امين الوائلي -
عودة إلى "فكر التمرد" لابد منها.. تطورات متسارعة شهدتها حركة التمرد الجديدة/ الأخيرة خلال أيام، قد لاتستلفت عناية من لايقرأ الحركة في ضوء ما تستند عليه من فكر، أو لاينظر إليها في السياق الكلي الذي يؤطر فكر وحركة ومراحل التمرد عموماً منذ أول انقداحه وحتى آخر حلقاته التي نشهدها اليوم. > في التمرد الأول الذي قاده حسين بدر الدين الحوثي (2004م) رأينا كيف انفعل السلوك المادي العنيف والعدواني عن فكر خاص وعنيف أيضاً يؤسس لسلوك من هذا النوع ويمده بالذخيرة النظرية والإسناد التحريضي اللازم.. بالاعتماد الكلي على مخاطبة غرائز ومكونات في صميم السايكولوجيا الخاصة بأفراد الجماعات المغلقة، ممن تؤسس لنفسها بيئة خاصة ومشروعاً خاصاً أشبه ما يكون بـ»الأيديولوجيا العقائدية« أو »التلفيقية«. > في هذا النوع من »السجن التأطيري« تختلط الطموحات السياسية بأنتاف منتقاة من الفلسفة الدينية- الخاصة جداً.. ويجتمع- على غير اتفاق أو توافق- الآني الطارئ والماضوي المصلوب جرحاً في ضمير التاريخ الأول.. وهما معاً، وغيرهما من أخلاط النظريات والأدبيات الدينية المعجونة بغبار السياسة وطموحات هذه وتلك من الجماعات والفرق الذاهبة إلى أحقية خاصة بامتلاك زمام الصدارة في قيادة وتخليص »العالم«، يشكلان نظرية هجينة يسهل عبرها الإيقاع بأفراد يجدون متعة غير مفهومة في التأطر والانحباس لحساب »لاهوت سياسي« قلق يقود معركة غير مفهومة مع الزمان والمكان وتطورية التاريخ والعصر.. يحرق ويحترق لكي يثبت لنفسه أن ثمة ما يفعله في الحياة ويؤمن به ولو لم يكن يعرف »ماهو؟« و»لماذا؟«!!. > حين كان التمرد يرفع شعار »الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل..« وجعل البعض هذا الهتاف حجة وحيدة وبريئة بالمرة لاتدين التمرد بل تزكيه، كنا نقول ونهتف، بدورنا.. أن الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، والعصابات المدربة على القتل والقنص، ومجاميع الكر والفر والغدر، والخنادق والكهوف والتحصينات والتمترس في أعالي الجبال والمنحدرات.. كلها أمور لايمكن تبريرها أو فهمها إذا كان الأمر مجرد هتاف وشعار حماسي..! وهل يحتاج ترديد هتاف إلى كل هذا القدر من عسكرة الجبال والبوادي وحياة أجزاء مترامية من ريف محافظة صعدة؟! > تسطيح غبي للقضايا.. يراد لنا أن نترك عقولنا ونرتديه عوضاً عنها لتُفهم، أو حتى يمكننا مناقشة تفسير بدائي كهذا الذي يقال عن الشعار والهتافات وتلخيص التمرد المسلح والعصيان الدموي في إطارها. > وكما أسلفنا يومها وعرضنا الجزء المغيب- أو الذي أريد تغييبه عمداً- عن مجمل النقاش والتناول والقضية برمتها، وأعني »فكر التمرد« بدرجة أولى.. للوصول إلى تفسير آخر وقراءة أعمق وأعقل كما حدث ويحدث، تحترم عقول الناس وتفسر النتيجة بالسبب، وليس العكس كما حاول ويحاول إقناعنا المنافحون عن فعل وجماعة التمرد. > كما أسلفنا يومها.. مانزال بحاجة ماسة إلى التحالف مع هذا النوع من القراءة والنظر.. في الجولة الجديدة- ولعلها تكون آخر الجولات- مع التمرد والفتنة الملعونة.. والسبب دائماً أن هناك من يضطهد عقله ويغض الطرف عن حقيقة ومجمل ماحدث ولايزال، ويكتفي فقط بترديد خطابات تبذل وسعها في تصنُّع الحيادية والعقلانية، والتبرؤ من اتخاذ موقف حازم وحاسم تقتضيه القضية ويفرضه الحال. > هناك من يجعلها مناسبة للتشفي والمناكفة.. والبعض يبيع الكلام والجمل البلاغية وهو لايفهم شيئاً من كل ذلك، ولايريد أن يفهم. > ليست هذه هي الجولة أو القضية المناسبة لاستهلاك الفراغ الملوث ببيانات محشوة بالكثير من الكلام السياسي المستهلك والدعائى.. وأسهل مايكون هو هذا، أعني الهروب من الموقف إلى اللاموقف، ونفض اليد عن وطن بأكمله.. نكايةً بحزب أو بطرف سياسي في الحكم والحكومة.. ومن الآن نستطيع إهالة التراب على أفرقاء يدَّعون- ليلاً- أن الوطن هو هدفهم وأن خدمته ومصالح أبنائه هو شغلهم الشاغل الذي حرمهم الرقاد وطيب المنام والأحلام.. وهم- نهاراً- يقايضون الوطن بصمت المقابر، ويرفضون إدانةً- ولو بالكلام- يوجهونها لمن حفروا خندق وبندق وعسكر الجبال وحشد الأسلحة وارتهن نفسه وسلاحه ليؤذي الوطن ويعكر أمنه واستقراره. > السؤال الذي يغص به كل جواب هو: هل يجرؤ أو يقوى أحد من صنائع العقلانية المجنونة أن يسأل نفسه ونيابة عنها يسأل المتمردين وعناصر الفتنة: ماذا تريدون؟ ولماذا السلاح؟ ومن أين يجيئكم كل هذا المدد والعنف؟ ولماذا تقتلون وتغتالون وتغدرون؟!!! حسناً.. سوف نسجل لهم هذا موقفاً.. فقط هل يغلبون أنفسهم ويسألون سؤالاً بسيطاً- ولا موقفياً بالمرة- كهذا؟! > هل عليهم فقط أن يوجهوا بنادق الكلام والنقد والاتهامات الجزافية والمواقف الموثوقة إلى جذع ألف ابتزازاً ومقايضة ونكاية وكيداً وتشَفّياً، باتجاه الدولة والجيش الشرعي والنظام الدستوري.. ولايوجهون سؤالاً واحداً باتجاه عصابة وتمرد ومجموعة قتلة يزرعون الحرائق ويفسدون في الأرض ويؤذون اليمن وأمنه وأهله.. وأيضاً يهتفون ضد أمريكا وإسرائيل؟!!! في تفاصيل إذكاء الوقيد مجدداً > التطور الانكساري حدث سريعاً في جسم فكرة التمرد.. وهو عميق الدلالة بالنظر إلى »فكر التمرد« عموماً وخلفيته النظرية- التحريضية التي جاء منها ويعود إليها. > تمثل ذلك في معاودة التمرد وخبطه.. أولاً، وثمة حوافز ومؤثرات شتى أعادت توجيه الحركة وإذكاء وقيدها لغايات لم تبرد تماماً، ولربما استجدت أخرى أقحمت نفسها في السياق الاستفادي متعدد الجهات والوجهات من فعل وحركة التمرد وعناصره أو بقية جيوبه المتخلفة عن التمرد الأول والذي تلاه. > هل عليَّ أن أسمّيه »التمرد المستأجر«؟ بالقياس إلى »بندقية مستأجرة«! أيَّاً كان التفسير.. ثمة جديد طرأ، ولكن هناك- بالأساس- »فكر« عاود عمله واستعاد انفعاليته المترتبة في صورة سلوك مادي عنيف.. آخر. > هذا وسابقه.. من مشكاة واحدة.. لأنه امتداد له وتواصل معه.. وصدى لصوت نظري وتفكير خاص لايزال يمثل »العقيدة النظرية« التي يقاتل دونها وتحت لوائها المنخرطون في فعل التمرد والمواجهة ضد الدولة والشرعية الواحدة. اللعب على أكثر من »جهنم«! > استعادة حجة »الهتافات ضد أمريكا وإسرائىل« جاءت قوية وبصورة مركزة أكثر مما يفترض واقع الحال وتداعي تفسير بائت كهذا. > مجدداً يحاول التمرد وموازاة فعل، بل أفعال العنف والمواجهة والخروج، بإسناد فضفاض وشعار ابتزازي يستهدف المشاعر والأحاسيس الغريزية المرتبطة بقضية الصراع العربي الإسرائىلي لدى عامة اليمنيين والعرب عموماً.. لم يعد في الحجة تلك ما يصلح للمراهنة.. ولكن هناك في المقابل ترويجاً وتكريساً لخطاب »الحجة- الشعار« أو »الهتاف« بطرق مخاتلة.. وعلينا أن نمعن النظر في الأسلوب الإعلامي الضاغط الذي انتهجه التمرد هذه المرة.. فلا يكاد يمر يوم دون بيانات وتصريحات وردود و... و... الخ.. من مصادر قيادة التمرد ومقربين.. وتعددت مصادر القيادة بتعدد زعامات أجنحة التمرد، حيث لم يعد متماسكاً كأول ما بدأ.. وإنما تسربت النزاعات وتعددت الرؤوس ونشب صراع خفي وظاهر فيما بين الحوثيين- الابن »عبدالملك« وآخرين يتصدرهم الرزامي، الذي يرى نفسه أحق بوراثة قيادة التمرد عن حسين الحوثي من أخيه الأصغر عبدالملك. > هناك من يتحدث عن وقوع عناصر التمرد في المشكل الأول الذي جاء منه وهو: »وراثة قيادة المجموعة بالنسب لا بالكفاءة« وهذا ما حرض نزعة الرفض لدى الرزامي وآخرين ممن دانوا بالولاء لحسين ولكنهم يرون عبدالملك أقل شأناً وأوهى خبرة وأحقية.. وهكذا تعددت أجنحة التمرد وصارت أخبار تنشأ عن تمردات صغيرة ومؤثرة ضمن التمرد الكبير والنهائي! > ما من شك فإن حركة التمرد الأخيرة تريد اللعب على أكثر من جهة.. وفي مقدمة ذلك خيار الإغراق الدعائي والإعلامي وتكوين حالة من التدفق المتسارع لبيانات ومعلومات مضللة ومتناقضة عمداً.. ها هنا تقنية إجرائية لتكوين جسر دعائي وترويجي يكرس لغة ومنطق التمرد في الأوساط القارئة والمتابعة دون وعي من الوسائل الإعلامية ودون اهتمام منها بملاحظة التأثير الذي يتسيد عليها بالجري والتساقط على »سبق صحفي« أو »خبر مميز وخاص« وكل ما تحصل عليه تناقضات ومعلومات مضللة يقال عكسها لوسيلة أخرى.. وهكذا!. > زد على ذلك وسائل تكاد تكون متعاطفة أو ما شابه.. هذه لاتحتاج مصادر التمرد إلى تضليلها.. فهي ذاتها تعرف ما تفعله..! وأيضاً دخل في خط التمرد الأخير مصدر يعمل وينسق ويثير الصخب والشغب من الخارج.. إنه يحيى الحوثي وهو الآخر، أيضاً، يعاني من حالة »اسهال حاد« تجاه الإعلام والبيانات والتصريحات بطريقة تكاد تكون شبه تطابقية مع طريقة المتمردين في الداخل. > يعني ذلك أن تطوراً ما، في التعامل مع فكرة التمرد وتنفيذ فعل التمرد قد عصف.. وإجمالاً تنحصر جميع، أو أغلب عناوين ومضامين الحجج والتفسيرات التي يسوقها ويلوكها هؤلاء جميعاً في قضية »الشعار« أو »الهتافات« من جهة، ومن جهة ثانية يتم إلحاقها بما هو أخبث وهي فرية »الاستهداف المباشر« لجماعة التمرد.. ويتم الحديث بخبث عن استهداف »مذهبي« أو يحوم حول هذا المفهوم والمعنى. > وفي حين يتم الترويج لحجج فاسدة كهذه.. تنسى- أو تتناسى لسبب لا أفهمه- صحف ومواقع محلية ان تطلب وجهة نظر الطرف الآخر أو تعليقاً ماحول ما تواصل ضخه مصادر التمرد من أباطيل فاسدة. > انعكس ذلك، أو لعله يترافق معه- الموقف السلبي ذاته لدى عديد أحزاب وخطابات حزبية سياسية في الساحة دأبت على مشاغبة ومكاشحة الدولة وإدانتها، بطريقة أو بأخرى.. تصريحاً أو تلميحاً، في هذه القضية تحديداً، في مقابل غض الطرف وتجاهل التمرد والجرائم والمخالفات الجنائىة التي يقترفها. > والآن.. لماذا يرفض المتمردون التخلي عن الشعار؟ قد يكون السبب المباشر أنهم يرفضون التخلي عن السلاح والعنف.. وقد يعني ذلك تماماً أنهم يرفضون الوصول إلى حل أو إنهاء حالة الإشكال والاحتقان الذي يشكلونه ويديرون مشروعه لحساب »مستثمرين« لانراهم نحن.. إلاَّ من وراء حجاب (!!). > وفي الحقيقة.. هناك، أيضاً، إسناد فكري، أو تمثُّل »حَجَري« لعناوين ومضامين على علاقة بهذا الأمر وردت وتضمنها فكر التمرد الذي صاغه يوماً ما الصريع حسين الحوثي. دور »الهتافات« في أصل فكر التمرد > كان حسين الحوثي غرس في أذهان أتباعه فكرة واحدة، لا معنى لها في الرؤية التحليلية، إلاَّ أنها كل »المعنى« في الرؤية التلقينية الجامدة والقسرية لدى مجموعة التمرد.. وهي أن »الشعار« أو »الهتاف ضد أمريكا وإسرائيل« قوة مدمرة ومزلزلة وسيظهر أثرها ذات يوم! وفي محاضراته يؤكد أن هذا الهتاف يعبر عن سخط وأن هذا »السخط عامل مهم في بناء الأمة اقتصادياً وثقافياً وعلمياً«!! ليس هذا فحسب، بل يجزم بأن »هذا السخط مخيف لهم« يعني للأمريكان.. ولهذا كان الهتاف ينبني على فلسفة من نوع خاص وخاص جداً.. وهو أشبه بالوعد المؤجل أو »المنتظر«. > بالتأكيد.. كل هذا كلام بلا قيمة ولا يساوي شيئاً.. إنما تبقى قوته في كونه صادراً عن رجل قاد تمرداً على أساس »لاهوتي- سياسي« واستطاع بطريقة عجيبة حشد مؤيديه بفكرة بدائية ولغة فقيرة وتفكير متواضع.. إلاَّ أن الأهم في المسألة هو »الشحن الديني« والتوظيف المطلق لمشاعر الولاء والبراء والتعصبات من هذا القبيل.. هنا قوة غامضة تعمل ضد العقول ولكنها تسيطر عليها وتقودها. > لم يكن الهتاف هو غاية التمرد ولن يكون.. غير أن قائد التمرد رفعه لواءً وساق تحته مشاريع شتى وغايات لاتزال في حكم المفاجأة بالنسبة لمن لايريد أن يصدق بأن الهتاف لايقتضي تسليحاً وتجييشاً وإشهار تمرد مسلح وخروج علني! وكل ما يحتاجه حناجر تلهج وأفواه تصرخ.. لا أكثر ولا أقل!! أليس كذلك؟ > يوماً ما.. هدى حسين الحوثي أتباعه إلى أن الأمريكان واليهود ليسوا مثلنا »أغبياء« يسخرون من الهتاف: »هم ليسوا أغبياء كمثلنا يقولون ماذا نعمل؟ هم يعرفون كل شيء«.. الهتاف إذاً أخطر الخطر على أمريكا.. والمفاجأة أننا لانعرف ذلك والأمريكان يعرفون! > الهتاف لدى حسين الحوثي، وقُل لدى فكر التمرد بالأساس، جسر ووسيلة مُثلى لاستعباد المشاعر وتمرير المشاريع الأخرى.. توظيف قضايا الصراع التاريخي لابتزاز مشاعر ودرء الشبهة.. تماماً كما يفعل آخرون- كبار!- يتصدر خطابهم »السياسي الرسمي« العداء لأمريكا وإسرائىل.. والأفعال على الواقع تلحق الأذى مباشرة بالعرب والمسلمين وحدهم!! فكر التمرد جاء مطابقاً ومقتدياً بهذا الأسلوب وأصحابه.. لاتحتاج معرفة ذلك إلى ذكاء أكثر مما لدى الفرقاء في الساحة.. ولكنهم لايقرون ولايعترفون. الهتاف.. وصية وعقيدة! > في آخر محاضرته »الصرخة في وجه المستكبرين« لخَّص حسين الحوثي فكرته وتعاليمه الصارمة، هكذا: »نحن سنصرخ (نهتف) وإن كان البعض منا داخل أحزاب متعددة.. سنصرخ أينما كنا.. نحن مانزال شيعة.. أليس هذا هو زمن الحقائق؟ أليس هو الزمن الذي تجلى فيه كل شيء؟ ثم أمام الحقائق نسكت؟! ومن يمتلكون الحقائق يسكتون؟! لايجوز أن نسكت بل يجب أن نكون سباقين، وأن نطلب من الآخرين أن يصرخوا في كل اجتماع في كل جمعة الخطباء، حتى تتبخر كل محاولة لتكميم الأفواه، كل محاولة لأن يسود الصمت..«. > فكر التمرد يتأسس ويفعل على هذه الطريقة وبذات القوة والعنف.. التمرد الأخير لايزال هو هو.. الهتاف حجة ومحجة.. وهو التفسير الوحيد للتمرد والحرب والقتل والتخريب.. ويعود التمرد في هذه الجولة الأخيرة إلى تبني عقيدة الهتاف أو »الصراخ.. الصرخة« كما صاغها مؤسس وقائد المجموعة المحددة.. حتى أن عبدالملك الحوثي يسرب عبر »الاشتراكي نت« رسالة مفادها أنه يقبل العرض بأن يشكل حزباً سياسياً خاصاً بدلاً عن التنظيم المسلح وشرطه هو »أن يكون حزباً يرفع ويردد الشعار«! بمعنى؟! أي ديمة وخلفنا بابها!! الشعار ذاته وما تحت الشعار من سلوك وعنف مادي، إنما يصار إلى أن يكون كل ذلك قانونياً! يعني قتلاً وعنفاً وتخريباً مرخصاً وقانونياً (!!!!)، وإلا ماهو برنامج حزب وشعاره الهتاف ضد العالم ولعن أمريكا؟! القتلة.. »الاستشهاديون«!! > إشارة مهمة وأخيرة بقيت لي في هذه الأسطر، وهي على صلة بالتطور السريع، الذي تحدثت عنه أول الكلام، في فكر وعمل التمرد الأخير. > عبدالملك الحوثي يعلن لـ»نيوزيمن« عن تفريخ جناح آخر اسمه »جماعة استشهادية جهادية« أو مجاهدة بزعامته، كإطار جديد لمجموعة الحوثي، بعيداً عن مجموعة الرزامي- على ما يبدو- أو »الشباب المؤمن« كما زعم مصدر الحوثي في اتصال مع »نيوزيمن«. > حدد الحوثي لجماعته الجديدة مهمة خاصة تتمثل في »الجهاد« والذي بدوره يعني »تصفية أولياء اليهود« وهذه الصفة مخادعة وتحمل فتوى صريحة تبيح القتل وسفك الدم وتجعل ذلك مشروعاً بل وقربة إلى الله (أوليس جهاداً؟!) فـ»أولياء اليهود« لاتتحدث عن أحد سوى كل من يعمل في الدولة اليمنية والجيش اليمني والأمن اليمني.. لأن كلام المصدر كان يتحدث في سياق مواجهة ومقاتلة الجيش والأمن اليمني الذي »يحاربنا«. > الحوثي- حسين جعل الهتاف هزيمة منكرة لليهود و»أوليائهم« ممن يرفضون ويمنعون هذا الصراخ.. وهو قال في محاضرته دائماً أن هؤلاء هم »أولياء اليهود« ويشير إلى الحكومات والجيش ورجال الدولة والنظام.. وبالتالي فإن قتالهم مشروع تماماً بهذا التخريج المباغت. > والحوثي- عبدالملك شكل »جماعة القتلة« وسماهم الاستشهاديين- وهم الأعظم أجراً ومنزلة- وحدد وظيفتهم في تصفية »أولياء اليهود« كما زعم هو في تصريحه وكما قال قبله حسين الحوثي في محاضراته وأفكاره، أوليس الأمر يعني تشريعاً للقتل وتجييراً للمفاهيم الدينية لتبرير وتزويق القتلة »الاستشهاديين«!! ماذا يريد »العقلاء« أكثر من هذه الصراحة في »تمجيد« القتل والقتلة، ليفهموا؟!!.