الإثنين, 30-مايو-2011
الميثاق نت - فاطمة علي الحريبي حوار/ محمد جمال -
حوار/ محمد جمال
عبّرت المهندسة فاطمة علي الحريبي عن مخاوفها من صعود الإسلاميين المتشدّدين أو المتمرّدين إلى السلطة في اليمن، وفقدان المرأة اليمنية كل الامتيازات التي حصلت عليها من مساواة مع أخيها الرجل ومشاركة سياسية وحقوق العمل والتعليم.
وقالت في حوار مع «الميثاق»: «أنا متأكّدة أن الرئيس لا يرغب في الاستمرار في السلطة فهي بالنسبة له مغرم وليست مغنماً، ولكنه يريد انتقالاً سلمياً وديمقراطياً للسلطة عبر صناديق الاقتراع «.
وحذّرت الحريبي من نشوب حرب أهلية أو فتنة طائفية في حال مغادرة الرئيس علي عبدالله صالح السلطة.. وقالت: «إن البلد ستسير نحو الهاوية وسيكون هناك مؤيّدون للإصلاح وآخرون للحوثيين وستنقسم المعارضة على نفسها لو رحل الرئيس».. فإلى التفاصيل..



كيف تنظرين إلى ما يدور في اليمن الآن من أزمة سياسية واحتجاجات واعتصامات ومظاهرات؟
- ما يحدث في اليمن لا ينفصل عمّا يحدث في المنطقة العربية من مطالب شبابية مشروعة في التغيير والإصلاح والحرية والعدالة الاجتماعية، ولكن لدينا أزمة سياسية، فالسلطة تتمسّك بالشرعية الدستورية وإجراء انتقال سلمي وآمن عبر صناديق الاقتراع، واحزاب المشترك تريد الوصول إلى السلطة عن طريق الانقلاب والفوضى.. طبعاً أنا كامرأة عاملة لا يمكن أن أثق بأية حكومة غير حكومة المؤتمر الشعبي العام، بمعني أنني لا أثق في حكومة حزب التجمّع اليمني للإصلاح ذي التوجّه الإسلامي، أو المتمرّدين الحوثيين، أو الحزب الاشتراكي اليمني أو أي حزب آخر، لأن هذه الأحزاب لن تنصف المرأة ولن تمنحها الحقوق التي منحها إياها المؤتمر، بل على العكس سوف تعيد المرأة سنوات إلى الوراء، وسوف تفقد الامتيازات التي حصلت عليها من مساواة مع أخيها الرجل ومشاركة سياسية واقتصادية وحقوق العمل والتعليم وغيرها من الحقوق التي كافحت المرأة سنوات طويلة للوصول إليها.
انظر إلى ساحة التغيير امام جامعة صنعاء الآن والتي يعتصم فيها المعارضون المطالبون برحيل الرئيس علي عبدالله صالح، ففيها مشاكل فالعناصر المنتمية لحزب الإصلاح تنتهك حقوق الآخرين، وخير دليل على ذلك تعرض العديد من الناشطات والحقوقيات للاعتداء والضرب من قبلهم وهم لم يصلوا إلى السلطة بعد .. فما الذي يمكن أن يفعلوه او كيف سيكون حال المرأة لو تمكّنوا من الوصول إلى السلطة..؟
الرئيس هو الذي تمكّن بحنكته وحكمته من تجاوز تحديات وصعوبات كبيرة واجهته، وله إنجازات سياسية واقتصادية وثقافية كثيرة لا أحد يستطيع أن ينكرها وأهمها إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في 22 مايو عام 1990م والدفاع عنها وتثبيتها في صيف عام 1994م، بالإضافة إلى المكانة التي حظيت بها اليمن إقليمياً ودولياً، والاستقرار والأمن الذي نعمت به البلاد خلال السنوات الماضية.
لماذا إذاً ننكر حق هذا الزعيم .. وننكر عليه إنجازاته التي حقّقها؟ طبعاً نحن لا ننكر أن هناك فساداً وأنه يجب تفعيل القوانين والإجراءات لمكافحة الفساد والضرب بيد من حديد على أيدي الفاسدين وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب، فهناك أشخاص يتمتّعون بكفاءات ومهارات ولا ينالون ما يستحقونه من دور ومكانة ومناصب، وأشخاص ليس لديهم أية خبرة أو كفاءة وتحوم حولهم شبهات بالفساد ولديهم مناصب. من المفترض أن يكون هناك عدالة في اختيار القيادات الاقتصادية والإدارية ومنح الفرصة للجميع بعيداً عن المصالح الشخصية والأهواء والحسابات الضيقة، ولو تم ذلك لانتهت تماماً الاعتصامات والمظاهرات المستمرة منذ أربعة أشهر.
مخاوف
هل هذا يعني أن لديك مخاوف وخشية على المرأة اليمنية من وصول المتشدّدين إلى السلطة؟
- أنا أخشى من الإسلاميين المتشدّدين كما أن لدي مخاوفي من الاشتراكيين المنفتحين ومن كل أحزاب المشترك ، وأؤيّد المؤتمر لأنه حزب وسط ومعتدل ولا يوجد فيه تشدّد ولا تطرّف لا إلى أقصى اليمين ولا إلى أقصى اليسار. ولذلك فمن مصلحة المرأة اليمنية أن يظل المؤتمر قائداً لأية حكومة قادمة أو أن يحتفظ بالأغلبية على الأقل.
تمرد أولاد الأحمر
يعني ليس لديك تحفّظات على تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة مثلما تطرح المبادرة الخليجية؟
- لايوجد لديّ أي تحفّظ أو اعتراض، وليس لدي مشكلة في تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة، ولكن بشرط أن يحتفظ المؤتمر بالأغلبية التي تمكّنه من قيادة الحكومة ودعم قراراته وموقفه حتى ولو لم يكن رئيساً لها. المعارضة ليست كلها سيّئة ففيها شخصيات وطنية محترمة ونزيهة وتستحق التقدير، ولكن بالمقابل فيها شخصيات تثير خوفنا على مستقبل اليمن بسبب مواقفها وآرائها.. فما حدث من المسلّحين من أتباع أولاد الأحمر هو تمرّد مسلّح واعتداء على المؤسّسات العامة والخاصة ومحاولة النيل من هيبة الدولة واستغلال ما تشهده البلاد من أحداث سياسية لتحقيق أهداف ومصالح شخصية.
خطر نموذج الجوف
يرى البعض أن تحذير الرئيس من نشوب حرب أهلية أو فتنة طائفية هو بمثابة تخويف.. هل تشعرين فعلاً بخطر حدوث مثل هذا السيناريو في حال رحيله؟
- ممكن أن يحدث هذا السيناريو، وهو حاصل الآن في ساحة التغيير، فالمعارضة تضم أطيافاً سياسية مختلفة في الأفكار والتوجّهات، والإصلاحيون والحوثيون في مشاكل دائماً، وهناك اشتباكات حدثت في محافظة الجوف بين مسلّحين من الجانبين.. إنهم غير متّفقين فكل طرف له مذهب، وليسوا متّفقين على الصلاة ولا وقتها ولا آذانها.. إذا كانوا كذلك وهم في ساحة التغيير فما بالك لو وصلوا سدة الحكم؟ سيتقاتلون مع بعضهم البعض.. وأنا متأكّدة أن البلد ستسير نحو الهاوية وسيكون هناك مؤيّدون للإصلاح وآخرون للحوثيين وستنقسم المعارضة على نفسها لو رحل الرئيس.
أعتقد أن الرئيس علي عبدالله صالح هو صمّام الأمان، وأن المؤتمر هو الحزب الوحيد المؤهّل لقيادة البلاد ليس لأني عضوة فيه.. ولكن هذا ما يفرضه العقل والمنطق، وما يحصل الآن من مشاكل تؤكّد أننا لا يجب أن نأمن على اليمن من أي مخاطر فيما لو تسلّم المشترك مقاليد الأمور.. نحن نريد تغييراً وإصلاحاً ولكن ليس بوصول المعارضة إلى السلطة عن طريق الانقلاب والتخريب والفوضى وعلى حساب الدم اليمني. .لدينا مشاكل وملفّات حساسة يمكن أن تؤدّي إلى فوضى عارمة في اليمن فهناك من يطالبون بالانفصال في الجنوب وهناك متمرّدون حوثيون في صعدة ، بالإضافة إلى خطر تنظيم القاعدة النشط في مناطق جبلية وصحراوية وقبلية، هذا بخلاف مشاكل القرصنة البحرية والهجرة غير المشروعة.
الثورة سُرقت
يعني أنت مع التغيير والإصلاح ونقل السلطة ولكن بأسلوب ديمقراطي محكوم بصناديق الاقتراع وليس بالاعتصامات والمظاهرات الشعبية؟
- بالضبط.. أنا أريد نقلاً منظّماً وآمناً وسلساً للسلطة، وأريد أن أرى الأمن والاستقرار والتنمية، ولا أريد أن تنفلت الأوضاع وتحدث الفوضى ونحتكم إلى القوة والسلاح، ونصل إلى مرحلة يصعب علينا فيها السيطرة على الأمور.
أنا كنت مع الشباب عندما طالبوا بالتغيير والإصلاح فهذا هدفنا جميعاً، وهم لم يطالبوا بإسقاط النظام ولم يسعوا للفوضى والشغب، لكن الأحزاب هي التي أثّرت عليهم وسرقت منهم ثورتهم وحوّلوها إلى «إرحل» وهذه الكلمة نحن جعلنا حروفها الأربعة أوائل عبارة «أعظم رئيس حاكم لليمن». لماذا يحاولون العودة بنا إلى الوراء والإضرار بمكتسباتنا الوطنية التي تحقّقت لنا خلال سنوات من العمل والجهد والتضحية.
نحن النساء نشعر بأن لنا دوراً في المجتمع نؤدّيه، ومسؤولية ومهاماً لنا في منازلنا، فما المانع أن نخدم بلدنا ونوظّف إمكاناتنا في بنائها وتطويرها وتنميتها.. أنصح المرأة اليمنية العاملة المتعلّمة بأن تفكّر في مستقبلها وكيف ستحصل على المزيد من الحقوق والحريات في ظل الشرعية الدستورية والأمن والاستقرار، وعليها ان تفكر كيف سيكون حالها في ظل حكم متطرّف أو متشدّد.
اليمن لا تستحق أن يُقتل أبناؤها بهذه الطريقة ولا أن تسيل قطرة دم واحدة عبثاً، لا يوجد داعٍ لذلك، والمصالح الشخصية وحب الذات لا ينبغي أن تكون مبرّراً للقتل وسفك الدماء، ومن يريد أن يصل إلى السلطة عليه الاحتكام إلى الانتخابات وصندوق الاقتراع فأصوات الناخبين هي الحكم بين السلطة والمعارضة.
انتخابات مبكرة
هل تعتقدين أن الرئيس علي عبدالله صالح جاد فعلاً عندما يتعهّد بعدم التمديد أو التجديد أو توريث السلطة في اليمن؟
- فعلاً.. الرئيس جاد هذه المرة، فهو قد ملَّ السلطة أصلاً، وربما لا تسعفه صحته فيما بعد.. كم سيستمر في الحكم؟مهما استمر حكم الرئيس لا بد أن ينتهي في وقت ما، أنا متأكّدة أن الرئيس علي عبدالله صالح لا يرغب بالاستمرار في السلطة فهي بالنسبة له مغرم لا مغنم، ولكنه يريد انتقالاً سلمياً وديمقراطياً للسلطة عبر صناديق الاقتراع لكي يسّلمها لرئيس جديد منتخب من قبل الشعب، ويتمسّك بإجراء حوار وطني شامل على أساس المبادرة الخليجية التي تعتبر فرصة تاريخية لكل الأطراف السياسية في اليمن للخروج من الأزمة الراهنة، وذلك رغم أحقية الرئيس بالبقاء في السلطة واستكمال فترته الدستورية التي تنتهي في العام 2013م، حيث فاز الرئيس في انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وبأغلبية مطلقة من أصوات الناخبين، وأنا هنا أؤيّد إجراء انتخابات رئاسية مبكّرة أو في موعدها إذا تم الاتفاق بين السلطة والمعارضة، وأتمنّى أن يكون الرئيس القادم ممثّلاً للمؤتمر الشعبي العام.
الأزمة عطّلت التنمية
تتولّين منصب المدير التنفيذي لمجلس الترويج السياحي الحكومي.. برأيك هل ستزداد مشاكل اليمن الاقتصادية جرّاء الأزمة التي أضرّت كثيراً بالسياحة، خاصةً وأن الحكومة تعوّل كثيراً على السياحة كقطاع واعد؟
- طبعاً.. ستزداد مشاكل اليمن ثلاثة أو أربعة أضعاف وستنخفض مؤشّرات التنمية والاستثمار أكثر من السابق، فهذه الأزمة عطّلت التنمية والاستثمار وأصابت الاقتصاد بالشلل.. نحن مصرّون على الذهاب إلى أعمالنا يومياً ونقوم بما نسبته 80% من نشاطنا المعتاد في مجلس الترويج السياحي، وذلك رغم الدعوات إلى العصيان المدني ومحاولة سيطرة عناصراحزاب اللقاء المشترك على المؤسّسات والمصالح الحكومية، وسُررت كثيراً لدى عودتي مؤخّراً من شرم الشيخ بمصر لأن نصف ركاب الطائرة المتّجهة إلى صنعاء كانوا سياحاً من الجنسية الإيطالية، وسألتهم عن زيارتهم لليمن في هذه الظروف فقالوا لي لا يوجد ما يمنعنا من زيارة اليمن، ونحن ذاهبون إلى صنعاء القديمة وشبام كوكبان وجزيرة سقطرى، ورغم أن عددهم لم يكن كبيراً، إلاّ أنه ما زال هناك سيّاح ومجموعات تحب زيارة اليمن رغم ما تشهده من أحداث سياسية وأمنية، أصابت حتى اليمنيين المقيمين خارج البلاد بالخوف ودفعتهم إلى عدم العودة حالياً. .السياحة تعتبر مصدراً جديداً للدخل ولعائدات البلاد من العملات الصعبة، وفرص العمل المباشرة وغير المباشرة، ونمو العديد من الأنشطة الاقتصادية المختلفة في الدولة نتيجة للتشابك القطاعي بينها وبين السياحة، هذا بالإضافة إلى تنمية وتطوير المناطق العمرانية الجديدة التي تقام فيها مشاريع سياحية، كما تمثّل السياحة وسيلة لنقل حضارة البلاد وجمالها إلى الخارج وبما يساعد في تطوير التعاون الاقتصادي والثقافي مع بلدان العالم.
خسائر
هل قدّرتم الخسائر التي لحقت بقطاع السياحة في اليمن بسبب الأزمة؟
- بصراحة ليس هناك تقدير محدّد ولكن حجم الأضرار كبير جداً، لأن كل المنشآت السياحية تشكو من عدم وجود زبائن أو سيّاح.. القطاع السياحي تأثّر كثيراً بالأزمة، كما تأثّر بتحذيرات الولايات المتّحدة الأمريكية والعديد من دول أوروبا لمواطنيها بعدم السفر إلى اليمن ونصحهم بمغادرتها لأنها منطقة خطرة وفيها أحداث سياسية وهناك خوف عليهم، وكانت هناك تحذيرات من قبل وتزايدت الآن وقل عدد السيّاح كثيراً عن السابق.
نحن نصدر طبعاً إحصاءات شهرية، وأعتقد أن شهر يناير الماضي شهد عدداً لا بأس به من السيّاح، إلا أن الانخفاض بدأ منذ منتصف فبراير مع اندلاع المظاهرات والمسيرات المعارضة وخلال شهر مارس وإلى الآن.
توقف وتجميد
هل هناك مشاريع سياحية توقّفت أو تم تجميدها؟
- نعم.. هناك كثير من المشاريع التي توقّفت وخاصةً هذه الأيام، نحن أيضاً جمّدنا العديد من النشاطات التي كنا نقوم بها، مثل مشروع تسليم المعهد الوطني للفندقة والسياحة لأكاديمية الضيافة والسياحة والفندقة اليمنية الذي تم تجميده حتى انتهاء الأزمة، وكذلك تم تقليص التعاون مع شركات العلاقات العامة الخارجية بنسبة 50- 60%، كما تم خفض مشاركاتنا في المعارض السياحية الدولية مثل معارض تونس واليابان، أما معرض السعودية فقد تم إلغاؤه من قبل المملكة نفسها، وبالنسبة لبقية المعارض المحدّدة سنوياً فنحن نشارك فيها، ونأمل أن تنتهي هذه الأزمة سريعاً وتعود الأمور إلى طبيعتها ويتم استئناف النشاط الاقتصادي وفتح الساحات والميادين والطرق والشوارع وعودة الطلاّب للدراسة في الجامعات والمدارس واستقطاب الاستثمارات والسيّاح. ففي العام الماضي استقبلت بلادنا حوالي مليون و111 ألف سائح أجنبي ويمني مقيم في الخارج، وبنسبة نمو 7.4%، وبعائدات سياحية قُدّرت بأكثر من مليار دولار وبنسبة نمو 12.2%.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:30 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-21438.htm