الميثاق نت -

الثلاثاء, 23-أغسطس-2011
جميل الجعدبي -
من تفكير منفتح على آفاق رحبة انطلق شهيد الديمقراطية والحوار المناضل الكبير والقيادي في الحزب الاشتراكي اليمني الشهيد جار الله عمر - رحمه الله - وهو يضع اللبنات الأولى لمشروعه الحضاري النوعي الذي صنع لحظة ميلاده «تكتل أحزاب اللقاء المشترك» في 6 فبراير/ شباط من العام 2003م، ولم يكن يدور بخلده أن يتحول هذا المشروع النوعي في تاريخ التجربة الديمقراطية في اليمن والأحزاب المعارضة في الوطن العربي والمنطقة إلى مشروع شخصي صغير. وظاهرة صوتية ،وأن يتآكل تلقائياً ويفقد مشروعيته طواعية.. حينما يتحلل إلى مسميات جهوية وكيانات غير شرعية وغير ديمقراطية تتسم بالنزعة الاستبدادية وتحقيق الأرباح التجارية فقط لأصحابها كما لو أنها شركة تجارية ضمن مجموعة استثمارية لرجل أعمال.
هكذا يبدو حال(6) أحزاب سياسية معارضة (أحزاب المشترك) اليوم وقد تنصلت عن أهدافها ومبادئها وانقلبت على مشروعيتها وحلّت نفسها طواعية في نحو( 8 ) مجالس وملتقيات ولجان قابلة للزيادة منها «ملتقى التشاور، مجلس التضامن، اللجنة التحضيرية ، مجلس السلام، تحالف القبائل» وما عرف بالمجلس الانتقالي، والمجلس الوطني، وجميعها توصم بالوطنية وتسعى إلى توسيع تحالف أحزاب المشترك وتشكيل جبهة عريضة وتحريك مياه راكدة، كما أن المجلسين الآخيرين جاء إعلانهما تقليداً ومحاكاة لأحداث عربية في عدد من الدول العربية.. وفي إطار محاولة المشترك شرعنه الانقلاب على الشرعية الدستورية والنظام الديمقراطي وإمكانية الوصول إلى السلطة بعيداً عن الأسس الديمقراطية الدستورية.
المجلس الاعلى لاحزاب المشترك
ورغم ان أحزاب اللقاء المشترك استهدفت من تحالفها وفقا لاتفاق التحالف المكون من سبعة بنود، تقويض نفوذ المؤتمر الشعبي العام داخل البرلمان، والتنسيق فيما بين مكوناتها في الانتخابات البرلمانية والعمل المشترك لضمان وصول جميع الأحزاب الستة الموقعة على الاتفاق للمشاركة في المجلس النيابي، والعمل الدؤوب على ضمان زيادة عدد مقاعد هذه الأحزاب في البرلمان المقبل- آنذاك -غير أن تلك الأهداف ظلت وثائق نظرية حبيسة الأدراج، فعلى أرض الواقع جاءت نتائج الانتخابات النيابية 2003م والمحلية 2006م مخيبة لآمال المشترك ، ليتمكن بعدها من تأجيل الانتخابات النيابية أبريل 2009م إلى 2013م وذلك بتمديد فترة مجلس النواب سنتين إضافيتين ليكمل هذا العام عامه الثامن إذا ما اعتبرنا هذا التمديد انجازاً لأحزاب اللقاء المشترك في مسار التجربة الديمقراطية والتعددية السياسية في البلد.
اللجنة التحضيرية
انبثقت هذه اللجنة عن «ملتقى التشاور الوطني» والمنبثق هو الآخر أو آخر العام 2008م عن أحزاب اللقاء المشترك بهدف إخراج البلد من أزماته المركبة، على حد تعبير أصحاب التسمية، ويشغل القيادي في المشترك والنائب الإصلاحي ورجل الأعمال حميد الأحمر منصب أمينها العام منذ إعلانها، ويرأسها صورياً الاستاذ محمد سالم باسندوه، ومحمد الصبري ناطق دائم باسمها، وقد تمكنت هذه اللجنة من إعاقة توقيع اتفاقية بين المؤتمر والمشترك لتنفيذ اتفاق فبراير عام 2009م حينما اشترطت إيراد اسم اللجنة في خانة التوقيع على محضر الاتفاق بين المؤتمر والمشترك وذلك بعد 8 لقاءات حوارية بين الطرفين قبل أن يتم التوصل إلى صيغة «المشترك وشركائه والمؤتمر وحلفائه» وحينها كان العام الثاني من فترة التمديد أوشك على الانتهاء.
وكان الدكتور عبد الكريم الارياني النائب الثاني لرئيس المؤتمر الشعبي العام تنبه مبكراً لخطورة إحلال هذه اللجنة محل أحزاب اللقاء المشترك وتأثير ذلك على مشروعية الأحزاب.. مؤكداً في ذات الوقت عدم اعتراضهم -في المؤتمر- بأن يأتي المشترك بأعضاء من اللجنة التحضيرية، قائلاً: «لم نحاول إلغاء هذه اللجنة، بل إننا قبلنا بعضويتها في اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، في إشارة منه إلى القبول بها في إطار أحزاب المشترك وليس بديلاً عنهم».
وحينما استقال كلّ من عبدالباري طاهر نقيب الصحفيين اليمنيين الأسبق، واحمد سيف حاشد عضو مجلس النواب ،وتوكل كرمان عضو شورى الإصلاح - من هذه اللجنة في يونيو 2010م - برروا ذلك بتحولها إلى كيان بديل يقام على أنقاض الأحزاب السياسية وفي مقدمتها أحزاب اللقاء المشترك، وكذا كافة المكونات المدنية الأخرى مسفرة عن مشروع شخصي صغير وكيان خليط غير مدني وغير سياسي وفضلاً عن غياب الشفافية في التمويل وإعطاء الرواتب والأجور مقابل ما يفترض أنه عمل طوعي، تشير أسباب الاستقالة إلى «التفرد في القرار والضيق الدائم من قبل الأمين العام من الرأي المغاير». وهو سلوك مغاير تماما لمضامين البيانات والتصريحات الصادرة عن القائمين على هذا الكيان ، ينم عن نزعات استبدادية شمولية صرفة ،لاتقبل بمن يخالفها الرأي.
مجلس التضامن
أعلن ميلاد هذا المجلس في يوليو عام 2007م برئاسة وتمويل النائب المؤتمري المستقيل الشيخ حسين بن عبدالله الاحمر، وأعلن ضم أكثر من 1500 شخصية في إطاره من مختلف الأصقاع اليمنية، كما أعلن افتتاح فروع للمجلس في عدد من المحافظات منها فرع عمران برئاسة شقيقه مذحج بن عبدالله الاحمر، ورغم أن حسين الأحمر رئيس المجلس أكد عند إعلان ميلاد مجلسه أن مجلس التضامن الوطني ليس حزباً سياسياً وليس موجها ضد أي أحزاب أو كيان.. ولخص وظيفته في أنه تجمع وطني يعمل على الحفاظ على الثوابت الوطنية وترسيخ الوحدة وتعزيز العلاقات الأخوية وإيجاد روح الألفة والتكافل والتضامن الاجتماعي وحماية الدستور والقانون ومحاربة الفساد بكل أشكاله.. غير أن قيادة المجلس سرعان ما تخلت عن هذه المبادئ بعد أقل من ثلاثة أعوام وذلك بإعلان انحيازهم الكامل مع أحزاب المشترك وانضمام المجلس إلى اللجنة التحضيرية (لجنة حميد) مدشنين في مارس من العام 2010م ما أسموها مرحلة الشراكة الدائمة وبمبرر إخراج اليمن مما تمر به من أزماته أيضاً..
وتحدثت وسائل إعلامية عدة عن تلقي حسين الاحمر مبالغ ماليه كبيرة من دول عربية شقيقة للانفاق على هذا المجلس وشراء ولاءات شخصيات اجتماعية ورجال أعمال وأعضاء مجلس نواب، على حساب العمل السياسي المدني الطوعي.
وشكلت منصة «مجلس التضامن الوطني» نافذة صراع جديدة لقوى نافذة داخل السلطة وخارجها، فلم يقتصر دوره على المساهمة في إفساد الحياة السياسية فحسب ، بل إنه وعبر نافذته عاد إلى واجهة الابتزاز وسباق المصالح الشخصية عدد من الشخصيات منهم محافظون ووزراء وسفراء ورؤساء مؤسسات حكومية أحيلوا قانونياً إلى التقاعد أو تم إقالتهم لاختلالات مالية وإدارية وتقصير في وظائفهم ، لكنهم عادوا عبر بوابة «مجلس حسين» لممارسة الابتزاز والضغط على النظام والحكومة.. وذلك على حساب فرض سيادة القانون ومحاربة الفساد والحد من المحسوبية وإتاحة الفرصة لدماء جديدة من الشباب.
مؤتمر السلام
ومواكبة مع موضة المزايدة بالشعارات «الوطنية» أعلن في يوليو من العام 2010م بمحافظة صعدة عن تكتل اجتماعي وقبلي جديد تحت مسمى «مؤتمر السلام الوطني» وذلك بعد 6 حروب أهلكت الحرث والنسل بمحافظة السلام «صعدة».
وأعلن احتواء المولود الجديد على أكثر من (6000) شخصية اجتماعية وعلماء ومثقفين. من محافظة صعدة وبقية المحافظات الأخرى وذلك برئاسة الشيخ/ فارس مناع والذي يتصدر قائمة تُجار السلاح ورئيس أول لجنة وساطة للسلام.. في مفارقة أثارت اندهاش وسائل الإعلام. وتضمن «تحالف السلام الوطني» في برنامجه النظري أهدافاً وطنية كإرساء دعائم السلام في صعدة واليمن ودراسة قضايا الصراعات القبلية ومن ثم النزول الميداني لحلها، وقال مؤسسو «السلام الوطني» إنهم سيسعون للضغط على الجهات الرسمية لإعطاء الأولوية للسلام والتنمية وإعادة الإعمار وإطلاق سراح المعتقلين على ذمة الحرب في صعدة وإعطاء المحافظة حقها من المشاريع والخدمات، وهو ما اعتبره البعض تحولاً لأصحاب المجلس من الاستثمار في الحروب والدمار إلى الاستثمار في السلام والبناء والإعمار.. خاصة وأن إنشاء هذا المجلس الذي ضم شخصيات حزبية جاء في وقت تتجه الأنظار نحو إعمار صعدة.
وأعلن المجلس آلية تحقيق أهدافه عبر تنظيم فعاليات تربوية وتثقيفية لترسيخ ثقافة التعاون والتسامح والسلام وحب الوطن والمحافظة على الثوابت الوطنية العليا، خصوصاً بين جيل الشباب، والتضامن والتعاون مع التحالفات المماثلة في مختلف المناطق.
انتقالي توكُّل وتحالف صادق
وعلى عجلة من أمرها أعلنت الناشطة الحقوقية وعضو مجلس شورى الإصلاح توكل كرمان منتصف يوليو الماضي تشكيل ما سمي «مجلس انتقالي»ضم (17) شخصية من أحزاب اللقاء المشترك وشركائهم في الحراك ومعارضة الخارج، غير أن «مجلس توكل» هذا قوبل بانتقادات لاذعة من مختلف الفصائل الشبابية والقوى السياسية على الساحة اليمنية وتبرأت منه العديد من الأسماء التي تضمنتها التشكيلة رغم تأييد اللواء المنشق علي محسن لهذا المجلس وترحيبه بعد ساعات من إعلان المجلس.
وبعدها بأيام أعلن الشيخ صادق بن عبدالله الأحمر عما سُمي (تحالف قبائل اليمن) تبنى بوضوح مساعي أحزاب اللقاء المشترك ومحاولتهم الانقلاب على الشرعية الدستورية والنظام الديمقراطي.
المجلس الوطني
هكذا أسمي مجلس المشترك الانقلابي وأعلن الأربعاء الماضي الـ(17) من أغسطس وكان مقررا إعلانه مطلع أغسطس، وقامت باختيار أعضائه اللجنة التحضيرية التابعة لأحزاب المشترك.
ضم مولود المشترك الجديد (142) اسماً من أحزاب المشترك وشركائهم، أعلن قرابة (50) منهم من أبرز الشخصيات عدم موافقتهم على ضم أسمائهم قائمة المجلس حتى تاريخ إعداد هذا التقرير، كما أعلنت مختلف قوى ما بات يعرف بـ»الحراك الجنوبي» رفضها المجلس ما لم تحدد حصتها بـ50% من قوام المجلس.
فضلاً عن ذلك رفض جماعة الحوثي، وحزب رابطة أبناء اليمن وعدد من التكتلات الشبابية في الساحات لهذا المجلس وكان لافتاً من خلال الأسماء المعلنة استبعاد الشباب واعتماد معيار المحاصصة في اختيار الأسماء؛ حيث كررت أسماء قيادات ونواب أحزاب اللقاء المشترك وممثلين عن اللجنة التحضيرية ومجلس التضامن ومجلس السلام، ومجلس توكل، وتحالف الشيخ صادق.
وضَمَّت قائمة أعضاء مجلس المشترك وزراء ومحافظين سابقين متهمين بقضايا فساد مالي وإداري ورجال أعمال وشخصيات نافذة وردت أسماؤهم في تقرير لجنة برلمانية قامت بتقصي حقائق اعتداءات على الأراضي بمحافظة الحديدة وكذا تقرير (هلال - باصرة) للمتهمين بالاستيلاء على أراضي المحافظات الجنوبية الشرقية.
مكاسب المشترك
ومعلوم سلفاً أن اللقاء المشترك بمجلسه الأعلى تمكن عبر الحوار والمفاوضات السياسية من إحراز بعض المكاسب السياسية منها: وقوف كتلته أثناء مناقشة قانون الانتخابات والضغط على الحكومة والحزب الحاكم للنزول عند مطالب اللقاء المشترك في عدد من النقاط والقضايا الفنية المتعلقة بإصلاح وتطوير العملية الانتخابية.
كما تمكن من حصاد أغلبية مقاعد المجالس المحلية في محافظة ومديريات الضالع وحصل على نسبة 23% من أصوات الناخبين لمرشحه الرئاسي فيصل بن شملان في الانتخابات الرئاسية 2006م.
كما نجح المجلس الأعلى للقاء المشترك وعبر نفس الآلية في توقيع عدد من الوثائق التاريخية مع الحزب الحاكم منها «اتفاق المبادئ» عام 2006م ووثيقة قضايا وضوابط الحوار عام 2007م، ومحضر جلسات عدن أواخر ذات العام، ثم اتفاق فبراير 2009، ومحضر تنفيذ اتفاق فبراير في يوليو من العام الماضي وتشكيل أول لجنة حوار مشتركة أواخر العام 2010م قبل أن يتجه المشترك نحو مشروعه الانقلابي مطلع العام الجاري.

تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 02:24 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-22608.htm