جمال عبدالحميد -
اللجنة العليا اليمنية-السورية المشتركة، واللجنة العليا اليمنية-الأردنية المشتركة، واللجنة العليا اليمنية-التركية المشتركة، واللجنة العليا اليمنية-الباكستانية المشتركة.. المجموع اربع لجان عليا مشتركة، عقدت اجتماعاتها في شهر واحد تقريباً.. او لنقل انها اجتمعت في اوقات زمنية متقاربة لا تتجاوز مجموعة الشهر.. اجتمعت خلال هذه الفترة الزمنية جملة من الاتفاقيات، ورزمة من مذكرات التفاهم ذات الصلة بتفعيل آفاق التعاون وتنميتها وتوسيعها على كافة الاصعدة ومختلف المجالات وزادت على ذلك بأنها اجهدت نفسها بمراجعة وتقييم مستوى تنفيذ اتفاقيات التعاون السابقة التي تم توقيعها خلال الدورات الماضية.
> وهكذا.. لجان عليا مشتركة تجتمع، واخرى مصغرة توقع.. وثالثة تراجع وتقيم.. ولا جديد يستجد.. وينتهي الحال الى المحال، ثم نودع لجاناً، ونستقبل اخواتها في انتظار ما يمكن ان نجنيه اليوم قبل »بكرة«.. »وبكرة تدكم بكرة«، ويظل الحال.. تُحكى لنا قصص هذه اللجان المشتركة التي اجتمعت واسعدتنا عندما تكرمت وبادرت ووقعت عدداً من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم ورحلت، مخلفة وراءها ركاماً من الاتفاقيات الموقعة عبر مراحل اجتماعاتها الحالية والسابقة دون اللاحقة.. ولا نبالغ اذا قلنا انها وصلت في مجموعها الى خانة المئات وان كان البعض يجزم بأنها قد وصلت خانة الألوف.
ومع ذلك لم نرَ اية نتائج على ارض الواقع ملموسة او حتى محسوسة، كترجمة حقيقية لكل هذا الكم الهائل من اتفاقيات التعاون الموقعة بين الاطراف المعنية لكل بلد على حدة.. ويظل السؤال: الى متى نستمر في عقد مثل هذه الاجتماعات ونوقع كل هذه الاتفاقيات التي لا ترى النور في معظمها؟
ومع ذلك نستمر في عقد مثل هذه الاجتماعات ونوقع كل هذه الاتفاقيات.. وهنا نتساءل أليست المسئولية الوطنية والتاريخية تقتضي ابتداءً أن نجري تقييماً حقيقياً وعلمياً ومدروساً لما سبق وان وقَّعناه قبل الشروع في التوقيع على اتفاقيات اخرى جديدة.. لنكرس فكرة ان المراجعة والتقييم المسئول لمستوى تنفيذ الاتفاقيات السابقة هي الأصل في هذه الاجتماعات وما عداها يكون الفرع.. على اعتبار ان المراجعة والتقييم تكتسب اهميتها من كونها احد اهم العوامل في استكشاف جملة من المؤشرات السلبية التي حالت دون تنفيذ ما تم التوقيع عليه من اتفاقيات في الفترة السابقة ومن ثم وضع الحلول المناسبة لها من منطلق ان هذه الاتفاقيات وجدت ووقعت في الاساس لتنفذ على أرض الواقع حتى تكتسب المصداقية في التوجه وتنال ثقة المواطن الذي يهمه التنفيذ لا الترحيل من وقت الى آخر.
اننا بحاجة فعلاً الى اعادة النظر الى تلك الاتفاقيات التي وقعت منذ سنوات مضت ولم يتم تنفيذها حتى الآن.. ومن المهم معرفة الاسباب ووضع المعالجات اللازمة لإحياء هذه الاتفاقيات والعمل على تنفيذها قبل ان يتم التوقيع على اتفاقيات اخرى غيرها، مع الأخذ في الاعتبار اهمية ان تخضع كل الاتفاقيات اللاحقة للدراسة والتقييم المسبق لمدى نجاحها من عدمه وقبل التوقيع عليها.. فتجارب الماضي تشير الى أن هناك الكثير من الاتفاقيات السابقة حُكم عليها بالفشل المسبق ومنذ اللحظة الأولى.. وذلك إما لتجاوزها الواقع لهذا الطرف او ذاك او لتعارضها بصورة او بأخرى مع مصالح من يمتلكون القرار في القطاع الخاص الذي كثيراً ما يهمش في هذه الدولة او تلك.. ولم يُشرك في مناقشة بنود بعض الاتفاقيات التي قد يكون للقطاع الخاص علاقة ما قد تتفق او تتعارض مع مصالحه.. وبالتالي تأتي مسألة التنفيذ لهذه الاتفاقية او تلك محل اعتراض مسبق وغير قابلة للتنفيذ..
والنتيجة عيب.. نرجو ألا يتكرر حتى لا تظل الحكومة في موقع الشراكة في التوقيع لاتفاقيات غير قابلة للتنفيذ.