الإثنين, 05-فبراير-2007
الميثاق نت -
‮ ‬التاريخ‮ ‬لايعود‮ ‬القهقهري‮.. ‬لكن‮ ‬مناكيد‮ ‬الإمامة‮ ‬ظلوا‮ ‬يحلّقون‮ ‬وراء‮ ‬أوهامهم‮ ‬التي‮ ‬تجاوزها‮ ‬التاريخ‮..‬
في‮ ‬26‮ ‬سبتمبر‮ ‬1962م‮ ‬حققت‮ ‬اليمن‮ ‬انتصاراً‮ ‬تاريخياً‮ ‬على‮ ‬أعداء‮ ‬الحياة‮ ‬حيث‮ ‬أنهت‮ ‬الثورة‮ ‬في‮ ‬هذا‮ ‬اليوم‮ ‬الخالد‮ ‬النظام‮ ‬الكهنوتي‮ ‬الإمامي‮ ‬وأعلنت‮ ‬قيام‮ ‬النظام‮ ‬الجمهوري‮.. ‬وكان‮ ‬ذلك‮ ‬تعبيراً‮ ‬لإرادة‮ ‬الشعب‮ ‬اليمني‮..‬
انتصرت الثورة لإرادة الشعب.. وانتصر الشعب لها.. وخلال الفترة منذ 26 سبتمبر 1962م حتى 8 فبراير 1968م واجهت الثورة اليمنية والنظام الجمهوري تحديات من مناكيد الإمامة الذين جمعوا قواهم تآمراً وحقداً يريدون الإجهاز على الثورة ووأد النظام الجمهوري.. ولكن هيهات أن‮ ‬يكون‮ ‬لهم‮ ‬ذلك‮.. ‬تتداعى‮ ‬ذاكرة‮ ‬التاريخ‮ ‬حول‮ ‬ذلك‮ ‬اليوم‮ ‬ونحن‮ ‬نستقبل‮ ‬الذكرى‮ ‬التاسعة‮ ‬والثلاثين‮ ‬لملحمة‮ ‬حرب‮ ‬السبعين‮ ‬يوماً‮..‬
ففي‮ ‬الثامن‮ ‬من‮ ‬فبراير‮ ‬1968م‮ ‬تلقى‮ ‬مناكيد‮ ‬الإمامة‮ ‬الضربة‮ ‬الأخيرة‮.. ‬وانتهوا‮ ‬مع‮ ‬إمامتهم‮ ‬قاعاً‮ ‬صفصفاً‮ ‬وهباء‮..‬
الضربة‮ ‬الأخيرة
في‮ ‬دراسته‮ »‬حصار‮ ‬العاصمة‮ ‬صنعاء‮.. ‬وملحمة‮ ‬السبعين‮« ‬المنشورة‮ ‬في‮ »‬الموسوعة‮ ‬اليمنية‮« ‬يقول‮ ‬الدكتور‮ ‬عبدالله‮ ‬بركات‮:‬
- إذا كان يوم السادس والعشرين من سبتمبر سنة 1962م وهو تاريخ قيام الثورة وإعلان الجمهورية، بداية لانعتاق الشعب اليمني من الاستبداد وانطلاقه للتحرر من الاستعمار، فإن ملحمة السبعين يوماً تعد مرحلة تثبيت النظام الجمهوري واستمرارية الثورة.
وقيام ثورة 26 سبتمبر لم يكن وليد الصدفة، وإنما كان امتداداً لنضال الشعب اليمني ضد نظام حكم الأئمة الذي ظهر أواخر القرن الثالث الهجري (897م)، وتتابع بعد ذلك حتى أُلغي هذا النظام بقيام ثورة 26 سبتمبر 1962م، وضد الاستعمار الذي ظل يسيطر على جزء عزيز من الوطن لفترة‮ ‬تزيد‮ ‬على‮ ‬القرن‮ ‬وربع‮ ‬القرن‮ ‬من‮ ‬الزمان‮.‬
وبسقوط حصار صنعاء في الثامن من فبراير 1968م.. يسجل المؤرخ سلطان ناجي في كتابه »التاريخ العسكري لليمن« أن الإماميين لم تقم لهم قائمة بعد كسر حصار صنعاء، وقد بدأ أمراؤهم يفرون من مخابئهم في اليمن إلى الخارج واحداً بعد الآخر.. ومن بقي منهم فقد كان يعيش على هبات أو في حماية بعض القبائل النائية في شرق البلاد وشمالها.. وقد اضطر بعض القواد من غير الأمراء أن يعودوا أيضاً إلى حظيرة الجمهوريين بعد ان رأوا ما حل بأسيادهم من عائلة آل حميد الدين.. وبانتهاء عام 1968م كان جميع المرتزقة في صفوف الإماميين قد غادروا البلاد أيضاً‮.. ‬وفي‮ ‬شهر‮ ‬ديسمبر‮ ‬من‮ ‬العام‮ ‬سقطت‮ ‬حجة‮ ‬آخر‮ ‬معاقل‮ ‬الإماميين‮ ‬بأيدي‮ ‬الجمهوريين،‮ ‬وفي‮ ‬الخامس‮ ‬والعشرين‮ ‬من‮ ‬يوليو‮ ‬1969م‮ ‬قُتل‮ ‬آخر‮ ‬كبار‮ ‬الأمراء‮ ‬الإماميين‮ ‬عبدالله‮ ‬بن‮ ‬الحسن‮ ‬في‮ ‬صعدة‮.‬
الحصار‮.. ‬لماذا؟‮!‬
ولكن‮ ‬لماذا‮ ‬كان‮ ‬الحصار‮ ‬أصلاً؟
.. في الواقع أن القوى الإمامية كانت تترقب فرصة انسحاب القوات المصرية التي كانت تساند الثورة اليمنية، معدة لحصار العاصمة صنعاء بهدف اسقاط النظام الجمهوري.. وبالفعل بدأ الحصار في اليوم الأول من ديسمبر 1967م بعد انسحاب آخر جندي مصري من اليمن في 30 نوفمبر 1967م‮..‬
وكان‮ ‬المحرك‮ ‬وراء‮ ‬عملية‮ ‬الحصار‮- ‬كما‮ ‬يذكر‮ ‬المؤرخ‮ ‬سلطان‮ ‬ناجي‮- ‬هو‮ »‬الأمير‮« ‬محمد‮ ‬بن‮ ‬الحسن،‮ ‬أما‮ ‬البدر‮ ‬فلم‮ ‬يعد‮ ‬له‮ ‬تأثير‮ ‬حينذاك‮..‬
وقد ادعى محمد بن الحسين أنه استطاع تجميع قوة ضخمة مكونة من (5000) جندي مدرب بجانب (50.000) من رجال القبائل المسلحين.. وقد كان يساند هذه القوة حوالي (300) من الضباط المرتزقة الأجانب، وكان هؤلاء يستخدمون في التخطيط وفي استعمال الأسلحة المعقدة، وبعد أن أحاط الملكيون بصنعاء وقاموا بقطع الطرق الرئيسية المؤدية إليها بدأوا يتقدمون نحوها حتى استطاعوا أن يتمركزوا ويحجبوا أنفسهم فوق الجبال المحيطة بالعاصمة.. ومن قمم تلك الجبال المحيطة كانوا يقومون بتوجيه قنابل المورتر وقذائف المدفعية على العاصمة، لم تعد الطائرات الجمهورية قادرة على استخدام المطار الرئىسي الذي قام الروس ببنائه على بعد حوالي اثني عشر ميلاً شمال العاصمة، وكانت الطائرات مضطرة في أن تستخدم مهبطاً صغيراً يقع جنوب غربي العاصمة، ولم يكن يوجد بصنعاء وقتذاك أكثر من (3000) جندي جمهوري، وقد قام معظم الأجانب بمغادرتها‮ ‬جواً‮.‬
إرادة‮ ‬الصامدين
السؤال‮ ‬الذي‮ ‬يطرح‮ ‬نفسه‮ ‬هنا‮ ‬هو‮: ‬كيف‮ ‬كانت‮ ‬الأوضاع‮ ‬السياسية‮ ‬والاقتصادية‮ ‬والعسكرية‮ ‬عند‮ ‬بدء‮ ‬الحصار؟
وللإجابة على ذلك، فإن الدكتور عبدالله حسين بركات يعود بنا إلى نقل حقائق هذه الأوضاع من خلال دراسته »حصار العاصمة صنعاء.. وملحمة السبعين«- إذ يقول: بعد أن فشلت كل المؤتمرات والمحاولات لوضع حد للحرب بين قوة النظام الجمهوري وفلول الإمامة، وخاصة بعد فشل اللجنة الثلاثية التي تشكلت ضمن قرارات مؤتمر الخرطوم، وبعد هجوم القوى الإمامية على العاصمة سكت الجانب المنادي بالحوار والتفاوض في الصف الجمهوري، وانتصر الرأي القائل بالصمود وصد العدوان، وأصبح أي الجميع واحداً ورفع شعار »الجمهورية أو الموت«، ولم يبق أمام المدافعين خيار غير اسناد ظهورهم إلى الحائط والصمود والوقوف وقفة رجل واحد، وأظهر الجمهوريون تماسكاً شكل منعطفاً تاريخياً بالإضافة إلى أن السياسة الخارجية للجمهوريين اتسمت بالمصداقية ومثلت انعكاساً لإرادة المدافعين، وبذلك اتسمت السياستان الداخلية والخارجية بتناغم أدى‮ ‬إلى‮ ‬تغيير‮ ‬آراء‮ ‬الحكومات‮ ‬الخارجية‮ ‬ومواقفها‮ ‬من‮ ‬الجمهوريين،‮ ‬وبدأ‮ ‬التعاطف‮ ‬معهم،‮ ‬وجاء‮ ‬هذا‮ ‬التغير‮ ‬بعد‮ ‬أن‮ ‬يئس‮ ‬البعض‮ ‬من‮ ‬استمرار‮ ‬النظام‮ ‬الجمهوري،‮ ‬ولكن‮ ‬الصمود‮ ‬كذَّب‮ ‬كل‮ ‬ظن‮.‬
وأما بالنسبة للوضع الاقتصادي، فلا يخفى على أحد ان الحالة الاقتصادية كانت متردية جداً، نظراً لأن ثورة 26 سبتمبر 1962م قد ورثت نظاماً اقتصادياً متخلفاً، إذ كانت البنى التحتية للبلاد تعتمد على الاقتصاد العائلي وعلى الزراعة البدائية، وزادت الحرب بين النظام الجمهوري وفلول الإمامة اقتصاد البلاد ضعفاً، بل ان انسحاب القوات المصرية أثر سلباً على الإمداد التمويني وخاصة للقوات المسلحة اليمنية، وكان من نتائج قطع الطرق وحصار صنعاء قلة وانعدام وصول الإمداد والتموين، وهذا كان هو الهدف الرئىسي للمهاجمين بالإضافة إلى أن الملكيين‮ ‬ركزوا‮ ‬مدفعيتهم‮ ‬من‮ ‬الجبال‮ ‬التي‮ ‬سيطروا‮ ‬عليها‮ ‬على‮ ‬قصر‮ ‬السلاح‮ ‬الذي‮ ‬به‮ ‬المخزون‮ ‬الاستراتيجي‮ ‬لغذاء‮ ‬الجنود‮ ‬وسلاحهم،‮ ‬فأوقفت‮ ‬حركة‮ ‬الإمداد‮ ‬والتموين‮ ‬تماماً‮..‬
ولكن المدينة الصامدة لم تستسلم فقد أخرج سكان صنعاء كل ما لديهم من مخزون سلعي وساعدوا المدافعين بكل ما كانوا يطلبونه ويحتاجونه بل وتحول الكثير من أبناء العاصمة إلى مقاومة شعبية فالتحق البعض بالقوات المسلحة أو الأمن.
ورغم انقطاع العاصمة صنعاء عن العالم الخارجي إلاَّ أن المحافظات الأخرى دفعت بالمساعدات من المواد الأساسية والذخيرة وكان للطيران المدني دوره الكبير في إيصال هذه المساعدات إلى صنعاء رغم المخاطر التي كان يتعرض لها من نيران القوات الإمامية- حيث كانت تهبط الطائرات‮ ‬أحياناً‮ ‬في‮ ‬شوارع‮ ‬صنعاء‮ ‬مغامرة‮ ‬من‮ ‬الطيارين‮ ‬الذين‮ ‬يصرون‮ ‬على‮ ‬إيصال‮ ‬المدد‮ ‬للمدافعين‮ ‬الذين‮ ‬كانت‮ ‬بالنسبة‮ ‬لهم‮ ‬قضية‮ ‬حياة‮ ‬أو‮ ‬موت‮.‬
وحال الوضع العسكري لم يكن بأحسن من الوضع السياسي والاقتصادي، حيث ومنذ قيام الثورة ومجاميع الإمامة تهاجم من فترة إلى أخرى معسكرات النظام الجمهوري وقطع طرق الإمداد، بل واحتلال بعض المواقع والمدن خاصة بعد انسحاب القوات المصرية عام 1967م- حيث انتهزت القوى المعادية للجمهورية هذا الانسحاب معتقدة ان الفرصة قد حانت لإسقاط العاصمة صنعاء واحتلالها مستندة إلى التفوق العسكري المدعوم بالمرتزقة، والأسلحة الحديثة الموجودة بحوزتها يقابلها معدات عسكرية غير صالحة يتسلح بها الجمهوريون، بالإضافة إلى أن الجيش الجمهوري كان ضعيفاً‮ ‬في‮ ‬تكويناته‮ ‬وتدريباته‮ ‬وإمكاناته‮.. ‬لكن‮ ‬تعاون‮ ‬المقاومة‮ ‬الشعبية‮ ‬مع‮ ‬القوات‮ ‬المسلحة‮ ‬والأمن‮ ‬في‮ ‬أعمال‮ ‬الحراسة‮ ‬وتوزيع‮ ‬السلع‮ ‬التموينية‮ ‬وفي‮ ‬معارك‮ ‬القتال‮ ‬والدفاع‮ ‬عن‮ ‬صنعاء‮ ‬كان‮ ‬له‮ ‬دور‮ ‬كبير‮..‬
أما الطيران العسكري فقد شارك بفاعلية إذ قام بضرب تجمعات المهاجمين، وهكذا تكاتفت الجهود للدفاع عن العاصمة صنعاء من داخلها، كما تكاتفت الجهود بتجميع أبناء المحافظات الأخرى لاختراق الحصار وفتح الطرقات، كما أن المحافظات الجنوبية »سابقاً« ساهمت في هذه الملحمة التاريخية‮ ‬لدحر‮ ‬والقضاء‮ ‬على‮ ‬مجاميع‮ ‬الفلول‮ ‬الإمامية‮..‬
وإذا ما تحدثنا عن الخطة التي اتبعها مجاميع الإمامة للهجوم على صنعاء.. حيث وضع هذه الخطة عدد من المرتزقة وعلى رأسهم الجنرال الأمريكي (كوندي) والجنرال (بوب دينار)، وكانت هذه الخطة ذات شقين: اقتصادي وعسكري.. وكانت تقضي بقطع طرق الإمداد والتموين عن العاصمة، ومنع الدخول إليها، أو الخروج منها، والانقضاض السريع على المواقع العسكرية، والضرب الشديد بالمدفعية بعيدة المدى على المعسكرات والمطارات والمؤسسات الاقتصادية والإنتاجية والخدمية، وخاصة الإذاعة والكهرباء والقصر الجمهوري.. والضرب العشوائي على العاصمة لنشر الذعر بين أهالي المدينة.. وكان أخطر المواقع الاستراتيجية التي سيطر عليها فلول الإمامة حول العاصمة هو جبل عيبان وجبل الطويل اللذين نصب فيهما المرتزقة مدافع الهوزر بقيادة المرتزق (بوب دينار)، هذا إلى جانب احتلالهم جبل ظفار وبعض التلال القريبة منه..
وتضمنت‮ ‬الخطة،‮ ‬الهجوم‮ ‬على‮ ‬العاصمة‮ ‬من‮ ‬أربع‮ ‬جهات‮:‬
1‮- ‬محور‮ ‬شرقي‮ ‬بقيادة‮ ‬قاسم‮ ‬منصر‮.‬
2‮- ‬محور‮ ‬غربي‮ ‬بقيادة‮ ‬أحمد‮ ‬بن‮ ‬الحسين‮ ‬حميد‮ ‬الدين‮ ‬واللواء‮ ‬شردة‮.‬
3‮- ‬محور‮ ‬شمالي،‮ ‬بقيادة‮ ‬علي‮ ‬بن‮ ‬إبراهيم‮ ‬حميد‮ ‬الدين‮.‬
4‮- ‬المحور‮ ‬الجنوبي،‮ ‬ويقوده‮ ‬ناجي‮ ‬علي‮ ‬الغادر‮ ‬وقاسم‮ ‬سقل‮.‬
ومع‮ ‬كل‮ ‬محور‮ ‬عدد‮ ‬من‮ ‬الخبراء‮ ‬العسكريين‮ ‬الأجانب‮ (‬المرتزقة‮) ‬للتعامل‮ ‬مع‮ ‬الأسلحة‮ ‬المعقدة،‮ ‬والتي‮ ‬يعجز‮ ‬الإماميون‮ ‬عن‮ ‬استخدامها،‮ ‬وكان‮ ‬القائد‮ ‬العام‮ ‬للهجوم‮ ‬على‮ ‬صنعاء‮ ‬محمد‮ ‬بن‮ ‬حسين‮ ‬حميد‮ ‬الدين‮.‬
وكانت القوات الإمامية تتوقع نتيجة للحصار والضرب الشديد على العاصمة أن تنهار المدينة وأن تفعل المجاعة فعلها، فيقومون بتحطيم دفاعات المدينة واختراقها بمساعدة من داخل المدينة.. ولكن المدينة كانت قادرة على إطعام نفسها، وقادرة على حماية نفسها من كل اختراق..
إلاَّ أنه تم التعامل مع الطابور الخامس الذي كان يتوقع الرجعيون منه المساعدة الفعالة للمهاجمين، لأن المدافعين كانوا حذرين من هذه الفئة وتعاملوا معها بما أملت عليهم المواقف والظروف، وكانت القوات الإمامية المهاجمة كبيرة تجاوزت الخمسين ألف مسلح، بالإضافة إلى ما‮ ‬يقارب‮ ‬ثمانية‮ ‬آلاف‮ ‬جندي‮ ‬نظامي‮ ‬مدرب‮ ‬على‮ ‬أحدث‮ ‬الأسلحة،‮ ‬كما‮ ‬صرح‮ ‬بذلك‮ ‬أحد‮ ‬القادة‮ ‬الإماميين‮.‬
أما الجمهوريون فلم يكن عدد المحاربين فيهم يتجاوز أربعة آلاف جندي بمن فيهم قوات المقاومة الشعبية والجيش الشعبي عند بدء الحصار، ونستطيع القول إن النسبة كانت (1-7).. أي جندي جمهوري مقابل 7 ملكيين.. وقد استخدم الملكيون الحرب النفسية بهدف إضعاف المقاومة، فقد أعلن ناطق باسم القوات الإمامية في 7 ديسمبر 1967م أنه يمهل الجمهوريين 40 ساعة للخروج من صنعاء وإلاّ فإنهم سيتعرضون للإبادة، كما نشرت وأذاعت وسائل الإعلام الغربية وعدد من العربية أخباراً عن سقوط صنعاء في يد القوات المعادية.
ثانياً‮: ‬خطة‮ ‬الجمهوريين‮ ‬العسكرية
إزاء تلك المستجدات قامت القيادة بتجميع الوحدات القريبة من صنعاء، فأصدرت يوم 1967/11/25م أمراً بعودة المظلات والصاعقة من طريق الحديدة، وسحبت لواء النصر من ثلا، وكان الهدف من هذا الإجراء هو تفادي قطع الإمداد والتموين على هذه الوحدات من ناحية، ومن ناحية أخرى لكي‮ ‬لاينفرد‮ ‬بها‮ ‬الإماميون‮ ‬ويحاصروها،‮ ‬لأن‮ ‬خطوطها‮ ‬الخلفية‮ ‬كانت‮ ‬قد‮ ‬قطعت،‮ ‬ومن‮ ‬ناحية‮ ‬ثالثة‮ ‬لتعزيز‮ ‬قوى‮ ‬الدفاع‮ ‬عن‮ ‬العاصمة‮.‬
وجهزت‮ ‬هذه‮ ‬الوحدات‮ ‬مع‮ ‬الوحدات‮ ‬الأخرى‮ ‬والمقاومة‮ ‬الشعبية،‮ ‬والقوات‮ ‬الشعبية،‮ ‬ووضعت‮ ‬القيادة‮ ‬خطة‮ ‬للدفاع،‮ ‬ولتنفيذ‮ ‬هذه‮ ‬الخطة‮ ‬كان‮ ‬لابد‮ ‬من‮ ‬تقسيم‮ ‬ساحة‮ ‬القتال‮ ‬إلى‮ ‬محاور‮ ‬أساسية‮ ‬كالتالي‮:‬
أ‮- ‬المحور‮ ‬الشمالي‮: ‬بقيادة‮ ‬قائد‮ ‬سلاح‮ ‬المدرعات‮.‬
ب‮- ‬المحور‮ ‬الشرقي‮: ‬بقيادة‮ ‬قائد‮ ‬قوات‮ ‬المظلات‮.‬
جـ‮- ‬المحور‮ ‬الغربي‮: ‬بقيادة‮ ‬قائد‮ ‬سلاح‮ ‬المشاة‮.‬
د‮- ‬المحور‮ ‬الجنوبي‮: ‬بقيادة‮ ‬قائد‮ ‬الصاعقة‮.‬
إلاَّ أن خطة المحاور لم يعمل بها، وترك التصرف والصلاحية لقيادات المواقع المباشرة والمتعاملة مع الملكيين، وباتت العلاقة مع القيادات العليا علاقة تموينية، ولتلقي المعلومات عن سير المعارك والتنسيق مع العمليات الحربية.
وكان التعاون أو التنسيق فيما بين المواقع الدفاعية جيداً، فعندما كان يتعرض أي موقع للضغط من جانب الملكيين سرعان ما كانت تقوم المواقع المجاورة بتوجيه نيران أسلحتها صوب العدو، وكان لهذا أثر معنوي على المقاتلين في مختلف المواقع.
وضمن‮ ‬الخطة،‮ ‬تم‮ ‬تشكيل‮ ‬مجلس‮ ‬للدفاع‮ ‬الوطني،‮ ‬ضم‮ ‬قادة‮ ‬الوحدات‮ ‬والأسلحة،‮ ‬ولكسر‮ ‬دائرة‮ ‬الحصار،‮ ‬صدر‮ ‬عفو‮ ‬عام‮ ‬عن‮ ‬الضباط‮ ‬والجنود‮ ‬النظاميين‮ ‬الموجودين‮ ‬في‮ ‬الصف‮ ‬الإمامي‮.‬
ويمكن‮ ‬الإشارة‮ ‬إلى‮ ‬أن‮ ‬أنواع‮ ‬الأسلحة‮ ‬التي‮ ‬استخدمت‮ ‬أثناء‮ ‬الدفاع‮ ‬عن‮ ‬العاصمة‮ ‬كالتالي‮:‬
‮- ‬مدافع‮ ‬مختلفة‮ ‬عيار‮ ‬75و120‮ ‬و82مم‮.‬
‮- ‬دبابات‮ ‬34‮ .‬
‮- ‬مدفعية‮ ‬ميدان‮ ‬عيار‮ ‬85‮ ‬و75مم‮.‬
‮- ‬مدافع‮ ‬مضادة‮ ‬للطيران‮.‬
‮- ‬ما‮ ‬يقارب‮ ‬سرية‮ ‬طائرات‮ ‬ميج‮ ‬17‮ .‬
‮- ‬طائرات‮ ‬اليوشن‮ ‬قاذفة‮.‬
‮- ‬طائرات‮ ‬نقل‮ ‬عسكرية‮.‬
ووضعت قيادة النظام الجمهوري خطة للدفاع عن صنعاء خلال فترة الحصار مرت بثلاث مراحل، قضت في مرحلتها الأولى بالصمود حتى يصبح الجنود جزءاً من المواقع، والتركيز على الدفاع فقط، يساعد في هذا الدفاع الطيران العسكري لتشتيت تجمعات المهاجمين.. كما قضت الخطة أيضاً بالاقتصاد في استعمال الذخيرة، وعدم اطلاق النار إلاَّ عند الضرورة، والاستمرار في المقاومة لأطول مدة.. والقتال من خندق إلى خندق ومن منزل إلى منزل في حالة تمكن الإماميين من اختراق أحد المواقع الدفاعية، أو التسلل إلى المدينة أو اقتحامها.
في حين قضت الخطة في مرحلتها الثانية بالإغارة ذات الأهداف المحدودة، والانقضاض السريع على مواقع الإماميين، والتسلل خلف خطوط العدو لإرباك قواته وتدمير أسلحته، أو الحصول عليها وعلى الأسرى والعودة.. كذلك فتح ثغرات في تحصينات الإماميين والتصرف السريع عند الاشتباك مع أية مجموعة ملكية تتسلل إلى المواقع الإمامية، أو الخلفية للمدافعين.. وكذلك القيام بالهجوم المضاد، واحتلال مواقع الإماميين بمساندة الطيران، والتركيز على احتلال الأماكن المرتفعة للإشراف على الطرق لفتحها وحمايتها، والقيام بعمليات انتحارية لتدمير أسلحة العدو‮ ‬كما‮ ‬حصل‮ ‬في‮ ‬دار‮ ‬الحيد‮ ‬وجبل‮ ‬الطويل،‮ ‬فقد‮ ‬تحركت‮ ‬مجموعات‮ ‬انتحارية‮ ‬وحطمت‮ ‬أسلحة‮ ‬العدو‮ ‬التي‮ ‬كانت‮ ‬مركزة‮ ‬نيرانها‮ ‬على‮ ‬المواقع‮ ‬الدفاعية،‮ ‬خاصة‮ ‬في‮ ‬اتجاه‮ ‬جبل‮ ‬نقم‮ ‬ومطار‮ ‬الرحبة‮ ‬الدولي‮.‬
- بينما قضت الخطة في مرحلتها الثالثة بالهجوم المكثف لإنزال أكبر خسائر ممكنة بمجاميع القوات الإمامية المهاجمة وإجبارهم على أن يتحولوا إلى موقف دفاعي، والسيطرة على الطرق بعد محاولة فتحها، وقد ساعد على ذلك وصول إمداد بالطيران المدني، وتكثيف القوات الجوية هجومها على تجمعات وإمدادات وخلفيات قوات الإماميين إذ تمكن الجمهوريون من شن تلك الهجمات بعد أن وصل العدد الكبير من الطيارين العسكريين اليمنيين بعد تخرجهم من روسيا، ووصول الإمدادات عن طريق الجو من الحديدة وغيرها.. إلى جانب ذلك ارتفاع الروح المعنوية للمدافعين من قوات مسلحة وأمن ومقاومة شعبية وجيش شعبي نتيجة الأخبار المشجعة التي وصلت بأن هناك قوات كبيرة تحركت من جميع المحافظات إلى الحديدة للهجوم على قوات الملكيين من الخلف وفتح طريق صنعاء- الحديدة، وكذلك تحرك قوة من تعز وإب لفتح طريق صنعاء- تعز.. وحملة لفك الحصار عن‮ ‬حجة‮ ‬وفتح‮ ‬طريق‮ ‬صنعاء‮- ‬صعدة،‮ ‬وكوكبان‮- ‬ثلا‮.‬
ومن المواقف التي ساعدت المدافعين وعززت من صمودهم مقاومة أهالي العاصمة فقد ألِفوا أصوات المدافع، إلى جانب مضي المدة التي حددها الإماميون عندما أعلنوا أنهم سيدخلون صنعاء (خلال أيام معدودة).. ولم يتم لهم ذلك، فأحس السكان بالاطمئنان ووثقوا في قوة المدافعين، وتأكدوا أن الإماميين لن يتمكنوا من اختراق دفاعات العاصمة، وأنهم غير قادرين على دخول العاصمة ونهبها كما حصل عام 1948م، حيث انتهى الحصار بقتل ونهب مدافعين عزل، وتأكدوا أن التاريخ لايعيد نفسه، كما أن الحرب النفسية والإشاعات لم تؤثر في صفوف المدافعين، بل كان العكس‮ ‬هو‮ ‬الصحيح،‮ ‬فقد‮ ‬ارتفعت‮ ‬الروح‮ ‬المعنوية‮ ‬لديهم‮ ‬جميعاً،‮ ‬وكذلك‮ ‬عزز‮ ‬صف‮ ‬الجمهوريين‮ ‬وقوف‮ ‬الشطر‮ ‬الجنوبي‮ (‬سابقاً‮) ‬في‮ ‬جبهة‮ ‬الدفاع‮ ‬عن‮ ‬صنعاء،‮ ‬إذ‮ ‬وصلت‮ ‬من‮ ‬لديهم‮ ‬قوة‮ ‬للمساندة‮.‬
ومع‮ ‬أن‮ ‬الحصار‮ ‬ظل‮ ‬مستحكماً،‮ ‬إلاَّ‮ ‬أن‮ ‬المدافعين‮ ‬تمكنوا‮ ‬من‮ ‬اختراقه‮ ‬في‮ ‬عدة‮ ‬جبهات،‮ ‬وتمكنوا‮ ‬من‮ ‬الاستيلاء‮ ‬على‮ ‬الأسرى‮ ‬والأسلحة‮ ‬بعد‮ ‬كل‮ ‬اشتباك‮ ‬وإيصالها‮ ‬إلى‮ ‬القيادات‮ ‬المعنية‮.‬
مما سبق، يتضح أن مهمة القوات الجمهورية كانت في المرحلة الأولى هي الدفاع فقط، والحفاظ على المواقع التي هم بها.. وبعد فترة تمكن المدافعون من اختراق الحصار ومهاجمة أكثر من موقع للحصول على السلاح والأسرى، وقطع طرق إمداد المهاجمين والعودة إلى المواقع السابقة نفسها، أما في المرحلة الثالثة فكان هدف الجمهوريين هو الهجوم على مواقع الإمامة والسيطرة عليها، وحرمان الجانب الملكي من استمرار احتلال المواقع المرتفعة التي تسيطر على الطرق، وتكون مواقع مناسبة لحمايتها، وحماية العاصمة صنعاء.
دفع الجمهوريون في كل مرحلة من المراحل المذكورة ثمناً لها من دماء المقاتلين، فقد اشتبك الجمهوريون وقوات الإمامة في كل المواقع، ودارت المعارك العسكرية في كل من السهل والجبل، واستمرت هذه المعارك سبعين يوماً مشكّلة بذلك ملحمة السبعين، والنصر لجانب الجمهوريين الذين‮ ‬أبلوا‮ ‬بلاءً‮ ‬حسناً،‮ ‬وقد‮ ‬استشهد‮ ‬الكثير‮ ‬منهم،‮ ‬وبهذا‮ ‬الصمود‮ ‬استحقوا‮ ‬النصر‮.‬
وأخيراً خابت أحلام الإماميين وانتصرت الجمهورية وتنفس عامة الشعب اليمني الصعداء بفك الحصار عن عاصمتهم صنعاء وتمكن الجمهوريون من دحر القوات الإمامية بعد حصار دام سبعين يوماً، ويمكن اعتباره الحدث الثاني بعد قيام ثورة 26 سبتمبر المجيدة، فملحمة السبعين كانت أقوى‮ ‬برهان‮ ‬على‮ ‬الالتفاف‮ ‬والتأييد‮ ‬الشعبي‮ ‬لثورة‮ ‬26‮ ‬سبتمبر‮ ‬وتثبيت‮ ‬النظام‮ ‬الجمهوري‮.‬
وانتهى الحصار يوم 8 فبراير 1968م، وهو يوم فتح طريق صنعاء الحديدة.. تم ذلك عندما اخترقت الحصار قوات نظامية وشعبية قادمة من المحافظات الأخرى عن طريق الحديدة- صنعاء، إلى جانب هجوم المدافعين عن العاصمة، واحتلال مواقع الإمامة في المرتفعات التي تم احتلالها من قبل الجمهوريين بعد معارك طاحنة أدت إلى فرار أكثر القوات الإمامية ومعهم المرتزقة الأجانب، وقد حصل الجمهوريون على كثير من السلاح والذخيرة والمؤن، وكان هذا اليوم هو اليوم الفاصل الذي استحق أن يسمى يوم انتصار الجمهوريين على فلول الملكيين والمرتزقة.
ولاشك‮ ‬في‮ ‬أن‮ ‬الفضل‮ ‬في‮ ‬هذه‮ ‬الملحمة‮ ‬التاريخية‮ ‬لايعود‮ ‬لفئة‮ ‬أو‮ ‬أفراد،‮ ‬ولكن‮ ‬الفضل‮ ‬يعود‮ ‬للشعب‮ ‬بكل‮ ‬فئاته‮ ‬ومن‮ ‬مختلف‮ ‬مناطق‮ ‬الجمهورية‮.‬
ولو تساءلنا عن الأسباب الحقيقية لفشل مطامع الإمامة وانتصار الجمهورية فلابد أن نشير إلى أن الأرضية السياسية والاجتماعية التي وجدت عند بدء الحصار كانت مهيأة للدفاع عن العاصمة، باعتبار أنه الخيار الوحيد لجميع القوى الوطنية التي شكلت تحالفاً قوياً، وجبهة واسعة‮ ‬لمواجهة‮ ‬الحصار‮ ‬والدفاع‮ ‬عن‮ ‬العاصمة،‮ ‬وأنكر‮ ‬الجميع‮ ‬ذواتهم‮ ‬ولم‮ ‬يعلُ‮ ‬صوت‮ ‬على‮ ‬صوت‮ ‬الدفاع‮ ‬عن‮ ‬صنعاء‮.‬
ولابد‮ ‬من‮ ‬الإشارة‮ ‬أيضاً‮ ‬إلى‮ ‬أن‮ ‬العوامل‮ ‬الداخلية‮ ‬هي‮ ‬التي‮ ‬مثلت‮ ‬العنصر‮ ‬الحاسم‮ ‬في‮ ‬صنع‮ ‬ملحمة‮ ‬النصر‮ ‬وفك‮ ‬الحصار‮ ‬عن‮ ‬صنعاء‮..‬
العوامل‮ ‬الداخلية‮ ‬والأسباب‮ ‬الحقيقية‮ ‬لانهزام‮ ‬الإمامة‮ ‬والوقفة‮ ‬المشرفة‮ ‬للجمهوريين‮ ‬في‮ ‬ملحمة‮ ‬السبعين‮ ‬يوماً
1- الصمود البطولي للقوات المسلحة والأمن والمقاومة الشعبية والجيش الشعبي، هذا الصمود النابع من إيمان الرجال المدافعين عن العاصمة بعدالة القضية التي يقاتلون من أجلها، وقناعتهم بأن الموت أشرف من التخلي عن مكسب الثورة والجمهورية، وهذه القناعات شكلت الدوافع الأساسية‮ ‬للوقوف‮ ‬أمام‮ ‬جحافل‮ ‬الملكيين‮.‬
2- تهيُّب الإمامة من اختراق مواقع المدافعين، وإدراكهم لإمكانية سقوط أعداد كبيرة من الضحايا بين صفوفهم، وأن سلامتهم كانت تكمن في بقائهم في المرتفعات والجُرف، لأن نزولهم للسهول يعرضهم للإبادة من الجمهوريين، وكانت خطة الملكيين تكمن في إرهاق المدينة والمدافعين‮ ‬حتى‮ ‬ينهاروا‮.. ‬وبانتظارهم‮ ‬هذا‮ ‬أضاعوا‮ ‬الوقت‮ ‬المناسب‮ ‬للهجوم‮.‬
ولم‮ ‬يحدث‮ ‬الانهيار‮ ‬في‮ ‬صفوف‮ ‬الجمهوريين‮ ‬كما‮ ‬كان‮ ‬يرغب‮ ‬الإماميون‮ ‬ويتوقعون‮ ‬بل‮ ‬زادوا‮ ‬منعة‮ ‬وقوة‮ ‬وارتفعت‮ ‬روحهم‮ ‬المعنوية‮.‬
3- ضربت القوى الإمامية في مختلف المناطق، كما حدث في حجة وصعدة وغيرهما، وفتحت جبهات قتالية خلف خطوط الإماميين مما شكل إرباكاً لهم، وانخفاضاً للروح المعنوية، وتقليلاً لإمدادهم بالمؤن والسلاح، كل ذلك عزز من صمود المدافعين على الرغم من أن ميزان القوى كان يميل لصالح‮ ‬الإماميين‮ ‬حول‮ ‬صنعاء‮ ‬فقط،‮ ‬نظراً‮ ‬لأن‮ ‬معظم‮ ‬المقاتلين‮ ‬من‮ ‬المناطق‮ ‬المجاورة‮ ‬للعاصمة،‮ ‬التي‮ ‬كانت‮ ‬تعطي‮ ‬ولاءها‮ ‬للملكيين‮ ‬بفضل‮ ‬الإغراءات‮ ‬المادية،‮ ‬وهي‮ ‬الحصول‮ ‬على‮ ‬المال‮ ‬والسلاح‮.‬
4- العمق البشري والجغرافي أثر بصورة أساسية في صمود المدافعين، حيث كانت الغالبية العظمى من السكان تدين بالولاء للنظام الجمهوري، وشكل الدعم المادي والمعنوي من مختلف المناطق والمحافظات عنصراً أساسياً في صمود العاصمة المحاصرة، فكانت تنقل القوى البشرية المقاتلة‮ ‬جواً،‮ ‬بالإضافة‮ ‬إلى‮ ‬الدعم‮ ‬المادي‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يصل‮ ‬تباعاً‮ ‬عن‮ ‬طريق‮ ‬الجو‮ ‬كالأغذية‮ ‬والوقود‮ ‬والذخائر‮ ‬والأسلحة‮.‬
5‮- ‬لم‮ ‬تكن‮ ‬القوى‮ ‬الإمامية‮ ‬موحدة‮ ‬فهي‮ ‬ثلاث‮ ‬مجموعات‮: ‬مجموعة‮ ‬وقفت‮ ‬إلى‮ ‬جانب‮ ‬إعادة‮ ‬الإمامة‮ ‬وعلى‮ ‬رأسها‮ ‬بيت‮ ‬حميد‮ ‬الدين،‮ ‬ومجموعة‮ ‬تحبذ‮ ‬أن‮ ‬ترى‮ ‬أسرة‮ ‬أخرى‮ ‬تحكم،‮ ‬ومجموعة‮ ‬تدعو‮ ‬إلى‮ (‬دولة‮ ‬إسلامية‮).‬
6- المقاتل الإمامي لم تكن له قضية، فهو يقاتل من أجل الحصول على المال والسلاح، كما كان يهدف إلى النهب والسلب.. أما الجمهوريون فكانت عقيدتهم (الجمهورية أو الموت).. فالمقاتل الجمهوري له قضية هي المحافظة على الجمهورية ومكاسبها، والثورة ومبادئها وأهدافها.
7‮- ‬كان‮ ‬الإماميون‮ ‬يفتقرون‮ ‬إلى‮ ‬الطيران‮ ‬والدروع‮ ‬والبحرية‮.‬
8- شكل جلاء الاستعمار البريطاني من جنوب الوطن عام 1967م عنصراً جديداً في توازن القوى السياسية في المنطقة، وشكلت السلطة الوطنية سنداً قوياً عزز من صمود صنعاء، حيث حرمت الإماميين من شريان حيوي مهم كان مصدراً مهماً لإمداده بالأسلحة والأموال والقوى المقاتلة.. ومن‮ ‬المعروف‮ ‬أن‮ ‬قوات‮ ‬الإماميين‮ ‬كانت‮ ‬تدرب‮ ‬في‮ ‬معسكرات‮ ‬داخل‮ ‬الجنوب،‮ ‬كما‮ ‬أن‮ ‬الاستعمار‮ ‬البريطاني‮ ‬استعمل‮ ‬سلاحه‮ ‬الجوي‮ ‬لدعم‮ ‬الملكيين،‮ ‬كما‮ ‬حدث‮ ‬عند‮ ‬احتلال‮ ‬الإماميين‮ ‬لمدينة‮ ‬حريب‮.‬
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 12:43 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-2117.htm