يحيى نوري -
< عندما تشير استطلاعات الرأي العام في أي بلد ديمقراطي إلى وجود ما نسبته 20% من المواطنين في هذا البلد أو ذاك الذين تم استطلاع آرائهم غير راضين عن أداء رئيس دولتهم أو حكومتهم.. فهل يعني أن على هؤلاء التوجه إلى ساحات المدن للاعتصام والمطالبة بتنحي الرئيس؟
سؤال.. بالرغم من أهميته البالغة لم نجد أحداً يكترث به أو حتى مجرد الاقتراب منه لفهم كافة أبعاد الأزمة الراهنة التي نعيشها.
ولعل مبعث ذلك يعود إلى كونه- أي السؤال- يمثل احراجاً حقيقياً للعديد من المحللين السياسيين اليمنيين الذين أوغلوا وأفرطوا في المزايدة السياسية والإعلامية ويجدون في الإجابة الموضوعية والمنطقية له فاضحاً حقيقياً لكثير من الممارسات التي تعتمل اليوم في حق الوطن وتجربته الديمقراطية.
وبدلاً من الغوص في ثنايا وتفاصيل الإجابة على هذا السؤال نجدهم يحاولون عبثاً تكريس كل ما يكتبونه من مقالات للترويج لما يسمونه بـ«ثورة شبابية».. بل نجدهم للأسف الشديد يوغلون في الحديث عن موقف شعبي عارم رافض للرئيس والنظام، ومؤيد بلا حدود لهذه الثورة، وبصورة لا تعبر عن مدلول سوى أنها محاولة للتغطية على حقيقة الواقع الذي تشهده الساحة اليمنية وهو الواقع الذي عبر عنه فخامة الرئيس عندما أشار في إحدى خطبه الجماهيرية إلى أن الساحة اليمنية اليوم تعبر عن فريقين الأول الذي انتصر للشرعية الدستورية ومنحها ثقته في الانتخابات الرئاسية في 2006م.. والآخر الذي منح ثقته في هذه الانتخابات لمرشح المعارضة..
ولا ريب أن هذه الاشارة الكاشفة لفخامة الرئيس قد شخصت بعمق الواقع وقدمت الدليل الناصع على أنها ليست ثورة وإنما عملية انقلاب على الشرعية الدستورية من قبل الذين اخفقوا في الوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع.. كما أن هذه الاشارة لفخامة الرئيس قد اعجزت مناوئيه في الاجابة المنطقية عليه..
الأمر الذي أدركه أيضاً كل المتابعين والمهتمين في الداخل والخارج لطبيعة الأزمة المفتعلة التي تعيشها اليمن حالياً، وهو الأمر أيضاً الذي جعل من التساؤل الذي وضعناه في مستهل موضوعنا هذا يضع نفسه بقوة من جديد بالرغم من هول الديناميكة الإعلامية التي افرغت كل طاقاتها وإمكاناتها من أجل تصوير ما يحدث بالثورة وليس غيره.
إذاً.. فالحقيقة الواضحة والجلية على الساحة اليمنية اليوم تعترف بوجود مناوئين وغير راضين بأداء الرئيس والنظام في صفوف المواطنين وهم نسبة متحزبة بسيطة جداً، إذا ما قورنوا بمؤيدي الشرعية الدستورية.. وان وصف ما يحدث بالثورة الشعبية لا يعدو كونه مجرد هرطقة إعلامية، الكثير من المتابعين والمهتمين يدركونها تماماً ويعلمون في الوقت ذاته أن هذا الوصف لا يستند لمؤشرات حقيقية لاستطلاعات رأى عام محايد ومهني..
إذاً بصريح العبارة.. إن ما يعتمل اليوم من قبل أحزاب المشترك لا يمثل سوى عملية قرصنة هدفها السطو على السلطة بكل أساليب وطرق التخريب والفوضوية والانقلاب على الشرعية الدستورية والمثل والقيم الديمقراطية وتحت شعارات جوفاء وباهتة، أكدت الأيام الماضية أن لا هدف لها سوى الاضرار بالمصالح العليا للوطن.
خلاصة.. إن ما بني على باطل فهو باطل، وأن الشرعية الدستورية مازالت تستند على مدماك قوي وصلب أساسه وقاعدته الملايين من أبناء الشعب، صاحبة الحق المعبرة عنه من خلال إرادته الحرة والعارمة عبر صناديق الاقتراع في انتخابات تنافسية حرة ومباشرة وانتصارها لبرنامج المؤتمر الشعبي العام الذي وعد بالمستقبل الأفضل للوطن وتجربته.