د. عمر عبد العزيز – - في البيان المشترك لدولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية اليمنية الذي جاء عطفاً على الزيارة الرسمية للرئيس علي عبدالله صالح، إشارة مهمة تتعلق بالمسألة الصومالية، وتتلخّص الإشارة في الدعوة إلى عودة فرقاء الساحة الصومالية إلى مائدة المفاوضات، وهذا موقف يُجمع عليه المجتمع الدولي، وهو ذات الموقف الذي عبرت عنه الإدارة الأمريكية في أكثر من مناسبة. وخلال الأيام القليلة الماضية أجرت الإدارة الامريكية حواراً مع الرئيس التنفيذي للمحاكم الإسلامية الشيخ شريف احمد شريف في نيروبي، وأسفر الحوار عن خيار جديد يتمثّل في إعلان الشيخ شريف أنه بصدد المغادرة إلى اليمن في إشارة أخرى إلى أن فرقاء الحكومة الانتقالية والمحاكم الإسلامية ارتضوا باليمن خياراً للتفاوض والتصالح بعد أن استبعدوا الخرطوم وأديس ابابا لأسباب متعددة، أولها أن الخرطوم باشرت احتضاناً للحوار بين المحاكم والحكومة الانتقالية في وقت كانت المحاكم تسيطر فيه على كامل الإقليم الجنوبي بالصومال، وكان التيار المتشدد أكثر حضوراً في تلك المحادثات، أما الآن فإن الحوار يجري بعد أن تمّ تليين المحاكم واختيار الشيخ شريف احمد كواجهة في هذه المفاوضات، والمعروف عنه أنه من الرموز الإسلامية المعتدلة كما يقول المراقبون.
أمّا بالنسبة إلى اثيوبيا، فإن أوراقها في الوساطة تهاوت بمجرد دخول الجيش الاثيوبي لاسقاط المحاكم الاسلامية وتمكين الحكومة الانتقالية من العاصمة وبقية مدن الجنوب، لكن هذا الأمر لم يدم طويلا فقد تمكّنت المحاكم خلال الأسابيع والأيام الماضية من إرسال إشارات يومية باتجاه عمليات شملت العاصمة مقديشو وبعض المدن الاخرى وخاصة مدينة جوهر، الأمر الذي يؤشر إلى استراتيجية المحاكم في الانسحاب الشامل بدلاً من مواجهة قوة جيش مسلح ومنظم، ورهانها اللاحق على تدوير عمليات ميدانية ضد الوجود المحتل ومن يناصره، إذا لم تقبل الحكومة الانتقالية بالتفاوض. والحقيقة أن الإدارة الأمريكية التي كانت شجعت اثيوبيا على خوض الحرب نيابة عن الحكومة الانتقالية هي ذاتها التي بادرت بنصيحة الحكومة الانتقالية بالتحاور مع من أسمتهم بالتيار المعتدل في المحاكم، وكانت عدن وصنعاء حاضناً لشكل من أشكال التمهيد لهذا الحوار، حيث استقبل الرئيس علي عبدالله صالح في عدن زعماء المحاكم قبل حرب الاجتياح الأخيرة، وستستقبل صنعاء الآن رئيس المحاكم وممثلي الحكومة الانتقالية بحسب المؤشرات الجديدة، والسبب يكمن في أن صنعاء احتفظت بمسافة مناسبة مع الفرقاء، ففي الوقت الذي أدارتْ فيه حواراً غير مباشر بين الطرفين عبر الزيارة المشهودة لقيادات المحاكم في بداية فصل الشتاء، بادرتْ أيضاً بافتتاح السفارة اليمنية في مقديشو، وبالتالي بدا اعترافها الضمني بحكومة شرعية مؤتمر نيروبي مقروناً بضرورة إعادة الحوار والتفاهم بين المحاكم والحكومة الانتقالية وهو ما عبّر عنه الرئيس صالح في أكثر من مناسبة.
تتلخّص الصورة الآن في مشهد سياسي تلعب فيه صنعاء الدور الحاسم، ويأمل الجميع ان يوصل الجهد اليمني لتمهيد الطريق نحو منطق جديد في إدارة اللعبة السياسية الصومالية.
الخليج
|