محمد الولي -
لسنوات طويلة تمتع اللواء المنشق علي محسن صالح بنفوذ واسع وثقة كبيرة استغلهما لتحقيق طموحات شخصية وجعل منهما غطاء لفساده ونزواته المنحرفة، وفي كل مرة كان يجد طريقة لتحويل العام إلى خاص، مثل قصة حجز الأراضي والاستيلاء عليها باسم الدولة والمصلحة العامة، ثم لا يلبث أن يقوم ببيعها وتوزيعها على المقربين ويشتري بها الولاءات والضمائر، تمهيداً لإقامة امبراطورية الفساد الممتدة شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً. لقد وضع علي محسن البلد في مزاد رخيص بسبب سيطرة ثقافة الاخوان المتطرفة على شخصيته، فضلاً عن هلعه وجشعه الواضح على المال، ولم يكن بعيداً عن أجندة ذلك التنظيم الإرهابي، بل ظل قاتلاً مأجوراً ينفذ التعليمات بإخلاص حتى أصبح أكبر الداعمين والممولين لتنظيم القاعدة الذي خرج من عباءة الاخوان المسلمين للانتقام من أمريكا التي تخلت عن وعودها بإيصالهم إلى الحكم في العالم الإسلامي نظير خدماتهم في القضاء على النفوذ السوفييتي في أفغانستان وكسر شوكة الشيوعية في العالم. من الملفت للنظر ذلك الاخلاص العجيب من علي محسن، في خدمة القاعدة إلى درجة أنه قرر مصاهرة أحد قياداتها البارزين المدعو طارق الفضلي الذي منحه علي محسن امتيازات واسعة خولته إعادة تجميع العائدين من أفغانستان وتنظيمهم وتقديم الرعاية والدعم الكامل لهم، وفي نفس الوقت كان علي محسن يضغط باتجاه إعاقة إدماجهم في المجتمع وتعريضهم للخوف من الدولة التي حاولت استيعابهم والتحاور معهم، وفي هذه الأثناء ظهر علي محسن ليدفع بالقاضي حمود الهتار ليتولى رئاسة لجنة الحوار مع العائدين من افغانستان والذي بدت مهمته الرسمية فاشلة، إلاّ أن مهمته التنظيمية نجحت نجاحاً كبيراً، فقد استطاع تنفير تلك العناصر من الدولة ليجعلهم أكثر شعوراً بالخوف منها، وبالمقابل أصبح انتماؤهم أكبر لتنظيم القاعدة، وطارق الفضلي الذي هيأ لهم مخابئ ومعسكرات حصينة في جبال حطاط بمحافظة أبين مسقط رأسه، واستمر في أخذ الأموال من الدولة تحت مبرر استقطاب تلك العناصر إلى صف الدولة وبدعم من علي محسن الذي وفر لهم الأسلحة أيضاً ضمن خطة دعم القاعدة وتمويل الإرهاب في اليمن التي بدأها منذ وقت مبكر عندما بدأ يسيطر على الأماكن الحصينة في صنعاء باعتبارها مناطق عسكرية يجب أن تخضع لإدارته، ثم بدأ يوزع الأراضي- وحتى الجبال التي تعتبر مواقع سيادية يمنع التصرف فيها- على جماعات مشبوهة، وكان قد استولى على الأرض المخصصة للجمعية السكنية للإعلاميين المتاخمة لمعسكر الفرقة ومنحها لعبدالمجيد الزنداني الذي أقام عليها مشروعه الإرهابي الفكري الكبير «جامعة الإيمان» التي تخرج منها عدد من أبرز الإرهابيين في العالم، وتؤكد العديد من التقارير الاستخباراتية أن جامعة الإيمان تقوم بالإعداد الفكري للإرهابيين، فيما يتولى معسكر الفرقة الأولى مدرع الذي يديره علي محسن الإعداد البدني والتأهيل الميداني والتدريب على تنفيذ العمليات الإرهابية المختلفة، باستخدام أسلحة الجيش اليمني التي يتم شراؤها لأغراض الحفاظ على السيادة الوطنية. ولعل ذلك يجيب على سؤال كبير حول أسباب وجود (القاعدة) وسهولة تحركها رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة لمحاربتها، بالإضافة إلى عدم قبول الفكر المتطرف في أوساط الشعب اليمني. لقد أكد علي محسن أنه لم يكن يوماً في صف الوطن، وإنما عامل هدم ارتبط اسمه بكل مشاكل اليمن السياسية والأمنية والاقتصادية، أما الإرهاب فيكفي ما أظهره اليوم من تحالف مع الزنداني المطلوب عالمياً على ذمة تمويل الإرهاب.