتركة، والتخفيف من حدة الاحتقانات، وتذويب الحواجز والأسلاك الشائكة التي تغلق منافذ الحوار، وتئد مبادرات الخروج من الأزمة الراهنة، واذا كان هناك اخفاق في المحاولة الأولى فليس عيباً تكرار المحاولات، وطرق الأبواب، والمراهنة على صوت العقل، وقد قال الشاعر قديماً عن فلاح ونجاح من يصبر ويكثر من محاولة قرع الأبواب الموصدة:
أخلق بذي اللب أن يحظى بحاجته
ومدمن القرع للأبواب أن يلجا
قبل الختام
ساحة التغيير صدق من وصفها بساحة التغرير، فقد غاب ويغيب عنها صائب التفكير، وحسن التدبير، ونقاوة الضمير، وصادق التعبير، وعقلانية القراءة لما بعد التغيير، وكره التدمير لمقومات الوطن الكبير، وعدم استيعاب الى أين البلاد تسير؟! في ظل هذا الشر المستطير والاصطياد على هذا الحال المرير.
إيماءة
المسيرة المهيبة الضخمة لجمعة «الوفاق»، أرغمت الثعابين على العودة الى جحورها، والشياطين الى قماقمها، عدا قلة مازالت مصدومة.

آخر الكلام:
قال البحتري:
رزين اذا القوم خفت حلومهم
وقور اذا ما حادث الدهر أجلبا
فتى لم يضيع وجه حزم ولم يبت
يلاحظ أعجاز الأمور تعقباً
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:54 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-20734.htm