- فيصل الصوفي -
صحيح أن نشاط المتمردين أو الإرهابيين اقتصر على بعض مناطق صعده وحدث في فترات متقطعة بصورة عنيفة لكن إذا ضممنا المعلومات التي تشتت هنا وهناك عن أنشطة صغيرة ظلت تحدث باستمرار، فبضم تلك المعلومات جنباً إلى جنب تصبح لدينا صورة سوداء عن نتائج هذه الأنشطة الإرهابية التي ارتكبت منذ شهر مارس 4002م، عندما فجر الصريع حسين الحوثي قنبلة التمرد على الدستور والقانون وعلى النظام السياسي الذي اختاره اليمنيون لأنفسهم، التمرد في بعض مناطق صعدة لم يتوقف رغم مقتل قائده ومنظره حسين، فمرة ثانية خرج الأب بدر الدين، وفي الثالثة ابنه عبدالملك ولديهم قادة ميدانيين آخرين ومقاتلين ولديهم مشروعهم الخاص، إنهم يريدون أن يكونوا دولة داخل الدولة، وهذا ما لم نفهمه منذ البداية.
إنهم يقفون في الواجهة كمنفذين لمشروع يراد فرضه علينا بالقوة، مشروع فتنة وانقسام تقبع الظلامية في عمقه، ووسيلته الإرهاب والعنف والخروج الصريح عن الدستور والقانون والثوابت التي وضعها اليمنيون وارتضوها لأنفسهم، وعلينا ألاّ نسمح لهم بتحدينا.
كان علينا ألا نطمئن لخداعهم بعد أن جربناهم مراراً كثيرة، فقد كانوا يبدون أقل عنفاً فقط في الفترات التي يكونون فيها منهمكين في إعادة ترتيب صفوفهم وما إن يصلهم المال والعتاد وينتهون من تجهيز التحصينات يشهرون تمردهم في وجه المجتمع من جديد، ويجب أن نعترف أنهم ألحقوا بمجتمعنا خسائر لا يستهان بها وعليهم الآن أن يدفعوا الثمن، ولا شيء يدعو للصبر بعد أن فقدنا نحو 008 شهيد وأكثر من 0005 جريح، وهدموا بنياناً وألحقوا بالبنية التحتية وقطاع الخدمات خسائر تعد بعشرات المليارات من الريالات، وأفشلوا كل التدابير التي اتخذتها الدولة لكي ينهوا التمرد المسلح.
هناك أكثر من 11 لجنة وساطة حتى الآن أفشلت مهامها، الحوار كان إحدى الآليات لكنه لم يؤد إلى نتيجة، وهناك قرار العفو الذي لم يستفيدوا منه.. التعويضات تصرف.. وعملية إعادة الإعمار مستمرة.. والمعتقلون منهم أطلق سراحهم.. والعرض المقدم لهم بأن ينخرطوا في العمل السياسي ما زال قائماً.
لقد رفضوا العفو.. ورفضوا كل الحلول السلمية.. ورفضوا التخلي عن السلاح.. ورفضوا حتى أن يكونوا حزباً سياسياً.. وفي آخر مرة وقبل أيام قدمت لهم عروض يسهل عليهم قبولها بل يجب عليهم قبولها وتنفيذها، هل كثير عليهم أن يسلموا أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة للدولة، فليس من حق أحد غير الدولة امتلاك مثل هذه الأسلحة؟، هل ليس من حق الدولة أن يسلموا القتلة؟!! هل صعب عليهم أن يتركوا مواقعهم في الجبال ويعودوا إلى منازلهم وينخرطوا في العملية السياسية إذا كانت لهم رغبة في النشاط السياسي السلمي؟
هذه المرة رفضوا كل العروض أيضاً.. إذاً علينا الآن أن نسحب كل تلك العروض، وأن نسحب أيضاً أي شكل من أشكال المواجهة بالموعظة، فالحرب قد اشتعلت داخل رؤوسهم، ويغذيها نار مشروع صار منظوراً.. وبالتالي علينا أن نترك لمنفذي القانون في المؤسسة الأمنية والجيش مهمة قمع الإرهاب ما دام قد فرض علينا أن نستخدم آخر أساليب العلاج.
وهذه المرة ليكن الحل جذرياً.. فالإرهاب قد أضر بنا، والعنف ينبغي أن يستأصل من جذوره.. والسكان في تلك المناطق بمحافظة صعدة من حقهم أن يرجعوا إلى بيوتهم، ومن حقهم أن يتخلصوا من الخوف ويعودون للمشاركة في تنمية مجتمعهم وإلى أعمالهم ولكي يعود أبناؤهم إلى المدارس.
إن قلة أفراد متمردين حاولوا مراراً فرض إرادتهم، وبطريقة تضر بمصالح مجموع سكان هذا البلد.. السكان الذين يتضررون جراء تردد المستثمرين عن القدوم إلى اليمن بمجرد سماعهم أخباراً مثيرة للقلق، خاصة وأن المتمردين يقدمون في وسائل الإعلام الخارجية والمحلية بصورة تفوق حجمهم وتأثيرهم الحقيقيين أضعافاً مضاعفة.
هذه القلة كان يمكن القضاء عليها منذ البداية وبسهولة.. ولكن القيادة السياسية للبلاد لم ترغب في مثل هذا الحل لأنها رأت أن ثمة حلولاً أخرى سلمية حرصاً منها على حماية كل نسمة تسعى في هذا البلد.. ولتجنب إزهاق الأنفس جربت كل الحلول السلمية.. ولكن دون فائدة حتى اليوم.. والآن على هؤلاء المتمردين أن يدركوا أن الديمقراطية وأن تسامح القيادة السياسية معهم طيلة الفترة السابقة لا يعطيهم الحق في مواصلة التمرد والقيام بأنشطة إرهابية.
عن الثورة