الأربعاء, 13-أبريل-2011
الميثاق نت - مقاتلو القاعدة الميثاق نت -

في الوقت الذي يتابع فيه العالم باهتمام واضح التطورات المتلاحقة في بعض زوايا المشهد السياسي العربي، تنتاب المراقبين مخاوف عدة، وتُطرح تساؤلات كثيرة، بعضها يتعلق بمستقبل الأمن والاستقرار في المنطقة بشكل عام، في حين يتصل بعضها الآخر بمسارات الأحداث في دول معينة، ولا سيما بعد انفجار الأوضاع على الساحة الليبية، انزلاق الأمور الى استهداف المدنيين عسكرياً من جانب قوات القذافي، وكذلك تصاعد الأزمة السياسية في اليمن، وما نتج عن ذلك من توتر واضح في البلاد، ذلك كله يثير مخاوف بعض الخبراء والمراقبين من أن يصب ما يحدث في هذين البلدين في مصلحة تنظيم «القاعدة»،
وقد برزت في الأيام الأخيرة بالفعل تحذيرات من أن يستغل ما يسمى «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي» الصراع العسكري الدائر في ليبيا، وسهولة الحصول على الأسلحة، ويستولي على أسلحة متطورة وثقيلة تمنحه المزيد من القوة والنفوذ، ومن ثم المزيد من النشاط الارهابي في المنطقة خلال الفترة المقبلة، والأمر نفسه بالنسبة الى ما يسمى «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» الذي ينشط في اليمن بشكل خاص، وربما يجد في اضطراب الأوضاع هناك فرصة لمزيد من التمدد والتقاط الأنفاس والتخطيط لهجمات، خاصة في ظل الانشغال النسبي للحكومة اليمنية عنه بالأزمة السياسية، فضلاً عن انشغال الأطراف الاقليمية والدولية بها.
دائماً ما يجد تنظيم «القاعدة» وغيره من التنظيمات الارهابية في المنطقة في أماكن الاضطراب والتأزم وفتراتهما الفرصة للتحرك، وترتيب الصفوف، والتغرير بالشباب، في ظل انشغال المنطقة كلها بالتطورات الكبيرة والمتسارعة فيها على أكثر من مستوى، يخشى أن يصب ذلك في مسار دعم «القاعدة» التي يمكن أن تدخل على الخط في ظل هذا الوضع، سواءً لتنفيذ عمليات ارهابية، أو لإعادة بناء نفسها وشبكات اتصالاتها وخلاياها التي تعرضت لضربات شديدة خلال السنوات الأخيرة بفعل الحرب العالمية ضد الإرهاب.. كما توفر الأوضاع الحالية في المنطقة العربية بشكل عام بيئة مواتية لتنظيم «القاعدة» للتحرك ربما بحرية أكبر اقليمياً، ومن ثم المزيد من التعاون والتنسيق بين خلاياه المنتشرة في المنطقة، ما سيكون له نتائجه الخطرة على مستقبل الأمن والاستقرار ليس في منطقة الشرق الأوسط فقط، وإنما في العالم كله أيضاً.. لذلك، فإنه من الضروري أن تعمل دول المنطقة على التنسيق في ما بينها من أجل منع «القاعدة» وغيرها من التيارات المتطرفة من استغلال الاضطرابات الاقليمية لتقوية نفسها، واستعادة نفوذها وقدرتها على النشاط والحركة مرة أخرى، حيث تشير تجربة المواجهة مع الإرهاب في المنطقة والعالم الى أن قوى العنف والتطرف لديها قدرة كبيرة على إعادة بناء نفسها في فترات قصيرة، وأن أي تراجع في المواجهة معها، مهما كانت مدته قصيرة، يحتاج الى سنوات طويلة لمعالجة آثاره السلبية في أمن الدول والمجتمعات.
خطر توقف المكافحة
يخشى دبلوماسيون أمريكيون ومحللون استخباراتيون ومسئولو مكافحة الإرهاب أن يكون توقف عمليات مكافحة الإرهاب في اليمن قد مهد الطريق أمام «القاعدة» للتحرك بكل حرية داخل اليمن، ولزيادة مخططاتها لشن عمليات إرهابية محتملة ضد الولايات المتحدة وأوروبا.. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن الاضطرابات السياسية التي يتعرض لها الرئيس علي عبدالله صالح دفعت الكثير من العسكريين الى ترك مواقعهم، أو تم استدعاؤهم الى العاصمة صنعاء لتقديم الدعم اللازم الى النظام، الأمر الذي منح «القاعدة في شبه الجزيرة» فرصة ذهبية لسد الفراغ الأمني، بل شن عمليات هجومية ضد قوات الأمن النظامية خلال الأسابيع الأخيرة أيضاً.. وأضافت الصحيفة أن فصيلاً صغيراً -ولكن متزايد العدد- من مقاتلي «القاعدة» وصغار قادة التنظيم في جميع أنحاء العالم، بما فيها باكستان، يشقون طريقهم الى اليمن حالياً من أجل الانضمام الى عناصر «القاعدة» الموجودة هناك، وسط مؤشرات الى أن حال عدم الاستقرار وغياب الأمن، على خلفية الأزمة السياسية الراهنة، كانا سببين مباشرين في زيادة عدد المتمردين المنضمين الى التنظيم في اليمن.
قلق أمريكي
كان من الطبيعي أن تثير تلك التطورات قلق الإدارة الأمريكية التي تجد نفسها في وضع حرج وهي تحاول اقناع الرئيس اليمني بالتنحي عن منصبه، مع المحافظة على استمرار عمليات مكافحة الإرهاب في الوقت نفسه.. وربما كانت تلك التطورات سبباً مباشراً بتراجع الدعم الأمريكي لحليف قديم.
بعض الخبراء في الشئون اليمنية، الذين شهدوا لصالح بذكائه السياسي في الامساك بزمام السلطة بقوة على مدار سنوات حكمه، لم يستبعدوا أن يكون الرئيس اليمني تعمد سحب قواته من عمليات مكافحة «القاعدة» من أجل تعميق الأزمة السياسية، وإجبار واشنطن على الاستمرار في الوقوف الى جانبه، بدلاً من دفعه الى الانسحاب من المسرح السياسي.. ولكن مسئولاً عسكرياً أمريكياً رفيع المستوى على اطلاع تام على التقارير الاستخباراتية السرية استبعد هذا الاحتمال يوم الاثنين الماضي.
ومن المعروف أن ابن الرئيس اليمني، وثلاثة من أبناء اخوانه، يرأسون أربعة من أبرز الأجهزة الأمنية وأجهزة مكافحة الإهاب، مثل الحرس الجمهوري، وقوات الأمن المركزي، اللذين تلقيا تدريبها في الولايات المتحدة.. أخشى ما يخشاه المسئولون الأمريكيون أن تسقط تلك الأجهزة في يد عناصر لا تعلم واشنطن توجهاتها اذا تم اجبار الأربعة المذكورين على الاستقالة في اطار صفقة لاقناع الرئيس صالح بالتخلي عن السلطة.. وزير الدفاع الأمريكي، روبرت جيتس، اعترف في حديثه الى شبكة «ايه بي سي» قبل اسبوعين بأن «الرئيس صالح وأجهزة الأمن اليمنية كانوا من أكثر المتعاونين مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب.. لذلك اذا انهار النظام الحاكم، أو استبدل به نظام آخر أضعف من نظام صالح، فإن هذا الوضع الجديد سيضع مزيداً من التحديات على كاهل الإدارة الأمريكية في سياستها تجاه هذا البلد.. وهذا أمر مؤكد، ويمثل بالفعل مشكلة حقيقية».
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو تلك المعلومات التي وصلت الى مسئولي الاستخبارات الأمريكية، سواءً عن طريق العملاء الخاصين، أو من خلال الرسائل التي تم اعتراضها الكترونياً، التي أفادت بأن «القاعدة في اليمن» عقدت سلسلة من الاجتماعات لبحث إمكانية شن هجوم جديد.
وسط الاضطرابات الجارية في شمال افريقيا والشرق الأوسط حالياً يتبادر الى الذهن سؤال مهم تجاهله الكثيرون: هل أصبحت «القاعدة» والتنظيمات الجهادية الدولية الأخرى أضعف أم أقوى؟ يرى الباحث السياسي مورجان كابلان أن الاجابة لا تبدو مريحة، حيث تتزايد الفرص والاحتمال التي تؤكد لـ«القاعدة» أن الوقت قد حان لتغيير استراتيجيتها من التركيز على «العدو البعيد» - الولايات المتحدة وأوروبا- الى التركيز على الأهداف الأثمن والأغلى في قلب العالم العربي.
وأوضح الباحث في مقال نشره موقع «ريل كلير وورلد» أن الانتفاضات العربية منحت التنظيمات الإرهابية بيئة مثالية للعمل لم تحلم بها من قبل، بيئة تعاني عدم استقرار الأنظمة السياسية وضعف الأجهزة الأمنية وفوضى شاملة في الشارع العربي.. ربما كانت مصر الدولة الأكثر تعرضاً للخطر بحكم وجود جذور أيديولوجية لـ«القاعدة» فيها.. وفيما يعمل «المجلس العسكري» على اعاة صياغة مؤسسات الدولة والعبور بالبلاد الى بر الأمان بعيداً عن فلول النظام السابق نجد المصريين يرون -عن حق- ان استمرار الاعتصامات والمسيرات الاحتجاجية هو الضمانة الوحيدة لحدوث تغيير حقيقي.. وهذا بالطبع يفرز مناخاً مثالياً يسمح لتنظيم مثل «القاعدة» بالتآمر وتدبير المخططات بيعداً عن أعين السلطات الأمنية.. مصدر آخر من مصادر الخطورة في مصر هو مطالبة الشعب بحل الجهاز الأمني تماماً.. وهو ما يترك الساحة خالية للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة للعبث بأمن البلاد وسلامتها.. ولا ننسى أن المصريين صوتوا في استفتاء تاريخي الشهر الماضي لمصلحة وضع قيود على «قانون الطوارئ» المشتبه فيه، وأضرموا النيران في مبنى وزارة الداخلية التي كانت مسئولة عن كل الممارسات الغاشمة السابقة، مثل التنصت على «أعداء» النظام والزج بهم في غياهب السجون.. ولا أحد يستطيع أن يلوم الشعب المصري على اطاحة نظام مبارك.. ولكن المفارقة هي أن الأساليب الوحشية التي اعتمدها النظام السابق في تصفية خصومه -أياً كانوا- هي نفسها الأساليب التي قطعت الطريق على التنظيمات الجهادية في زعزعة استقرار الدولة.
اليمن حالة أخرى تدعو الى القلق.. فبرغم أن الأنباء حول وجود «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية لا تحمل جديداً.. فإن تقارير وكالة «اسوشيتد برس» أفادت بأن العناصر المتشددة التابعة لـ«القاعدة» بدأت تسيطر تدريجياً على مدن صغيرة من دون أية مقاومة بعد انسحاب قوات الشرطة منها.. ويرى الباحث أن هذا وضع مثالي بالنسبة الى «القاعدة» لدرجة أن أنور العولقي امتدح قبل أيام «الربيع العربي» مؤكداً أن: «اخواننا المجاهدين في تونس ومصر وليبيا وبقية الدولة الاسلامية أصبحوا قادرين على التنفس مرة أخرى بعد ثلاثة عقود من الكبت والقمع».
واختتم الكاتب بقوله إن «القاعدة» ربما بدت أقل أهمية على المدى القصير، ولكن علينا أن نتذكر أن التنظيم المحظور يلعب باستراتيجية النفس الطويل.. ويتمتع بقدرة عالية على التكيف تبعاً للظروف والمستجدات.. ولمن يحتفلون بنسائم الحرية الجديدة في المنطقة نقول إن عليهم أن يدركوا أن «الربيع العربي» ربما منح حركات الجهاد العالمية فرصة سانحة لفرض مخططاتها المشتبه فيها.
اليمن والقاعدة
أعد إريك شميت تقريراً نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» تحت عنوان «اضطرابات اليمن تعد منفذاً لتنظيم القاعدة» أشار فيه الى أن عمليات مواجهة الإرهاب في اليمن قد توقفت، ما يسمح لـ«القاعدة» بالعمل بحرية أكبر وزيادة مخططاتها لتنفيذ هجمات ضد أوروبا والولايات المتحدة، حيث أدت الاضطرابات الى تخلي الجنود عن مواقفهم أو قد تم استدعاؤهم لدعم الحكومة في صنعاء.. وهو ما شجع «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» على ملء هذا الفراغ وتنامي الهجمات ضد قوات الأمن اليمنية في الأسابيع الأخيرة.. فضلاً عن ذلك ينضم الآن مقاتلو «القاعدة» وقادتها من كل أنحاء العالم الى القتال في اليمن، حيث تسببت الأزمة في توافد العديد من المتمردين، وهي التطورات التي دقت ناقوس الخطر في الإدارة الأمريكية.. ويشير التقرير الى أن الاستخبارات الأمريكية جمعت معلومات تفيد بأن «القاعدة» في اليمن تخطط لشن هجوم آخر، على خلفية محاولة تفجير «طائرة ديترويت» عام 2009م وزرع متفجرات في طابعات على متن طائرة شحن متجهة الى شيكاغو في أكتوبر الماضي..
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:53 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-20735.htm