الإثنين, 18-أبريل-2011
الميثاق نت - د . عبدالعزيز المقالح.JPG د . عبدالعزيز المقالح -
بما أن باب النصيحة أصبح مقفلاً بعد وصول الاحتقانات والتوترات السياسية إلى ذروتها، وانسداد آفاق الحوار بين الأطراف المتنازعة، فلم يعد سوى الرجاء والرجاء المخلص والصادق الذي يتوجه الى جميع اللاعبين في الساحة الوطنية بأن يرفعوا أيديهم عن تلاميذ المدارس وخاصة تلاميذ المرحلة الاساسية (الابتدائية والإعدادية)، كونهم في جميع التشريعات والمواثيق الدولية يقعون تحت تسمية الأطفال، حيث التشريعات الدولية تمنع استخدامهم كعمالة (عمال)، كما تحرم تجنيدهم في الحروب، وبالنتيجة زجهم في الشأن السياسي العام (الاعتصامات والتظاهرات) لذلك فعلينا أن ندع هذا الجيل الناشئ البريئ في منأى عن التظاهرات السياسية والتظاهرات المضادة وأن يبحث المتصارعون لأطروحاتهم وقوداً خارج الطفولة، وبعيداً عن المدارس التي تضم أطفالاً وصبياناً لا يعرفون أي معنى لما يحدث في البلاد، ودخولهم المعركة الدائرة في هذا الوقت لن يشكل أدنى انتصار لأي طرف كان، إن لم يشكل عبئاً على الجميع، ويتحول الى جريمة يدان عليها كل من يستخدم هؤلاء التلاميذ ورقة للاستقواء، سواء أكان هذا الطرف في المعارضة أم في الموالاة.

التلاميذ أبرياء، والزج بهم في هذا المعترك لا يشكل سوى إساءة بالغة الى الطفولة والبراءة، بل هو دليل على استقواء يعكس حالة ضعف وليس قوة، وإيجاد حالة من القلق العام لدى الآباء والأمهات الذين يرسلون أبناءهم الى المدارس ليتعلموا لا لكي يعتصموا ويتظاهروا، ولا حصر للشكاوى والأحاديث التي تدور في كل بيت حول هذا الشأن من أكثر من أب وأم، ومن عدد من مديري المدارس ومديراتها ليس في صنعاء فحسب، وإنما خارج صنعاء ايضاً، وكلها تشير الى أن عناصر من جميع الاطراف التي تتحرك في الشارع تسعى الى إخراج التلاميذ الى الساحة للتظاهر، وبلغ الضغط على بعض المدرسين والمدرسات مداه لتشجيع التلاميذ الاطفال على الخروج ومزاحمة الكبار، وما قد يحدث عن ذلك التزاحم من دهس غير متوقع، قد يودي بعشرات الأطفال أو يعرضهم للجرح، أو للإعاقة في حمى التدافع، أو المواجهات العنيفة بين الأطراف المتصارعة.

إن وقف الزجّ بتلاميذ المدارس في مثل هذه المنازعات بات مطلباً أخلاقياً ووطنياً، والاقتراب من هذا المحظور يُعد خروجاً على القانون والدستور، الذي يجعل حق التظاهر والتعبير عن الرأي للراشدين، ولمن بلغوا السن القانونية التي تخول لهم حق الانتخابات التشريعية ومن الذين لهم وجهة نظر محددة وواضحة تجاه الاوضاع السياسية والاجتماعية، والتلاميذ الاطفال وغيرهم ممن هم تحت السن القانونية لا يحق لهم، بل لا يجوز لهم المشاركة في المظاهرات والاعتصامات، وموضوع مثل هذا لابد أن يكون محل إجماع شعبي وإجماع من المسؤولين عن التظاهر في الموالاة والمعارضة على السواء، ولابد أن تبقى لدى الجميع رغم ما وصلت اليه الحال من تصلب واحتقانات، مساحة ولو طفيفة للالتزام بما يصح وما لا يصح، وتحديد ملامح ما هو حلال وما هو حرام.

يضاف الى هذا الرجاء رجاءٌ آخر، سبق أن طرحته الصحافة الحزبية والرسمية، ونادى به العلماء وهو عن ضرورة الفصل بين المتظاهرين والمعتصمين وهو مطلب وطني لا يقل عن سابقه أهمية تجنباً للاحتكاكات التي أدت في الأسابيع الماضية الى صدامات وضحايا يعز على كل مواطن أن يفقدوا حياتهم، ويخسرهم الوطن في مجال التعبير عن الرأي سلمياً، وما يؤسفني ويؤسف كل مواطن في هذا البلد العزيز، أن صورتنا لدى كثير من أشقائنا كانت أكثر نقاء وصفاء في الأداء السياسي والاختلاف في الرأي مما هي عليه الآن، فقد بدأت الصورة تسوء وتأخذ هذا الطابع الاستفزازي المتصلب وكأننا نسينا ما تعلمناه منذ قيام الوحدة عن احترام الرأي والرأي الآخر، والالتزام بمنطق الاختلاف الذي لا يفسد للود قضية، ولا يخرج عن دائرة مصلحة الوطن أرضاً وإنساناً، شباباً وشيوخاً، رجالاً ونساءً وأطفالاً وتلاميذ.. ينبغي أن تكون حاضرة في الأذهان وحاضرة مع كل اختلاف مهما اشتدت حدته وتعالى سقف مطالبه، وقد أوضحت الصورة الراهنة خروقات شوهت الواقع، كان من بينها ما سبقت الإشارة اليه بمرارة وهو محاولة الاستقواء بالأطفال والتلاميذ وهو ما يخالف إيقاع الضمير الإنساني قبل مخالفته للدستور والقانون.



نقلاً عن صحيفة التربوي

تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:06 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-20834.htm