عارف الشرجبي - أكد عدد من الاقتصاديين أن الأزمة السياسية الراهنة أثرت وبشكل كبير ومباشر على التنمية والاستثمار والاقتصاد بشكل عام.. ولفتوا إلى أنه لايمكن تحديد حجم الاضرار الاقتصادية بشكل دقيق لأنها مازالت مستمرة وستكون آثارها ممتدة إلى العقود المقبلة إذا لم يجلس اطراف الأزمة للحوار ويتم إيقاف تلك الأعمال التي عطلت الاستثمار والتنمية، وحملت المواطن فوق ما يحتمل.
۹ بداية يقول حمود البخيتي- رئيس مركز دراسات السوق والمستهلك: إن الأزمة السياسية كانت في بادئ الأمر أزمة اقتصادية نتيجةً لمطالب الاصلاحات الاقتصادية والوظيفية وتكافؤ الفرص بين كل أبناء الشعب، ولكن أحزاب المشترك استغلت اندفاع الشباب فاختطفت تلك المطالب ووظفتها سياسياً للحد الذي لايمكن القبول به على الاطلاق.. وأضاف: من السهل أن تهدم أي شيء ولكن من الصعب أن تبني ما خربته وهذا الشيء هو الذي ترتكبه أحزاب المشترك في بلادنا عندما تدعي أنها تريد الإصلاح والتغيير نحو الأفضل في الوقت الذي نراها تتعمد قتل الشعب قتلاً بطيئاً من خلال قطع الطريق عن الغاز والمشتقات النفطية والكهرباء، كما أن افتعال الأزمات والمشاكل وقطع الطرقات وتثوير الشارع قد عمل وبشكل مباشر على تطفيش الاستثمار والمستثمرين واصاب الاستثمار والاقتصاد الوطني بمقتل..
ضرب أنابيب النفط
مؤكداً أن الأزمة كبدت الوطن خسائر تتجاوز عشرة مليارات دولار حتى الآن وربما يتضاعف هذا الرقم إذا استمرت نحو التصعيد من قبل بعض الأحزاب.. لافتاً إلى انخفاض مقدار الإيرادات الضريبية والجمركية وتوقف العائدات النفطية بشكل كامل وذلك لتوقف الصادرات النفطية نتيجة قيام المسلحين بضرب أنابيب النفط في مأرب وهذا حرم الدولة من إيرادات كبيرة من مبيعات البترول، ناهيك عن تكبدها مبالغ كبيرة في شراء احتياجات السوق المحلية من المشتقات النفطية وبالعملة الصعبة وهذا بدون شك قد أثر على الاحتياطي من النقد الأجنبي لبلادنا وسيكون له آثار سلبية على المدى البعيد والقريب إن لم يتم تداركه من الآن وبشكل جدي وفوري.. وحمل أحزاب المشترك مسؤولية ما يحدث من تراجع لمستوى دخل الفرد وتراجع قيمة الريال أمام الدولار بسبب الأزمة الراهنة..
قتلوا الاقتصاد
وقال: إن الساسة قد قصموا ظهر الوطن وقتلوا الاقتصاد، كما قتلوا السياسة عندما انحرفوا عنها نحو الاقتتال والاحتراب كما حدث في حي الحصبة.. وأضاف: لقد قتلوا اقتصادنا كما قتلوا الأطفال والنساء في الحصبة واعتدوا على لقمة عيشنا ونهبوا كل شيء جميل في الوطن وهو الأمر الذي يوجب علينا أن نقول لهم: اذهبوا أيها الساسة بعيداً عنا واتركوا ما تبقى لنا من أمل وثروات، البلاد لم تعد تريد سماع هذيانكم وتباكيكم كالتماسيح ولم يعد هناك من يحبكم فمن الأولى أن تذهبوا إلى الجحيم أو إلى مشافٍ للأمراض النفسية، فلم نرَ منكم إلاّ كل قتل ونهب وخراب للوطن والشعب.. عليكم أن تفهموا ذلك لترحلوا قبل أن ينهض الشعب ويرمي بكم إلى مزبلة التاريخ بعد أن جلبتم له كل الأوجاع والأنين، واختتمتم ذلك كله بمشروعكم الذي ادعيتم أنه حضاري ولم نرَ منه إلاّ القتل والدمار وما حدث في الحصبة دليل وشاهد حي على مشروعكم التدميري الذي نرفضه جملةً وتفصيلاً لأننا نعرفكم ونعرف أموالكم ومن أين جئتم بها ونعرف أيضاً المناقصات كيف كانت ترسو عليكم.. وقال البخيتي: لقد سقط القناع وانكشف المستور وما شركة المنقذ وشركة الأسماك والأحياء البحرية التي يترأسها الزنداني وغيره في المشترك إلاّ دليل على زيف ما يقولون، فاتقوا الله وعودوا إلى جادة العقل ولا تحملوا الوطن والمواطن فوق ما يحتمل.. ولفت الخبير الاقتصادي حمود البخيتي إلى أن المعارضة وخاصة الاخوان لا يتورعون عن قتل الأخ أو الأب أو الأم إذا كان ذلك سوف يوصلهم إلى الهدف المنشود فقد اثبت المشترك فشله وإذا كان هناك ذرة من حياء فعليهم أن يرحلوا عنا أو يدفنوا أنفسهم..
المؤتمر والمفسدين
واتهم البخيتي المؤتمر الشعبي العام بالتقصير في محاربة الفساد والمفسدين.. وقال: إن كثيراً من الفاسدين الذين انضموا إلى الساحة صنعهم المؤتمر خلال الفترة الماضية وعليه اليوم أن يضرب بيد من حديد وأن يقدم الفاسدين إلى محاكمة عادلة حتى يشعر المواطن بالاطمئنان على مستقبله في ظل حكمه..
عمل جبان
وعن الاعتداء الذي حدث لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح وقيادات الدولة في جامع النهدين قال حمود البخيتي: إن هذا العمل جبان ولم يكن ليصدر من إنسان مسلم لأن المسلم إذا عادى لا يصل إلى درجة الفجور والقتل، ناهيك عن القتل لولي الأمر وفي بيت الله أثناء أداة الصلاة يوم الجمعة.. وحذر الاخوان المسلمين في حزب الإصلاح من التمادي باستخدام الدين كورقة سياسية لأن ذلك سوف يغضب رب العالمين، فالدين لله وليس لحزب بعينه والوطن للجميع. وطالب بضرورة تغيير تلك الوجوه التي عرفها الشعب بأنها فاسدة على مدى السنوات الماضية وأن يتم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب بعيداً عن المحسوبية أو الحزبية لأن الوقت لم يعد في صالح هذه السياسة.. فهناك فسدة داخل الحزب الحاكم.. وهناك فاسدون ومصاصو دماء وتجار حروب ونهابو أراضٍ في المعارضة وهم معروفون للجميع ويجب على الرئيس تقديمهم للمحاكمة وفاءً للشعب.
خسائر فادحة
من جانبه يقول الدكتور طه الفسيل- أستاذ الاقتصاد والسياسة جامعة صنعاء: لاشك أن لأية أزمة سياسية نتائج سلبية على الاقتصاد وما حصل في بلادنا قد انعكس سلباً وبشكل كبير ولن تقتصر آثارها على الوقت الراهن فقط بل إن الآثار سوف تمتد لفترة طويلة قادمة.. مشيراً إلى أن الأزمة قد أثرت على الجانب السياحي وقطاع الزراعة والأسماك حيث خسرت السياحة ما يقارب (600) مليون دولار خلال الأزمة مقارنة بما حققته من إيرادات خلال العام الماضي التي بلغت أكثر من مليار و200 مليون ريال.. كما أثرت على القطاع البنكي والسمكي والصناعي وغيرها من المجالات الاقتصادية وهذا لاشك سوف يؤثر على حياة المواطن لاسيما ذوي الدخل المحدود.. وأكد انه من الصعب والمبكر أن نحدد مقدار الخسارة على الاقتصاد الوطني جراء الأزمة وذلك لأنها مازالت مستمرة وأي امتداد للأزمة سوف يكون له آثار سلبية كبيرة. ولفت الفسيل إلى أن المعارك التي دارت في الحصبة قد أثرت على كل شيء في العاصمة فقد شلت الحركة وجعلت العديد من أصحاب المحلات والبسطات والتجار وأصحاب الفنادق بالحصبة وبقية أحياء العاصمة بل والمدن الأخرى تعاني من شلل شبه تام وبالتالي هناك العديد من العمال قد أُجبروا على ترك أعمالهم في المنشآت والفنادق والمطاعم وغيرها من المنشآت الصغيرة والمتوسطة والكبيرة بما فيها المصانع والشركات.. وحذر من استمرار توقف إنتاج النفط لأن ذلك سيجعل الخزينة العامة تفقد أهم مورد من العملة الصعبة التي تحتاجه في ميزان المدفوعات والالتزامات الأخرى.. مشيراً إلى أن هناك دراسة حديثة أكدت أن خسارة بلادنا من توقف انتاج النفط خلال الأزمة بلغت أكثر من مليار و200 مليون دولار، ناهيك عن القطاعات الأخرى التي شهدت توقفاً شبه تام. وطالب أحزاب المشترك الجلوس مع الحكومة للحوار والخروج بحلول سليمة بعيداً عن المناكفات لأن التعصب سوف يذهب بالوطن إلى الهاوية.. وأشار الفسيل إلى أن ما حدث من قتال على السلطة في الحصبة وغيرها من المدن اليمنية كان له آثار سلبية على سمعة بلادنا لدى المستثمر العربي والأجنبي الذي يحتاج إلى وقت طويل لكي يستعيد ثقته بالاستثمار في بلادنا.. وقال: إن الدعوة لدولة مدنية حديثة في ظل المظاهر المسلحة والاقتتال وتكديس الأسلحة الخفيفة والثقيلة لدى بعض القبائل يتنافى تماماً مع فكرة وجود دولة مدنية حديثة ولذا لابد على الدولة أن تسعى لفرض هيبتها وأن تضرب بيد من حديد كل من يحاول فرض أجندته على أجندة الدولة تحت أي مبرر..
آثار سلبية
من جهته قال الأخ عبدالخالق محمد صلاح- مدير المبيعات والعلاقات العامة في شركة الروضة: لقد ألقت الأزمة بظلالها على كل مناحي حياة المواطن اليمني غير أن التأثير المباشر كان على الناحية الاقتصادية.. مشيراً إلى أن استهداف أنابيب النفط وقطع امدادات المدن اليمنية بالنفط والغاز والكهرباء كان له آثار سلبية حيث ارتفعت تكاليف نقل البضائع من الموانئ إلى داخل المدن والتي وصلت إلى حد لا يحتمل، وهذا أثر على تراجع المبيعات.. وكشف عبدالخالق صلاح عن بعض المصانع والشركات التي قال انها على وشك الاغلاق وهذا يعني تسريح عدد من العمال فيها.. داعياً الاطراف السياسية إلى تحكيم العقل والجلوس على طاولة الحوار وتغليب المصلحة الوطنية..
|