الإثنين, 19-فبراير-2007
الميثاق نت -
‬اليوم‮ »‬قات‮« ‬وغداً‮.. »‬قات‮« ‬أيضاً‮..!!‬
نلعنه‮ ‬كل‮ ‬يوم‮ ‬ونعلن‮ ‬أن‮ ‬غداً‮ ‬لن‮ ‬نتناوله‮.. ‬فنجد‮ ‬أنفسنا‮ ‬في‮ ‬سوق‮ ‬القات‮..!!‬
هذا‮ ‬هو‮ ‬واقع‮ ‬الحال‮ ‬مع‮ ‬هذه‮ ‬النبتة‮ ‬الشيطانية‮..‬
‮.. ‬ولكن؛
‮.. ‬هل‮ ‬سيأتي‮ ‬اليوم‮ ‬الذي‮ ‬تكون‮ ‬فيه‮ ‬اليمن‮ ‬بلا‮ ‬قات؟‮!‬
مازالت أذكر عبارة للدكتور محمد الجوهري استاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة قالها عام ١٨٩١م، أثناء مناقشة رسالة ماجستير حول القات -دراسة اجتماعية تقدم بها عبدالملك المقرمي »الدكتور«.. قال الجوهري: ليست هذه اليمن التي لها شأن في الحضارة الانسانية.. ولا يمكن لليمن‮ ‬اليوم‮ ‬في‮ ‬ظل‮ ‬القات‮ ‬أن‮ ‬يكون‮ ‬لها‮ ‬شأن‮ ‬في‮ ‬الحضارة‮ ‬والتقدم‮..‬
أستاذ‮ ‬الاجتماع‮ ‬محمود‮ ‬عودة‮ ‬اعتبر‮ ‬أن‮ ‬القات‮ ‬معوق‮ ‬استراتيجي‮ ‬للتنمية‮ ‬في‮ ‬اليمن‮.. ‬وكل‮ ‬الدراسات‮ ‬التي‮ ‬أجريت‮ ‬في‮ ‬هذا‮ ‬المضمار‮ ‬انتهت‮ ‬الى‮ ‬هذه‮ ‬النتيجة‮..‬
القات‮ ‬معوق‮ ‬استراتيجي‮ ‬للتنمية‮.. ‬والسؤال‮ ‬الذي‮ ‬لانزال‮ ‬لا‮ ‬نمل‮ ‬من‮ ‬تكراره‮ ‬هو‮: ‬لماذا‮ ‬لا‮ ‬تكون‮ ‬هناك‮ ‬استراتيجية‮ ‬وطنية‮ ‬للتخلص‮ ‬من‮ ‬القات‮..‬
نريد‮ ‬ان‮ ‬نقلع‮ ‬القات‮ ‬من‮ ‬أفواهنا‮ ‬وأرضنا‮.. ‬فهو‮ ‬يأكل‮ ‬قوتنا‮ ‬وقوَّتنا‮..‬
لا داعي لأن نستعيد أضراره ومخاطره الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية.. فما من أحد في تقديري إلاّ وهو يدرك هذه الأضرار والمخاطر.. ومع ذلك فإن قوة القات وهي قوة عادة تجعلنا نتندر »اليوم قات.. وغداً قات أيضاً«..
لكن‮ ‬بوسعنا‮ ‬أن‮ ‬يكون‮ ‬غدٌ‮ ‬أمراً‮..‬
لا مفر من استراتيجية وطنية طويلة المدى، لمكافحة القات.. ليس بين يوم وليلة يمكن إنجاز المهمة، ولكن لتأخذ مداها عشر سنوات أو حتى عشرين سنة.. أو أقل من ذلك المهم ان تتوافر الارادة ونتوفر عليها جميعاً..
مثلاً،‮ ‬ضمن‮ ‬هذه‮ ‬الاستراتيجية‮.. ‬الثبات‮ ‬على‮ ‬منع‮ ‬تناول‮ ‬القات‮ ‬في‮ ‬أماكن‮ ‬العمل‮.. ‬وفي‮ ‬الشوارع‮.. ‬هذه‮ ‬بداية‮ ‬طيبة‮..‬
وهناك‮ ‬خطوات‮ ‬يمكن‮ ‬أن‮ ‬تتضمنها‮ ‬مثل‮ ‬هذه‮ ‬الاستراتيجية‮:‬
‮- ‬تخصيص‮ ‬أسواق‮ ‬بعيدة‮ ‬للقات‮ ‬ومنع‮ ‬البيع‮ ‬في‮ ‬سواها‮ ‬في‮ ‬المدن‮.‬
‮- ‬فرض‮ ‬الضرائب‮ ‬الأساسية‮ ‬على‮ ‬المنتجين‮.‬
‮- ‬فرض‮ ‬زراعة‮ ‬محصول‮ ‬آخر‮ ‬ذي‮ ‬فائدة‮ ‬على‮ ‬كل‮ ‬منتج‮ »‬زارع‮« ‬قات‮ ‬بتخصيص‮ ‬نسبة‮ ‬من‮ ‬المساحة‮ ‬المزروعة‮ ‬بالقات‮.. ‬يزرع‮ ‬فيها‮ ‬محصولاً‮ ‬آخر‮ ‬كالبن‮ ‬أو‮ ‬أية‮ ‬فاكهة‮ ‬مناسبة‮.‬
‮- ‬منع‮ ‬استخدام‮ ‬المواد‮ ‬الكيمياوية،‮ ‬وفرض‮ ‬جزاءات‮ ‬صارمة‮ ‬للمخالفين‮.‬
‮- ‬فرض‮ ‬ضرائب‮ ‬متعددة‮ ‬يخصص‮ ‬جزء‮ ‬منها‮ ‬لتمويل‮ ‬تنفيذ‮ ‬الاستراتيجية،‮ ‬ومساهمة‮ ‬في‮ ‬علاج‮ ‬المرضى‮ ‬الذين‮ ‬تسبب‮ ‬القات‮ »‬والسميات‮ ‬التي‮ ‬تستخدم‮ ‬في‮ ‬نموه‮« ‬في‮ ‬أمراضهم‮..‬
‮- ‬أن‮ ‬يراعي‮ ‬بائعو‮ ‬القات‮ ‬في‮ ‬تقديم‮ ‬سلعتهم‮ ‬نظيفة‮ ‬ولا‮ ‬تحتوي‮ ‬على‮ ‬سميات‮.. ‬ويُحمَّل‮ ‬البائع‮ ‬المسئولية‮ ‬في‮ ‬حالة‮ ‬المخالفة‮.. ‬وأن‮ ‬تكون‮ ‬الاسواق‮ ‬المخصصة‮ ‬ومحلاتها‮ ‬نظيفة‮ »‬تغيير‮ ‬الأسلوب‮ ‬القائم‮ ‬بصرامة‮«..‬
تلك‮ ‬أمثلة‮ ‬لسياسات‮ ‬اجرائية‮ ‬وكثير‮ ‬غيرها‮ ‬يمكن‮ ‬دراستها‮ ‬ضمن‮ ‬الاستراتيجية‮ ‬المطلوبة‮.. ‬تؤخذ‮ ‬بالتدرج‮ ‬وتصعد‮ ‬باتجاه‮ ‬الوصول‮ ‬الى‮ ‬الهدف‮ ‬النهائي‮ ‬وهو‮ ‬انهاء‮ ‬هذه‮ ‬النبتة‮ ‬الشيطانية‮ ‬تماماً‮ ‬من‮ ‬الأفواه‮ ‬والحقول‮ ‬والعقول‮..‬
وأحسب‮ ‬أن‮ ‬يكون‮ ‬هناك‮ ‬جهاز‮ ‬متخصص‮ ‬يتولى‮ ‬تنفيذ‮ ‬هذه‮ ‬الاستراتيجية‮ ‬من‮ ‬الأهمية‮ ‬بمكان‮.. ‬وقبل‮ ‬ذلك‮ ‬وبعده‮ ‬حضور‮ ‬التشريع‮ ‬الذي‮ ‬ينظم‮ ‬هذه‮ ‬الاستراتيجية‮ ‬وتستند‮ ‬إليه‮ ‬كمرجعية‮ ‬قانونية‮ ‬في‮ ‬شتى‮ ‬الاجراءات‮..‬
بين‮ ‬يدي‮ ‬النواب
في‮ ‬المشهد‮ ‬الآن‮ ‬ما‮ ‬يشير‮ ‬الى‮ ‬أن‮ ‬هناك‮ ‬استشعاراً‮ ‬بخطورة‮ ‬القات‮.. ‬بما‮ ‬يستوجب‮ ‬معالجة‮ ‬الأضرار‮ ‬الناجمة‮ ‬عنه‮..‬
فبين يدي مجلس النواب مشروع قانون، عنوانه فيه قدر من الاضطراب والاستحياء.. فقد جاء العنوان هكذا »مشروع قانون بشأن معالجة أضرار القات بالتدرج والتعويض«.. كان المجلس قد استمع في جلسته أمس الأول الى تقرير لجنة الشئون الدستورية والقانونية حول دراستها للمشروع.. حيث أوضح التقرير أن دواعي تقديم المشروع هي تلك الأضرار التي لحقت بالمجتمع نتيجة زراعة أشجار القات وتعاطيها من قبل أفراد المجتمع والذي انعكس ضررها على الأسرة والمجتمع من حيث المعدل الكبير لما تصرفه الأسرة من دخلها الشهري على شراء مادة القات وكذا معدل الاصابات المرضية التي أصابت افراد المجتمع سواءً النفسية او الامراض المستعصية وكذا ما لحق المجتمع من أضرار نتيجة استنزاف الاحواض المائية لزراعة القات الأمر الذي بدأ يهدد المستوطنات البشرية السكانية بالظمأ.
وجاء في التقرير أن هذا المشروع يهدف الى توحيد الجهود الرسمية والشعبية للتخفيف من تعاطي القات وحماية الاطفال والشباب والنساء وتقديم التعويضات المالية والفنية لمزارعي القات الذي يتخلصون من زراعته وتأمين البدائل الاقتصادية والمدخلات الزراعية للأصناف النباتية البديلة‮ ‬عن‮ ‬القات‮ ‬وتقديم‮ ‬الرعاية‮ ‬والعون‮ ‬الاجتماعي‮ ‬للمصابين‮ ‬بالامراض‮ ‬النفسية‮ ‬وغيرها‮ ‬والناتجة‮ ‬عن‮ ‬تعاطي‮ ‬القات‮.‬
ورأت لجنة الشئون الدستورية والقانونية أن أياً من مواد مشروع القانون لا تمثل تعارضاً أو مخالفة لأي من مواد الدستور والقوانين النافذة وأن تقديمه الى مجلس النواب وفقاً للإجراءات والشروط الدستورية والقانونية.. كما رأت في ضوء ذلك جواز نظر المجلس لمشروع هذا القانون‮ ‬من‮ ‬حيث‮ ‬المبدأ‮ ‬واحالته‮ ‬الى‮ ‬اللجنة‮ ‬المختصة‮ ‬لدراسته‮.. ‬هذا‮ ‬وقد‮ ‬أقر‮ ‬المجلس‮ ‬ارجاء‮ ‬مناقشة‮ ‬هذا‮ ‬التقرير‮ ‬الى‮ ‬جلسة‮ ‬قادمة‮ ‬وفقاً‮ ‬للإجراءات‮ ‬المحددة‮ ‬في‮ ‬لائحته‮ ‬الداخلية‮.‬
الحلم
أياً‮ ‬كان‮ ‬الأمر،‮ ‬فإن‮ ‬القات‮ ‬يشكل‮ ‬معوقاً‮ ‬استراتيجياً‮ ‬للتنمية‮.. ‬وهو‮ ‬ما‮ ‬يقتضي‮ ‬أن‮ ‬نواجهه‮ ‬باستراتيجية‮ ‬وطنية‮.. ‬وقد‮ ‬آن‮ ‬أوان‮ ‬هذا‮ ‬الأمر‮..‬
وأظن‮ ‬أن‮ ‬الموضوع‮ ‬ينبغي‮ ‬اثراؤه‮ ‬بالنقاش‮ ‬الموضوعي‮.. ‬باتجاه‮ ‬تحقيق‮ ‬حلم‮ ‬يمن‮ ‬بلا‮ ‬قات‮..‬
ترى‮ »‬يمن‮ ‬بلا‮ ‬قات‮« ‬كيف‮ ‬سيكون؟
‮.. ‬تعالوا‮ ‬نتخيل‮ ‬هذا‮ ‬الحلم‮ ‬وكيف‮ ‬نعمل‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬انجازه‮..‬
الموضوع‮ ‬مفتوح‮ ‬للنقاش‮..‬

تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 12:59 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-2247.htm